authentication required

http://www.qou.edu/homePage/arabic/qulityDepartment/qulityConfernce/pepars/session2/hawali.htm

تصور مقترح لتحسين جودة التعليم الجامعي الفلسطيني

 

 إعـــداد

 

الدكتور / عليان عبد الله الحولي

أستاذ أصول     التربية المشارك

كلية التربية/ الجامعة الإسلامية

 

Tel.08-2863554

Fax.08-2863552

Mobile.059-842881

E-mail: [email protected]

   

ورقة علمية اعدت لمؤتمر النوعية في التعليم الجامعي الفلسطيني

الذي عقده برنامج التربية ودائرة ضبط النوعية

في جامعة القدس المفتوحة في مدينة رام الله في الفترة الواقعة 3-5/7/2004


مقدمة :

لقد أدرك المجتمع الفلسطيني منذ زمن أن جوهر بقاءه واستمراره يكمن في تنمية هويته الثقافية والحضارية، وقد دفعه هذا الإدراك إلى تجنيد كل طاقاته من أجل رفع المستوي الثقافي والتعليمي لأبنائه في وقت وجد فيه نفسه مشرداً في بقاع الأرض (محيسن، 1986، 155)

وتعود الجذور التاريخية لنظام التعليم العالي الفلسطيني إلى سنوات الأربعينات عندما بدأ عدد كبير نسبياً من الطلبة يلتحقون بمؤسسات التعليم العالي في الخارج حيث لم يكن هنالك أية مؤسسات داخل فلسطين..وقد كان التوجه الرئيسي للطلبة عندئذ هو للجامعات المصرية والأمريكية والبريطانية، وبالطبع فقد كانت تكاليف الدراسة عندئذ مرتفعة نسبياً كما أن إجراء الاتصالات اللازمة للحصول على القبول كانت صعبة وليست في متناول الجميع لذلك فقد اقتصرت الدراسة العليا إلى حد بعيد على أبناء العائلات الميسورة ذات المكانة الاجتماعية والسياسية(أبو هلال، 1998، 10).  هذا ويحتل التعليم العالي الفلسطيني مكانة متميزة في البنية الحضارية للمجتمع الفلسطيني، فقد اكتسب الفلسطينيون ومنذ عشرات السنين سمعة عالية من حيث إقبالهم على التعليم العالي، حيث كان لهم دوماً تواجد قوي في غالبية الجامعات المرموقة في العالم. كما أن خريجي الجامعات والمعاهد العليا من الفلسطينيين اكتسبوا سمعة متميزة في أسواق العمل في الكثير من البلدان العربية والأجنبية والمؤسسات الدولية (أبو هلال وآخرون،1998،1).

ولقد نال موضوع التعليم العالي اهتماماً كبيراً من قبل العديد من الباحثين الفلسطينيين تمثل ذلك في العشرات من الدراسات والأبحاث والمقالات والكتب خلال العقدين الماضيين كان منها دراسة على الجرباوي 1986حول "الجامعات الفلسطينية بين الواقع والمتوقع"، وتقرير بتمويل المفوضية الأوربية 1994 بعنوان "التعليم العالي في المناطق المحتلة"، ودراسة وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية 1996 حول "التعليم الفلسطيني : الواقع والتطلعات، تقرير منذر صلاح 1994 حول "مجلس التعليم العالي والجامعات الفلسطينية" ودراسة مني شعت 1997بعنوان "واقع تمويل التعليم الجامعي ومستقبله" والمؤتمر الدولي الثاني للدراسات الفلسطينية 1997 بعنوان "التعليم الفلسطيني تاريخاً ،واقعاً، وضرورات المستقبل" ، ودراسة ماهر ابو هلال 1997 حول "واقع التعليم العالي وعلاقته بالتنمية وسوق العمل الفلسطيني"...

وتعتبر الجامعات الفلسطينية فتية وفق المعايير الدولية، فلم يمر على إنشاء أقدمها سوى ثلاثين عاماً فيما أقيمت أحدثها قبل عامين فقط، وقد شهد نظام التعليم العالي بمجمله تحولات كبيرة في أعقاب حرب حزيران/ يونيو 1967، فقد حدث انتشار واسع أولاً في مجال كليات المجتمع ثم استمر مع تأسيس الجامعات الفلسطينية الرئيسية بدأ من عام 1971، حيث كانت كل واحدة من هذه الجامعات ومنذ البداية نتاجاً لمبادرة خاصة غير ربحية وغير حكومية. لذا يعتبر التعليم العالي الفلسطيني فريداً من نوعه في هذا الخصوص سواء في منطقة الشرق الأوسط أو في معظم أنحاء العالم، حيث تكون المؤسسات الحكومية هي القاعدة ، وهكذا تعتبر البنية غير الربحية وغير الحكومية للجامعات الفلسطينية أحد سماتها المميزة(وزارة التربية والتعليم العالي،2003، 2).

ولقد أشارت دراسة (أبو هلال وآخرون،1998، 84-89 ) إلى  أن هناك أسباب عديدة وذات طابع تراكمي أدت إلى ضعف فعالية مؤسسات التعليم العالي من حيث مدى مساهمتها في خدمة الاقتصاد الفلسطيني بشكل عام، ومن حيث ضعف ارتباطها بسوق العمل المحلي بشكل خاص ، وبحسب ما تبين من خلال الدراسة تحتل الأسباب التالية أهمية خاصة ( ارتفاع نسبة الطلبة إلى أعضاء هيئة التدريس، عدم تناسب عدد الطلبة مع الأبنية الجامعية، اكتظاظ الطلبة في الفصول، ضعف الخدمات التدريسية المساعدة، المستوى المتواضع لأداء أعضاء هيئات التدريس، لتسييس المفرط للجامعات..).

من العرض السابق يتبين أن الجامعات الفلسطينية رغم الدور االهام والكبير الذي قامت به في تزويد سوق العمل الفلسطيني والعربي وعبر العقود الماضية بأفراد مؤهلين ومدربين ساهموا بشكل مباشر في التنمية الشاملة فلسطينياً وعربياً، إلا أنها تعاني من بعض التحديات والصعوبات في ظل واقع احتلال وانتفاضة، لذا جاء البحث لمحاولة النهوض والتطوير للتعليم الجامعي الفلسطيني .

أسئلة البحث :

      يحاول البحث الإجابة عن الأسئلة التالية :

  1- ما واقع  التعليم الجامعي الفلسطيني ؟

2-     ماهية جودة التعليم ؟

3-     ما التصور المقترح لتحسين جودة التعليم الجامعي الفلسطيني ؟

هدف البحث :

1-    التعرف على واقع التعليم الجامعي الفلسطيني .

2-    الإلمام بمفهوم جودة التعليم  .

3-    اقتراح تصور لتحسين جودة التعليم الجامعي الفلسطيني .

أهمية البحث :

          تكمن أهمية البحث في إمكانية استفادة عدة أطراف منه مثل (الجامعات الفلسطينية، وزارة التربية والتعليم العالي، أصحاب سوق العمل والمؤسسات الموظفة، الأهالي والطلبة خريجي الثانوية العامة، والباحثين عموماً .

منهج البحث :

          استخدم البحث المنهج الوصفى التحليلي. الذي يعتمد على تجميع الحقائق والمعلومات، ثم مقارنتها وتحليلها وتفسيرها، للوصول إلى تعميمات مقبولة (بدر، 1984، 234)

الدراسات السابقة :

             تعددت الدراسات التي تناولت موضوع جودة التعليم الجامعي على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية ويمكن ذكر بعضها كالتالي:

  • دراسة (عابدين، 1992) حول " الجودة واقتصادياتها في التربية بهدف تقويم الجهود العلمية في تعريف الجودة وتقديم تعريف مناسب للجودة التربوية، وكذلك تقويم الجهود المتبعة في قياس الجودة، ورسم معالم الطريق المؤدية إلى قياسها، وقد توصلت الدراسة إلى نتائج منها  أن الجودة الشاملة في التربية هي مجموعة من الخصائص أو السمات التي تعبر بدقة وشمولية عن جوهر التربية وحالتها بما في ذلك كل أبعادها: مدخلات وعمليات ومخرجات وتغذية راجعة، وكذلك التفاعلات المتواصلة التي تؤدي إلى تحقيق الأهداف المنشودة والمناسبة للمجتمع .
  • دراسة (أبو هلال وآخرون،1998) حول " مدى توافق التعليم العالي مع سوق العمل المحلي دراسة تحليلية" تناولت مقدمة، واتجاهات التطور الكمي والنوعي في التعليم العالي، ثم العرض من الخريجين ووضعهم الوظيفي، وخصائص سوق العمل المحلي، ومؤشرات تأثير التعليم العالي على المستوى الشخصي، وتناولت أسباب ضعف فاعلية مؤسسات التعليم العالي، وطرحت نظرة مستقبلية للتعليم العالي وسوق العمل، وأوصت الدراسة بمجموعة من النقاط منها (إعادة هيكلية وتفعيل مجلس التعليم العالي، توجيه عرض مهارات الخريجين بما يتناسب مع سوق العمل ،تطوير البرامج الدراسية المطروحة ).
  • دراسة (أبو نبعه، ومسعد، 1998) حول " إدارة الجودة الشاملة في مؤسسات التعليم العالي" بهدف عرض مفهوم إدارة الجودة الشاملة، وتطبيقها في الجامعات الأجنبية وطرحت إمكانية نقل التجربة وتطبيقها في البيئة الأردنية من خلال توضيحها لإستراتيجية لإدارة الجودة الشاملة في الجامعات الأردنية الأهلية.
  • دراسة (البطي، 2000) بعنوان "إدارة الجودة الكلية الشاملة وإمكانية تطبيقها في الميدان التربوي السعودي " ، وتوصلت إلى مجموعة من النتائج منها أن تعريفات الجودة بمعظمها تأخذ منحى اقتصادياً ومنها : أن الجودة تعني رضي المستفيدين من السلعة أو الخدمة، واعتبر المستفيدون هم الطلاب، وأولياء الأمور، وبالتالي المجتمع بكامل. ويمكن تطبيق إدارة الجودة في الميدان التربوي بشكل عام.
  • دراسة (شحاده، 2003) بعنوان " نحو استراتيجية جامعية عربية موحدة" بهدف محاولة لتقديم الخطوط العريضة لاستراتيجية متكاملة للجامعات العربية تمكنها من مواجهة التحديات التي تجابها في القرن الحالي ومن تخريج طلبة يتمتعون بمهارات التفكير الناقد ((Critical Thinking، والتعلم المستمر(Life-long Learning  )، وبالمهارات الأخرى المطلوبة لسوق العمل، ويستطيعون العيس والمنافسة في عصر العولمة وثورة التقنيات، ويعتزون بتراثهم وحضارتهم العربية الإسلامية، ويستطيعون في الوقت نفسه التعايش مع  الحضارات العالمية الأخرى. وترتكز هذه الاستراتيجية على التحول بالفعل لا بالقول، من التدريس إلى التعلم، وجعل الطالب محور العملية التعليمية، وتسخير موارد الجامعة وأنشطتها المختلفة لتعزيز تحصيله العلمي، وتوضيح هذه الدراسة بشيئ من الإيجار، طبيعة التعديلات المطلوب من الجامعات إجراؤها حتى تتمكن من تطبيق الاستراتيجية الجديدة سواء في رسالتها، وخططها الدراسية وبرامجها للتعليم العام، أو في طرق التدريس، وأساليب التقويم .
  • دراسة ( صافي، 2003) بعنوان " التعليم الجامعي في فلسطين في ضوء التغيرات الاقتصادية والاجتماعية " بهدف التعرف على التحديات التربوية التي تفرضها التغيرات الاقتصادية والاجتماعية على التعليم الجامعي في فلسطين ومدى استجابة الجامعات الفلسطينية لمثل هذه التحديات، وقد توصلت الدراسة إلى العديد من النتائج منها ضعف دور الجامعات الفلسطينية في مواجهة ( تحديات زيادة الطلب الاجتماعي من حيث توفير فرص تعليمية لجميع الراغبين في التعليم الجامعي- تناقص المصادر المالية.. – التقدم العلمي والتكنولوجي.. – الاتجاه نحو الجودة الشاملة من حيث توفير متطلبات الجودة الشاملة، وتوفير أسس الجودة الشاملة، والقيام بالاتجاه الصحيح نحو تطبيقها..) .
  •  ورقة عمل ( وزارة التربية والتعليم العالي،2003)  حول " نظام لضمان وتحسين الجودة والأداء النوعي لمؤسسات التعليم العالي في فلسطين خبرة فلسطين" استعرضت واقع التعليم العالي في فلسطين، واستحداث نظام مهني لضمان وتحسين الجودة والنوعية بمؤسسات التعليم العالي الفلسطيني من حيث الفكرة، والنشأة، والتمويل والهيكلية، والمنهجية والإنجازات.

