مقدمة:

             اتسمت السنوات الماضية بتطورات و تحديات عديدة كان لها تأثيرات مباشرة على الإدارة العامة. و من أهم هذه التحديات اختلاف دور الدولة، التغيرات البيئية، التخصيص، و تطور تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات و العولمة. و لكي يتمكن القطاع الحكومي من مواجهة تلك التغيرات الاقتصادية و التكنولوجية و البيئية، ينبغي الاستفادة من التطورات الحديثة في الإدارة و تجارب الدول الأخرى في كيفية التعامل مع مثل هذه التغيرات و التطورات.

إن التعامل مع المتغيرات التي تحدث على المستوى المحلى و الإقليمي و العالمي يتطلب ضرورة أحداث تغييرات جذرية في أسلوب الإدارة في المنظمات الحكومية و كيفية تقديمها للخدمات، و هذا يستلزم تبنى مفهوم حديث للإصلاح الإداري يتلاءم و التغيرات التي يمر بها الجهاز الحكومي. فالمفهوم التقليدي للإدارة العامة لم تعد قادرة على التعامل مع التطورات الحديثة.و تهدف الورقة إلى إلقاء الضوء على الإصلاح الإداري وفقاً لمفهوم الإدارة العامة الحديثة.

و ترتكز جوانب الإصلاح الإداري وفقاً لمفهوم الإدارة العامة الحديثة على مجالات و جوانب أهملت كلياً في برامج الإصلاح الإداري التي تبنت النموذج البيروقراطي لماكس ويبر.

حيث تؤكد عملية الإصلاح الإداري وفقاً للمفهوم الحديث للإدارة العامة  على جوانب كمراقبة و التحكم في التكاليف المالية، الشفافية المالية، اللامركزية الإدارية، الاعتناء بالعملاء، التركيز على آلية السوق، و إيجاد معايير محددة للأداء. و يتبنى المدافعون عن الإدارة العامة الحديثة كإطار للإصلاح الإداري الجدال القائل أن القطاع الحكومي أصبح أكثر تضخماً و أقل فاعلية و أن الكفاءة الإنتاجية و الجودة و المسائلة يمكن الرفع من مستواها في منظمات القطاع الحكومي الخدمي.

و من خلال إبراز آراء و طروحات المؤيدين للإدارة العامة الحديث " New Public Management" تبرز ضرورة إحداث تغيير جذرية في أسلوب الإدارة في المنظمات الحكومية و كيفية تقديمها للخدمات.إن الفكرة الرئيسية للورقة ترتكز حول الجدل القائل أن مجهودات الإصلاح الإداري وفقًاً للمفهوم التقليدي للإدارة العامة لا تتلاءم والتغيرات التي يمر بها القطاع الحكومي.

 و قبل البدء في محاولة التعرف على مفهوم الإدارة العامة الحديثة، فأنه يجدر بنا أن نتطرق لمفهوم الإصلاح الإداري و مداخله. و ذلك لمحاولة تبني مفهوم الإصلاح الإداري وفقاً لمفهوم الإدارة العامة الحديثة "  New Public Management".

المطلب الأول: مفهوم الإصلاح الإداري.              

يرتبط مفهوم الإصلاح الإداري عادة بتعاريف عديدة و تنوعت هذه التعاريف وفقاً لاهتمامات و اختلاف وجهات نظر الكتاب و الباحثين، و مداخلهم المختلفة التي بحثوا من خلالها الإصلاح الإداري.

و قد أشار العديد من الباحثين العرب (الطيب 1984 ، زياني 1405، العدوان 1406) في كتاباتهم إلى مشكلة الخلط بين الإصلاح الإداري و مفاهيم أخرى كالتطوير الإداري و التنمية الإدارية، مما ترتب على ذلك عدم دقة اللغة المستخدمة و زيادة المشكلات المرتبطة بالدلالة اللغوية.

و يرى  حسن (1978) أن أحد أسباب الاختلاف في آراء الكتاب و الباحثين العرب حول مفهوم الإصلاح الإداري يعود لعوامل عدة، و منها:

   تعدد الطروحات السياسية و الفكرية لمفهوم التنمية.

