مفهوم الإدارة الإستراتيجية
حتى أقدم تعريف واضح لمفهوم الإدارة الإستراتيجية كان لا بد من تجزئة المصطلح إلى عناصره الأساسية وتعريف كل عنصر على حده ومن ثم تركيب توليفة لمفهوم الإدارة الإستراتيجية ، فالإدارة Management بمعناها البسيط تعني وظيفة إنجاز الأعمال من خلال الآخرين وتعني أيضاّ عملية حشد الموارد و عناصر المدخلات وتحويلها إلى مخرجات ذات قيمة ( منتجات أو خدمات ) من خلال وظائف التخطيط ، التنظيم ، التوجيه ، التشكيل ، الرقابة واتخاذ القرارات .
أما الإستراتيجية فمن المعروف أن جذور المصطلح تعود إلى الأصل الإغريقي Strategia وتعني " فن قيادة الحرب من قبل الجنرالات أو هيئة أركان الجيش " لذلك فإن استنباط هذا المعنى الأولي للإستراتيجية ونقله إلى حقل التخطيط الاستراتيجي والإدارة الإستراتيجية ، فالتعريف المبسط يعني فن الإدارة والقيادة .
إذا تجاوزنا المضامين القاموسية لمصطلح الإستراتيجية كما ترد مثلاّ في قاموس Oxford باعتبارها فن الحرب والقيادة Generalship , the art of war وانتقلنا إلى المضامين الإدارية الأعمق سنجد أن أفضل من عبر عن المضمون الإداري الاستراتيجي لهذا المصطلح هو Mintzberg حين قدم تعريفه في سنة 1944 كما يلي :
إن الإستراتيجية تعرف باستخدام واحد أو أكثر من المصطلحات التالية :
خطة plan نمط pattern موقف position ومنظور perspective وإن كل مصطلح من هذه المصطلحات يوصف بطريقة مختلفة على أساس المعنى الذي يأخذه أو يتضمنه مفهوم الإستراتيجية.
يمكن القول أن الإدارة الإستراتيجية هي قبل كل شيء:
طريقة جديدة في التفكير الإداري
أسلوب جديد في الإدارة
منهجية جديدة في صنع واتخاذ القرارات الإدارية الإستراتيجية
بتعبير أخر تمثل الإدارة الإستراتيجية فكراّ إدارياّ جديداّ وتوليفة جديدة ومتنوعة من التقنيات والنماذج العملية في الإدارة الحديثة ومنهج علمي واضح وديناميكي في عملية واتخاذ القرارات الإستراتيجية التي تؤدي إلى تحقيق رسالة المنظمة وأهدافها الإستراتيجية .
وعلى حد تعبير Glueck إن الإدارة الإستراتيجية هي سلسلة متواصلة من القرارات والأفعال المحكمة التي تؤدي بالنتيجة إلى بناء وتطوير إستراتيجية أو إستراتيجيات فعالة لتحقيق أهداف المنظمة .
وفي تعبير عن ارتباط الإدارة الإستراتيجية برسالة المنظمة يقول Higgins أن الإدارة الإستراتيجية هي العملية الإدارية التي تستهدف إنجاز رسالة المنظمة من خلال إدارة وتوجيه علاقة المنظمة مع بيئتها .
إن الإدارة الإستراتيجية ضمن هذا السياق هي منظومة متكاملة من العمليات والأنشطة ذات العلاقة بتحليل البيئة الداخلية والخارجية وصياغة إستراتيجية مناسبة وتطبيقها وتقييمها في ضوء تحليل أثر المتغيرات البيئية عليها وذلك بما يضمن تحقيق ميزة تنافسية إستراتيجية مؤكدة للمنظمة .
غير أن الإدارة الإستراتيجية هي أيضاّ وظيفة إدارية ، وظيفة المدير الإستراتيجي ، ووظيفة الإدارة العليا في المنظمة بل هي في مقدمة وظائف ومهام الإدارة العليا في كل المؤسسات والمنظمات الحديثة في عالم اليوم والغد .
إن من المهام الحيوية للإدارة العليا في كل مؤسسة أو منظمة حديثة ، العمل من أجل صياغة رسالة واضحة ومحددة للمنظمة وتحديد الأهداف الإستراتيجية لها وتحليل الخيارات أو المسارات الإستراتيجية المتاحة والمفاضلة فيما بينها في ضوء تحليل البيئتين الداخلية والخارجية وبالتالي اختبار وتطبيق ومراقبة تنفيذ الإستراتيجية الملائمة للمنظمة .
