<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

البالتوك – غرفة الدعوة الإسلامية

السبت : 29رجب 1426هـ الموافق 3/9/2005م

-------------

الحمد لله الواحد الأحد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفورا أحد { وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً{88} لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً{89} تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً{90} أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً{91} وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً{92} إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً{93} لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً{94} وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً{95} ( مريم ) .

أحمدك اللهم حمد من رضي بقضائك واشكر شكر من أقر بنعمك عليه فلك الحمد على ما قضيت ولك الشكر على ما أنعمت به وأوليت {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } لقمان12

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هو المعبود وحده دون سواه { وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } ( هود123)

وأشهد أن محمدا عبدالله ورسوله نبي الرحمة ونبي الهدى البشير النذير والسراج المنير صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واهتدى بهديه إلى يوم الدين وبعد .

أيها الأخوة

أيتها الأخوات

أحييكم بتحية الإسلام

فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته

في اللقاء السابق تحدثنا عن مزاعم النصارى ومن وافقهم من العلمانيين حول ما يدعونه من تناقض بعض آيات القرآن وتعارض بعضه بعضا ، واليوم نواصل حديثنا في هذا اللقاء الطيب المبارك حول ما توهمه الضالون تعارضا في كتاب الله تعالى وسيكون حديثنا اليوم حول الرد على ثلاث شبهات ووقفة مع أصل العقيدة النصرانية وأساسها فأقول وبالله تعالى التوفيق .

الشبهة الأولى :

1. قوله تعالى ) لا أقسم بهذا البلد ) وادعوا أن هذه الآية تناقض قوله تعالى : )َوالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ{1} وَطُورِ سِينِينَ{2} وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ{3}

الجواب :

( لا أقسم بهذا البلد ) قوله ( لا أقسم ) لا زائدة والمعنى أقسم ( بهذا البلد )

ومثله قول الله تعالى ( لا أقسم بيوم القيامة )

و كقول الشاعر :

تذكرت ليلى فاعترتني صبابة وكاد صميم القلب لا يتصدع

أي يتصدع ومن ذلك قوله { قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ }الأعراف12

قال الواحدي : أجمع المفسرون على أن هذا قسم بالبلد الحرام وهو مكة .

أما قوله تعالى : ( وهذا البلد الأمين ) أجمع المفسرون أيضا في هذه الآية أن البلد هي مكة ولا خلاف في هذا .

وقد حكى أبو العباس بن سريح قال: سأل رجلُُ بعض العلماء عن قوله تعالى { لا أقسم بهذا البلد }(البلد/1) فأخبر سبحانه أنه لا يقسم بهذا البلد، ثم أقسم به في قوله { وهذا البلد الأمين } (التين/3) فقال ابن سريح: أي الأمرين أحب إليك؛ أجيبك ثم أقطعك ؟ أو أقطعك ثم أجيبك ؟ فقال: بل اقطعني ثم أجبني . قال: اعلم أن هذا القرآن نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بحضرة رجالٍ وبين ظهراني قوم ، وكانوا أحرص الخلق على أن يجدوا فيه مغمزاً، وعليه مطعناً، فلو كان هذا عندهم مناقضة لعلّقوا به وأسرعوا بالرد عليه. ولكنّ القوم علموا وجهلتَ، فلم ينكروا ما أنكرت.

ثم قال : إن العرب قد تدخل " لا " في أثناء كلامها وتلغى معناها.

فأين هذا التناقض المزعوم ؟؟؟؟؟؟؟

------------------

الشبهة الثانية :

2. ماذا تقولون في قوله تبارك وتعالى حكاية عن موسى ( فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ). وقال تعالى في موضع آخر ( وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب ) والثعبان الحية العظيمة الخلقة والجان الصغير من الحيات فكيف اختلف الوصفان والقصة واحدة وبأي شيء تزيلون التناقض عن هذا الكلام.

