لقد شهدت المراحل الأخيرة من القرن العشرين, وخصوصا مرحلة السبعينات والثمانينات وحتى الآن, تطورات ملحوظة في إدارة الموارد البشرية، إذ لعبت المتغيرات البيئية التي شهدها العصر الراهن من خصائص فريدة, لم تكن معروفة آنذاك، والتي أثرت على الموارد البشرية, مما أدى إلى أن تتسم بالمعالم التالية من التغييرات والتطوير:[1]
- زيادة الإهتمام بإدارة الموارد البشرية, وإيلاؤها إهتماماً كبيراً أكبر من ذي قبل.
- أثرت التطورات والتغيرات الحاصلة بمجموعة كبيرة من السياسات والإجراءات المرتبطة بالعاملين.
- زيادة الإهتمام الملحوظ في الجوانب العلمية المتعلقة بالأداء.
- التركيز على جودة الحياة المرتبطة بالعاملين وبروز فلسفة إدارة الجودة الشاملة.
- بروز ظاهرة التمكين للعاملين, وهي إحدى أهم الإفرازات الفكرية والفلسفية للتعامل مع القوى البشرية.
إن هذه الملامح شكلت تطورات ملحوظة لما آل إليه التغيير البيئي, سواء في إطار الجوانب الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والتكنولوجية.. الخ، من التطورات التي أسهمت بصورة فاعلة بالنهوض المستهدف لإدارة القوى البشرية. وقد قادت هذه التغيرات بمختلف مكوناتها وأبعادها, إلى تأثيرات كثيرة, كانت محصلتها أن التغيير المستمر والمتسارع أصبح سمه يتعين على المنظمات التعايش معها ومواجهتها، وعدم الإنعزال عنها في بيئة تتسم بالإنفتاح العالمي، ولكي تتواءم المنظمات وتستمر فينبغي لها بناء قدراتها الذاتية, وتدعمها من أجل أن تتمكن من التطوير المستمر والتغيير والمبادرة, حتى يمكن الإستمرار والبقاء في بيئة الأعمال التي تتسم بالتنافسية الحادة.
ولا شك أن هذا المسعى لن يتأتى للمنظمات, الإ من خلال توفر موارد بشرية لديها المعارف والمهارات والقدرات الإبداعية والإبتكارية, للتفاعل والتعامل الفعال مع مختلف متغيرات بيئة الأعمال, من أجل تكوين وإضافة قيم تدعم المنظمات في هذا الإطار.
إن الموارد البشرية هي أهم الموارد بالمنظمة, وتمثل مورد إستراتيجي رئيسياً, بما يحقق زيادة قدرة المنظمة. الأمر الذي يتطلب معه القيام بتغيير قيم وإتجاهات الافراد المتعلقة بالعمل، بحيث يزيد ولاؤهم وإنتماءهم للمنظمة وتزيد دافعيتهم للعمل، ويمكن أن يتم هذا من خلال تنمية اسس لمعاملة الإفراد، وتحسين أخلاقيات وسلوكيات وأتجاهات العمل لديهم، ومحاولة مقابلة توقعاتهم المختلفة، وتحسين الطاقات والأمكانيات الخاصة بتنمية وتدريب الأفرد لزيادة شعورهم بالأمان الوظيفي، وتنمية روح الإلتزام والإبتكار في الأفراد, من خلال أستهداف أساليب ووسائل لتحفيزهم, تتمشى مع التغير في قيمهم وحاجاتهم, وتنمية معايير للأداء والأستحقاق, بحيث تمنح على أساسها الأجور والمزايا.
والموارد البشرية ممثلة في العاملين بالمنظمة من مختلف الفئات والمستويات والتخصصات, هي الدعامة الحقيقية التي تستند إليها المنظمة الحديثة. وأن العاملين هم الأداة الحقيقية لتحقيق أهداف الإدارة، فهم مصدر الفكر والتطوير، وهم القادرون على تشغيل وتوظيف باقي الموارد المادية المتاحة للمنظمة. كما تساهم الموارد البشرية مساهمة فعالة في تحقيق أهداف المنظمة, إذا توفرت الظروف الإيجابية التي تدفعهم إلى العمل والعطاء.[2]
ماهية عملية تطوير الموارد البشرية.
يقصد بعملية تطوير الموارد البشـرية: مجموعة الأنشطة المخططة والمنظمة والمستمرة, التي تساعد على زيادة قدرات ومهارات وخبرات الموارد البشرية, والتي تتمثل عناصرها غالباً في تقيم الأداء والتدريب والمعرفة والتعلم وتخطيط المسار الوظيفي, والتغذية العكسية والنصائح والإستشارات ومكافأة حوافز الأداء والتناوب الوظيفي وغيرها, حيث يتم تحديد مدى عملية تطوير الموارد البشرية, من خلال مساهمتها في تحسين مستوى المهارات والخبرات والقدرات والأداء, والقدرة على مواجهة التغيرات البيئية.[3]
لذا فمن الواجب على منظمات الأعمال المصرية, أن تسعي للنمو والتوسع والمنافسة, وأن تعمل على إكساب مواردها البشرية المزيد من المهارات والقدرات والخبرات اللازمة لمواجهة مثل هذه التغيرات, عن طريق تفعيل وإستمرارية وتحسين عملية تطوير الموارد البشرية.
إن عملية تطوير الموارد البشرية، هي عملية مستمرة, يتم من خلالها مساعدة الأفراد بطريقة مخططة، من أجل تحقيق الأهداف التالية:[4]
§ إكساب الأفراد للقدرات، والمهارات المطلوبة، لتمكنهم من أداء الأعمال المرتبطة بوظائفهم سواء الحالية، أو المستقبلية المتوقعة.
§ تطوير قدرات الأفراد بصفة عامة، وإكتشاف ما بداخلهم تجاه نواحي التطوير.
§ تطوير الثقافة التنظيمية المتمثلة في العلاقة بين الرئيس والمرؤوسين، والعمل كفريق واحد، والتعاون بين الوحدات الفرعية داخل المنظمة، وكذلك العمل على تحفيز الأفراد.
بالتالي فإن عملية تطوير الموارد البشرية، تسعي إلى إحداث خمسة أنواع من التغييرات، هي:
1- التغيير في المهارات: أي تغيير مهارات الموارد البشرية تبعا لحاجات المنظمة، ومواجهة متطلباتها، والمقدرة على أداء الأعمال.
2- التغير في المعارف: ويتطلب ذلك من الأفراد المعارف المطلوبة، أو تغيير وجهة نظرهم تجاه معارف معينة تتناسب مع أهداف المنظمة.
3- التغيير في الإتجاهات: ويقصد به تغيير في إتجاهات الأفراد، ومعتقداتهم، وأحاسيسهم، تجاه العديد من المتغيرات، والأفكار، مع إتجاهات وأفكار المنظمة.
4- التغيير في الإدراك: ويقصد به تغيير طريقة إدراك الأفراد للأمور، وإتخاذ القرار المناسب تجاهها.
5- التغيير في الدافعية للأداء: ويقصد بذلك زيادة رغبة الأفراد في العمل بشكل مختلف، وبطرق أخري تساهم في زيادة فاعليتهم وإنتاجيتهم.
ومن ثم يمكن إستخلاص مفهوم لعملية تطوير الموارد البشرية مؤداه: أنه نظام معقد يضم مجموعة من الإستراتيجيات في ثوبها الحديث، كالتدريب، والتعليم، والتطوير، وغيرها.
ويلزمه تهيئة للثقافة التنظيمية، وأن تقوم بتنفيذه كفاءات محورية على درجة عالية من الخبرة والتخصص, وتتبع فى تنفيذه برامج الجودة الشاملة، لتصبح مخرجاته موارد بشرية على درجة عالية من حسن القيم، والسلوك السوي، والمعرفة التقنية، وحب وتجويد العمل القادر على الإبتكار والتجديد، وفن التعامل مع الثقافات المختلفة، فالمنظمات الناجحة ذات قدرات تنافسية متميزة، وتستطيع مجابهة التحديات الحالية، والمستقبلية.
[1] - خضير حمود، ياسين الخرشة، إدارة الموارد البشرية، الطبعة الأولى، دار المسيرة للنشر والتوزيع، عمان, الأردن، 2007م.
[2] - على السلمى, إدارة الموارد البشرية الإستراتيجية, دار الغريب للطباعة والنشر والتوزيع, القاهرة, مصر, 2001م, ص: 37.
[3]- Certo S.C., Modern Management Diversity Quality, Ethies and Environment, New Jersey: Prentice Hall, Inc., 1999.
[4] - Rao, the new Approach, Indian Journal For Industrial Relations, T.V "HRD", 1987,P:29-32