من العرض للدراسات السابقة يتبين الأمور التالية (زيادة الاهتمام بموضوع جودة التعليم الجامعي عالمياً وعربياً وفلسطينياً، ضرورة تبني موضوع إدارة الجودة الشاملة بالفعل وليس بالقول، إن تطوير التعليم الجامعي الفلسطيني في ظل الظروف التي يعايشها المجتمع يحتاج إلى تضافر جهود الجامعات ووزارة التربية والتعليم العالي ومؤسسات المجتمع عموماً وصولاً إلى مستقبل أفضل للجامعات الفلسطينية.

 

للإجابة عن السؤال الأول : ما واقع  التعليم الجامعي الفلسطيني ؟

 يرجع أبو لغد (1993، 3) نشأة الجامعات الفلسطينية إلى أمرين أساسيين : أولهما رغبة الشعب الفلسطيني الأكيدة وإصراره الثابت على تحصيل العلم، والذي تحقق بمتابعته للتعليم العالي في الجامعات العربية والعالم، وثانيهما إدراك القيادة الوطنية في فلسطين بأن احتياجات الشعب الفلسطيني وأولوياتة التعليمية وظروفه تحت الاحتلال تحتم إيجاد مؤسسات وطنية للتعليم الجامعي والعالي على الأرض الفلسطينية.

فقد أقيمت كلية الشريعة بمدينة الخليل عام 1971، وفي العام 1972 تم تحويل كلية بيرزيت إلى جامعة، وفي العام 1973 أسست جامعة بيت لحم، وفي العام 1977 تم تطوير كلية النجاح بنابلس إلى جامعة النجاح الوطنية، وأنشئت كلية العلوم والتكنولوجيا في أبو ديس، وفي العام 1978 انبثق عن معهد الأزهر بغزة الجامعة الإسلامية، كما أسست كلية الدعوة وأصول الدين في القدس، وكلية التمريض العربية في البيرة، وفي العام 1979 تم تحويل كلية الشريعة في الخليل إلى جامعة، وفي العام 1982 تم تطوير معهد الخدمة الاجتماعية التابع لمؤسسة دار الطفل العربي في القدس إلى كلية الاداب للبنات التي تشكل إحدى كليات جامعة القدس (الزرو،1989، 18- 19). وتبع هذه الجامعات إنشاء جامعة الأزهر ، وجامعة القدس المفتوحة، وجامعة الأقصى ،والجامعة العربية الأمريكية.

 

ويتكون قطاع التعليم العالي الفلسطيني من جميع المؤسسات التي تقدم برامج أكاديمية وتدريبية بعد مرحلة الدراسة الثانوية، وتشمل هذه المؤسسات إحدى عشرة جامعة فلسطينية وخمس كليات جامعية موزعة في أنحاء الوطن، تقدم شهادات جامعية على مستوى البكالوريوس وحتى الدكتوراه في مجالات مختلفة. وقد بلغ عدد المسجلين في هذه المؤسسات للعام الدراسي 2000/2001 (75739) طالباً وطالبة، ليصل إلى (107550) طالباً وطالبة في عام 2003، كما يشمل القطاع أربعاً وعشرين كلية مجتمع متوسطة تقدم شهادة الدبلوم المتوسط في البرامج المهنية والتقنية في المجالات المختلفة. ويبلغ عدد المسجلين في هذه الكليات للعام نفسه (5100) طالب وطالبة ليصل إلى (7462) طالباً وطالبة في عام 2002/2003م. وقد بلغ عدد العاملين في قطاع التعليم العالي الفلسطيني (4838) متفرغاً من أعضاء هيئات التدريس والإداريين والخدمات، منهم (2343) أعضاء هيئة تدريس ليصل عدد العاملين عام 2002/2003 إلى (7941) شخصاً أكاديميين وإداريين وموظفي خدمات (وزارة التربية والتعليم العالي،2).

