قراءة جديدة لأشهر رسالة دكتوراه عن «بنى إسرائيل» (الحلقة الخامسة) اليهود يسيطرون على الإعلام لإشاعة الرذيلة والانحلال الأخلاقى

  كتب   أحمد رجب    ١٤/ ٦/ ٢٠١٠
 
طنطاوى

للوهلة الأولى، بدا كما لو أن العالم مصدوم من الجريمة الإسرائيلية الأخيرة، التى ارتكبتها بحق أسطول الحرية، ومبعث الصدمة هنا أن الغرب نفسه هو الذى ظل طوال ما يزيد على ٦٠ سنة يروج لديمقراطية الدولة اليهودية، ويدفع ثمن صورتها كدولة مظلومة مضطهدة من جانب جيرانها العرب.

تلك الصورة المغلوطة، فندها الدكتور سيد طنطاوى، شيخ الأزهر الإمام الأكبر الراحل، إذ خصص رسالته للدكتوراه، فى عام ١٩٦٩، لكشف ما يمكن تسميته جذور العنف فى التاريخ اليهودى، منذ دخولهم مصر، وخروجهم منها وتأسيس دولتهم، بعد أن أبادوا شعوباً بكاملها فى سبيل ذلك.

«المصرى اليوم» تواصل تقديم قراءة جديدة للدراسة.

يواصل الإمام الراحل سيد طنطاوى كشف مظاهر الفساد فى المجتمع اليهودى، ويبدأ فى نهاية فصل الدراسة السابع شرحاً تفصيليا لكيفية استخدام اليهود للجمعيات السرية بشكل عام والماسونية بشكل خاص، والمرأة، والإعلام، من أجل «بلوغ غاياتهم، ونشر مفاسدهم على الجمعيات السرية».

ترجع الدراسة وقوف اليهود وراء «كل الجمعيات ذات الأسرار والمخاطر» سواء بـ«بإنشائها أو يوعزون بإنشائها، أو يجدونها قائمة فيندسون فيها» من أجل «الوصول لمآربهم وينفثون فيها سمومهم، ويوجهون أتباعها الوجهة التى يريدونها».

وتشرح الدراسة كيف كان اليهود خلف عشرات الجمعيات التى نشأت منذ قرون فى أوروبا، لهدم المسيحية كجمعية «فرسان المعبد»، وجمعية «القداس الأسود»، وجمعية «الصليب الوردى»، وجمعية «البناء الحر» التى تسمى بالماسونية.. وغير ذلك من الجمعيات السرية، أو العالمية التى أنشئت لخدمة اليهود، وإلحاق الضرر بغيرهم»، وتستشهد الدراسة بما قاله الاستاذ محمد عبدالله عنان عن أثر اليهود فى الجمعيات السرية فى كتابه «الجمعيات السرية والحركات الهدامة» فيقول «إن الدور الذى قام به اليهود فى بث روح الثورة، وإنشاء الجمعيات السرية، وإثارة الحركات الهدامة عظيم جدا، وإن كان من الصعب أن نعنيه بالتحقيق فمنذ أقدم العصور نرى أن التعاليم اليهودية الفلسفية ظاهرا فى معظم الحكات الثورية والسرية».

وينتقل «طنطاوى» بعدها لشرح فلسفة «الكلابا» اليهودية، فيبدأ بشرح أصل كلمة «كالابا» والتى تعنى بالعبرى «التقاليد» ويقول، والكلابا: «هى مزيج من الفلسفة والتعاليم الروحية والشعوذة والسحر ومتعارف عليها عند اليهود من أقدم العصور، والواقع أن الدور الذى لعبه اليهود - عن طريق الجمعيات السرية- فى الثورات الحديثة ظاهر لا سبيل إلى إنكاره، وبالبحث والاستعراض نرى أنه دور مزدوج، فهو يستند إلى المال والخفاء معا،

ذلك أن اليهود منذ العصور الوسطى امتلكوا ناصية الشؤون المالية، فى معظم الجمعيات الأوروبية وسلطوا عليها فى نفس الوقت سيلا من ضروب السحر والخفاء، وكانوا حيث هبت ريح الثورة الاجتماعية، أو السياسية يجتمعون من وراء ستار، ويميلون إلى الجانب الظافر، ليأخذوا نصيبهم من الأسلاب والغنيمة، وإذا كان اليهود فى معظم هذه الثورات لا يضرمون النار ولا يثيرون العاصفة فقد عرفوا دائما كيف يجعلونها تسير حسب فائدتهم، وإذا عرفنا أن هذه الجمعيات والحركات الهدامة ترمى إلى سحق نظم المجتمع الحاضر من دينية وسياسية وأخلاقية، ذكرنا فى نفس الوقت أن هذه هى الغاية الأساسية التى تعمل لها اليهودية العالمية منذ عصور».