والجواب :

نقول في الرد عليهم ما يلي :

والله أعلم بمراده أن الحالتين مختلفتان :

فالحال التي أخبر أن العصا فيها بصفة الجان كانت في ابتداء النبوة وقبل مصير موسى إلى فرعون والحال التي صار العصا عليها ثعبانا كانت عند لقائه فرعون وإبلاغه الرسالة والتلاوة تدل على ذلك وإذا اختلفت القصتان فالمسألة بسيطة وليس فيها تعارض .

وربما يكون تشبهها بالثعبان في إحدى الآيتين لعظم خلقها وكبر جسمها وهول منظرها وتشبهها في الآية الأخرى بالجان لسرعة حركتها ونشاطها وخفتها فاجتمع لها الوصفان مع أنها في جسم الثعبان وكبر خلقه ونشاط الجان وسرعة حركته وهذا أظهر في باب الإعجاز وأبلغ في خرق العادة ولا تناقض معه بين الآتين.

ولا يلزم تشبهها بالثعبان أن يكون لها جميع صفات الثعبان وإذا شبهها بالجان أن يكون لها جميع صفاته وقد قال الله تعالى ( وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا{15} قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً{16} ( سورة الإنسان ) ولم يرد تعالى أن الفضة قوارير على الحقيقة وإنما وصفها بذلك لأنه اجتمع لها صفاء القوارير وشفافيتها ورقتها مع أنها من فضة وقد تشبه العرب الشيء بغيره في بعض وجوهه فيشبهون المرأة بالظبية وبالبقرة ونحن نعلم أن في الظباء والبقر من الصفات مالا يستحسن أن يكون في النساء مثل الرفس والنطح وأكل الحشائش والتبن وإنما وقع التشبيه في صفة دون صفة ومن وجه دون آخر .

ومثال ذلك أيضا من نشبهه منكم بالأسد فلا نأخذ من الأسد إلا القوة فقط ولا يلزم أن يتصف بكل صفات الأسد وخصائصه ولو أطلقنا للتشبيه كل الصفات لنكون بذلك قد أردنا الذم والإساءة وليس المدح فالإنسان وإن كان ضعيفا فقيرا بسيطا فهو أكرم وأعز وأفضل من كل أسود الأرض لأن الله كرمه وفضله على كثيرٍ ممن خلق تفضيلا .

والخلاصة :

أن اختلاف تشبيه عصا موسى - عليه السلام - مرة بثعبان كبير أو حية كبيرة ومرة كأنها جان فيكون المقصود إما لاختلاف الواقعة فكل منهما واقعة غير الأخرى وإما لاختلاف الصفة فتكون في الضخامة كحية أو كثعبان وفي سرعة الحركة وخفتها كالجان وبالتالي فليست هناك شبهة وإنما الشبهة في عقيدة من أثارها وظنها ثغرة في كتاب الله .

الشبهة الثالثة :

3. قال تعالى { لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } ( يونس64) تناقض قوله { وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } ( النحل101 ) وفي قوله تعالى { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }الأنعام115) تناقض قوله { مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } (البقرة106) وكذلك قوله تعالى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } ( الحجر9) تناقض قوله { يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ } (الرعد39 )

والجــــــــــــــــــــــــواب :

الصورة الأولى للتناقض الموهوم بين آية يونس: (لا تبديل لكلمات الله) وآية النحل ( وإذا بدلنا آية مكان آية.. ) لا وجود لها إلا في أوهامهم ويبدو أنهم يجهلون معنى التناقض تمامًا. فالتناقض من أحكام العقل ، ويكون بين أمرين كليين لا يجتمعان أبداً في الوجود في محل واحد ، ولا يرتفعان أبداً عن ذلك المحل ، بل لا بد من وجود أحدهما وانتفاء الآخر ، مثل الموت والحياة. فالإنسان يكون إما حيًّا وإما ميتا ولا يرتفعان عنه في وقت واحد ، ومحال أن يكون حيًّا و ميتاً في آن واحد ؛ لأن النقيضين لا يجتمعان في محل واحد.