ويشغل التعليم العالي الفلسطيني وضعاً فريداً ومميزاً في مجموع نظم التعليم العالي الدولية، إذ يلتحق حوالي 2% من جميع الفلسطينيين بالتعليم العالي، ويبلغ معدل الالتحاق الإجمالي بالتعليم العالي الفلسطيني في جيل 18 إلى 24 عاماً أكثر من 15%. يعتبر هذان الرقمان أعلى بكثير من المتوسط بالنسبة لإقليم الشرق الأوسط وبالنسبة للبلدان النامية على المستوى الدولي (وزارة التربية والتعليم العالي،1993، 3).

 

 

وهذا النشوء المتسارع لمؤسسات التعليم العالي الفلسطيني يمكن أن يرجع على الأسباب الآتية :

  • الطلب الاجتماعي الشديد على التعليم من قبل أبناء المجتمع الفلسطيني.
  • ارتفاع تكاليف التعليم العالي في الخارج في ضوء انخفاض مستويات المعيشة في فلسطين.
  • صعوبة السفر والتنقل للخارج بسبب معوقات الاحتلال اليهودي.
  • محاولة إنشاء جامعة في كل محافظة فلسطينية بسبب ظروف التنقل الصعبة.

 

وللإجابة عن السؤال الثاني حول  ماهية جودة التعليم ؟

عرف ابن منظور في معجمه لسان العرب كلمة الجودة بأن أصلها " جود " والجيد نقيض الرديء، وجاد الشيء جوده، وجوده أي صار جيداً، وأحدث الشيء فجاد والتجويد مثله وقد جاد جوده وأجاد أي أتى بالجيد من القول والفعل(ابن منظور، 1984، 72).

          ويري دونالد كرامب أن الجودة ليست كلاماً يقال ولكن ما نفعله، وأن العنصر الرئيسي في تعريفها يكمن في خدمة العملاء (الطلبة) فالجودة لا تشتق من حجم المنح والميزانيات، ومعدلات أعضاء هيئة التدريس للطلاب، وعدد المجلدات في المكتبة، وروعة الأبنية والمرافق في الجامعة فحسب، بل من الاهتمام بخدمة حاجات العملاء (الطلبة)  سواء كانوا من داخلها أو من خارجها في المجتمع المحيط بها ويعتقد أن الجودة يمكن قياسها. ولقد وضع أستن معيارين لتعريف الجودة وبخاصة في التعليم العالي، المعيار الأول: يرى أن مفهوم الجودة في التعليم العالي يجب أن يركز على سمعة وشهرة المؤسسة أو مصادرها، فعلى سبيل المثال المؤسسة التي لديها تسهيلات أفضل غالباً ما تكون جيدة، أما المعيار الثاني فيعتقد أن تعريف الجودة في التربية يجب أن يعزز ويقوى عن طريق تطبيق فلسفة تحسين الجودة (زيدان ، 1998 )

          ولقد ارتبط المفهوم التقليدي لجودة التعليم الجامعي بعمليات الفحص والرفض والتركيز على الاختبارات النهائية دون مراجعة القدرات والمهارات الإدراكيه والحركية والمنطقية والتحليلية والسلوكية، لذلك تحول هذا المفهوم التقليدي للجودة في التعليم العالي إلى مفهوم توكيد جودة التعليم العالي والذي يستند بالدرجة الأولي على ضرورة اختيار معدلات نمطية للأداء وبناء منظومات لإدارة الجودة للتعليم العالي، ومع صعوبات التطبيق ظهرت أهمية بالغة لتطبيق إدارة الجودة الشاملة في التعليم العالي والتي تحتاج مشاركة من الجميع لضمان البقاء والاستمرارية لمؤسسات التعليم العالي وهو أسلوب لتحسين الأداء بكفاءة أفضل (النجار، 2000، 73).

