د.ايهاب مقابله
تحظى عملية الاستثمار من بين العديد من الفعاليات الاقتصادية بأهمية كبيرة كون الاستثمار يمثل العنصر الحيوي والفعال لتحقيق عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن أي زيادة أولية في الاستثمار سوف تؤدي إلى زيادات في الدخل من خلال مضاعف الاستثمار. كما أن أي زيادة في الدخل لابد أن يذهب جزء منها لزيادة الاستثمار من خلال ما يسمى بالمعجل (المسارع). ومن ناحية أخرى يمكن القول أن كل عملية استثمار لابد أن يرافقها مستوى معين من المخاطرة، ولا بد أيضا أن تحقق مستوى معين من العائد.
أولا: مفهوم الاستثمار:
يرى البعض أن الاستثمار يعني " التضحية بمنفعة حالية يمكن تحقيقها من إشباع استهلاكي حالي من اجل الحصول على منفعة مستقبلية يمكن الحصول عليها من استهلاك مستقبلي اكبر". والبعض الأخر يعرف الاستثمار بأنه "التخلي عن استخدام أموال حالية ولفترة زمنية معينة من اجل الحصول على مزيد من التدفقات النقدية في المستقبل تكون بمثابة تعويض عن الفرصة الضائعة للأموال المستثمرة، وكذلك تعويض عن الانخفاض المتوقع في القوة الشرائية للأموال المستثمرة بسبب التضخم مع إمكانية الحصول على عائد معقول مقابل تحمل عنصر المخاطرة. وعلى هذا الأساس يمكن القول أن الاستثمار يختلف عن الادخار الذي يعني " الامتناع عن جزء من الاستهلاك الحالي من اجل الحصول على مزيد من الاستهلاك في المستقبل "، ويختلف الادخار عن الاستثمار بأن الادخار لا يحتمل أي درجة من المخاطرة.
ثانياً: أهمية الاستثمار:
يمكن تلخيص أهمية الاستثمار بالنقاط التالية:
§ زيادة الدخل القومي
§ خلق فرص عمل.
§ دعم عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
§ زيادة الإنتاج ودعم الميزان التجاري وميزان المدفوعات.
وقد أولت الدول المتقدمة اهتمام كبير للاستثمار من خلال قيامها بإصدار القوانين والتشريعات المشجعة للاستثمار واللازمة لانتقال رؤوس الأموال. أما في الدول النامية فلم يعطَ هذا الموضوع الاهتمام الكافي على الرغم من ندرة رأس المال في هذه الدول. وتعود هذه الندرة في رأس المال للأسباب التالية:
§ انخفاض معدلات نموالدخل القومي.
§ ارتفاع معدلات الاستهلاك.
§ ارتفاع معدلات النموالسكاني.
§ عدم توفر البيئة والمناخ الملائم للاستثمار.
§ ضعف الوعي الادخاري والاستثماري.
§ الاستخدام الغير العقلاني لرأس المال المتاح.
ثالثاً: أهداف الاستثمار:
قد تكون هذه الأهداف من اجل النفع العام ( كالمشروعات العامة التي تقوم بها الدولة) أومن اجل تحقيق العائد اوالربح كالمشروعات الخاصة، ومن الأهداف ايضاً:
§ تحقيق عائد مناسب يساعد على استمرارية المشروع.
§ المحافظة على قيمة الأصول الحقيقية.
§ استمرارية الحصول على الدخل والعمل على زيادته.
§ ضمان السيولة اللازمة.
رابعاً: أنواع الاستثمار:
§ الاستثمار الحقيقي والاستثمار المالي: الاستثمار الحقيقي هوالاستثمار في الأصول الحقيقية (المفهوم الاقتصادي)، أما الاستثمار المالي فهوالذي يتعلق بالاستثمار في الأوراق المالية كالأسهم والسندات وشهادات الإيداع وغيرها.
§ الاستثمار طويل الأجل والاستثمار قصير الأجل: الاستثمار طويل الأجل هوالذي يأخذ شكل الأسهم والسندات ويطلق عليه الاستثمار الرأسمالي. أما الاستثمار قصير الأجل فيتمثل بالاستثمار في الأوراق المالية التي تأخذ شكل اذونات الخزينة والقبولات البنكية أوبشكل شهادات الإيداع ويطلق عليه الاستثمار النقدي.
§ الاستثمار المستقل والاستثمار المحفز: الاستثمار المستقل هوالأساس في زيادة الدخل والناتج القومي من قبل قطاع الأعمال أوالحكومة أومن استثمار أجنبي. أما الاستثمار المحفز فهوالذي يأتي نتيجة لزيادة الدخل (العلاقة بينهما طردية).
§ الاستثمار المادي والاستثمار البشري: الاستثمار المادي هوالذي يمثل الشكل التقليدي للاستثمار أي الاستثمار الحقيقي، أما الاستثمار البشري فيتمثل بالاهتمام بالعنصر البشري من خلال التعليم والتندريب.
§ الاستثمار في مجالات البحث والتطوير: يحتل هذا النوع من الاستثمار أهمية خاصة في الدول المتقدمة حيث تخصص له هذه الدول مبالغ طائلة لانه يساعد على زيادة القدرة التنافسية لمنتجاتها في السوق العالمية وأيضا إيجاد طرق جديدة في الإنتاج.
طبيعة العلاقة بين العائد ودرجة المخاطرة:
عائد الاستثمار هو"العائد الذي يحصل عليه صاحب رأس المال مقابل تخليه عن الاستمتاع بماله للغير ولفترة زمنية معينة"، أويمكن أن يعرف على انه " ثمن لتحمل عنصر المخاطرة اوعدم التأكد"، وكلما كان طموح المستثمر بالحصول على عائد اكبر كانت درجة المخاطرة اكبر فالعلاقة طردية. وهناك علاقة أيضا بين طول فترة الاستثمار ودرجة المخاطرة، أي كلما زادت الفترة لاسترجاع رأس المال المستثمر زادت درجة المخاطرة. والمخاطرة تظهر نتيجةلظروف عدم التأكد المحيطة باحتمالات تحقيق أم عدم تحقيق العائد المتوقع. والعلاقة بين العائد ودرجة المخاطرة تكون متباينة بحسب طبيعة وحجم الاستثمار. وهناك ثلاث فئات من الأفراد صنفوا بحسب تقبلهم لدرجة المخاطرة وهي:
§ فئة متجنبي المخاطرة: درجة استعدادها لتحمل المخاطرة ضعيفة وعادة ما تكون هذه الفئة من المستثمرين الجدد.
§ فئة الباحثين عن المخاطرة: وتكون على استعداد تام لتحمل المخاطرة وعادة ما تكون هذه الفئة من المستثمرين القدامى.
§ فئة المستثمرين المحايدين: وتمثل الحالة الوسط بين الحالتين السابقتين.
خامساً: المقومات الأساسية للقرار الاستثماري:
الاستراتيجية الملائمة للاستثمار: وتختلف هذه الاستراتيجية باختلاف أولويات المستثمرين والتي تتأثر بعدة عوامل: الربحية، السيولة، الأمان. والربحية تتمثل بمعدل العائد، أما السيولة والأمان فيتوقفان على مدى تحمل المستثمر لعنصر المخاطرة.
أنواع المستثمرين:
§ المستثمر المتحفظ: وهوالذي يعطي عنصر الأمان الأولوية.
§ المستثمر المضارب: وهوالذي يعطي عنصر الربحية الأولوية.
§ المستثمر المتوازن: وهذا النوع يمثل النمط الأكثر عقلانية والذي يوازن بين العائد والمخاطرة.
سادساً: الأسس والمبادئ العلمية في اتخاذ القرارات الاستثمارية:
عند اتخاذ قرار استثماري لا بد من أخذ عاملين بعين الاعتبار:
العامل الأول: أن يعتمد اتخاذ القرار الاستثماري على أسس علمية. ولتحقيق ذلك لابد من اتخاذ الخطوات التالية:
§ تحديد الهدف الأساسي للاستثمار.
§ تجميع المعلومات اللازمة لاتخاذ القرار.
§ تقييم العوائد المتوقعة للفرص الاستثمارية المقترحة.
§ اختيار البديل أوالفرصة الاستثمارية المناسبة للأهداف المحددة.
العامل الثاني: يجب على متخذ القرارات أن يراعي بعض المبادئ عند اتخاذ القرار منها:
§ مبدأ تعدد الخيارات أوالفرص الاستثمارية.
§ مبدأ الخبرة والتأهيل.
§ مبدأ الملائمة ( أي اختيار المجال الاستثماري المناسب).
§ مبدأ التنوع اوتوزيع المخاطر الاستثمارية.
سابعاً: محددات الاستثمار:
§ سعر الفائدة ( علاقة عكسية طبقاً للمفهوم الاقتصادي للاستمار).
§ الكفاية الحدية لرأس المال (الإنتاجية الحدية لرأس المال المستثمر اوالعائد على رأس المال المستثمر).
§ التقدم العلمي والتكنولوجي.
§ درجة المخاطرة.
§ مدى توفر الاستقرار الاقتصادي والسياسي والمناخ الاستثماري.
§ عوامل أخرى: مثل توفر الوعي الادخاري والاستثماري وكذلك مدى توفر السوق المالية الفعالة.