ومحال أن يكون إنسان ما لا حي ولا ميت في آن واحد وليس في القرآن كله صورة ما من صور التناقض العقلي إلا ما يدعيه الجهلاء أو المعاندون . والعثور على التناقض بين الآيتين المشار إليهما محال محال . لأن قوله تعالى فى سورة يونس (لا تبديل لكلمات الله) معناه لا تبديل لقضاء الله الذي يقضيه في شئون الكائنات ، ويتسع معنى التبديل هنا ليشمل سنن الله وقوانينه الكونية. ومنها القوانين الكيميائية ، والفيزيائية وما ينتج عنها من تفاعلات بين عناصر الموجودات ،أو تغييرات تطرأ عليها. كتسخين الحديد أو المعادن وتمددها بالحرارة ، وتجمدها وانكماشها بالبرودة. هذه هي كلمات الله عزّ وجلّ.

وقد عبر عنها القرآن في مواضع أخرى بالسنن وهى القوانين التي تخضع لها جميع الكائنات في هذا الكون كالإنسان والحيوان والنبات والجمادات. إن كل شيء في الوجود يجرى ويتفاعل وفق السنن الإلهية أو كلماته الكلية ، التي ليس في مقدور قوة في الوجود أن تغيرها أو تعطل مفعولها في الكون.

ذلك هو المقصود به ب " كلمات الله " ، التي لا نجد لها تبديلاً ، ولا نجد لها تحويلاً.

ومن هذه الكلمات أو القوانين والسنن الإلهية النافذة طوعاً أو كرهاً قوله تعالى { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }( العنكبوت57) . فهل في مقدور أحد مهما كان أن يعطل هذه السنة الإلهية فيوقف " سيف المنايا " ويهب كل الأحياء خلوداً في هذه الحياة الدنيا ؟

 

فكلمات الله إذن هي عبارة عن قضائه في الكائنات وقوانينه المطردة في الموجودات وسننه النافذة في المخلوقات.

ولا تناقض في العقل ولا في النقل ولا في الواقع المحسوس بين مدلول آية: ( لا تبديل لكلمات الله) وآية: ( وإذا بدلنا آية مكان آية..).

لأن معنى هذه الآية: إذا رفعنا آية ، أي وقفنا الحكم بها ، ووضعنا آية مكانها ، أي وضعنا الحكم بمضمونها مكان الحكم بمضمون الأولى. قال جهلة المشركين : إنما أنت مفتِرٍ { وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }النحل101 .

فلكل من الآيتين معنى في محل غير معنى ومحل الأخرى .

فالآية في سورة يونس ( لا تبديل لكلمات الله) والآية في سورة النحل: (وإذا بدلنا آية مكان آية..) لكل منهما مقام خاص ، ولكن هؤلاء الحقدة جعلوا الكلمات بمعنى الآيات ، أو جعلوا الآيات بمعنى الكلمات زوراً وبهتاناً ، ليوهموا الناس أن في القرآن تناقضاً. وهيهات هيهات لما يتوهمون.

أما الآيتان { وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً }(الكهف27) و{ مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }(البقرة106)

هاتان الآيتان بريئتان من التناقض كبراءة الذئب من دم يوسف عليه السلام .

فآية الكهف (لا مبدل لكلماته) معناها لا مغير لسننه وقوانينه في الكائنات. وهذا هو ما عليه المحققون من أهل العلم ويؤيده الواقع المحسوس والعلم المدروس.

وحتى لو كان المراد من " كلماتـه " آياته المنـزلة فى الكتاب العـزيز " القرآن " فإنه ـ كذلك ـ لا مبدل لها من الخلق فهي باقية محفوظة كما أنزلها الله عز وجل ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .

 

أما آية البقرة: ( ما ننسخ من آية ) فقد يكون المراد من الآية فيها المعجزة ، التي يجريها الله على أيدي رسله. ونسخها رفعها بعد وقوعها. وليس المراد الآية من القرآن ، وهذا ما عليه المحققون من أهل التأويل. بدليل قوله تعالى في نفس الآية: ( ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير ) .

ويكون الله عز وجل قد أخبر عباده عن تأييده رسله بالمعجزات وتتابع تلك المعجزات ؛ لأنها من صنع الله ، والله على كل شيء قدير.

فالآيتان ـ كما ترى ـ لكل منهما مقام خاص بها ، وليس بينهما أدنى تعارض ، فضلاً عن أن يكون بينهما تناقض.

