لغة الجـسد وأدواتها.
إعداد
أحمد السيد كردي
2014م
تتركز لغة الجسد على الرسائل التي يمكنك توصيلها عبر أدوات ووسائل غير الكلمات, ويعبر عنها بمثابة اللغة الصامتة.
لغة الجسد تلك الحركات التي يقوم بها بعض الأفراد مستخدمين أيديهم أو تعبيرات الوجه أو أقدامهم أو نبرات صوتهم أو هز الكتف أو الرأس، ليفهم المخاطب بشكل أفضل المعلومة التي يريد أن تصل إليه, وهناك بعض الأشخاص الحذريين والأكثر حرصًا وأولئك الذين يستطيعون تثبيت ملامح الوجه وأولئك الذين لا يريدون الإفصاح عما بداخلهم فهم المتحفظون ولكن يمكن أيضًا معرفة إنطباعاتهم من خلال وسائل أخرى.
وتعود أهمـية لغة الجسد في التعبير عن العواطف والمشاعر والحالة المزاجية. وتستخدم للدلالة على الشخصية. كما أنها مساعد للإتصال اللفظي.
وفي دراسة قام بها أحد علماء النفس إكتشف أن 7% فقط من الإتصال يكون بالكلمات و38% بنبرة الصوت و55% بلغة الجسد، ولو إختلفت الكلمات ولغة الجسد فإن الفرد يميل إلى تصديق لغة الجسد.
على الرغم من إستخدام لغة الجسد على مدى ملايين السنين من تاريخ النشء الإنساني إلا أن مظاهر الإتصال غير الشفهي لم تدرس عمليًا على أي مقياس إلا منذ الستينيات من القرن الماضي، خصوصًا عندما نشر دجوليوس فاست كتابه عن لغة الجسد عام 1970م.
وتقنيًا يعد كتاب التعبير عن العواطف لدى الإنسان 1872م, من أكثر الكتب تأثيرًا في هذا المجال، وقد كتب على إثره الكثير من الدراسات الحديثة لتعبيرات الوجه ولغة الجسد, كما تم تأييد وإثبات الكثير من أفكاره، ومنذ ذلك الحين سجلت البحوث حوالي مليون تلميح وإشارة غير شفهية.
وتوصل البرت مهربيان في إحدى دراساته إلى أن مجموع أثر الرسالة يقسم إلى (7% كلمات فقط، 38% صوتي أي نبرة الصوت، 55% غير شفهي).
وقام البروفسور برد هويسل ببعض التقديرات المماثلة وتوصل إلى أن الشخص العادي يتحث بالكلمات ما يناهز عشر دقائق في اليوم الواحد وأن الجملة المتوسطة تستغرق حوالي الثانيتين والنصف.
ويتفق معظم الباحثين على أن القناة الشفهية تستخدم أساسًا لنقل المعلومات، في حين أن القناة غير الشفهية تستخدم للتفاوض في المواقف ما بين الأشخاص، وفي بعض الحالات كبديل للرسائل الشفهية.
ولغة الجسـد يستخدمها جميع الناس بشكل إرادي أو لا إرادي, فالمعلم يستخدم هذه الوسيلة في الفصل لتساعده في نقل معلوماته للتلاميذ وكذلك يستخدمها الطبيب للمريض أو المريض للطبيب, ويستخدمها أيضًا المهندس حينما يريد أن يعطي التعليمات للعمال, ويستخدمها الرئيس لمرؤوسيه أو صاحب العمل لموظفيه, وقد يفهمها أكثر ضعاف السمع أو ذوي الإحتياجات الخاصة.
وعمومًا تعد النساء أكثر إدراكًا من الرجال ومقدرةً على قراءة لغة الجسد، فللنساء قدرة فطرية على إلتقاط الإشارات غير الشفهية وفك رموزها فضلًا عن تمتعهن بعين دقيقة ترصد التفاصيل الصغيرة، ولهذا فإن القليل من الرجال لديهم القدرة على الكذب على زوجاتهم، بينما تستطيع معظم النساء حجب الحقيقة عن الرجال دون أن يدركوا ذلك.