   الاتجاهات الفكرية والشخصية للدارسين.

   غموض العلاقة بين الإصلاح الإداري والمتغيرات البيئية المختلفة.

المطلب الثاني: مداخل الإصلاح الإداري.أولا: المدخل الشمولي.              

يرى البعض أن استخدام منهج مدخل النظم يمكن الوصول لتحقيق المنهج الشامل للإصلاح الإداري. و مدخل النظم المفتوح " Open System" يعنى بدراسة الظواهر الإدارية في إطار تفاعلها مع البيئة المحيطة بها، فاستمرار عمل التنظيم و فاعليته يعتمد و يتوقف بشكل كبير على استمرار حصوله على المدخلات ( البشرية و المادية ) من البيئة المحيطة ( يوسف 1986 ). و التنظيم باعتباره نظاماً مفتوحاً يتميز بملامح رئيسية ( Katz and Kahn, 1966)، و هي:

المدخلات: حيث يقوم التنظيم بالحصول على موارده البشرية و المادية من البيئة الخارجية المحيطة به. فالتنظيم لا يعمل في فراغ بل يتفاعل مع بيئته من خلال عملية التأثر و التأثير.

العمليات: يعمل التنظيم على تحويل الموارد التي يتحصل عليها من البيئة المحيطة إلى خدمات على شكل منتجات و سلع يتم تقديمها للمجتمع.

المخرجات: و تتضمن قدرة التنظيم على الاستفادة من الموارد التي يتحصل عليها و تحويلها إلى مخرجات نهائية على هيئة خدمات أفكار سلع أو خدمات يحتاجها المجتمع و يستهلكها.التغذية العكسية:

و تستخدم التغذية العكسية لتصحيح الانحرافات داخل التنظيم لتعديل أي أخطاء و انحرافات عن المسار المطلوب تحقيقه.وفقاً لمفهوم المنهج الشامل ينظر لعملية الإصلاح الإدارة كجزء لا يتجزأ من الأوضاع السياسية و الاقتصادية  و الاجتماعية، إذ لا يمكن أن يتصور أن يتم تحقيق نجاح كامل لجهود الإصلاح دون أن تكون جزء من إستراتيجية شاملة لإصلاح المجتمع.

لذا فأنصار المنهج الشامل للإصلاح الإداري ينظرون للجهاز الإداري كوحدة متكاملة  لا يمكن تجزئته و معالجة مشاكله بأسلوب و حلول جزئية. لهذا فالمدخل الشامل للإصلاح الإداري لا يقبل أسلوب التدرج أو عملية الترميم الجزئية للجهاز الإداري.

ثانيا: الإصلاح الجزئي.        

      يركز المدخل الجزئي في الإصلاح الإداري على أتباع أساليب جزئية و مرحلية لمعالجة المشكلات التي تواجه الجهاز الإداري من خلال التركيز على الهيكل التنظيمية و تبسيط الإجراءات.

و يرى أنصار المنهج الجزئي للإصلاح كعملية ترميم للأجزاء المكونة للجهاز الإداري و أن الأخذ بمبدأ التدرج سيؤدى إلى إصلاح الجهاز الإداري بشكله الكلى ( العدوان، 1406 ). و غالباً ما تنبع وجهود و إستراتيجية الإصلاح في المدخل الجزئي من داخل المنظمة ذاتها في ظل غياب أو ضعف الرقابة للجهات الخارجية.

لذلك قد تواجه جهود الإصلاح لخدمة مصالح ضيقة تخدم العاملين في المنظمة، كتعديل الهياكل التنظيمية، التوسع أو أضافه وحدات إدارية، أو تحسين أوضاع القيادات الإدارية (عاشور 1995 ).

و يسعى هذا المدخل لتحقيق العديد من الأهداف (السلمي 1975)، و منها:

   الكشف عن الأوضاع الإدارية الحالية و القيام بدراستها و تحليلها.

   تحديد مصادر المشكلات و أسباب التخلف الإداري.

   التعرف على المتغيرات المؤثرة و المسببة للتخلف الإداري.

   اكتشاف وسائل و أساليب الإصلاح و المقارنة بينها و اختيار الأنسب للمعطيات و الظروف السائدة.

