بدرية طه حسين- مجلة موقع اخبار انفراد حصري
“جلست منى تبكي حظها العثر الذي جعل أهلها يرفضون العريس الذي سعى لطلب يدها ، قائلة ” أنا أوافق عليه حتى وأن كان أقل مني في المستوى المادي والتعليمي فأنا من سأعيش حياتي، ولايحق لأحد أن يتحكم في حتى وأن كان والدي ، فأنا من حقي أختيار شريك حياتي بمفردي”.
لم يكن هذا الحديث خاص بمنى فقط، وإنما هو حديث تكرره أغلب الفتيات المقبلات على الزواج و يصطدمن برفض الوالدين على العريس المتقدم لهن واللاتي يرغبن فيه، معتقدات أن هذا الأمر يتعلق برأيهن فقط ، ومن ثم يندمن فيما بعد على عنادهن وتمسكهن برأيهن دون الاستماع إلى مشورة ونصيحة الوالدين .
وفي هذا الصدد يقول الدكتور أحمد السيد الكردي خبير الموارد البشرية أن أهم وأول المشاكل الزوجية ما يتعلق بعدم التخطيط والتسرع في الإختيار عند الإستعداد للزواج والتي يترتب عليها العديد من المشاكل في المستقبل, قال صلى الله عليه وسلم:« تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس, وكذلك سوء التقدير والإختيار وعدم التكافوء والتوافق الفكري والإلتزام الديني وكذلك الفروق التعليمية والعلمية بين الزوجين.
وبما أن الزواج يعتبر من أهم المحطات الرئيسية في حياة الإنسان وهذا القرار من القرارات البشرية الإستراتيجية الهامة, فحسن إختيار شريك الحياة على بينة ونور من البداية والتخطيط السليم قبل الإستعداد للزواج سواء من الرجل أو المرأة يكون كفيلا بإذن الله من تفادي أي مشكلة في المستقبل في عدم التوافق والإنسجام بين الزوجين والترابط الفكري وتجنب الخلافات الزوجية الهدامة.
ن الزواج الذي يبدأ بالإهمال في المعرفة أو يقوم على تصورات خاطئة مجانبة للحقيقة، أو الخداع أحياناً، هو زواج قلق متزلزل وغير متزن، ذلك أن الحياة الزوجية سرعان ما تكشف جميع الحقائق وتظهر جميع الخبايا, إذن فالحياة الزوجية يجب أن تقوم على الحقيقة والمصداقية بعيداً عن الخدع والأباطيل.
فما كان أوله شرط أصبح أخره نور كما قيل في الأمثال قديما, وينبغي الأخذ بالأسباب المشروعة والتي هي من سنة الحق سبحانه وتعالى في كونه, فعلى طرفي الزواج أن يهتما بالبحث عن عيوب الشريك قبل الزواج وهذا يعني أهمية إستثمار فترة الخطوبة في عملية الإختبار لكلا الطرفين والإختيار الأنسب لشريك الحياة وليس الأمثل لأن المثالية ليست من صفات البشر والكمال لله والعصمة للأنبياء والمرسلين.
وتوافقه في الرأي د. سمحية غريب متخصصة في الإستشارات الزوجية بقولها ” التكافؤ من العوامل الأساسية المعتبرة في إنجاح الحياة الزوجية، والمقصود بالتكافؤ هنا ليس التطابق ولكن مجرد التقارب وعدم وجود ما يسبب الضرر في الزواج ويكون التقارب في المستوى الديني والمادي والاجتماعي والفكري والثقافي والعلمي والعمري أيضا، كما يكون التقارب كذلك في العادات والتقاليد.
وما يؤكد علي ذلك حديث الرسول صلي الله عليه وسلم عندما قال : ” ثلاث لا تؤخر، وهن الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤا”. وضح الرسول صلي الله عليه وسلم في الشطر الأخير من الحديث شرطا ثالثا – خلاف الدين والخلق – لنجاح الزواج وهو الكفاءة بين الزوجين. [الترمذي والحاكم]، وما جاء عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تخيروا لنطفكم، وأنكحوا الأكفاء) [ابن ماجه]، وغير ذلك من الآثار.
وترى شيماء فؤاد باحثة العلاقات الإنسانية إن عدم التكافؤ بين الزوجين فى كافة المجالات، يخلق حالة من عدم الاستقرار النفسى فى الأسرة، ويجعل الزوج تقل ثقته بنفسه وثقته فى إسعاد زوجته، فالفارق المادى مثله مثل الفارق الاجتماعى يمكن أن يشعر أحد الطرفين بالنقص والعجز، لأن اهتمامات الطرفين تكون مختلفة، وكل منهم يحظى بشخصية مختلفة وتفكير مختلف.
ويتأتى أيضا الشعور بالنقص فى عدم التكافؤ الثقافى والمعرفى والاهتمامات والميول لهما، وأيضا المؤهل الجامعى فإذا كان الزوج أقل من الزوجة أصبح هناك حساسية شديدة.
وإذا كانت الزوجة أكثر علماً وثقافة، فعند اتخاذ قرار مشترك، نجد أن الزوج يصر على رأيه فقط انتصاراً لذكورته، وهذا الهاجس يخيف الرجل من فكرة أنه سيفقد بهذه الطريقة هيمنته يوماً ما، هذه هى طريقة تفكير فى مسألة عدم التكافؤ، ويستثنى من ذلك أعداداً ليست بالكبيرة، ولكنها تظل كالنار تحت الرماد تشعلها أبسط الأشياء.
وتؤكد شيماء فؤاد أن التحسس من رفض علو الزوجة أو تفوقها عن الرجل فى جانب من جوانب الحياة هى قناعة مجتمعية شرقية، تضرب بجذورها فى مجتمعنا، ويبرر ذلك أن قوامة الرجل تقتضى أن يكون هو الأعلى فى كل شىء حتى يستطيع احتواء زوجته وبيته، وتقتضى أيضا أن تكون له الكلمة العليا والهيمنة بصفته رب الأسرة وقائدها، وهذا يتفق مع طبيعتنا البشرية كذكر وأنثى.
وتشير شيماء إلى أن العلاج يتمثل فى التعامل مع الرجل الذى يشعر بالنقص صعب، ولكن يمكن تقليل المشاكل بعدم ذكر ما يضايقه أو وضعه فى مواقف تظهر نقطة ضعفه، وعدم الإفراط فى ذلك لأن الإفراط يظهر الزوج بأنه كما نقول فى لغتنا العامة “ناخده على قد عقله”، وهذا يزيد الأمور سوءًا.
ومن طرق العلاج تقديم كثير من الحب، وإظهار الاحتياج له، وأن حياتها مظلمة فى عدم وجوده، وتذكره بأجمل ما فيه، وأجمل ما يملك، وكم يمثل لها، فقط مجرد وجوده هذا يفيد كثيرا.
والوقاية خير من العلاج فالزواج المتكافئ فكريا ومادياً واجتماعيا هو زواج ناجح.