          فجودة التعليم العالي تعني مقدرة مجموع خصائص ومميزات المنتج التعليمي على تلبية متطلبات الطالب، وسوق العمل والمجتمع وكافة الجهات الداخلية والخارجية المنتفعة، إننا نعرف جيداً أن تحقيق جودة التعليم يتطلب توجيه كل الموارد البشرية والسياسات والنظم والمناهج والعمليات والبنية التحتية من أجل خلق ظروف مواتية للابتكار والإبداع في ضمان تلبية المنتج التعليمي للمتطلبات التي تهيئ الطالب لبلوغ المستوي الذي نسعى جميعاً لبلوغه (الجسر،2004،2).

إن ثقافة الجودة وبرامجها تؤدى إلى اشتراك كل فرد وإدارة ووحدة علمية وطالب وعضو هيئة تدريس ليصبح جزءاً من هذا البرنامج، وبالتالي فإن الجودة هي القوة الدافعة المطلوبة لدفع نظام التعليم الجامعي بشكل فعال ليحقق أهدافه ورسالته المنوطة به من قبل المجتمع والأطراف العديدة ذات الاهتمام بالتعليم الجامعي.

إن الاتجاهات الحديثة في قياس وإدارة الجودة تعمل على تفادى ضيق النظرة والعمل على قياس مخرجات التعليم الجامعي المتمثلة في توافر خصائص اتجاهية ومعرفية ومهارية وسلوكية في الخريجين فحسب، بل يمتد قياس جودة الخدمة إلى جودة عناصر تقديم الخدمة التعليمية على مستوي البكالوريوس، ولقد قامت وزارة التعليم العالي البريطانية بتشكيل لجنة دائمة لتقييم جودة تلك العناصر على مستوى الدرجة الجامعية الأولي في الجامعات البريطانية في عام 1992، كما انشأ مجلس أعلى لتقييم جودة الدراسة في مرحلة البكالوريوس في الجامعات الأمريكية في عام 1995. ولقد اتفقت اللجنتان في اجتماع مشترك عقد بين ممثليهم في أكتوبر 1995 في جامعة ستانفورد  على المعايير الواجب إتباعها لتقييم جودة الخدمة وجاءت هذه العناصر ومعايير تقييمها كما هو موضح في الجدول رقم (1) التالي :-

 

 

جدول رقم (1) معايير تقييم جودة الخدمة التعليمية على مستوى البكالوريوس

 

العنصر

نواحي الجودة

1- المنهج العلمي

-  درجة تغطية الموضوعات الأساسية.

- التناسب مع قدرة استيعاب الطالب في هذه المرحلة.

- الارتباط بالواقع العملي.

- الإلمام بالمعارف الأساسية.

- إعداد الطالب لعصر العولمة من خلال تعلم لغة أجنبية.

2- المرجع العلمي

-  درجة المستوى العلمي والموثوقية.

- شكل وأسلوب إخراج المرجع العلمي.

- وقت توافر المرجع العلمي.

- سعر المرجع العلمي.

- امتداد الاستفادة من المرجع العلمي.

- أصالة المادة العلمية.

- نوع الاتجاهات التي ينميها المرجع العلمي.

3- أعضاء هيئة التدريس

- المستوى العلمي والخلفية المعرفية.

- إدراك احتياجات الطلاب.

- الانتظام في العملية التعليمية.

- الالتزام بالمنهج العلمي.

- تقبل التغذية الراجعة.

- العمل على تنمية المهارات الفكرية التنافسية.

- تنمية الحس الوطني والوازع الأخلاقي.

- الهدف من أسلوب التدريس المستخدم.

- تنمية الاتجاه التحليلي.

- تنمية النظرة المتعمقة.

- درجة التفاعل الشخصي.

- الوعي بدور القدرة العلمية والخلقية.

4- أسلوب التقييم

- درجة الموضوعية والاتساق.

- درجة الموثوقية والشمول.

- عدم التركيز على التلقين.

- التركيز على القدرة التحليلية.