   المتابعة و تقييم نتائج التغيير.

فالاتجاه التقليدي للإدارة العامة ينظر للجهاز الإداري على أساس التنظيم الهرمي الذي يتسم بنظام محدد و واضح للعمل يتم من خلاله توزيع السلطات و الاختصاصات و التركيز على تطبيق الأنظمة و اللوائح و القوانين.

هذا و توضح تجارب الدول العربية في مجال الإصلاح الإداري التركيز على الإصلاحات الجزئية للمشاكل التي تواجه الأجهزة الحكومية. فجهود الإصلاح تنصب على الأمور ذات الطابع الفني و الإجراءات، و إهمال الجوانب السلوكية ( عاشور 1995).

و يرى الزياني في هذا المقام أن من أسباب فشل خطط الإصلاح في الوطن العربي تعاملها مع المشاكل الإدارية بمعزل عن البيئة المحيطة لها التي تتفاعل مع النظام الإداري و تؤثر فيه و تتأثر به.و من خلال العديد من الدراسات و الأبحاث يتبين أن عملية الإصلاح الإداري في الدول العربية تعاني من أوجه قصور متباينة أدت إلى عدم تكامل عناصر إستراتيجية الإصلاح.

و من بين جوانب القصور و المشكلات التي تعاني إستراتيجية الإصلاح الإداري في الدول العربية، يسوق عاشور (1995)  ما يلي:

   أن جهود الإصلاح في الدول العربية تركز على بناء الهياكل و الأنظمة الرسمية.

   عدم اعتماد أسلوب المشاركة في عملية التطوير و التغيير.

 الاهتمام بالجوانب الفنية و الإجرائية، و إهمال الجوانب السلوكية و البيئية و ذلك من خلال التركيز على تطبيق " الأساليب العلمية" للإدارة.

   قصور الإستراتيجية المجتمعية للتنمية السياسية و بطء التطوير الديمقراطي.

و إذا أسلمنا بضرورة تغيير أسلوب الإدارة التقليدي للجهاز الحكومي، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما أسلوب الإصلاح البديل؟ من خلال هذه الورقة سنحاول إلقاء الضوء على مفهوم الإدارة العامة الحديثة "New Public Management" كإطار معاصر للإصلاح الإداري تم تطبيقه في العديد من دول العالم.

المطلب الثالث: الإدارة العامة الحديثة New Public Management.              

  يعتبر تطور الإدارة العامة الحديثة خلال العشرين سنة الماضية واحد من أكثر الاتجاهات الدولية المعاصرة اللافتة للنظر في الإدارة العامة، فقد هيمنت الإدارة العامة الحديثة على أجندة الإصلاح الإداري في العديد من دول العالم . و قد أوضحMenning  1997 أن الإدارة العامة الحديثة قد تم تطبيقها بصورة كاملة في كل من المملكة المتحدة، نيوزلندا، استراليا، هولندا، السويد، و الولايات المتحدة الأمريكية و كندا.

و قد ظهر هذا النموذج أو الإطار بأسماء مختلفة؛ الإدارة العامة الجديدة (Hood, 1991 )؛ نموذج ما بعد البيروقراطية (Barzelay, 1992 )؛ الإدارة العامة بناء على نظام السوق (Lan, and Rosenbloom, 1992 )؛ و إعادة اخترع الحكومة (Osborne and Gaebler, 1992).

و بالرغم من اختلاف مسميات الإدارة العامة الحديث، فقد حاول الأكاديميين و الباحثين البحث للتعرف على خصائص الإدارة العامة الحديثة. فقد حدد Kernaghan and Charih (1997) ثلاثة عناصر للإدارة العامة الحديثة:   تغيير في آلية الحكومة.

   تغيير في أسلوب الإدارة.

   تقليص دور الدولة.

أولا: تغيير في آلية الحكومة.              

  فالإدارة العامة الحديثة تشمل تغيير في البناء الهيكلي للحكومة، و تتضمن إعادة الهيكلة للأقسام و الإدارات، إنشاء وحدات لتقديم الخدمة، اللامركزية في السلطة و المسؤولية من خلال إعطاء الصلاحيات للمستويات الإدارية الدنيا، و الفصل بين السياسة و تقديم الخدمات (Hood,1991).