يذكر بعدها الإمام الراحل لذكر أشهر الجمعيات التى أقامتها اليهودية العالمية لخدمتها وشرح عملها فيقول «الماسونية جمعية سرية يهودية يرجع تاريخها إلى أيام اليهود الأولى، وأهدافها فى الظاهر تختلف اختلافاً كبيراً عن أهدافها الحقيقية الخفية، فهى فى الظاهرة جمعية خيرية، قامت لخدمة الإنسانية، ونشر الإخاء والمحبة بين الأعضاء بصرف النظر عن أديانهم وعقائدهم وأجناسهم، أما فى الباطن فهى كما يقول الحاخام إسحاق ويز- حسب كتاب- «الماسونية منشئة ملك إسرائيل» لمحمد على الزغبى «هى مؤسسة يهودية، وليس تاريخها ودرجاتها وتعاليمها وكلمات السر فيها وشروحها إلا أفكاراً يهودية من البداية إلى النهاية».

وقد تغلغل نفوذ الماسونية، ونشاطها فى معظم أنحاء العالم، منذ القرن الثامن عشر حتى وقتنا هذا، وقد أسسوا محفلهم الأعظم فى بريطانيا سنة ١٧١٧م وأطلقوا على أنفسهم اسم (البنائين الأحرار)، وبعد تأسيس هذا المحفل كشفوا عن بعض نواياهم فجعلوا من أهداف الماسونية «المحافظة على اليهودية، ومحاربة الأديان بصورة عامة، وبث روح الإلحاد والإباحية بين الشعوب».

يكمل «طنطاوى»: ومن بريطانيا سرى سم الماسونية إلى الأقطار الأخرى، فأقيمت عشرات المحافل لها فى كل من باريس وألمانيا وهولندا وسويسرا وروسيا والسويد والهند.. وزاد عدد محافلها فى أمريكا سنة ١٩٠٧ على خمسين محفلا تضم ما يقرب من مليون أمريكى، لا تفتح صدورها لكل الناس، وإنما تختار منهم من تتوافر فيه صفات معينة، منها: أن يكون ذا منصب كبير أو متوسط، وذا ثقافة لا تخضع لتعاليم الأديان، وأن يكون من بيئة معروفة بغناها ولو نسبيا، وعندما يصبح الشخص مقبولا فى الجمعية الماسونية يقسم اليمين الآتية:

«أقسم بمهندس الكون الأعظم، ألا أخون عهد الجمعية، وأسرارها وعلاماتها وأقوالها وتعاليمها وعاداتها، وأن أصونها مكتومة فى صدرى إلى الأبد. أقسم بمهندس الكون الأعظم ألا أفشى أسرار الماسونية، لا بالإشارة ولا بالكلام ولا بالحروف، ولا أكتب شيئا منها، ولا أنشر لا بالطبع ولا بالحفر ولا بالتصوير، وأرضى- إن حنثت فى يمينى- أن تحرق شفتاى وأن أقتل».

قسَّم «طنطاوى» فى دراسته الماسونية إلى ثلاث مراتب هى:

الماسونية الرمزية: ويندرج فيها أتباع الديانات المختلفة، من مسلمين ومسيحيين، وغيرهم، وأصحاب هذه المرتبة لا حول لهم ولا طول، فى شؤون الماسونية الداخلية، وإنما يكتفى منهم بترديد شعارات الحرية والإخاء والمساواة، والقيام ببعض الأعمال الشكلية نظير حصلوهم على وظيفة أو أمر يطلبونه. وهذه المرتبة أقسام، ودرجاتها ثلاث وثلاثون، يظل الشخص يتدرج فيها حتى ينال أعلاها، وفى الغالب لا ينال هذه الدرجة إلا من يثبت أنه قد تم انسلاخه عن دينه ووطنه.