بتعبير أخر إن من بين الواجبات الجوهرية التي تتصدر عمل الإدارة العليا هو تكوين معرفة حقيقية عميقة بأنشطة الأعمال الرئيسية التي تستطيع المنظمة تنفيذها باقتدار ، وتحديد الأنشطة التي يجب القيام بها من خلال تنمية وتطوير علاقة المنظمة مع بيئتها ، وإدارة لعبة المنافسة بكفاءة وفعالية وبطريقة تحقق للمنظمة الميزة التنافسية المؤكدة والمستمرة .
إضافة إلى ما تقدم فإن الإدارة الإستراتيجية تهتم بمتابعة وتقويم الأداء الكلي للمنظمة من حيث كون المنظمة عبارة عن حزمة متكاملة ومتفاعلة من النظم الوظيفية الفرعية التي تحتوي عناصر قوة وضعف كما تهتم بأداء كل نظام وظيفي وكل وحدة أعمال إستراتيجية وتحديد أدوارها في خلق قيمة متميزة واستثنائية لمنتجات وخدمات المنظمة .
أهداف الإدارة الإستراتيجية
تسعى الإدارة الإستراتيجية إلى تحقيق جملة من الأهداف التي ترتبط بصفة جوهرية بعملية الإدارة الإستراتيجية على مستوى المنظمة ككل أو على مستوى وحدات الأعمال الإستراتيجية ومستوى المجالات الوظيفية الرئيسية في المنظمة وعليه فإن الغايات المرجوة من عملية الإدارة الإستراتيجية هي :
1- صياغة الرؤيا الإستراتيجية للمنظمة .
2- صياغة رسالة المنظمة .
3- تحليل الفرص والتهديدات أو القيود في البيئة الخارجية وتحليل مكامن القوة والضعف في المنظمة أي بيئتها الداخلية .
4- بناء وتطوير إستراتيجية الأعمال على مستوى المنظمة وإستراتيجيات الأعمال على مستوى وحدات الأعمال الإستراتيجية وعلى المستوى الوظيفي .
5- تطبيق إستراتيجيات الأعمال بكفاءة وفعالية .
6- تنفيذ أنشطة الرقابة الإستراتيجية لضمان الوصول إلى الأهداف الإستراتيجية .
7- اتخاذ القرارات الإستراتيجية للمنظمة .
8- تقويم الأداء الكلي للمنظمة .
9- إدارة التحالفات الإستراتيجية الدولية والمشروعات الإستراتيجية الدولية وإستراتيجيات الاندماج ، الشراء أو الإستراتيجية في الأسواق العالمية .
10- تحديد الخصائص الأساسية للمنظمة واستثمارها بما يساعد الإدارة على تحقيق الميزة التنافسية المؤكدة .
11- تحديد المنتجات والأسواق التي سوف تتعامل معها المنظمة والأسواق التي يجب الدخول فيها .
12- تخصيص الموارد المتاحة للاستخدامات البديلة وزيادة الكفاءة والفعالية .
إلى جانب هذه الأهداف ذات العلاقة بعملية الإدارة الإستراتيجية ، فإن أهمية الإدارة الإستراتيجية تتجلى أيضا من خلال قدرتها على تحليل ومواجهة التحديات التي تواجه الإدارات في القرن الواحد والعشرين وهي على سبيل المثال لا الحصر :
1- كونية الأعمال وكونية المنافسة .
2- تسارع تأثيرات القوى الدافعة للعولمة في مختلف ميادين الحياة .
3- إنبثاق مجتمعات المعرفة .
4- التقدم النوعي الهائل والمتسارع في حقل المعلوماتية وتأثيراتها الجذرية على أنشطة الأعمال .
5- تصاعد وتيرة المنافسة محلياّ وإقليمياّ وعالمياّ .
6- التغير المستمر بقواعد لعبة الأعمال .
وتستطيع الإدارة الإستراتيجية أن تحقق نوع من الديناميكية المخططة أو نمط ما من اللولبية الموجبة التي تدفع مدراء الإدارات العليا وصناع القرار الإستراتيجي في المنظمة على امتلاك قدرات ومهارات التفكير الإستراتيجية ورؤية المستقبل من خلال إدراك الواقع والتنبؤ بمتغيرات السوق والاستجابة السرية المرنة لاحتياجات المستهلك والتنبؤ بسلوكه في المستقبل .