و تنادى الإدارة العامة الحديثة كذلك إلى تغيير الثقافة التنظيمية، تحسين الجودة، الاستجابة للعملاء، و ممارسة المشاركة الإدارية، الاتجاه نحو آلية السوق، و استخدام الموارد بأسلوب يتميز بالكفاءة و الفاعليةObsorne and Gaebler 1992; Halachmi, 1995 ) ).

و قد اتجهت العديد من دول العالم و منها المملكة المتحدة ( أنظر1999 ، باركر)، كندا ( أنظر Glor, 2001 ) و استراليا( أنظر Gramberg and Teicher, 2000) و نيوزيلندة (أنظرPallot, 1998 ) للتركيز على الاستخدام الكفء و الأمثل المدخلات المستخدمة في تقديم الخدمات بما قد يؤدى إلى ترشيد و تقليل النفقات. ففي حالة المملكة المتحدة جاءت الإصلاحات تحت مسمى" financial Management Initiative" و ذلك لرفع مستوى الكفاءة الإدارية (Clark, 2000).       

 و في مجال اللامركزية و إعطاء صلاحيات أكبر للمستويات الإدارية الدنيا، اتجهت المملكة المتحدة لإصلاح إداري يعرف بمسمى برنامج الخطوات التالية " Next Step Program" ( James, 2001 ) .

و قد بوشر بتطبيق برنامج الخطوات التالية في عام 1988م، و يهدف لتقليل التحكم المركزي فيما يتعلق بالرقابة الإدارية و المالية و إعطاء المزيد من المسؤوليات و الصلاحيات للعاملين في المستويات الإدارية الدنيا.

و فى خطوة أكثر تقدماً في مجال اللامركزية اتجهت المملكة المتحدة  لإنشاء وكالات تنفيذية و ذلك لتحقيق أهداف محددة ( 1999،باركر). 

و في مجال طبيعة دور الإدارة العامة و علاقتها بالمواطنين، فقد تبنت العديد من الدول أشكالاً معينة لميثاق المواطن، كميثاق مستخدمي الخدمات في بلجيكا، و ميثاق مستخدمي الخدمات العامة في فرنسا، و ميثاق جودة الخدمة العامة في البرتغال، و ميثاق المواطن في المملكة المتحدة، و تهدف تلك المواثيق لتحسين الخدمات العامة بالنسبة للمواطنين و تزويدهم بخيارات متعددة و إمدادهم بالمعلومات المتعلقة بالخدمات (شمس الحق، 1998). 

ثانيا: التغيير في أسلوب الإدارة.

و يشمل التغيير في الإدارة من خلال العناصر التالية  Bale and Dale, 1998)):

 تبنى القطاع العام لممارسات الإدارة المطبقة في القطاع الخاص و التي تتضمن استخدام نموذج التميز، إعادة الهندسة، إدارة الجودة الشاملة، القيمة مقابل النقود، قياس الأداء و الحوافز، خدمة العملاء، الربحية، و تقليل العمالة.   التركيز على الكفاءة و الفاعلية.

   الانتقال من التحكم في المدخلات الإجراءات و الأنظمة باتجاه قياس المخرجات.

   تفضيل الملكية الخاصة، أسلوب التعاقد للخدمات العامة، و إتباع أسلوب المنافسة لتقديم الخدمات.

   تفويض الصلاحيات و السلطات للمستويات الإدارية الدنيا.

ثالثا: تقليص دور الدولة.             

   و يشمل تقليص دور الدولة وفقاً لمفهوم الإدارة العامة الحديثة الاتجاه نحو التخصيص، برامج تخفيض الميزانية، تشغيل الخدمات بأسلوب تجاري، تخفيف القيود الحكومية على القطاعات الاقتصادية(  Dergulation).و فيما يتعلق بالسمات الخاصة بالإدارة العامة الحديثة، فقد حدد Hood (1991) مجموعة من السمات المميزة للإدارة العامة الحديثة:

   إطلاق حرية المديرين للإدارة.

   وضع معايير واضحة لقياس الأداء.

   التركيز على رقابة الأداء.