الماسونية الملوكية: وأكثر أعضائها من اليهود، ويطلق عليهم الرفقاء، ولا يسمح لغير هؤلاء اليهود بدخول هذه المرتبة إلا إذا كان قد وصل إلى أعلى الدرجات فى خدمة الماسونية.

الماسونية الكونية: وهى أرقى مراتب الماسونية، وأعضاؤها من اليهود الخلص الذين قضوا معظم حياتهم فيها، ويطلق على أعضاء الماسونية الكونية الحكماء، وعلى رئيسهم الحاكم الأعظم وهو مصدر السلطات لجميع المحافل الماسونية ولا يعرف أحد أعضاء هذه المرتبة، ولا مركز نشاطها.

وعن وجود الماسونية فى الوطن العربى يقول طنطاوى تغلغلت الماسونية فى البلاد العربية والإسلامية، تغلغلا كبيراً، ومنذ عشرين سنة كان يعتبر الانضمام إلى محافلها فى مصر مفخرة من المفاخر، وكان المشتركون فيها من الأغنياء والوجهاء وأصحاب المناصب الكبيرة، وفى أبريل سنة ١٩٦٤م أصدرت حكومة الجمهورية العربية المتحدة قرارا بإلغاء هذه الجمعية ومحافلها، فى جميع أنحاء البلاد، ومصادرة أملاكها وأموالها لصالح معونة الشتاء».

تنتقل الدراسة بعد شرح الماسونية وطريقة عملها، لتحليل سيطرتهم على وسائل الإعلام المختلفة، مثل الصحافة والإذاعة ودور النشر والسينما والمسرح، وتستشهد الدراسة بما جاء فى نشرة شهرية أصدرتها جمعية النشر المسيحية عام ١٨٤٦، ونشرها كتاب «الحكومة السرية فى بريطانيا» والتى جاء فيها «أن الصحافة اليومية فى أوروبا واقعة إلى حد كبير تحت سيطرة اليهود،

وإذا حاول أديب أو كاتب أن يجازف، ويسعى للوقوف فى طريقهم، فإنهم يقضون عليه» ويرصد طنطاوى خلال دراسته أهم ملامح هذه السيطرة فيقول: أنشأ اليهود فى بريطانيا «جريدة التايمز سنة ١٧٨٨» ومازالت حتى الآن تحت سيطرتهم وتعتبر هذه الجريدة أوسع الصحف انتشاراً، ولليهود بجانبها عشرات الصحف والمجلات فى بريطانيا، وبلغ عدد الصحف والمجلات اليهودية فى فرنسا «٣٦» صحيفة،

أما فى أمريكا فيحتكر اليهود معظم الوسائل الإعلامية فيها إذ يبلغ عدد الصحف والمجلات التى تخضع لهم فى أمريكا «٢٢٠» صحيفة ومجلة، والإحصاءات الرسمية أثبتت أن اليهود يصدرون «٨١٩» صحيفة ومجلة بمختلف اللغات، وفى مختلف الأقطار وهو عدد يمثل أغلبية صحف العالم ومجلاته، ونفوذ اليهود فى المجالات الأخرى من وسائل الإعلام كالإذاعة والمسرح لا يقل عن نفوذهم فى الصحافة، وهم يستغلون كل هذه الأجهزة لإشاعة الرذيلة والانحلال الخلقى بين الأفراد والجماعات والأمم.

ويرى «طنطاوى» فى دراسته أن «اليهود أبرع الناس فى الترويج للمبادئ والمذاهب والفلسفات والنظريات، التى تنفعهم وتضر غيرهم، وما من مذهب يوصل إلى خير لهم إلا ونشروه ورفعوا صاحبه إلى مرتبة العظماء ولو كان من أحقر الناس، لقد رفعوا «نيتشه» إلى القمة لأنه سخر من الأخلاق الفاضلة، كالرحمة والشفقة، ونادى بأخلاق العنف والاستخفاف بالقيم، التى تتفق مع الروح اليهودية الشريرة، وتاريخها الأسود، ورفعوا «داروين» صاحب نظرية النشوء والارتقاء إلى مرتبة العظماء، وروجوا لمذهبه واستخدموه لمصلحتهم فى التهوين من شأن الأديان والأخلاق، لأنه مادام كل شىء يبدأ ناقصاً مشوها ثم يتطور، -كما يرى داروين- فلا قداسة لدين أو لخلق ولا لعرف متبع.

