السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. يا حماة العربية ..
لسنا علماء ولا أدباء .. لكننا عرب .. و مسلمون ..
لغتنا الحبيبة ما تزال تواجه من أبناءها من هم أشد عليها من أعداءها .. فهذه اللغة التي بلغت كمالاً لم تبلغه لغة في الدنيا .. كمالٌ شهد له الخالق بنفسه .. بل إن أسماءه الحسنى كانت بها .. والتي يناديه بها المسلمون كلهم عربًا كانوا أم عجمًا .. فلا يأتين اليوم أحدهم أيًّا كان .. ليقول بتطوير العربية ومن تجارب غيرهم من الأجناس .. الحق أنهم محقون .. على الإنجليز والفرنسيين والأسبان والألمان و الروس و الصينيين و اليابانيين و الهنود و حتى الفرس .. تطوير لغتهم .. لكي تقترب ولو قليلاً من روعة العربية .. التي لن يصلوا إليها أبدًا ..
لقد تحدى الله بها الجن والإنس قاطبة حين قال :
[ وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا ، فأتو بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين * فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين * ] البقرة 23 و 24
واللغة العربية رغم كونها لغة على لهجات لعدد كبير من القبائل .. حتى أن القرآن نزل فيها على سبعة أحرف قرأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ورويت عنه عشر قراءات أساسية لكل قراءة روايتان .. وقد اهتم الخلفاء الراشدون والصحابة منذ بداية الدعوة بحفظ القرآن من التحريف والنسيان .. فجمع زيد بن ثابت رضي الله عنه القرآن على عهد أبي بكر رضي الله عنه و على عهد عثمان رضي الله عنه.. حين قام بمجهود خارق حين جمع بين القراءات المختلفة بطريقة رسم سميت بالرسم العثماني ..
وهي ليست كالرسم الاملائي لأسباب سأشرحها فيما سيتقدم ..
ولم تنته محاولات الحفاظ على القرآن عند هذا بل جاءت قصة أبي الأسود الدؤلي الذي استاء من كثرة اللحن مما سمعه ، والروايات التي يقال أنها اختلفت حول سبب بحثه في علم النحو لم تختلف بل هي صادقة .. فكل تلك الأحداث الواردة وقعت معه قبل أن تأتي القشة التي قصمت ظهره حين سمع أن اللحن قد بلغ القرآن .. مما دفعه هذا إلى اللجوء للإمام علي رضي الله عنه طارحًا عليه أفكاره وحدث ما حدث من قصة بداية ظهور علم النحو ..
ولم يتوقف الأمر عند النحو والصرف والتشكيل والعروض وعلم الصوت عند الخليل بن أحمد و الكسائي و سيبويه و الأخفش و أبو علي الفارسي والمبرد و غيرهم ..
بل جاءت قصة نصر بن عاصم الذي قام لأول مرة بترتيب حروف الهجاء حسب طريقة كتابتها ونقطها وهو الترتيب الذي نحفظه منذ فترة ما قبل المدرسة " أ ، ب ، ت ، ث ، ج ، ح ، خ ، د ، ذ ، ر ، ز .. ، و ،ي " ..
وتطورت علوم اللغة بظهور علم البلاغة الذي استمد أسسه من القرآن والسنة والشعر .. بما فيه من فروع في البيان والمعاني والبديع ..
حتى جاء عهد تطور الأدب بظهور أدب الرسالة و فن المقامة و غيرهما من فنون اللغة المستحدثة والتي لم تخرج عن القواعد ..
حتى عصرنا الحديث من كل أدب ولون وتراجم .. فاللغة أثبتت مرونتها في استقبال كل جديد و التعامل مع كل علم .. وروائع مثل " الأيام " لطه حسين و عبقريات العقاد ، وروايات محفوظ و السباعي و يوسف ادريس و أحمد عبد الحليم عبد الله والطيب صالح .. مرورًا بكتابات المنفلوطي و سعيد البوطي و علي الطنطاوي وغيرهم .. هل يضيع كل هذا التراث لأن هناك دعاة موهومون ينادون بتعديل العربية وتطويرها و جعلها قريبة لغيرها من اللغات .. إلخ إلخ ..
يريدون لكل ما كان في حضارتنا أن يركل خلف الأظهر .. أي منطق .. هل يأتي الطفل أو القارئ العربي في عهدهم الحديث ليقرأوا القرآن أو أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم أو أعمال و روايات وأشعار الشعراء و يجدوها بعيدة كل البعد عما يدرسون من قواعد ومخالفة لها .. لن يتذوقوها لن يفهموها .. وسيجهلونها كما جهلها هؤلاء لا بسط لهم الله فيما يريدون مقدار حبة من خردل ..
***
المقال سيحتوي بإذن الله على :
- نشأة اللغة العربية وما قيل فيها ..
- خصائص اللغة العربية ..
- ما تميزت به هذه اللغة ..
- تطور الكتابة و معالجة الحروف ..
- قصة النحو ..
- قصة البلاغة ..
- قصة العروض ..
- قصة القرآن ..
- أحرف القرآن السبع والرسم العثماني ..
- أبواب تطوير اللغة العربية ..
- الشعر العربي ..
- ما قاله الموهومون ..
- الرد على ما قالوه ..
- أثر رواية " شيء من حتى " الرائعة ودورها في كل هذا ..
هذه الأجزاء ستكون مختصرة خالية من الإملال و هي ليست مادة علمية ثقيلة .. بل ستكون عرضًا عامًا لشيء من روائع اللغة .. على أن أرفق بها كلمات فاتحة "Key words " لتساعد من يريد الاستزادة في البحث عنه في الانترنت ..