   تجزئة فعاليات القطاع العام وتحويلها إلى هيئات عامة.

   تشجيع المنافسة.

   تبنى أساليب القطاع الخاص في الإدارة.

   التأكيد على مزيد من الانضباط في استغلال الموارد.        

فالقاعدة الأساسية للإدارة العامة الحديثة ترتكز على تبنى نظام السوق كإطار للعلاقة بين الإدارة و السياسة. و قد تأثرت الإدارة العامة الحديثة بدرجة كبيرة بنظرية الاختيار العام، و نظرية الأصيل و الوكيل، و نظرية تحويل التكلفة الاقتصادية      Kaboolian,1998 )).

و يمكن النظر للإدارة العامة الحديثة كنموذج معياري لإدارة القطاع العام و تتضمن العديد من المكونات المترابطة مع بعضها، و قد برز هذا النموذج للاستجابة للحقائق الاقتصادية و الاجتماعية و التي واجهت الحكومات في مختلف دول العالم خلال العقدين الماضيين Borins, 1995) ).

و يمكن تلخيص تلك الحقائق فيما يلي

:   أن القطاع العام يتسم بكبر الحجم و ضخامة التكاليف.

   الحاجة للاستفادة من تكنولوجيا المعلومات لتحسين الكفاءة.

   الاحتياجات المتزايدة للمواطنين للحصول على خدمة تتميز بالجودة.

   التحول من الاقتصاد القائم على التخطيط المركزي للاقتصاد الحر القائم على نظام السوق.

و هنالك أيضا مسوغات فكرية و عملية للإدارة العامة الحديثة نشئت من خلال الاتجاه الجديد للخدمة العامة و التي تأثرت بشكل واضح بالإطار المعياري للخدمة العامة حيث التركيز على قيم الكفاءة و الفاعلية. و لكن مع التغييرات المتسارعة التي يمر على القطاع العام ، كان لابد من إدخال مفاهيم تتلاءم و تلك التغيرات، و التي وفقاً  (Denhardtand and Denhardtand,2000) لابد أ ن تتضمن القيم و المعتقدات التالية:

 الخدمة بدل من إدارة الدفة. فالموظفين العموميين لابد أن يقدموا الخدمة للمواطنين و يحققوا مطالبهم بدلاً من محاولة التحكم و إدارة المجتمع.

 جعل الخدمة العامة الهدف النهائي. يجب أن يسهم المديرين العموميين في بناء وحدة تعاونية مشتركة لخدمة المصلحة العامة و التي يمكن أن تساهم بناء مصالح و مسؤوليات مشتركة.

 التفكير بأسلوب إستراتيجي. فالبرامج والأهداف التي تسعى لتحقيق احتياجات المواطنين يمكن تحقيقها و بطريقة مبتكرة تتميز بالفاعلية من خلال جهد جماعي تعاوني.

 خدمة المواطنين و ليس العملاء. يجب على الموظفين العموميين ليس فقط الاهتمام و الاستجابة لمطالب العملاء و لكن الاهتمام بناء علاقة يسودها الثقة و التعاون مع المواطنين.

 المساءلة. فالمساءلة ليست مسألة بسيطة. فالموظفين العموميين لا يجب مساءلتهم فقط وفقاً لنظام السوق و لكن لابد أن يتم مسألتهم طبقاً للأنظمة و القوانين و قيم المجتمع و المعايير المهنية.

 إعطاء الاهتمام للأفراد و تقديرهم و عدم التركيز فقط على الإنتاجية. فالمنظمات العامة يمكن أن تنجح في تحقيق أهدافها إذا قامت بإدارة مشاريعها من خلال الأسلوب التعاوني و القيادة المشتركة المعتمدة على أسلوب المشاركة و احترام و تقدير الأفراد.

 تقدير المواطنين و الخدمة العامة و إعطائهم الأولية في الخدمة. و وضع مصالح المواطنين قبل مصالح المستثمر.

و قد تم تطبيق سمات الإدارة العامة الحديثة التي تم التطرق لها في العديد من دول العالم، و نظراً لان العديد من دول العالم تستخدم إجراءات الإصلاح الإداري لإعادة النظر في دورها في المجتمع و علاقتها مع المواطنين.

و قد لخص2000 kettle تلك الإجراءات في ست عناصر جوهرية:

   الإنتاجية. كيف يمكن للحكومة تقديم خدمات إضافية و بأقل التكاليف المالية؟   التسويق. كيف يمكن للحكومة استخدام حوافز و أسلوب السوق و ذلك لاستئصال الأمراض البيروقراطية؟ الاتجاه نحو الخدمة. كيف يمكن للحكومة أن تكون على اتصال أفضل بالمواطنين و ذلك لجعل الخدمات العامة أكثر استجابة لمطالبهم؟ اللامركزية. كيف يمكن للحكومة أن تجعل البرامج و الخدمات العامة أكثر كفاءة من خلال تحويل إدارة تلك الخدمات بأسلوب لا مركزي؟   السياسة العامة.

كيف يمكن للحكومة من تحسين قدراتها في إدارة و متابعة السياسة العامة؟   المساءلة عن النتائج. كيف يمكن للحكومة تحسين قدرتها للوفاء بالتزاماتها؟و تلك الخصائص و السمات تقترح و بشكل واف أن الاتجاه نحو الإدارة العامة الحديثة يركز و بصورة استثنائية على المشاكل التي تتعلق بالتعامل مع الإدارة الحكمانية.

فالمحافظة على الإدارة الحكمانية من خلال الإبداع في الإصلاح الإداري و التي تستلهم أهدافها من أسس و مبادئ الإدارة العامة الحديثة تشكل الهدف الأساسي للثورة العالمية في مجال الإدارة العامة. فالإدارة العامة الحديثة تمثل تحولاً  في علاقة القطاع الحكومي مع كل من الحكومة و المجتمع بدلاً من أن تكون فقط عملية إصلاح 1998 Hughes.

الخاتمة:           

استعرضت هذه الورقة مفهوم الإدارة العامة الحديثة بغرض استخلاص الدروس التي يمكن أن يستفيد منها القطاع الحكومي في المملكة المغربية. و قد بين النقاش أن المفهوم التقليدي للإدارة العامة لم يعد قادراً للتعامل مع المتطلبات المتسارعة للدولة الحديثة.

و يعني ذلك أن العديد من دول العالم أخذت في التخلي عن الأسلوب البيروقراطي التقليدي للإدارة العامة لصالح الإدارة العامة الحديثة، لذا يتوجب علينا في المملكة المغربية الاستفادة من تلك المفاهيم الإدارية و تجارب الدول في هذا المجال.  و من هذا المنطلق فقد ركزت الورقة على إلقاء الضوء على مفهوم الإدارة العامة الحديثة، و ذلك لمحاولة إيصال و عرض هذا المفهوم للعاملين في القطاع الحكومي.

فالعاملين في الجهاز الحكومي بحاجة ماسة لتبني ممارسات الإدارة الحديثة بما يتواءم و تطلعات الدولة لإصلاح الجهاز الحكومي.  و نحن هنا لا ندعو إلى نقل تلك المفاهيم كما هي و لكن للاستفادة قدر الإمكان من الأساليب و الممارسات الحديثة بما يتلاءم و ظروفنا السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية.  و من خلال هذه الندوة نقترح إجراء دراسات مستفيضة للتعرف على كيفية الاستفادة من تطبيق تلك المفاهيم الحديثة في الجهاز الإداري .

المـراجـع:

المــراجــع العـربـية:

- السلمي على " تطور الفكر التنظيمي "، وكالة المطبوعات، الكويت.

- الطجمي عبد الله عبد الغنى، " التطوير الإداري: المفاهيم- النماذج- الاستراتيجيات"، دار النوابغ، جدة، 1416هـ.

- الطيب حسن أبشر " مؤسسات التنمية الإدارية العربية: أوضاعها الراهنة و أفاق المستقبل " المنظمة العربية للعلوم الإدارية، عمان، الأردن،  1984م.

- العدوان ياسر مناع " نماذج لمفاهيم الإصلاح الإداري في الوطن العربي" في  ناصر الصائغ  " الإدارة العامة و الإصلاح الإداري في الوطن العربي"، المنظمة العربية للعلوم الإدارية، عمان، الأردن، 1986م.