 

أما الآيتان الأخيرتان الواردتان صدر الحديث عن الشبهة الثالثة ، وهما آية الحجر: ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وآية الرعد: ( يمحو الله ما يشاء ويثبت) فلا تعارض بينهما كذلك ؛ لأن الآية الأولى إخبار من الله بأنه حافظ للقرآن من التبديل والتحريف والتغيير ، ومن كل آفات الضياع وقد صدق إخباره تعالى ، فظل القرآن محفوظاً من كل ما يمسه مما مس كتب الرسل السابقين عليه في الوجود الزمني ، ومن أشهرها التوراة وملحقاتها. والإنجيل الذي أنزله الله على عيسى عليه السلام.

أما الآية الثانية: ( يمحو الله ما يشاء ويثبت) فهي إخبار من الله بأنه هو وحده المتصرف في شئون العباد دون أن يحد من تصرفه أحد. فإرادته ماضية ، وقضاؤه نافذ ، يحيى ويميت ، يغنى ويفقر ، يُصحُّ ويُمْرِضُ ، يُسْعِد ويُشْقِى ، يعطى ويمنع ، لا راد لقضائه ، ولا معقب على حكمه { لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } (الأنبياء23) . فأين التناقـض المزعوم بين هاتين الآيتين يا ترى ؟ التناقض كان سيكون لو ألغت آية معنى الأخرى. أما ومعنى الآيتين كل منهما يسير فى طريقٍ متوازٍ غير طريق الأخرى ، فإن القول بوجود تناقض بينهما ضرب من الخبل والهذيان المحموم ، ولكن ماذا نقول حينما يتكلم الحقد والحسد ، ويتوارى العقل وراء دياجير الجهالة الحاقدة ؟

وقفة مع أصل عقيدة النصارى :

 

وأقول لهؤلاء الجهلاء الذين غلب عليهم الجهل وأعماهم حتى صاروا أجهل من الدواب أكلما قرأتم شيئا لا تفهمونه اعتبرتموه شبهة في كتاب الله الكريم ؟

بدلا من إثارة الشبهات حول كتاب الله الكريم صححوا عقولكم وتعلموا كيف تفكرون واتركوا هذا الحقد وهذه الكراهية التي تحملونها في صدوركم حول الإسلام وأهله ونفضوا عنكم غبار الشرك وحكموا عقولكم والتزموا الحيادية والنزاهة في البحث والنظر في الإسلام وفي معجزته الباقية إلى يوم القيامة .

أولى بهؤلاء أن يرجعوا إلى أصل عقيدتهم وحقيقة الإله المعبود عندهم وما اختلفوا فيه وتعددت آراؤهم حول حقيقته :

لقد اجتمع 2048 من أساقفة وبطارقة النصارى في مجتمع نيقية المشهور في عهد الإمبراطور تيودوسيوس ليضعوا حدا لما اختلف الناس فيه بشأن حقيقة المسيح :

 

فمنهم من يقول : المسيح ومريم إلهان من دون الله .

ومنهم من يقول : إن المسيح من الأب بمنزلة شعلة نار توقدت من شعلة نار ، فلم تنقص الأولى لإيقاد الثانية منها .

ومنهم من يقول : لم تحبل مريم لتسعة أشهر وإنما مر نور في بطن مريم كما يمر الماء في الميزاب ، لأن كلمة الله دخلت من أذنها وخرجت من فرجها لساعتها .

ومنهم من يقول : بثلاثة آلهة : صالح وطالح وعدل بينهما .

ومنهم من يقول : ربنا وإلهنا يسوع المسيح .

ومنهم من يقول : إن المسيح إنسان خلق من اللاهوت كواحد منا في جوهرة وأن ابتداء الابن من مريم وأنه اصطفي ليكون مخلصا للجوهر الإنساني ، صحبته النعمة الإلهية ، فخلق منها بالمحبة والمشيئة فلذلك سمي ابن الله .

ومنهم من يقول : إن الله جوهر واحد وأقنوم واحد يسمونه بثلاثة أسماء . ولا يؤمنون بالكلمة ولا بروح القدس .