-  التركيز على التفكير الإنتقادى.

5- النظام الإداري

- توافر المعلومات اللازمة لتشغيل وإدارة النظام.

- التوجه نحو سوق العمل.

- المناخ الجيد لممارسة النشطة الرياضية والفنية.

- كفاءة وفعالية النظام الإداري.

- تلقى الشكاوى والتعامل معها.

6- التسهيلات المادية

- تناسبها مع طبيعة العملية التعليمية.

- تنمية وإشباع الناحية الجمالية.

 

 

(شهيب وآخرون، http://www.cairo.eun.eg/arabic/b27.html)

 

وانطلاقاً من القائمة التي أوردها معهد إدارة الجودة الشاملة الفيدرالي ومن آراء العديد من الباحثين حول ماهية وعدد وترتيب هذه المتطلبات يمكن القول أن أهم متطلبات تطبيق الجودة في المؤسسات التعليمية تتمثل (مصطفي، والأنصاري، 2002، 20) في :-

1-    قناعة ودعم وتأييد الإدارة العليا لإدارة الجودة الشاملة.

2-    تبني الإدارة والعاملين فلسفة إدارة الجودة الشاملة وتعاونهما في تطبيقها.

3-    وجود أهداف محددة مشتقه من احتياجات الفئات المستهدفة وسعي الإدارة والعاملين معاً لتحقيقها.

4-    منح العاملين الثقة وتشجيعهم على أداء العمل وتقدير المتميز منهم دون التدخل في كل كبيرة وصغيرة.

5-    الابتعاد كلياً عن سياسة التخويف والترهيب .

وللإجابة عن السؤال الثالث :  ما التصور المقترح لتحسين جودة التعليم الجامعي الفلسطيني ؟

أصبح تقويم التعليم العالي (Assessment Of University Education) على المستوي العالمي جزءاً لا يتجزأ من العملية التعليمية، كما أصبح شرطاً أساسياً تشترطه جميع هيئات الاعتماد الأكاديمي العالمية، بل إن بعض تلك الهيئات مثل (ABET) قد زادت في عام (2000/2001) خلال مراجعة شروطها لاعتماد البرامج من الأهمية التي توليها لعملية التقويم. فبعد أن كان تقويم المخرجات التعليمية واحداً من شروط الاعتماد الأكاديمي في وثيقة (1998) أصبح في وثيقة (2000) المحور الرئيسي لعملية الاعتماد برمتها. كما أن هيئة (ACSB) تعيد النظر في هذه الأيام في شروطها للاعتماد الأكاديمي لتولي عملية التقويم دوراً أكثر أهمية. ولهذا فإن نسبة مؤسسات التعليم العالي في الولايات المتحدة التي تطبق أساليب متنوعة في التقويم أو أن لديها خطط شبه جاهزة للبدء في تطبيقها تصل (97%) من مجموع تلك المؤسسات (شحادة،2003،16) ويأتي التقويم كمحور رئيس في عملية شاملة تستهدف تجويد التعليم الجامعي عموماً.

وقد بدأت مناقشة فكرة استحداث نظام مهني لضمان وتحسين الجودة والنوعية بشكل مركزي منذ 1997 في إطار "الخطة الخمسية لترشيد التعليم العالي في فلسطين" التي أعدتها آنذاك وزارة التعليم العالي. وترسخت الفكرة بعد سنتين في تقرير فريق العمل حول " التوجهات المستقبلية للتعليم العالي الفلسطيني "، ومن ثم في مسودة " استراتيجية التعليم العالي في فلسطين " (2001). وأكد هذا التوجه قرار وزراء التعليم العالي والبحث العلمي في الوطن العربي، في المؤتمر الثامن في القاهرة (25- 27/12/2001) الذي حث الدول العربية على إنشاء هيئات وطنية شبه مستقلة لضمان الجودة وتحسين الأداء النوعي لمؤسسات التعليم العالي...وتجاوباً مع الحاجة الملحة لتحسين وتطوير التعليم العالي في فلسطين تم تأسيس الهيئة الوطنية للاعتماد والجودة والنوعية كهيئة شبه مستقلة في إطار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في 27/1/2002، والهدف العام من وجود هذه الهيئة هو تحسين نوعية التعليم العالي الفلسطيني وترشيده ليتجاوب مع الأولويات الاستراتيجية الوطنية، وضبط الجودة والنوعية من خلال منهجية وتعليمات واضحة لاعتماد البرامج الجديدة وللتقييم المستمر للبرامج القائمة (وزارة التربية والتعليم العالي، 2003، 3-4).   

 

ووصولاً إلى تحسين جودة التعليم الجامعي الفلسطيني اقترح التصور التالي :-

أولاً : إنشاء وحدة للجودة في كل جامعة فلسطينية :

لقد ارتئ الكثير من الدول أن يعمد إلى آلية للحفاظ على النوعية ومن أجل ذلك أنشئت هيئات سمي بعضها هيئة اعتماد ( accreditation) والبعض الأخر سمي هيئة تقييم (evaluation )، والاعتماد الجامعي " هو شهادة (status ) تمنح لمؤسسة تعليم عالٍ تؤمن معايير محددة لجودة التعليم " وقد تختلف معايير الاعتماد من بلد إلى بلد أو من مؤسسة لمؤسسة لكن جميعها متفق علي أهداف الاعتماد(سركيس،2004 ،2) وهي :-

1-    المساهمة إلى جانب آليات أخرى في تعزيز النوعية في التعليم العالي.

2-  التأكد من أن الطلبة وأرباب العمل والأهل لديهم وصول إلى المعلومات التي تبين كيفية حصول الطلبة على شهاداتهم بموجب معايير أكاديمية نوعية.

3-    خلق معايير للتقييم الداخلي في المؤسسات.

4-    التأكد من انه لدى وجود أي نقص في الالتزام بمعايير الجودة تتخذ إجراءات لتحسين الوضع.

5-    في حالة الجامعات الحكومية التأكد من أن الأموال العامة تذهب للأهداف الموضوعة من أجلها وأن هنالك إمكانية محاسبة المؤسسات.            

 

ويمكن أن تتوفر فيها الشروط التالية  :-

1-    تتبع هذه الوحدة مباشرة لرئاسة الجامعة، وتمنح الصلاحيات كعمادة بالجامعة.

2-  تتكون من مجموعة من الأكاديميين من ذوي الاختصاص والخبرة والكفاءة من داخل المؤسسة ويمكنها الاستعانة بالخبرات الخارجية ويرئسهم مدير من ذوي الخبرة في الشئون الجامعية وفي شئون الجودة.

3-  تتولي الوحدة مهام مراقبة وضبط مدي قيام العاملين بتنفيذ واحترام العمليات التعليمية والبرامج التعليمية والخدمات المساندة والجوانب الإدارية والمالية لضمان جودة التعليم، وعليها القيام بنشر ثقافة الجودة والترويج لها بمختلف الوسائل في أرجاء المؤسسة، وعليها أن تحدد المشاكل وان تقترح الحلول، وأن تتابع عمليات التحسين المستمر لجودة التعليم وتنفيذ إجراءات التقييم الذاتي سنوياُ.

4-    ويمكن تحديد مجموعة من المهام تناط بوحدة الجودة(تقرير لجنة الجودة بالجامعة الإسلامي، 2004، 4) منها:

  • رسم السياسة العامة للجودة في التعليم بالجامعة والإشراف على تنفيذها.
  • اعتماد خطط ومتطلبات تطبيق الجودة بالجامعة.
  • دعم ومساندة الجهود المبذولة لتطبيق الجودة من خلال تبني برامج تدريبية لتطبيق الجودة في مراحلها المختلفة.
  • إقرار برامج لتحفيز ومكافأة الفرق والأفراد المتميزين في تطبيق الجودة في التعليم.
  • تنسيق الجهود المبذولة لتطبيق الجودة في التعليم بالجامعة.
  • إقرار السياسات العامة لنشر مفهوم الجودة في التع
azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 77/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
26 تصويتات / 993 مشاهدة
نشرت فى 1 يونيو 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

gamalsaad

اتمنى ان نتواصل
جمال سعد محمد
طالع موقعى

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,745,375