ويرى العلماء أن هذه القدرة المميزة قد تكون نتاجًا للدور الإجتماعي للنساء الذي يشجعهن لكي يكن حساسات لإنفعالات الآخرين ويعبرون عن مشاعرهم بشكل واضح، وقد يظهر هذا الحس النسوي بشكل جلي لدى الأمهات لكونهم يعتمدن على القنوات غير الشفاهية أثناء الاتصال بالأطفال, ويعتقد بأنه بسبب هذه القدرة المميزة تستطيع معظم النساء التفاوض (خاصة بالأمور المادية والإقتصادية) بشكل أفضل من الرجال.
تستطيع الآن أن تتعرف على سمات وملامح شخصية أي فرد دون أن يتكلم كلمة واحدة، حتى لو لم تكن تعرفت عليه من قبل، بل يمكنك أن تعرف ما يخفيه بداخله من أفكار ودوافع، إذا تمكنت من فك رموز لغة الجسد، كما أنك تستطيع أن تكشف مدى صدقه عندما يتحدث من خلال نفس اللغة.
يواجه الكثير مشكلة التعرف على نوايا الأشخاص الذين يتعاملون معهم، لذلك إهتمت الدراسات النفسية والإجتماعية بتفسير رموز حركات الجسد التي تعبر عن كثير مما يخفيه الناس في صدورهم، ومن خلال هذه اللغة تستطيع معرفة توجهات محدثك، لما تنقله هذه اللغة من أفكار الفرد وتوجهاته دون إستخدام الكلمات والحروف.
وبنفس الأسلوب تستطيع أن ترسل رسالة لهذا الشخص الذي تتعامل معه، دون أن تتفوه بكلمة واحدة، وهذه اللغة اهتم بها الكثير من علماء النفس الذين توصلوا من خلال دراسات عدة إلى أن أكثر من 60 % من الحديث بين البشر يتم بصورة غير مباشرة، عن طريق إشارات وإيماءات وإيحاءات.
ويشير العلماء إلى أن فهم هذه اللغة تساعد كثيرا في اختزال الوقت في التفكير في نوايا الآخرين ومحاولة تفسيرها، حيث تؤكد الدراسات أن هذه اللغة أصدق خمس مرات من استخدام اللغات العادية، ومن خلالها يستطيع الفرد التعرف على درجة صدق الآخر، ومدى اهتمامه بالرسالة الموجهة إليها من خلال فك رموز الإيماءات والإيحاءات التي يصدرها كرد فعل على الكلام العادي أو على الرموز من نفس اللغة.
ويتجه الشخص إلى إستخدام لغة الجسد في حالة عدم التيقن من صدق من يحدثه، أو عندما يسعى لمعرفة دوافعه ومدى إهتمامه وشكل إتجاهه نحو الرسالة الموجه إليه، كما تساعد في تسهيل عملية الفهم للآخر من الحديث والحوار، كما تساعد أيضا في التحكم في الحوار للوصول إلى علاقة أفضل مع الآخرين من خلال إرسال إيماءات ورسالات توحي بذلك، والإبتعاد عن الحركات والإيحاءات التي تضر بالتواصل مع الآخر.
أدواتها ووسائلها وأمثلتها:
ولتفسير وفك رموز هذه اللغة، لابد أن نتعرف على الأدوات المستخدمة فيها، ويأتي على رأس هذه الأدوات العين ثم تأتي بعدها حركة الحاجب والجبين، والأصابع والأيدي والأكتاف، كما تستخدم اللغة أيضا الأنف والأذن، وطريقة الجلوس.
- لغة العيون:
العين تمنحك واحدًا من أكبر مفاتيح الشخصية التي تدرك بشكل حقيقي على ما يدور في عقل من أمامك, حيث يصف علماء النفس والباحثين العين بأنها نافذة العقل وما يدور به، وإذا إستطاع الإنسان فك رموزها يستطيع معرفة ما يدور بداخل الناس، ومنطقة العين والحواجب والجفون هي مصدر التعرف على الآخر من خلال الصور، حيث لا يمكن معرفة الشخص من خلال أي منطقة في الجسد، لكن يمكن التعرف عليه، حتى ولو كان ملثما من خلال عينه.
وهذا يؤكد أن العين أقوى عناصر الإتصال الجسدي الغير مباشر بين البشر، كما أنها أقوى أدوات لغة الجسد، ومن خلال نظرة العين تستطيع أن تتعرف على رد فعل الآخر على رسالتك سواء كان إيجابيا أو سلبيا أو محايدا أو غير مهتم، والعين هي أول مفاتيح الشخصية، بما تنقله من معاني تدور بالعقل، وتستطيع من خلال فهم هذه اللغة أن ترسل رسالات مختلفة إلى الآخر، سواء بإبداء الدهشة أو الفزع أو الرفض أو القبول وكثير من الرسالات الأخرى عن طريق استخدام هذه الإيماءات.
والتفسيرات العلمية الدقيقة تقول أنه:
ـ إذا إتسعت بؤرة العين للشخص فإن ذلك دليل على أنه سمع منك توًا شيئًا أسعده، وإذا حدث العكس فإن ذلك يوحي بأنه لا يصدق ما تقول.
ـ وإذا نظر إلى أعلى فإنه يتصور مستقبل ما تقوله، وإذا نظر لأسفل فإنه يتذكر دلائل من الماضي على ما تقول أيضا، وأثناء حديثه إذا نظر إلى أسفل فإنه يتحدث عن مشاعر وأحاسيس ذاتية خاصة، ويتدبر أمرا في نفسه.
ـ أما أذا قام المتحدث بفرك عينه أثناء الحديث فانتبه لأنه بذلك يشكك في كلامك، وعليك أن تراجع ما تحدثت به أو أن توقف الحديث أو تنتقل لموضوع آخر.
أما الحواجب فلها رموز أخرى ودلالات مختلفة:
ـ فإذا رفع المتحدث كلا حاجبيه إلى أعلى فأنه بذلك تفاجئ بشيء جديد.
ـ وإذا رفع حاجبا واحدا فأنه لا يصدق كلامك ويشكك فيه، ويرى الموضوع الذي تسعى لتحقيقه مستحيلا.
ـ وإذا قطب حاجبيه مع ابتسامة خفيفة، فإنه يتعجب منك، ولكنه لا يريد أن يكذبك، وإذا كرر تحريك حواجبه فإنك تمكنت بذلك من إبهاره ونيل إعجابه التام بحديثك واستطعت أن تجعله طوعا لك.
ـ جبين الشخص: فإذا قطب جبينه ونظر للأرض في عبوس, فإن ذلك يعني أنه متحير أو مرتبك أو أنه لا يحب سماع ما قلته، أما إذا قطب جبينه ورفعه إلى أعلى فإن ذلك يدل على دهشته لما سمعه منك.
وللأنف والأذن لغتهما
ـ إذا قام من تحدثه بحك أنفه أو قام بسحب أذنيه، فإن ذلك يعني أنه متحير مما تقوله، وربما يكون لا يفهمه أصلا. فهذا يعني أنه متحير بخصوص ما تقوله ومن المحتمل أنه لا يعلم مطلقًا ما تريد منه أن يفعله أو أنه يشك بصحة ما تقوله.
ـ أما إذا وضع اليد أسفل الأنف فوق الشفة العليا دليل أنه يخفي عنك شيئًا ويخاف أن يظهر.
ـ وإذا قام بقرص الأنف مع إغماض العينين، فهي إشارة إلى تقييم سلبي لما تقول.
ـ وإذا قطب جبينه وطأطأ رأسه للأرض في عبوس، فإن ذلك يعني أنه متحير ولا يحب سماع ما قلته.
ـ أما إذا قطب جبينه ورفعه إلى أعلى، فإن ذلك يدل على دهشته مما تقول.
ـ عندما يلمس البالغ أنفه وهو يتحدث, فهو دليلاً على أنه يكذب في الحديث الذي يقوله.
ـ طريقة الجلوس وإتجاه الاقدام:
ويمكنك التعرف السمات الشخصية للآخرين من خلال طريقة جلوسه:
ـ فإذا قام من تحدثه بوضع إحدى رجليه فوق الأخرى وحركها بإستمرار، فأحذر وتوقف عن الكلام؛ لأنه مل حديثك.
ـ أما إذا وضع رجلاه بعيدتان الواحدة عن الأخرى، فأنك بذلك تتحدث مع شخص منفتح على الآخر فإمكانك أن تستطرد في حديثك؛ لأنه مستمتع بما تقول،
ـ وفي حالة جلوسه وهو واضع يديه وراء رأسه، ورجليه مشبوكتين، فأنت تتحدث مع شخص على ثقته كبيرة بنفسه، لكنه متعاليا على ما تقول فيُفَضّل عدم استكمال الحديث معه.
ـ وإذا ما تحدث إليك مع الجلوس ويديه مفتوحتين، فأنك أمام شخص صادق وصريح.
وقد عرف بالملاحظة الدقيقة أن قدمي الشخص دائمًا ما تتجه إلى موضوع التفكير, فمـثلا: الطالب الذي يتعرض للتوبيخ أمام أقرانه من معلمه فعادة ما تشير قدميه إلى مكان جلوسه أو في الأحوال الأكثر سوءًا إلى خارج الصف. أو الضيف غير الراغب في الدخول فيشير بوقفته وإتجاه قدميه لرغبته في الإنصراف.
بالإضافة إلى هذه الأدوات فإن الأكتاف واليدين والأصابع لها دلالات أخرى:
فعندما يهز الشخص كتفه يعني أنه لا يبالي بما تقول، فيعني أنه لا يدري أو لايعلم ما تتحدث عنه.
وعندما تراه حانيًا كتفيه ورأسه متجنبًا النظر في عينيك فإن ذلك دليل على أنه شخص فاقد للثقة بالنفس أو مكتئب.
وفي حالة وقوفه مكتوف اليدين، فإن هذه يشير إلى أنه منطوي على نفسه ويريد الابتعاد على الآخرين.
وفي حالة تشبيك اليدين وراء الظهر، فإنه إذا في حالة قلق وغضب، وإذا نقر بأصابعه على ذراع المقعد فأنه بذلك شخصية عصبية ومتعجلة.
ـ الأصـابع: نقر الشخص بأصابعه على ذراع المقعد أو على المكتب يشير إلى العصبية أو نفاذ الصبر.
ـ الفـم: حينما يكذب الطفل على والديه فهو يضرب يديه على فمه في إشارة إلى إخفاء ما قاله عن والديه، وعندما يكذب المراهق فهو يلمس أو يحك فمه بخفه.
ومن الوسائل الهامة الأخرى توظيف جغرافية المكان، فالمدير المسيطر الواثق عادة ما يكون مكتبه في واجهة المدخل.
ـ الطارق الذي يتكئ على الجدار غالبا ما يتهكم أو يزدرى المكان. ثم هنالك النظرة من فوق النظارة التي تدل على الإستصغار وتقليل أهمية الآخر.
ـ عندما يربت الشخص بذراعيه على صدره: فهذا قد يعني أن هذا الشخص يحاول عزل نفسه عن الآخرين أو يدل على أنه خائف.
ـ عندما يفرك يديه ببعضهما فهذا يدل على الإنتظار. وإذا وضع يديه على خده فذلك إشارة إلى التمعن والتأمل.
ـ إذا جلس الشخص وقدماه فوق بعضهما وهو يحركهما بإستمرار فهذا يدل على أنه يشعر بالملل.
ـ إذا كنت تتحدث مع شخص ما وأردت ان تنهي معه فالتثائب يعطيه خير دليل على ذلك.
ـ حك المرء لرأسه أثناء الحديث, يعني أنه يفكر في شيء ما أو يحاول أن يتذكره.
ـ عندما يقبض الشخص إحدى يديه بالأخرى خلف ظهره, فهذه دلالة على عصبية مبطنة وخوف من الإنفلات.
ـ عندما يخفى الشخص فمه براحته فهذا دليل قاطع بإعتقاده انه يسمع أكاذيب.
ـ وإذا جلس الشخص ضاماً قدميه وركبتيه فهذا دليل على التوتر.