اختلف العلماء والباحثون من مختلف المجالات " لغة - تاريخ - آثار - أجناس بشرية - ... إلخ " في نشأة اللغة العربية ولديهم فيها جدل عقيم ، لكن سأبسط الأمر في نقاط :
- يتفق جميع علماء المسلمين على أن قوم نوح كان يتحدثون بها استدلالاً بأمرين :
- إعراب اسم نوح في القرآن " أي تنوينه دون عجمة " :
[ إنا أرسلنا نوحًا إلى قومه ] .. سورة نوح 1
- عروبة أسماء الآلهة التي كان يعبدها قومه :
[ ولا تذرن ودًا ولا سواعًا ولا يغوث ويعوق و نسرًا ] .. سورة نوح23
- الباحثون وعلماء اللغات من المستشرقين وغير المسلمين فينسبونها إلى ( يعرب بن قحطان بن هود ) ..
- يرجح كثيرون كون اللغة الأم التي تحدث بها آدم عليه السلام كانت العربية ومن ثم تطورت وتحرفت تعبيراتها وأسماؤها نطقًا ومعنى إلى لغات أخرى مع مرور الزمن .. واستدلوا بالقياس إلى أن كلمة آدم لا تصريف لها في لغة إلا العربية " أدم ، أدمة ، آدام ، إدامة .. " ، وأن القرآن الكتاب المنزل على كافة الناس جاء إليهم بلغتهم الأم وهي العربية ..
- علماء الغرب واليهود يقولون أن كلام آدم كان عبريًّا و أن اللغة العربية واحدة من اللغات التي خرجت من ثوبها واستدلوا بالقياس أيضًا إلى أمور منها :
- قدم الآثار الموجودة للكتابات العبرية ..
- كون كلمات عربية كثيرة - خصوصًا الضمائر المنفصلة - تتشابه وتتطابق مع مثيلاتها في العبرية كالتشابه بين الكلمتين " عربي ، عبري "
- هذا الرأي منقوض لأسباب منها : الحروف العربية أشمل ، " العبرية لا ضاد فيها " ، الصرف والبدائل في العربية أعظم منه في العبرية ، فلا يمكن أن تكون العربية وليدة منها وهي أكثر شمولاً، وأن العربية كانت لغة بدو أغلبهم لم يهتموا بالكتابة والتدوين..
تطورت اللغة العربية في عدة مسارات فخرج من ثوبها كل من اللغات السامية " الكنعانية والعبرية والآشورية والفرعونية القديمة و الحبشية و العربية الشمالية والعربية الجنوبية فالعربية الحديثة " ..
وهنا تعريف مبسط لكل منها :
- الكنعانية : لغة عربية تحدث بها بنو كنعان ، وهم الذين ينتسب إليهم " إبراهيم الخليل " عليه السلام ، ومن تصريف كنعان " فلان " تدرك أنها عربية .. وتتفق مع العربية في مخارج معظم الحروف وفي التصريف ..
- العبرية : بنت الكنعانية على الأرجح وهي لغة رعاة في بادية الشام و حول نهر الأردن وفلسطين ، يمكن أن نربطهم نحن المسلمون بقصة سيدنا " يعقوب عليه السلام " وبنيه ، وهم الذين رعوا في تلك المناطق قبل ذهابهم إلى مصر ..
- الآشورية : لغة عربية الأصول ، نشأت قبل الكنعانية ، واستخدمها السومريون أيضًا ، وهناك نقاط تشابه كثيرة ، لكن خذوا اسم " حمورابي " مثلاً ، ألا يشعركم بشيء ..
- الفرعونية القديمة : تنطبق عليها جميع شروط العربية من التصريف والتركيب المزجي الذي يكثر فيها " أمنحتب " ، " إياح حتب " ، كذلك الحروف المستخدمة في هذه التسميات : " حتشبسوت ، بعانخي ، تهراقا ، فرعون .. "
- الحبشية : لغة مزيجة بين الفرعونية والعربية الجنوبية ، وكان يتكلم بها النيليون والبجة والنوبيون قبل أن تصبح النوبية لغة مستقلة .. انظروا كلمة " نجاشي " مثلاً ، ألاتبدوا عربية ..
- العربية الجنوبية : هي لغة الحميريين والسبأيين وبغاث عاد " بقاياهم " وهي مختلفة وأكثر تخلخلاً من عربية الشمال وإن كانت أقرب إليها من غيرها ..
- العربية الشمالية : وهي لغة جرهم والعدنانيين من مضر و كنانة ولها لهجات عديدة أقواها وأكثرها أصالة كانت لغة كنانة .
- العربية الحديثة : وهي اللغة القرشية التي مزجت بين جميع اللهجات العربية وسادت بعد نزول القرآن ، وهي التي نعرفها وندرسها الآن ، وهي الأكثر غزارة من حيث الصرف والأصوات والمزج والتركيب والألفاظ المترادفة والأكثر فصاحة ومتانة ..
كلمات فاتحة للبحث : " عربية و عبرية " ، " نشأة العربية " ، "لغة كنعانية " ، " نشأة العربية + نوح " ، " لغة عربية " ، " أصول اللغة العربية " ، "Define : Arabic language " ..
خصائص اللغة العربية : الرمز ، التقارب ، التضاد ، الترادف ، الإشتقاق ، المتماثلات ، التعبير الصوتي و أمور أخرى قريبًا ..
ساحة النقاش