إعداد

أحمد السيد كردي

2014م

علاقة ثقافة المنظمة بتطوير إدارة الموارد البشرية.

إن التحدي الأهم للمنظمات، هو كيفية المحافظة على الميزة التنافسية، ويتحقق هذا عن طريق مواصلة البحث، والتطوير، فالموارد البشرية الفاعلة، هي أساس القدرة التنافسية.

فقد تتوافر للمنشأة مزايا نسبية من نوع: (الموقع المتميز، التسهيلات الإئتمانية، براءات الإختراع، الوكالة عن الشركات الكبرى), ولكنها بدون العنصر البشرى الكفء المتطور, تظل بغير قيمة، ولذلك تهتم هذه الجزئية، بعلاقة ثقافة المنظمة بعملية تطوير إدارة الموارد البشرية. على النحو التالي:

1- عملية الإختيار والتوظيف:

أولى خطوات إستمرارية الثقافة التنظيمية يجب أن تبدأ قبل توظيف الموظفين, وعلى سبيل المثال؛ يجب إختيار الموظف الذي يعطي إنطباعاً بالإستمرارية والكفاءة والولاء ولديه القدرة على الإنخراط في عمل المجموعة, وبالطبع التوقع بأنه إجتماعي النزعة.[1]

 

2- نظم الأجور والمكافآت والحوافز:

قد يكون الراتب الشهري بعناصره أحد مصادر الثقافة التنظيمية المؤدية إلى شعور العاملين بالإستقرار والإطمئنان من عدمه، وخاصة إذا كان هذا الراتب يتعرض كثيراً للخصم نتيجة إنخفاض الأداء أو العقاب الشخصي أو الجماعي، فهنا يكون الراتب السبب المباشر لعدم الرضا الوظيفي والشعور بالجور والتهديد من قبل الأفراد، وقد يحدث العكس تماماً حيث تسود المنظمة ثقافة تنظيمية مؤدية إلى الإستقرار والإطمئنان على ثبات مصدر الدخل الشهري للأفراد.[2]

والحوافز تشجع الأفراد على تكرار السلوك الذي ينطوي على تحقيق المنافع المتوقعة، وكلما كانت الحوافز المقدمة فاعلة في إشباع الحاجات المطلوبة للعاملين, كلما ساهم ذلك في إيجاد نوع من الرضا لديهم، وبالتالي يتوجب على المنظمة أن تضع نظم للحوافز سواء كانت مادية أو معنوية, بحيث تكفل حث الأفراد على العمل ورفع مستوى الأداء.[3]

 

3- تقييم أداء العاملين:

ويقصد بها؛ مدى وجود معايير واضحة وعادلة لتقييم أداء العاملين, ومدى المحاسبة على النتائج وتحقيق الأهداف. إذ يترتب على هذه المعايير الكثير من الإجراءات التي تهم وتمس العاملين من ترقيات ومكافآت وغيرها، فيمثل وجود معايير واضحة بعيدة عن المحاباة حافزاً كبيراً للإهتمام بالأداء وجودته. وعلى العكس فإن شعور العاملين بعدم وجودها بالشكل المطلوب تؤثر على التزامهم وأدائهم، وبالتالي على المنظمة التي يعملون فيها.[4]

أما إذا كانت الثقافة التنظيمية السائدة بخصوص عدالة هذه الطريقة وإستقرارها، فإن الأفراد يشعرون بالرضا، ومن ثم لا تكون طريقة تقييم الأداء سبباً لإثارة المشكلات.[5]

 

4- حجم العمل وملاءمته للقدرات الشخصية للفرد:

إذا كان حجم العمل يفوق القدرات الشخصية للأفراد, فإنه تسود المنظمة ثقافة تنم عن تحميل الأفراد أعباء وظيفية أكبر من قدراتهم، مما يجعلهم يسخطون على المنظمة، وهنا يكونون مستعدين لإثارة المشكلات، أما إذا سادت المنظمة ثقافة تنم عن تحميل الأفراد أعباءً وظيفية في حدود طاقاتهم، فإنهم يشعرون بالراحة والرضا عن العمل.

 

5- الشعور بالأمن والإستقرار الوظيفي:

إذا كانت الثقافة التنظيمية السائدة في المنظمة تهتم بشعور جميع العاملين بالأمن والإستقرار الوظيفي, وأنه لا يوجد تهديد بالفعل من العمل، أو توقف المنظمة، فإن هذه الثقافة تنعكس عليهم بالرضا والقبول والتوافق والتعاطف مع المنظمة، ومن ثم المشاركة الإيجابية والفعالة مع الإدارة.

 

6- عدد ساعات العمل ومواعيده:

قد يسود المنظمة شعور عام بأن عدد ساعات العمل أكثر من المعدلات المقبولة والمقررة، وكانت مواعيده غير مناسبة لظروف الأفراد، فإن هذا الشعور يصبح ثقافة تنظيمية تؤثر سلباً على الرضا الوظيفي، ومن ثم يصبح الأفراد أكثر إستعداداً للقلق وإثارة المشكلات وتكرارها، والعكس صحيح؛ إذا سادت المنظمة ثقافة المواعيد المناسبة وساعات العمل المقررة، وإن المنظمة لا تستغل العاملين، فإن هذه الثقافة مدعاة للإستقرار وعدم التفكير في المشكلات.

 

7- العدالة والمساواة في معاملة العاملين:

إذا كانت ثقافة المنظمة مبنية على مفاهيم عدم العدالة والمساواة بين العاملين، فإن هذه الثقافة تكون مصدراً للإضطرابات والتذمرات داخل المنظمة، وتكثر الشكاوي والتصرفات السلبية، وتظهر التنظيمات غير الرسمية التي تقف ضد الإدارة وأهداف المنظمة، أما إذا كانت هذه الثقافة مبنية على مفاهيم العدالة والمساواة, فإنها تكون مصدر قوة وإستقرار للمنظمة, حيث يشعر كل شخص أنه يأخذ حقوقه دون مطالبة، ولن يقع في غبن ويتفرغ لعمله الأساسي.

 

8- المشاركة والعلاقات وتحقيق الإنجاز:

إذا كانت ثقافة المشاركة في صناعة القرارات قبل إتخاذها هي التي تسود المنظمة، وأن لكل موظف فيها مهما كان في المستويات التنفيذية أو الإشرافية، فإن هذه الثقافة تشيع روح التعاون والمبادأة والدافعية لدى العاملين بها، عكس ذلك إذا ساد في المنظمة ثقافة الإدارة الأتوقراطية وتسلسل الأوامر والتعليمات، فإن هذه الثقافة من شأنها أن تخلق الإحباط والسخط الوظيفي, وبالتالي تنعكس على مستويات الأداء العامة للمنظمة.

وكذلك فإنه إذا سادت المنظمة ثقافة العلاقات المتكافئة والمتبادلة المتمثلة في علاقات الدور، وليس علاقات الوظائف بين الرؤساء، فإن هذه الثقافة من شأنها تحقيق الرضا عن العمل، والتعاون الهادف والمستمر، أما إذا كانت هذه الثقافة تقوم على علاقات ضعيفة تسودها الصراعات والمشاحنات والتربص بين الزملاء, فإنها تكون ثقافة سلبية.

ومن ناحية أخرى أيضاً؛ فإنه إذا سادت المنظمة ثقافة الإنجاز وتحقيق الطموحات الشخصية من خلال الوظيفة، فإن هذه الثقافة من شأنها تحقيق الرضا الوظيفي وتوليد الدافع على الإنجاز وتصبح المنظمة هي المكان الذي تتحقق فيه الرغبات والطموحات بل وتتحقق به الذات, أما إذا كانت الثقافة التنظيمية لا تشجع على الإنجاز أو وضع مستويات للطموح وتحقيقها فإنها تصبح ثقافة سلبية مثبطة, وبموجبها تصبح المنظمة مجرد مكان للضغوط النفسية والعلاقات السلبية.

 

9- التعليم والتدريب المستمر: [6]

قد يكون ثقافة المنظمة فيما يتعلق بإستمرار العاملين بها, في مواصلة تعليمهم ثقافة سلبية لا تشجعهم على ذلك، وأن التطوير الذاتي لا يتاح إلا لعدد محدود من العاملين، و أن هذا المطلب يسعى إليه العاملون ولكنهم لا يحصلون عليه إلا بصعوبة، مثل هذه الثقافة تكون ذات تأثير سلبي على المنظمة والعاملين في الأجل الطويل، إذ أن مستوى تعليم العاملين جزء هام من الثقافة التنظيمية ويمكن أن يكون عائقاً في سبيل تطويرها. وقد تكون الثقافة التنظيمية في هذا المجال ثقافة مشجعة تدرك بموجبها المنظمة وتعرف أهمية وقيمة مساندة ومؤازرة مواصلة التعليم لعمالها، وتوظيف الإدارة للمهارات وللقدرات الخاصة بموظفيها وعمالها إلى حدها الأقصى. وتتيح لجميع العاملين تحديد احتياجاتهم التعليمية والتدريبية وتلبية هذه الاحتياجات.

وإذا كانت الثقافة التنظيمية فيما يتعلق بالنشاط التدريبي أنه نشاط قصير الأجل ينتظر منه عائد سريع وأن ميزانيته محدودة، وينظر إليه على أنه نشاط إداري عادي. فإن هذه الثقافة سوف تنعكس على الأفراد بالنظر إليه بعدم الجدية، المصداقية، أما إذا آانت هذه الثقافة تبنى على أن التدريب استثمار، وأن تراكم مهارات العاملين يمثل قوة تنافسية متقدمة في الأجل الطويل، وليست العبرة بالعائد قصير الأجل، وتوضع موازنة التدريب بحيث تتيح لكل فرد فرصة تدريب ولو مرة سنوياً, مثل هذه الثقافة سوف تجعل الإدارة يضعون التدريب كنشاط في أولوياتهم, وأنه طريقهم للتقدم والنمو والريادة والتغلب على مشكلات إنخفاض مستويات الأداء وهو المدخل للتطوير والتنمية.

 

10- طبيعة وظروف العمل:

إن طبيعة العمل تعتبر عاملا مهما في تحفيز العاملين أو إحباطهم, إذ أن العمل الروتيني, يؤدي إلي حدوث الملل والسأم وزيادة الإهمال واللامبالاة, وعدم الإكتراث نحو إعتماد أسلوب التحديث، أو التطوير حيث أن العامل غالبا ما يشعر بعدم أهمية جدوى عمله، أما الأعمال التي تتسم بالتحسن والتطوير, فإنها تشجع العاملين على الإسهام بكل طاقاتهم وقدراتهم الإبداعية, في إثارة الكفاءات والإمكانات الكامنة لديهم, في نجاح العمل وتحقيق الأهداف.[7]

 

11- العلاقات غير الرسمية في العمل:

والتي يمكن رصدها في كافة الأنشطة الإجتماعية، واللقاءات الأسرية في المناسبات المختلفة بين العاملين، كما يحدث في تناول الطعام الجماعي على مائدة واحدة, أو يحدث في معسكرات مناطق الحفز والإنتاج بالصحراء وفي وسط البحار وكذلك عند حضور الحفلات الترفيهية، أو عند التنافس الجماعي والفردي في الأنشطة الرياضية، أو عند ممارسة اللعبات والهوايات الجماعية.

كما يمكن أيضا أن يحدث ذلك من خلال أنشطة ثقافية سواء عند حضور الندوات واللقاءات, أو من خلال تبادل الرسائل على الإنترنت بما يتضمنه من عرض للآراء وتبادل الرسائل عبر الانترنت, بما يتضمنه من عرض للآراء وتبدلها حول القضايا الثقافية ذات الإهتمام المشترك للمجموعة ككل, وعرض ومناقشة جوانب القصور والخلل ونقاط الضعف لتلافيها وتجنبها بقدر أكبر من الحرية, ودون حساسية أو خوف من اللوم أو التقليل بشأن الجهد المبذول.

أن تكرار ما سبق بمرور الوقت والممارسة المتصلة له، سيحقق التلاقي الثقافي في الأجل البعيد ويضمن الحد الأدنى من التلاقي اللازم لعملية التنمية والتطوير الوظيفي على الأقل في الأجل القصير.

 


[1] - منصور بن ماجد آل سعود، الثقافة التنظيمية وعلاقتها بالسلوك القيادي في الإدارة المحلية بالمملكة العربية السعودية، مرجع سابق, ص: 23.

[2] - موسى الحوطي، الثقافة التنظيمية وإدارة الأزمات، جامعة الزقازيق, مصر، ١٩9٤م.

[3] - سيد محمد جاد الرب، السلوك التنظيمي: موضوعات وتراجم وبحوث إدارية متقدمة, الطبعة الأولى، مطبعة العشري, القاهرة، مصر, ٢٠٠٥م, ص: 196.

[4] - محمود عبد الرحمن إبراهيم الشنطي, أثر المناخ التنظيمي على أداء الموارد البشرية: (دراسة ميدانية علي وزارات السلطة الوطنية الفلسطينية في قطاع غزة), مرجع سابق, ص: 38.

[5] - موسى الحوطي، الثقافة التنظيمية وإدارة الأزمات، مرجع سابق.

[6] - منصور بن ماجد آل سعود، الثقافة التنظيمية وعلاقتها بالسلوك القيادي في الإدارة المحلية بالمملكة العربية السعودية، مرجع سابق, ص: 33.

[7] - خضير كاظم حمود، السلوك الإداري, مرجع سابق, ص: 171.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 4034 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,719,443

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters