<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

المحاضر / صبري عسكر

التاريخ : السبت 6 / 8 / 2005م

وقت المحاضرة : 10.30 م بتوقيت أم القرى

مكان المحاضرة : البالتوك ( غرفة الدعوة الإسلامية )

-------------------------

الحمد لله الواحد الأحد الفرض الصمد الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولد ولم يكن له شريك في الملك { هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ{22} هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ{23} هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{24} ( الحشر )

أحمدك اللهم وأنت أهل أن تحمد فلك الحمد على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة ولك الحمد في الأولى والآخرة .

أحمدك اللهم حمد من عرف وحدانيتك فشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وسبح بحمدك فقال { سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{1} لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{2} هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{3}

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عبده وابن عبده وابن أمته ومن لا غنى له عنك طرفة عين {وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }( القصص70 )

وأشهد أن محمدا عبدالله ورسوله أرسله الله رحمة للعالمين{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }(الأنبياء107 )

صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واهتدى بهديه واقتفى أثره إلى يوم الدين وبعد .

أيها الأخوة

أيتها الأخوات

أحييكم بتحية الإسلام فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته

لقد دأب أعداء الإسلام على كراهية الإسلام وأهله واعتادوا الكذب على الله ورسوله ورغم يقينهم بمصداقية الإسلام ومعرفتهم برسول الإسلام إلا أنهم دأبوا على الكذب ومحاولة اختلاق الأباطيل والافتراءات على القرآن تارة وعلى السنة تارة وعلى شخص نبينا تارة أخرى ولقد قيد الله لهم من علماء الأمة من يكشف باطلهم ويفتد مزاعمهم ويرد كيدهم في نحورهم حتى يظلوا صاغرين محتقرين لتطاولهم على ربهم وافترائهم على الحق المبين ومن ذلك :

1 - الشبهة الأولى في زعمهم أن القرآن الكريم متناقض :ـ

(1) تناقض في القرآن حول عدد أيام خلق السماوات والأرض.

ذكر بها أن خلق السماوات والأرض تم في ستة أيام.

السورة (9:41 إلى 12) ذكر بها أن خلق الأرض تم في يومين وخلق الله الأنهار والغابات.. الخ في الأرض (بعد خلقها) في أربعة أيام، وأنه قد خلق السماوات في يومين (السورة 10 تتناقض مع السورة 41 ( 2+4+2=8 أيام ).

والجواب :

هذا السؤال يتعلق بقوله تعالى: من سورة فصلت

( قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ{9} وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ{10} ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ{11} فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ{12}

نعم بجمع هذه الأيام دون فهم وعلم يكون المجموع ثمانية وقد ذكر الله في مواضع كثيرة من القرآن أنه خلق السماوات والأرض في ستة أيام:

وما ظنه الضال تناقضا فليس بتناقض فإن الأربعة أيام الأولى هي حصيلة جمع اثنين واثنين.. فقد خلق الله الأرض خلقا أوليا في يومين ثم جعل فيها الرواسي وهي الجبال ووضع فيها بركتها من الماء، والزرع، وما ذخره فيها من الأرزاق في يومين آخرين فكانت أربعة أيام.

فقول الله سبحانه وتعالى: { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ{10} }،

هذه الأيام الأربعة هي حصيلة اليومين الأولين ويومين آخرين فيكون المجموع أربعة. وليست هذه الأربعة هي أربعة أيام مستقلة أخرى زيادة على اليومين الأولين.. ومن هنا جاء الخطأ عند السائل.. ثم إن الله خلق السماوات في يومين فيكون المجموع ستة أيام بجمع أربعة واثنين :

ولا تناقض في القرآن بأي وجه من الوجوه.. ثم إن القرآن لو كان مفترى كما يدعي هؤلاء الضالون من النصارى ومن وافقهم من العلمانيين فإن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يكن ليجهل مثلا أن اثنين وأربعة واثنين تساوي ثمانية وأنه قال في مكان آخر من القرآن إن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام.. مثل هذا الموضع :

{إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } ( الأعراف54 )

وفي موضع آخر من كتاب الله :

{الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً } ( الفرقان59)

فهل يتصور عاقل أن من يقدم على تزييف رسالة بهذا الحجم، وكتاب بهذه الصورة يمكن أن يخطئ مثل هذا الخطأ الذي لا يخطئه طفل في السنة الأولى الإبتدائية ؟!