ومنهم من يقول : إن المسيح إله حق وإنسان حق بطبيعتين مختلفتين ومشيئتين كذلك .

ومنهم من يقول : أنه بطبيعة واحدة ومشيئة واحدة .

واشتد الخلاف بينهم حتى لعن بعضهم بعضا وانسحب كثير منهم فلم يبق إلا 318 أسقفا وهؤلاء هم الذين بقوا في المجلس ووضعوا أساس العقيدة المسيحية الجديدة ، التي يلعن من خالفها ويطرد من الكنيسة .

فعلام اتفق هؤلاء الذين بقوا دون انسحاب من الاجتماع ؟

لقد اتفقوا على وضع أساس لعقيدتهم وهو :

نؤمن بإله واحد ، ضابط الكل ، خالق السموات والأرض ، كل ما يرى وما لا يرى ، وبرب واحد يسوع المسيح ، ابن الله الوحيد ، المولود من الأب قبل كل الدهور ، نور من نور إله حق مولود غير مخلوق ، مساو للأب في الجوهر ، الذي من أجلنا نحن ، ومن أجل خلاصنا نزل من السماء ، وتجسد من روح القدس ، ومن مريم العذراء ، وتأنس وصلب على عهد ( بيلاطس النبطي ) وتألم وقبر وقام في اليوم الثالث كما في الكتب وصعد إلى السماء وجلس عن يمين الأب ، وسيأتي بمجده ليدين الأحياء والأموات ، الذي لا فناء لملكه ، وبروح القدس ، الرب المحيي المميت المنبثق من الأب المتحد مع الأب والابن المسجود له ... الخ .

وإليكم هذه الحقيقة :

أصل العقيدة النصرانية التي استقروا عليها منقول عن عقيدة الهنود القدماء في الشمس التي كانوا يعبدونها .

قال ( مالفير ) في كتابه المطبوع عام 1895م وترجمه إلى العربية ( نخلة بك شفوات ) سنة 1913م ما يلي :

لقد ذكر في الكتب الهندية القديمة التي ترجمت إلى اللغة الإنجليزية شارحة عقيدة الهنود القدماء ما نصه :

نؤمن ( بسافسترى ) أي الشمس إله واحد ، ضابط الكل ، خالق السموات والأرض ، وبابنه الوحيد ( آتي ) أي النار نور من نور مولود غير مخلوق تجسد من( فايو ) أي الروح في بطن ( مايا ) العذراء .

ونؤمن ( بفايو ) الروح الحي المنبثق من الآب والابن الذي هو مع الآب والابن ، يسجد له ويمجد .

والثالوث القديم وهو ( بسافسترى ) الشمس أي الآب السماوي وآتي ( النار ) أي الابن وهو النار المنبثقة من الشمس وفايو ( نفخة الهواء ) أي الروح هو أساس المذاهب عند الشعوب الأربانية أي الهنود القدماء . [ راجع كتاب التعصب والتسامح للشيخ محمد الغزالي – يرحمه الله – ص 98 وما بعدها ]

إخواني الكرام :

انظروا إلى وجه الشبه بين عقيدة النصارى وبين عقيدة الهنود القدماء ثم انظروا إلى الفارق الكبير بين عقيدة النصارى وبين عقيدة الإسلام السماوية . فهل يفطن لذلك أرباب العقول ويفيقوا إلى رشدهم قبل فوات الأوان .

أيها الأخوة أيتها الأخوات :

إلى هنا نأتي إلى نهاية هذا اللقاء داعيا المولى عز وجل أن يحفظكم ويرعاكم وأن يهدي الضالين من عباده إلى الحق الذي هو الإسلام وأن يزيدكم إيمانا مع إيمانكم ويقينا مع يقينكم وأن يوفقكم للسير على الصراط المستقيم { صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ }الشورى53

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوكم / صبري عسكر

إمام وخطيب بالأوقاف المصرية

====================

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 252 مشاهدة
نشرت فى 14 ديسمبر 2011 بواسطة akramalsayed

ساحة النقاش

اكرم السيد بخيت (الطهطاوي)

akramalsayed
ثقافي اجتماعي ديني »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

911,789