ويستشهد الإمام لتأكيد ما وصلت إليه الدراسة بحديث عباس محمود العقاد فى كتابه «الصهيونية العالمية» يقول فيه: «ولن تفهم المدارس الحديثة فى أوروبا ما لم تفهم هذه الحقيقة، وهى: أن إصبعاً من الأصابع اليهودية كامناً وراء كل دعوة، أو فكرة تستخف بالقيم الأخلاقية وتهدف إلى هدم القواعد التى يقوم عليها مجتمع الإنسان فى جميع الأزمان. فاليهودى (كارل ماركس) وراء الشيوعية التى تهدم قواعد الأخلاق والأديان. واليهودى (دوكيم) وراء علم الاجتماع الذى يلحق نظام الأسرة بالأوضاع المصطنعة، ويحاول أن يبطل آثارها فى تطور الفضائل والآداب.

واليهودى (سارتر) وراء الوجودية، التى نشأت معززة كرامة الفرد فجنح بها إلى حيوانية تصيب الفرد والجماعة، ومن الخير أن تدرس المذاهب الفكرية بل الأزياء الفكرية، كلما شاع منها فى أوروبا مذهب جديد ولكن من الشر أن تدرس عناوينها ومظاهرها دون ما وراءها من عوامل المصادفة العارضة والتدبير المقصود. وقل مثل ذلك فى اليهودى (فرويد) الذى يرجع كل الميول والآداب الدينية والخلقية والفنية إلى الغريزة الجنسية، وبهذا تنحط فى نظره صلة الفرد بمجتمعه وبأسرته، وبالكون وما وراءه.

وفى فصل جديد يحمل عنوان «وعيد الله وعقوباته لبنى إسرائيل» يرصد الإمام الراحل أهم «العقوبات التى عاقب الله بها بنى إسرائيل بسبب جحودهم لنعمه، وكفرهم بآياته، وتعديهم لحدوده، ومخالفتهم لأمره» وهى العقوبات التى تنوعت بين «قضاء الله فيهم بسبب إفسادهم فى الأرض مرتين، وتحريم بعض الطيبات عليهم، وعقوبة المسخ، وسخط الله عليهم ولعنته إياهم، وضربهم بالذلة والمسكنة، ويرصد خلال هذا الفصل الشيخ «طنطاوى» مجموعة العقوبات التى أنزلها الله تعالى على بنى إسرائيل على مدار التاريخ، بداية من وفاة سليمان، عليه السلام، عندما انقسمت مملكته إلى قسمين:

مملكة الشمال، واسمها إسرائيل ومقرها السامرة وتتكون من الأسباط العشرة، ومملكة الجنوب واسمها «يهوذا» ومقرها أورشليم، وتتكون من سبطى يهوذا وبنيامين، وقد استمرت المنازعات بين المملكتين مدة طويلة، انتهت بانقضاض سرجون ملك آشور على مملكة إسرائيل سنة ٧٢١ قبل الميلاد، فقتل الآلاف من رجالها، وأسر البقية الباقية منهم، فرحلهم إلى ما وراء نهر الفرات، وقضى على هذه المملكة قضاء لم تقم لها بعده قائمة.

تكمل الدراسة «أما مملكة الجنوب أورشليم، فقد حاولت أن تتشبث بالبقاء ولكن معاول الهدم غزتها من الشرق ومن الجنوب، سنة ٦٧٧ قبل الميلاد، عندما غزاها الآشوريون، وقتلوا من أبنائها عدداً كبيراً، واقتادوا ملكها «منسى» أسيراً إلى بابل، وبعد أن دبت الحياة مرة أخرى فى أنفاس مملكة يهوذا زحف عليها الملك «نخو» فرعون مصر سنة ٦١٠ قبل الميلاد فاحتلها، وقتل ملكها يوشيا، وطرد الآشوريين منها، وفى سنة ٦٠٦ قبل الميلاد، زحف بختنصر ملك بابل عليها، فطرد فرعون مصر منها واحتل أورشليم وتوابعها، وأذل أهلها إذلالاً شديداً، ولكن اليهود ثاروا عليه بعد فترة من احتلاله لهم، فرأى أن يؤدبهم بصورة أشد، فانقض عليهم مرة أخرى سنة ٥٩٩ قبل الميلاد فقتل الآلاف منهم، وساق من أعيانهم وسراتهم آلاف الأسرى إلى بابل، وأخذ معه كنوز الهيكل وتحفه.

وللمرة الثالثة شق عصا الطاعة عليه «صدقيا بن يواقيم» ملك يهوذا، فأعاد بختنصر عليهم الكرة سنة ٥٨٦ قبل الميلاد، فحاصر أورشليم، وبعد أن دخلها قتل ملكها «صدقيا» ثم أعمل السيف فى بقية أهلها، ونهب ما فيها وهدم أسوارها، وأحرق الهيكل وساق من بقى من سكانها أسرى إلى بابل، وبذلك تم القضاء على مملكة يهوذا، وأصبحت أرضها تابعة للدولة البابلية.

وهو ما صوّره أحد الكتاب الغربيين تحت عنوان قصة «النكبات التى أدت إلى زوال مملكة يهوذا وإسرائيل» فيقول: «هى قصة نكبات، وقصة تحررات لا تعود عليهم إلا بإرجاء النكبة القاضية، وهى قصة ملوك همج يحكمون شعباً من الهمج، حتى إذا وافت سنة ٧٢١ قبل الميلاد، محت يد الأسر الأشورى مملكة إسرائيل من الوجود، وزال شعبها من التاريخ زوالاً تاماً، وظلت مملكة يهوذا تكافح حتى أسقطها البابليون سنة ٥٨٦ قبل الميلاد».

بعد وقوعهم تحت حكم الفرس من سنة ٥٣٦ إلى سنة ٢٣٢ قبل الميلاد، عادوا إلى فلسطين، ووقعوا تحت سيطرة الإسكندر المقدونى سنة ٣٣٠ قبل الميلاد، وبعد مرور ١٠ سنوات، سار إليهم بطليموس خليفة الإسكندر، فهدم القدس ودك أسوارها، وأرسل منهم مائة ألف أسير إلى مصر، لأنهم ثاروا عليه.

فى سنة ٢٠٠ قبل الميلاد تقريباً، وقع اليهود تحت سيطرة السلوقيين السوريين بعد انتصارهم على البطالسة، ورأى بعض الحكام السلوقيين من اليهود تمرداً وعصياناً، فأنزلوا بهم أشد العقوبات فى عدة مواقع، وكان من أبرز المنكلين باليهود أنطوخيوس ما بين سنة ١٧٠، وسنة ١٦٨ قبل الميلاد فقد هاجم أورشليم وهدم أسوارها وهيكلها، ونهب ما فيها من أموال وقتل من أهلها أربعين ألفاً فى ثلاثة أيام، وباع مثل ذلك العدد عبيداً منهم، ولم يفلت من يده إلا اليهود الذين هربوا إلى الجبال، وقد أقام أنطوخيوس قلعة على أحد الجبال ليشاهد منها كل من يقترب من اليهود إلى أورشليم ليقتله، وقد وصل به الحال أنه أكره عدداً كبيراً منهم على ترك الديانة اليهودية، وجعل هيكلهم فى أورشليم معبداً لإلهه.

وفى سنة ٦٣ قبل الميلاد، أغار الرومان بقيادة «بامبيوس» على أورشليم فاحتلوها واستمر احتلالهم لها حتى سنة ٦١٤ وخلال احتلال الرومان لفلسطين قام اليهود بعدة ثورات باءت كلها بالفشل، ولقوا بسبب تمردهم وعصيانهم من الرومان ألواناً من القتل والسبى والتشريد، فى سنة ٦٣ قبل الميلاد، وبعد أن دخل بامبيوس الرومانى أورشليم، فتك بالكثيرين من سكانها، وأذل أهلها إذلالاً شديداً، واستخدم المنجنيقات فى هدم أسوارها، وتدمير مبانيها، وفى سنة ٥٧ قبل الميلاد: قام اليهود بثورة ضد الرومان فانقض عليهم القائد غابينوس من قبل الرومان فقتل الآلاف منهم، وألغى النظم التى كانوا يسيرون عليها، وأحل محلها نظماً أخرى جردت اليهود من كل تدخل فى شؤون الدولة،

وفى سنة ٣٧ قبل الميلاد: كلف الرومان القائد «هيرودس» بتأديب اليهود لإشعالهم نار الفتن، فحاصر هيرودس أورشليم بضعة أشهر، ثم دخلها وقتل من قتل من أهلها، وسلب ما سلب من أموالها، ثم ساق أميرها اليهودى انتغنس مقيداً فى الأغلال إلى أنطونيوس الحاكم الرومانى فقتله شر قتلة، وبقتله انقرضت أسرة المكابيين، وأصبح هيرودس هو الوالى على فلسطين من قبل الرومان، وفى سنة وفاته ولد المسيح عليه السلام.

وفى سنة ٧٠م، عاود اليهود عصيانهم وتمردهم على الدولة الرومانية، فسار إليهم القائد الرومانى فسبسيان فحاصر أورشليم ثم عاد إلى روما تاركاً وراءه ابنه تيطس، ليقوم بمهمة إخضاع اليهود، فقام تيطس بمهمته خير قيام، فقد استطاع بعد فترة من الوقت أن يقتحم أورشليم، وبعد أن دخلها دمرها تدميراً واستباحها عدة أيام، وقتل الآلاف من اليهود، وأحرق الهيكل، وأخذ من بقى منهم أسرى إلى روما،

وفى عهد الإمبراطور الرومانى تراجان سنة ١٠٦م، عاد بعض اليهود إلى القدس أورشليم، وأخذوا فى الإعداد للثورة وأعمال الشغب من جديد، فلما تولى أدريانوس عرش الرومان سنة ١١٧م حول المدينة إلى مستعمرة رومانية، وحظر على اليهود الاختتان وقراءة التوراة، واحترام السبت، وثار اليهود بقيادة الكاهن باركوخبا سنة ١٣٥م وأرسلت روما والياً حازماً هو يوليوس سيفيروس فاحتل المدينة، وقهر اليهود، وقتل باركوخبا، وذبح من اليهود فى تلك الموقعة ٥٨٠ ألف نسمة، وتشتت الأحياء من اليهود تحت كل كوكب،

ولكى ينسى اليهود أورشليم دمرها أدريانوس وأنشأ مكانها مدينة جديدة سماها إيليل، ونتيجة لهذه العقوبات الرادعة التى أنزلها الرومان باليهود، فر من استطاع منهم الفرار إلى جنوب الجزيرة العربية، وإلى مصر وشمال أفريقيا، وإسبانيا وأوروبا وغيرها من فجاج الأرض، وفى كل بلدة حلوا بها تعرضوا لنقمة سكانها، بسبب أنانيتهم وعزلتهم، وتعصبهم لموروثاتهم، وإشاعتهم للفتن والرذائل فى كل مكان يحلون به.

تنقل الدراسة وصف خراب أورشليم كما كتبه المؤرخ «شاهين مكاريوس»: إلى هنا ينتهى تاريخ الإسرائيليين كأمة، فإنهم بعد خراب أورشليم كما تقدم تفرقوا فى جميع بلاد الله، وتاريخهم فيما بقى من العصور ملحق بتاريخ المماليك التى توطنوها، وأنزلوا فيها وقد قاسوا فى غربتهم هذه صنوف العذاب والبلاء، فإن الرومانيين حظروا عليهم دخول أورشليم، إلى أن تبوأ القياصرة المسيحيون تخت المملكة الرومانية فأعاد قسطنطين الكبير لأورشليم اسمها بعد أن استبدل بغيره، واهتمت أمه الإمبراطورة هيلانة بتنظيفها، وظلت البلاد فى حوزة الرومان إلى سنة ٦١٤م، ثم استولى عليها الفرس بقيادة كسرى الثانى، وفى سنة ٦٣٧م دخلت فى طاعة العرب المسلمين فى خلافة الإمام عمر بن الخطاب.

غدا

كيف عاقب العالم اليهود على إجرامهم وإثارتهم للفتن؟

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 273 مشاهدة
نشرت فى 14 يونيو 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,792,977