لا شك أن من ظن أن الرسول افترى هذا القرآن العظيم ثم وقع في مثل هذا الخطأ المزعوم فهو من أحط الناس عقلا وفهما. والحال أن السائل لا يفهم لغة العرب وأن عربيا فصيحا يمكن أن يقول : زرت مصر فتجولت في القاهرة في يومين، وأنهيت جولتي في مدينة الإسكندرية في أربعة أيام ثم عدت إلى الرياض – السعودية .. لا شك أن هذا لم يمكث في مصر إلا أربعة أيام فقط وليس ستة أيام لأنه قوله: في يومين في أربعة أيام يعني يومين في القاهرة ويومين في الإسكندرية..

الشبهة الثانية في زعمهم أن القرآن الكريم متناقض :ـ

2. مقدار الأيام عند الله, فهل اليوم الواحد يساوي ألف سنة أو خمسين ألف سنة عند الله ؟

والجواب :

سهل وبسيط وهو أن الأيام عند الله مختلفة فيوم القيامة يوم مخصوص وهذا مقداره خمسين ألف سنة من أيام الدنيا كما قال تعالى:في سورة المعارج

( َ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ{1} لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ{2} مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ{3} تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ{4} فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً{5} إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً{6} وَنَرَاهُ قَرِيباً{7})

وأما سائر الأيام عند الله فكل يوم طوله ألف سنة من أيام هذه الدنيا، كما قال تعالى:

{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ }

( الحج47 ).

ومعلوم أن الأيام على الكواكب تختلف بحسب حجمها وحركتها، فماذا يمنع أن يكون يوم القيامة أطول من سائر الأيام.

الشبهة الثالثة في زعمهم أن القرآن الكريم متناقض :ـ

3. إخبار الله سبحانه وتعالى عن نوح عليه السلام وابنه

. ففي سورة الأنبياء : الآية 76 ذكر بها أن نوح وأهل بيته قد نجوا من الفيضان، ولكن سورة هود :الآيات 32 إلى 48) ذكر بها أن أحد أولاد نوح قد غرق ؟

والجواب :

إن الاستثناء أسلوب معروف في لغة العرب فيذكر المتكلم المستثنى منه على وجه العموم ثم يخرج منهم من أراد إخراجه. ويمكن أن يأتي الإستثناء منفصلا، ويمكن أن يأتي متصلا.. وفي سورة الأنبياء قال الله تعالى عن نوح:

( وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ{76} وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ{77}

وقد بين سبحانه وتعالى المراد بأهله في آيات أخرى وهو من آمن منهم فقط حيث أخبر سبحانه وتعالى في سورة هود أنه قال لنوح :

{حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ }هود40

(حتى) غاية للصنع (إذا جاء أمرنا) بإهلاكهم (وفار التنور) فرن الخبيز فار بالماء ، وكان ذلك علامة لنوح (قلنا احمل فيها) في السفينة (من كل زوجين) ذكر وأنثى أي من كل أنواعهما (اثنين) ذكراً وأنثى وهو مفعول وفي القصة أن الله حشر لنوح السباع والطير وغيرها ، فجعل يضرب بيده في كل نوع فتقع يده اليمنى على الذكر واليسرى على الأنثى فيحملها في السفينة (وأهلَكَ) أي زوجته وأولاده (إلا من سبق عليه القول) أي منهم بالإهلاك وهو ولده كنعان وزوجته بخلاف سام وحام ويافث فحملهم وزوجاتهم الثلاثة (ومن آمن وما آمن معه إلا قليل) قيل كانوا ستة رجال ونساءهم وقيل جميع من كان في السفينة ثمانون نصفهم رجال ونصفهم نساء.

فقد أمره الله سبحانه وتعالى أن يحمل أهله معه إلا من سبق القول من الله بهلاكهم.. وقد كان قد سبق في علم الله أن يهلك ابنه مع الهالكين لأنه لم يكن مؤمنا.. ولم يكتب الله لأحد النجاة مع نوح إلا أهل الإيمان فقط، وابنه لم يكن مؤمنا..

وبالتالي فلا تناقض بين قوله تعالى في سورة الأنبياء إنه نجى نوحا وأهله، وبين ما جاء في سورة هود إنه أغرق ابن نوح لأن ابن نوح لم يكن من أهله، كما قال تعالى لنوح لما سأله عن ابنه {قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ }هود46

(قال) تعالى (يا نوح إنه ليس من أهلك) الناجين أو من أهل دينك (إنه) أي سؤالك إياي بنجاته (عملٌ غيرُ صالح) فإنه كافر ولا نجاة للكافرين ، وفي قراءة {عَمِلَ}بكسر ميم عمل فعل ونصب {غيرَ} فالضمير لابنه (فلا تسألنِ) بالتشديد والتخفيف (ما ليس لك به علم) من إنجاء ابنك (إني أعظك أن تكون من الجاهلين) بسؤالك ما لم تعلم.

وبالتالي فلا تناقض بحمد الله في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

الشبهة الرابعة في زعمهم أن القرآن الكريم متناقض :ـ

الآيات النازلة في شأن جبريل عليه السلام. ويقولون :

هناك وجهات نظر متضاربة في إدعاء محمد النبوة. ففي سورة النجم (53 :6-15) ذكر بها أن الله نفسه أوحى إلى محمد. و سورة النحل (16: 102، 26: 192-194)، ذكر بها أن "روح القدس" نزلت إلى محمد. والسورة (15 :8) ذكر بها أن الملائكة (وهم أكثر من واحد) نزلوا إلى محمد. السورة (2: 97) ذكر بها أن الملاك جبريل (واحد فقط) لم يذكر في القرآن ولا في الأناجيل ما يقول أن "روح القدس" هي جبريل.

 

والجواب :

قوله سبحانه وتعالى في سورة النجم (53 :3-12) عن رسوله محمد صلى الله عليه وسلم:

( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى{3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى{4} عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى{5} ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى{6} وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى{7} ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى{8} فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى{9} فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى{10} مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى{11} أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى{12}

الآيات. فهذا وصف لجبريل الروح القدس الأمين الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم بحراء، وجاءه بالوحي من ربه، ولقد رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صورته التي خلقه الله عليه وله ستمائة جناح مرتين: واحدة في مكة في بدء الوحي وثانية عندما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء كما جاء ذلك في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين في الصحيحين (البخاري ومسلم) بالإسناد المتفق عليه. وجبريل المذكور في سورة النجم (53)، هو نفسه الذي ذكره الله في سورة النحل حيث يقول سبحانه وتعالى:

{ {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } النحل102

(قل) لهم (نزله روح القدس) جبريل (من ربك بالحق) متعلق بنزل (ليثبت الذين آمنوا) بإيمانهم به (وهدى وبشرى للمسلمين)

فقد سماه الله روحا لأنه ينزل بما يحيي موات القلوب وهو وحي الله إلى رسله ووصفه بروح (القدس) أي المقدس المنزه عن الكذب أو الغش فهو الذي قدسه الله ورفعه وأعلى من شأنه عليه السلام.

وأما ما ذكره الله في سورة الحجر الآية رقم 28 فإن الله لم يذكر فيها أن الملائكة نزلوا على النبي بالوحي كما فهم هذا الجاهل حيث يقول (والسورة رقم (15: 8) ذكر فيها أن الملائكة وهم أكثر من واحد نزلوا على محمد).

 

وإنما الآيات هكذا {وقالوا} -أي الكفار- {يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون، لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين} فرد الله مقالة الكفار هؤلاء الذين استعجلوا نزول الملائكة بالعذاب عليهم وهو ما هددهم الله به إن أصروا على التكذيب فقال تعالى: {مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَا كَانُواْ إِذاً مُّنظَرِينَ }الحجر8

وردَّ الله عليهم: إننا لا ننزل الملائكة إلا بالعذاب الذي لا إمهال فيه لمن لم يؤمن, وما كانوا حين تنزل الملائكة بالعذاب بِمُمْهلين.

أي إن الله لا ينزل الملائكة إلا بالحق وإنهم إذا نزلوا نزلوا بالعذاب عليهم فمعنى ذلك أنهم غير ممهلين، والحال أن الله أمهلهم ليقيم الحجة عليهم، ولم يشأ سبحانه وتعالى أن يعجل العقوبة الماحية المستأصلة لهم كما حدث للأمم السابقة بل شاء الله أن يعاقبهم بالعقوبات التي لا تستأصلهم فقد أنزل الملائكة في بدر وغيرها من معارك الرسول خزيا للكفار ونصرا للرسول والمؤمنين.

وأما آية سورة البقرة (2: 97) فهي نص صريح في أن جبريل عليه السلام هو الذي أنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: {قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين} وهذا رد على اليهود الذين كرهوا جبريل، وأنه ينزل بحربهم وهلاكهم فأخبرهم الله أن هذا الملاك هو ملاك الرب، وأنه هو الذي أنزل القرآن على قلب محمد صلى الله عليه وسلم. وقد وصف الله جبريل في القرآن بأنه روح القدس أي الروح المقدسة كما قال سبحانه وتعالى: { قل نزله روح القدس من ربك بالحق }وقد قدمنا معنى روح القدس.

الشبهة الخامسة في زعمهم أن القرآن الكريم متناقض :ـ

5. تناقض في إخبار الرب عن خلق الإنسان مرة من طين وأخرى من ماء وتارة من نطفة . والجواب :

أن الله سبحانه وتعالى ذكر في كتابه الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه أنه بدأ خلق الإنسان بخلق أبي البشر آدم الذي خلقه من التراب، الذي أصبح طينا يعجنه بالماء، ثم حمئا مسنونا، أي طينا مخمرا، ثم سواه الله بأن خلقه بيديه سبحانه ثم أصبح آدم وهو في صورته الطينية صلصالا كالفخار، وهو الطين إذا يبس وجف، ثم نفخ الله فيه الروح فأصبح بشرا حيا، ثم أمر الملائكة بالسجود له بعد أصبح كذلك ثم خلق الله من أحد أضلاعه زوجته حواء وهذا مصداقا لقوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }النساء1

يا أيها الناس خافوا الله والتزموا أوامره, واجتنبوا نواهيه; فهو الذي خلقكم من نفس واحدة هي آدم عليه السلام, وخلق منها زوجها وهي حواء, ونشر منهما في أنحاء الأرض رجالا كثيرًا ونساء كثيرات, وراقبوا الله الذي يَسْأل به بعضكم بعضًا, واحذروا أن تقطعوا أرحامكم. إن الله مراقب لجميع أحوالكم.

(وكما جاء ذلك في الحديث النبوي).. فهي أنثى مخلوقة من عظام زوجها..

والله يخلق ما يشاء مما يشاء كيف يشاء، ثم لما عصى آدم بأكله من الشجرة التي نهاه الله أن يأكل منها أهبطه الله إلى الأرض.

ثم جعل الله تناسل آدم من اجتماع ماء الرجل وماء المرأة، والعرب تسمي المني الذي يقذفه الرجل في رحم الأنثى ماءا، وسماه الله في القرآن {ماءا مهينا }.. وكل ذلك موجود في القرآن الكريم.

وهذا المسكين ظن أن هذه آراء متعارضة، وظن أن كل ذلك آراء متعارضة ولم يفهم أن خلق آدم لم يكن كخلق حواء فآدم خلق من الطين، وحواء خلقت من ضلع آدم، وأن كل إنسان خلق من أنثى وذكر، من ماء مهين، وأن عيسى عليه السلام خلق من أنثى بلا ذكر كما قال سبحانه وتعالى عن عيسى .

{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } ( آل عمران59)

(إن مثل عيسى) شأنه الغريب (عند الله كمثل آدم) كشأنه في خلقه من غير أم ولا أب وهو من تشبيه الغريب بالأغرب ليكون أقطع للخصم وأوقع في النفس (خلقه من تراب ثم قال له كن) بشراً (فيكون) أي فكان وكذلك عيسى قال له كن من غير أب فكان

وكان تنوع خلق البشر على هذه الصور ليبين الله لعباده قدرته الكاملة، فهو يخلق ما يشاء مما يشاء كيف يشاء، وقد خلق الإنسان الأول آدم من طين من غير أنثى أو ذكر، وخلق حواء من ذكر بلا أنثى، وخلق عيسى من أنثى بلا ذكر، وخلق سائر الخلق من إجتماع الذكر والأنثى فسبحان من له القدرة الكاملة، والمشيئة النافذة. وهذا كله يدل على الخلق المستقل للإنسان وأنه لا ينتمي إلى حيوانات هذه الأرض، فالتطور إن كان حقا فهو إنما يكون في حيوانات وأحياء هذه الأرض فقط. وأما الإنسان فإنه خلق خلقا مستقلا في السماء، وإن كان الله قد خلقه من طين هذه الأرض. وهذا هو الذي يؤيده العلم والنظر في الكون.

هذا ما اعترض به المعترض على القرآن الكريم. وفي المحاضرة المقبلة إن شاء الله نتعرض إلى بقية ما أثاره الضالون من عباد الله حول القرآن الكريم لقلة فهمهم وضعف عقولهم وعدم إدراكهم وفهمهم العقيم والسقيم .

أيها الأخوة والأخوات

إلى هنا نأتي إلى نهاية هذا اللقاء داعيا المولى عز وجل أن يحفظكم ويرعاكم وأن يهدي الضالين من عباده إلى الحق الذي هو الإسلام وأن يزيدكم إيمانا مع إيمانكم ويقينا مع يقينكم وأن يوفقكم للسير على الصراط المستقيم { صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ }الشورى53

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوكم / صبري عسكر

إمام وخطيب بالأوقاف المصرية

====================

<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

رد شبهات النصارى حول تناقض القرآن

التاريخ : الأحد 9 /7 /1426هـ الموافق 14/8/2005م

وقت المحاضرة : 10.30 م بتوقيت أم القرى

مكان المحاضرة : غرفة الدعوة الإسلامية

--------------------------

الحمد لله الواحد الأحد { الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ } (الأنعام1 ) أحمدك اللهم أن خلقتنا ولم نك شيئا ورزقتنا من غير حول منا ولا قوة أطعمتنا من جوع وكسوتنا من عرى وجمعت شملنا من شتات فلك الحمد ولك الشكر من عبد فقير ذليل غره طول الأمل وفرح بدنيا فانية وانشغل عن آخرة باقية لكنه لم ينس أن له ربا غفورا رحيما فكلما أذنب وأخطأ جاء ووقف على باب مولاه متذللا خاضعا خاشعا يقول :

يا رب أنا عبدك المذنب علم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به وجاءك اليوم ووقف على بابك يستغفرك من ذنبه فهل تغفر له ؟

يا أكرم الأكرمين يا رب العالمين يا رحيما بالمؤمنين لا تردنا خائبين ولا من رحمتك أيسين فنحن لعفوك راجين ولكرمك طامعين فجد علينا بفضلك وأكرمنا بكرمك وجازنا بالإحسان إحسانا وبالسيئات عفوا وغفرانا

{ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا

رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا

رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }( البقرة286)

{ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ }

{رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } (غافر 7 – 8 )

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من ذلت لك نفسه وخشع لك قلبه وخضع لك عنقه وفاضت لك عيناه .

أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك قولك صدق وحكمك حق وعقابك عدل .

أعلم وأوقن انك أنت الله ولا إله غيرك ولا رب سواك وكل من ادعى من ذلك شيئا فهو باطل :

{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ }محمد19

وأشهد أن محمدا عبدالله ورسوله أرسلته بالهدى ودين الحق فكان بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا .

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً{45} وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً{46} وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً{47} الأحزاب

صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واهتدى بهديه واقتفى أثره إلى يوم الدين وبعد .

أيها الأخوة ....أيتها الأخوات ...

أحييكم بتحية الإسلام ..... السلام الله عليكم ورحمته وبركاته

في اللقاء السابق تحدثنا عن مزاعم النصارى ومن وافقهم من العلمانيين حول ما يدعونه من تناقض بعض آيات القرآن وتعارض بعضها ببعض وتعرضنا لخمسة مواضع فهم منها ضعاف العقول ومعدومي الفهم أن بها تعارضا وقد رددنا بحمد الله تعالى وتوفيقه بما يدحض شبهاتهم ويبطل افتراءاتهم وقد تضمن اللقاء السابق الرد على الشبهات التالية :

1. تناقض في القرآن حول عدد أيام خلق السماوات والأرض.

2. مقدار الأيام عند الله, فهل اليوم الواحد يساوي ألف سنة أو خمسين ألف سنة عند الله ؟

3. إخبار الله سبحانه وتعالى عن نوح عليه السلام وابنه مرة يخبر بنجاته وأهله ومرة يخبر بهلاك ابنه وهذا حسب زعمهم تعارضا .

4. الآيات النازلة في شأن جبريل عليه السلام وهل ينزل بالوحي وحده أم ينزل معه غيره ؟

5. تناقض في إخبار الرب عن خلق الإنسان مرة من طين وأخرى من ماء ومن نطفة .

 

• واليوم مع بعض ما توهموه تناقضا في القرن الكريم لأبين لكم أن هذا القرآن الكريم كلام الله المنزل على نبيه محمد – صلى الله عليه وسلم – المتعبد بتلاوته والمتحدى بأقصر سورة منه وهو معجزة الإسلام الكبرى التي لا تنفذ أبدا ولا تنتهي وهو ما تكفل الله بحفظه فقال ولم يزل قائلا عليما {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9 ومع أولى فقرات هذا اللقاء الطيب المبارك :

1. يقولون في شبهتهم أن القرآن الكريم ذكر في سورة الأعراف على لسان موسى – عليه السلام – أنه أول المؤمنين في قول الله تعالى ( وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ – 143 - ) وكذلك ما ورد على لسان سحرة فرعون في سورة الشعراء ( إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ{51})

ويقولون في تقرير الشبهة :

كيف يدعي موسى - عليه السلام – أنه أول المؤمنين وقد سبقه من سبقه من الأنبياء والمرسلين وكذلك كيف يدعي سحرة فرعون أنهم أول المؤمنين وموسى – عليه السلام - الذي دعاهم إلى الإيمان وما زال أمامهم ويعلنون أنهم آمنوا قبله فهذا والكلام للمشككين تناقضا واضحا ويدل على حسب زعمهم أن هذا التناقض يخرج القرآن عن كونه منزلا من عند الله.

وللرد على شبهتهم أقول وبالله تعالى التوفيق والسداد :

أما ما ورد بشأن نبي الله ورسوله موسى – عليه السلام – فقد طلب موسى - عليه السلام – من ربه مطلبا ما كان له أن يطلبه من الله ولم يكن يعلم موسى عليه السلام بأن طلبه مستحيل فلما تبين له أعلن توبته لله وأنه أول المؤمنين بأن مطلبه مستحيلا فلنقرأ الآيات ونتدبرها .

{وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ }الأعراف143

ولو رجعنا لتفسير الآية لتبين لنا بوضوح وجلاء عدم التعارض فقد رجعت لتفسير السعدي فرأيت ما يلي:

" وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا " الذي وقتناه له لإنزال الكتاب " وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ " بما كلمه, من وحيه, وأمره, ونهيه, تشوق إلى رؤية اللّه, ونزعت نفسه لذلك, حبا لربه, واشتياقا لرؤيته.

" قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ " اللَّهِ " لَنْ تَرَانِي " أي: لن تقدر الآن على رؤيتي, فإن اللّه تبارك وتعالى, أنشأ الخلق في هذه الدار, على نشأة لا يقدرون بها, ولا يثبتون لرؤية اللّه.

وليس في هذا, دليل على أنهم لا يرونه في الجنة.

فإنه قد دلت النصوص القرآنية, والأحاديث النبوية, على أن أهل الجنة يرون ربهم تبارك وتعالى, ويتمتعون بالنظر إلى وجهه الكريم, وأنه ينشئهم نشأة كاملة, يقدرون معها على رؤية اللّه تعالى.

ولهذا رتب اللّه الرؤية في هذه الآية, على ثبوت الجبل, فقال - مقنعا لموسى في عدم إجابته للرؤية-: " وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ " إذا تجلى اللّه له " فَسَوْفَ تَرَانِي " .

" فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ " الأصم الغليظ " جَعَلَهُ دَكًّا " أي: انهال مثل الرمل, انزعاجا من رؤية اللّه وعدم ثبوته لها.

 

" وَخَرَّ مُوسَى " حين رأى ما رأى " صَعِقًا " أي: مغشيا عليه.

" فَلَمَّا أَفَاقَ " تبين له حينئذ, أنه إذا لم يثبت الجبل لرؤية اللّه, فموسى أولى أن لا يثبت لذلك.

واستغفر ربه, لما صدر منه من السؤال, الذي لم يوافق, موضعا, ولذلك: " قَالَ سُبْحَانَكَ " أي: تنزيها لك, وتعظيما عما لا يليق بجلالك.

" تُبْتُ إِلَيْكَ " من جميع الذنوب, وسوء الأدب معك.

" وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ " أي: جدد عليه الصلاة والسلام إيمانه, بما كمل اللّه له, مما كان يجهله قبل ذلك, فلما منعه اللّه من رؤيته - بعد ما كان متشوقا إليها - أعطاه خيرا كثيرا فقال:

{قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ }الأعراف144

" يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ " أي: اخترتك واجتبيتك, وفضلتك, وخصصتك بفضائل عظيمة, ومناقب جليلة.

" بِرِسَالَاتِي " التي لا أجعلها, ولا أخص بها, إلا أفضل الخلق.

" وَبِكَلَامِي " إياك من غير واسطة, وهذه فضيلة, اختص بها موسى الكليم, وعرف بها من بين إخوانه من المرسلين.

 

" فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ " من النعم, وخذ ما آتيتك, من الأمر والنهي, بانشراح صدر, وتلقه بالقبول والانقياد.

" وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ " لله, على ما خصك وفضلك.

والخلاصة :

في قول موسى - عليه السلام - ( وأنا أول المؤمنين) فإنه حين قال (رب أرني أنظر إليك قال لن تراني) ولا يراني أحد في الدنيا إلا مات فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال (سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين) يعني أول المصدقين أنه لا يراك أحد في الدنيا إلا مات والله أعلم .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وأما قول السحرة ( أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ{51} )

فلو قرأنا الآيات بتدبر لفهمنا مرادهم من قولهم هذا فلنرجع للآيات :

( قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ{30} قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ{31} فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ{32} وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ{33} قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ{34} يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ{35} قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ{36} يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ{37} فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ{38} وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُم مُّجْتَمِعُونَ{39} لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ{40} فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ{41} قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ{42} قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ{43} فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ{44} فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ{45} فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ{46} قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ{47} رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ{48} قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ{49} قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ{50} إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ{51} وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ{52} فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ{53} إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ{54} وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ{55} الشعراء

سحرة فرعون وقفوا مع السلطة وأمام الشعب في مواجهة مع موسى وأخيه – عليهما السلام - بل وتعلق بهم أمل فرعون مصر أن ينصروه على من جاء ليثبت لهم بطلان عقيدتهم ويسلبهم ملكا عظيما توارثوه كابرا عن كابر بل ويثبت للأقباط – أي ساكني مصر - أن ملكهم سخيف لا عقل له ولا رأي وأنه مغرور بملكه وأنه بحماقته سيضيع ملكه ويحل بقومه البوار والخراب وأنه سيسترد من مصر بني إسرائيل الذين هم بمثابة العبيد لفرعون وأتباعه من أجل ذلك التقى الفريقان :

فريق الباطل ويمثله فرعون ووزراؤه وجنوده يتقدمهم سحرة مهرة من كل واد وهم أهل العلم في هذا الزمان ومحل ثقة السلطان وموطن أمله المنشود .

وفريق الحق ويمثله موسى وهارون عليهما السلام وليس معهما أحد ولا يقف خلفهما أحد حتى بني إسرائيل ربما منعهم الخوف من إظهار تأييدهم لنبي الله موسى وأخيه هارون – عليهما السلام -

 

يقول صاحب الظلال – يرحمه الله - في سياق حديثه حول هذه الآيات بتصرف يسير :

وقد خافوا أن يغلبهم موسى وبنو إسرائيل على أرضهم لو اتبعتهم الجماهير حين ترى معجزتي موسى وتسمع إلى ما يقول أشاروا عليه أن يلقى سحره بسحر مثله بعد التهيئة والاستعداد قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحَّار عليم أي أمهله وأخاه إلى أجل ; وابعث رسلك إلى مدائن مصر الكبرى يجمعون السحرة المهرة لإقامة مباراة للسحر بينهم وبينه .

وتهيأ أرض المباراة بين الحق والباطل أو بين الإيمان والطغيان فجمع السحرة لميقات يوم معلوم وقيل للناس هل أنتم مجتمعون لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين وتظهر من التعبير حركة الإهاجة والتحميس للجماهير هل أنتم مجتمعون لعلنا نتبع السحرة هل لكم في التجمع وعدم التخلف عن الموعد ليترقب فوز السحرة وغلبتهم على موسى الإسرائيلي والجماهير دائما تتجمع لمثل هذه الأمور دون أن تفطن إلى أن حكامها الطغاة يلهون بها ويعبثون ويشغلونها بهذه المباريات والاحتفالات والتجمعات ليلهوها عما تعاني من ظلم وكبت وبؤس وهكذا تجمع المصريون ليشهدوا المباراة بين السحرة وموسى عليه السلام .................... ثم يجيء مشهد السحرة بحضرة فرعون قبل المباراة ; يطمئنون على الأجر والمكافأة إن كانوا هم الغالبين (في ظلال القرآن - سيد قطب )

وإني لأقف عند قوله تعالى حكاية عن فرعون (لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ{40} ) لم يقل لعلنا نعرف حقيقة ما جاء به موسى ، ولم يقل لعلنا نتبع الحق ، ولم يقل لعلنا نتبع موسى إن كان الحق معه . . . وفرعون لا يريد الحق ولا يريد إلا الحكم والسلطة .

ونعود إلى صاحب الظلال فيقول :

ويتلقون من فرعون الوعد بالأجر الجزيل والقربى من عرشه الكريم فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين قال نعم وإنكم لمن المقربين وهكذا ينكشف الموقف عن جماعة مأجورة يستعين بها فرعون الطاغية ; تبذل مهارتها في مقابل الأجر الذي تنتظره ; ولا علاقة لها بعقيدة ولا صلة لها بقضية ولا شيء سوى الأجر والمصلحة وهؤلاء هم الذين يستخدمهم الطغاة دائما في كل مكان وفي كل زمان وها هم أولاء يستوثقون من الجزاء على تعبهم ولعبهم وبراعتهم في الخداع وها هو ذا فرعون يعدهم بما هو أكثر من الأجر يعدهم أن يكونوا من المقربين إليه وهو بزعمه الملك والإله .

ولي هنا وقفة ليتنا نتعلم من هذا الموقف شيئا وهو أن البشر مهما أوتوا من سلطان وتمكين في الأرض لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا علاوة على أن يقدموا لغيرهم شيئا وأن كل وعود البشر موقوفة على موافقة رب العالمين على إنجازها أو توقفها .

وفي مشهد عظيم اجتمع الفريقان واحتشدت الجموع :

قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ{43} فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ{44} فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ{45} فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ{46} قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ{47} رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ{48} قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ{49} قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ{50} إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ{51}الشعراء

ويبدأ المشهد هادئا عاديا إلا أنه يشير منذ البدء باطمئنان موسى إلى الحق الذي معه ; وقلة اكتراثه لجموع السحرة المحشودين من المدائن المستعدين لعرض أقصى ما يملكون من براعة ووراءهم فرعون وملؤه وحولهم تلك الجماهير المضللة المخدوعة يتجلى هذا الاطمئنان في تركه إياهم يبدأون قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون وفي التعبير ذاته ما يشير بالاستهانة ألقوا ما أنتم ملقون بلا مبالاة ولا تحديد ولا اهتمام وحشد السحرة أقصى مهارتهم وأعظم كيدهم وبدأوا الجولة باسم فرعون وعزته فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون ولا يفصل السياق هنا ما كان من أمر حبالهم وعصيهم كما فصله في سورة الأعراف وطه ليبقى ظل الطمأنينة والثبات للحق وينتهي مسارعا إلى عاقبة المباراة بين الحق والباطل ; لأن هذا هو هدف السورة الأصيل فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون ووقعت المفاجأة المذهلة التي لم يكن يتوقعها كبار السحرة ; فلقد بذلوا غاية الجهد في فنهم الذي عاشوا به وأتقنوه ; وجاءوا بأقصى ما يملك السحرة أن يصنعوه وهم جمع كثير محشود من كل مكان وموسى وحده وليس معه إلا عصاه ثم إذا هي تلقف ما يأفكون ; واللقف أسرع حركة للأكل وعهدهم بالسحر أن يكون تخييلا ولكن هذه العصا تلقف حبالهم وعصيهم حقا فلا تبقي لها أثرا ولو كان ما جاء به موسي سحرا لبقيت حبالهم وعصيهم بعد أن خيل لهم وللناس أن حية موسى ابتلعتها ولكنهم ينظرون فلا يجدونها فعلا عندئذ لا يملكون أنفسهم من الإذعان للحق الواضح الذي لا يقبل جدلا وهم أعرف الناس بأنه الحق .

ولي هنا وقفة مهمة :

ولما ظهر الحق واندحر الباطل وانتصر موسى بالحق الذي جاء به على الباطل الذي كان في مواجهته ، ظهرت معجزة موسى عليه السلام وابتلعت الحبال والعصي التي جاء بها السحرة ، وانكشف الباطل وظهر الحق وصارت الغلبة للقلة المؤمنة والهزيمة للكثرة الكافرة واتجهت الأنظار للسحرة ماذا أنتم فاعلون ؟ وماذا أنتم قائلون ؟ أتتركون موسى وهارون ينتصران على فرعون مصر ؟ هل تحاولون مرة أخرى ؟ هل تفعلون شيئا لنصرة سيد البلاد وحاكمها ؟ يا أيها السحرة أجيبوا ؟

فكان جوابهم العملي أن خروا لله ساجدين ليعلنوها أمام الجميع بالعمل لا بالقول وبالفعل لا بالكلام .

فألقي السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون وهم قد كانوا منذ لحظة مأجورين ينتظرون الجزاء من فرعون على مهارتهم ولم يكونوا أصحاب عقيدة ولا قضية ولكن الحق الذي مس قلوبهم قد حولهم �

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 206 مشاهدة
نشرت فى 14 ديسمبر 2011 بواسطة akramalsayed

ساحة النقاش

اكرم السيد بخيت (الطهطاوي)

akramalsayed
ثقافي اجتماعي ديني »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

861,305