- باركر ديفيد " تنظيم المرافق العامة: دروس من تجربة المملكة المتحدة"، المجلة الدولية للعلوم الإدارية، الإصدار العربي، أبو ظبي، المجلد ( 4) العدد 1، 1999م .

- حسن احمد الحاج " الإصلاح الإداري في السودان"، السودان للإدارة و التنمية، مجلد 12،  1978م.

- زياني إبراهيم " محاور الإصلاح الإداري في المغرب نحو معالجة جديدة لقضايا الإدارة العامة"، مجلة الشؤون الإدارية، السنة الثانية، العدد الرابع، 1985م

- شمس الحق م، " العلاقة بين مفهوم المواطنة و الإدارة العامة: إعادة ترتيب و تناسق"، المجلة الدولية للعلوم الإدارية، الإصدار العربي، أبو ظبي، المجلد (4) العدد (3)،  1999 سبتمبر.

- عاشور أحمد صقر، " إصلاح الإدارة الحكومية" المنظمة العربية للعلوم الإدارية، القاهرة، 1995م.

- يوسف حلمي، " البعد الإداري لإدارة التنمية"، الإداري، ( معهد الإدارة العامة-عمان )، مسقط، العدد 27، 1986م.


المـراجع الأجنبية:

- Bale, M and Dale, T. (1998). Public sector reform in New Zealand and its relevance to developing countries. The World Bank Research Observer, 13 (1), 103-137.

- Barzelay, M. (1992). Breaking through bureaucracy: A new vision for managing in government. Berkeley and Los Angeles: University of California Press.

- Beckhard, R. (1969). Organization development: Strategies and models. Addiso-Wesley series on O.D. Readings: Addison-Wesley Co.-

- Borins, S. (1995). The new public management is here to stay. Canadian public Administration, 38(1), 122-132.- Clark, D. (20000. Public service reform: A comparative west European perspective. West European Politics, 23(3), 25-44.

- Denhardt, R. B., and Denhardt, J. V. (2000). The  new public service: serving rather than steering. Public Administration Review, 60(6), 549-559.

- Glor, E. (2001). Has canda adopted the new public management? Public Management Review, 3(1), 121-130.

- Gramberg, B. and Teicher, J. (2000). Managerialism in local government-victoria Australia. International Journal of Public Sector Management, 13(5), 476-492.

- Halachmi, A. (1999). Re-engineering and public management: some issues and considerations. International Review of Administration Sciences, 61(3), 329-341.

- Hood, C. (1991). A public management for all seasons. Public Administration, 69(1), 3-19.

- Hugh, O. (1998). Public management and administration: an introduction. Second Editin. London:Macmillan.

- James, O. (2001). Business models and the transfer of businesslike central government agencies. Governance: An International Journal of Policy and Administration, 14(2), 233-252.

- Kaboolian, L. (1998). The new public management: challenging the boundaries of the management vs. administration debate. Public Administration Review, 58(3), 189-193.

- Katz, D. and Kahn, R. (1966) The social psychology of organizations. New York:John Wiley.

- Kernaghan, K. and Chrih, M. (1997). The challenges of changes: emerging issues in contemporary public administration. Canadian Public Administration, 40(2), 218-33.

- Kettle, D. F. (2000). The global public management revoluation: a report on the transformation of governce. Washington, D.C..: Brookings Institution.

- LAN, Z. and Rosenbloom, D. (1992). Editorial. Public Administration Review, 52 (6).

- Lawrence, P. and Lorsch, J. (1969). Developing organizations: Diagnosis and action. N.Y. Addison-Wesley Co.

- Manning, N. (1997).Three perspectives on alternative service delivery. Public Sector Management, 7 (4), 5-7.

- Osborne, D. and Gaebler, T. (1992) Reinventing government: How the entrepreneurial spirits is transforming the public sector. Reading, MA: Addison-Wesley.

- Pallot, J. (1998). New public management reform in new Zealand: the collective strategy phase. International Public Management Journal, 1(1), 1-18.

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 4439 مشاهدة
نشرت فى 26 أكتوبر 2014 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,835,007

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters