التعايش الزوجي
الأصل في العلاقة الزوجية أن تقوم على المحبة والود والتكافؤ والصداقة والاحترام وعلى كل طرف ليس فقط تجنب ما يزعج الآخر وإنما يسعى أيضاً للقيام بما ينفع الشريك . إنهما على أرض واحدة كشريكين مسؤولين متعاونين في إتجاه واحد . إن كل عمل حسن يقدمه الواحد منهما إلى الآخر تعود ثماره على فاعله بشكل أو بأخر كما قال الله عز وجل ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) سورة الرحمن (60) .
وتبقى أهم دعامتين لكل علاقة ناجحة متينة الإحترام المتبادل والتكامل بين الطرفين . وتبدأ عادةً العلاقة الزوجية بالمحبة والود بين الزوجين ويقدم كل منهما أحسن ما عنده لسعادة وراحة الطرف الآخر .
ويظن كل منهما أن هذه الحالة الغبطة والسعادة ستستمر إلى ما لا نهاية ولكن بعد فترة من الوقت تقصر أو تطول ، يبدأ بريق هذه العلاقة بالذهاب ريوداً ، ويظن الرجل أن زوجته ستتصرف مثله أي كالرجل ، وتظن هي أن زوجها سيتصرف كالنساء من دون أن يدركا طبيعة الفروق بين الجنسين ، وتبدأ الصعوبات بالظهور إلى السطح ، وتبدأ عقبات الحوار والتفاهم بينهما في التأثير على طريقة تعاملهما .
وقد يصل الأمر لحد عدم التفاهم ، ولا يجمع بين الزوجين إلا العيش تحت سقف واحد ولأسباب متعددة . ويحدث الخلاف وعدم التفاهم رغم إخلاص وحسن نية كل منهما ولكن المشكلة الحقيقية في عدم المعرفة الدقيقة لطبيعة الفروق بين الرجل والمرأة ، وعدم التصرف السليم وفق هذه المعرفة .
إن فهم طبيعة الفروق بين الجنسين من شأنه أن يغير حياتهم ويزيد من قدرتهم على التعايش وتجنبهم الكثير من المشكلات والصعوبات والتي يمكن أن يؤدي عدم فهمها إلى تفكك هذه العلاقة الزوجية المقدسة .
فقد تستطيع المحبة وحدها حفظ الزواج لبعض الوقت . وإن كان زواجاً فيه الكثير من الخلافات والمشاكل ، وإنما لابد مع الحب من الفهم العميق والصحيح للفروق بين الرجل والمرأة ، ومعرفة الطريقة الأنسب للتعامل مع الجنس الآخر .
إننا عندما نتعرف على الفروق بين الجنسين فإننا سنكشف طرقاً جديدة للتكيف والتعامل مع الجنس الآخر ، وتحسين علاقتنا ، وسوف نتعرف على طرق جديدة للتعامل لم نتعلمها من الجيل الذي يكبرنا .
وترجع أسباب هذه الفروق بين الجنسين إلى الهرمونات والفروق العصبية وطبيعة الاستقلابات في الجسم ، وطريقة تربية الأبوين ووسائل التعليم والتأثيرات الاجتماعية والثقافية ، وتأثير وسائل الاعلام ، والتطور التاريخي للبشر والمجتمعات . فكم من أزواج مضى على زواجهم سنوات طويلة من المحبة والود ، ولكن بعد سنوات من خيبات الأمل والاحباطات وسوء التفاهم أصبحت علاقتهم باردة ، ووصلا إلى حالة من اليأس في إمكانية تجديد وتقوية علاقتهم الزوجية ،
وقد يكون كل طرف محباً للطرف الآخر إلا أنهم عندما تنشأ مشكلة أو صعوبة ما فإنهم لايعرفون كيفية التعامل معها وعليهم أن يعرفوا أن الفروق بينهم طبيعية ومتوقعة وأن هذه الفروق والاختلافات تتشابه كثيراً مع الفروق والاختلافات بين الأزواج الآخرين ، وأنه يمكن من خلال التعرف على طبيعة هذه الفروق والتكيف معها أن تبدأ حياتهم من جديد ، وأن يبدأ الحب والاحترام بالنمو بينهم .
إن الفهم الإيجابي لهذه الفروق سيرشدنا إلى إقتراحات عملية تخفف من الإحباط وخيبات الأمل وتزيد من السعادة والمودة وسيمكننا هذا الفهم من معرفة كيفية الاستماع للطرف الآخر وكيفية تقديم الدعم والتشجيع المطلوبين .
كما أن الجهل بهذه الفروق والسنن الإلهية في العلاقات الإنسانية ينشئ التوتر والاستياء والصراعات بين الزوجين ، حيث أن السنن الإلهية لا ترحم من يجهلها أو يتجاهلها .
فعندما يتعرف كل من الرجل والمرأة على خصائص وحاجات الطرف الآخر ، وعندما يحترم كل منهما هذه الفروق بينهما ، فعندها يقدم كل منهما للآخر ما يحتاجه مما ينمي الحب والاحترام بينهما .
إن من الممكن للحب أن يدوم بين الزوجين إذا عرف كل منهما واحترم هذه الفروق التي تميز كل من الجنسين ، وتعامل معها بما يوافقها .
فعندما ينسى الرجل وتنسى المرأة أن كلا منهما مختلف عن الآخر تنشأ بينهما التناقضات والصعوبات ويغضب كل منهما من الآخر لأن كل واحد يتوقع من الآخر أن يكون مثله ، فالرجل يريد من المرأة أن تطلب كما يود هو الحصول عليه ، وتتوقع المرأة منه أن يشعر بما تشعر هي به تماماً .
إن كلا منهما بفترض خطأ أنه إن كان الآخر يحبه فسوف يتصرف بنفس الطريقة التي يتصرف فيها هو عندما يعبر عن حبه وتقديره ، فهذا الافتراض الخاطئ سيكون عند صاحبه خيبات الأمل المتكرره وسيضع الحواجز الكثيرة بين الزوجين ، مما يمنعهما من الحديث الواضح في طبيعة الفروق بينهما ، وهناك ملامح عامة لطبيعة الفروق بين الجنسين منها
(1) اختلاف القيم والنظرة للأمور :
فالرجل يخطئ عندما يبادر إلى تقديم الحلول العملية للمشاكل ولا يرى أهية لشعور المرأة بتالانزاعج أو الألم وهذا ما يزعج المرأة من حيث لا يدري . ومن خلاف فهم اختلاف القيم بينهما يساعدنا على تصحيح تصرفاتنا .
(2) اختلاف طريقة التكيف مع الصعوبات والتحديات والمشاكل :
فالرجل عندما يواجه مشكلة يميل بطبعه إلى الإنعزال بنفسه والتفكير بهدوء ، بينما تميل المرأة إلى الرغبة في الجلوس مع الآخرين ومعرفة ذلك سيعيننا على التكيف الأفضل من التحديات والمشكلات .
(3) اختلاف المحفزات والدوافع للعمل والعطاء :
فالرجل يقدم ويعمل ويعطي عندما يشعر أن هناك من يحتاج إليه بينما تميل المرأة للعمل والتقديم عندما تشعر بأن هناك من يرعاها.
(4) اختلاف اللغة :
فكل من الرجل والمرأة يتكلم لغة خاصة به، وقد لا يفهم كل منهما الطرف الآخر مما يسبب سوء الترجمة والفهم بينهما، وكذلك تختلف دوافع السكوت وعدم الكلام عند كل الجنسين، وفهم هذه الأمور يساعد المرأة على التصرف الأفضل عند صمت الزوج ويساعد الرجل على حسن الاستماع لزوجته مما يخفف من خيبات الأمل بينهما.
(5) اختلاف طبيعة التقارب من الجنس الآخر :
فعندما يقترب الرجل من المرأة يشعر بالحاجة الملحة للابتعاد لبعض الوقت، وليعود للاقتراب من جديد، مما يشعره باستقلاليته المتجددة بينما تميل المرأة في علاقتها ومشاعرها إلى الصعود والهبوط كموج البحر، وفهم هذه الفروق يساعد المرأة على التعامل الأمثل مع أوقات ابتعاد الزوج ويساعد الرجل على التعامل الأفضل مع المرأة عندما تتغير فجأة طبيعة مشاعرها تجاهه، وكيف يقدم لها ما تحتاجه في هذه الأوقات .
(6) اختلاف الحاجات العاطفية والودية :
فالرجل يحتاج إلى الحب الذي يحمل معه الثقة به وقبولة كما هو والحب الذي يعبر عن جهوده وما يقدمه بينما تحتاج المرأة إلى الحب الذي يحمل معه رعايتها وانه يستمع إليها، وأن مشاعرها تفهم وتقدر وتحترم .
(7) اختلاف الجدال:
فالرجل يتصرف وكأنه دوماً على حق مما يشعر المرأة بعدم صحة مشاعرها وعواطفها في حين ترى المرأة بدل من أن تعبر عن عدم موافقتها على أمر ما يقوم به الرجل فإنها تشعره بأنه مقبول لها كلياً مما بدفعه لأخذ الموقف الدفاعي.
(8) الاختلاف في طريقه حساب اعمالهم:
حيث تقوم المرأة باعتبار وتقدير كل العطايا وما يقدمه الرجل بنفس المواجهة، وبغض النظر عن حجم هذا العمل، بينما يميل الرجل إلى التركيز على عمل واحد كبير أو تضحية عظيمة، ويهمل الأعمال الأخرى الصغيرة.
(9) الاختلاف في إخفاء مشاعرهما وطريقة حوارهما وقت الأزمات.
(10) الاختلاف في طلب المساعدة أو تقديمها:
فالمرأة تجد صعوبة في طلب المساعدة والتأييد، بينما يميل الرجل إلى عدم الاستجابة إلى طلب المساعدة.