محمد العطار
(يمكن للناس فعل أشياء مدهشة، إذا ما تمت إدارتهم بطريقة جيدة، وتم تحفيزهم بطريقة صحيحة).
بريان تراسي
لن تجد شخصًا لا يهمه أجر وظيفته، فكلنا نستمد من أجرنا قيمًا ومعاني كثيرة، فمن الأجر نعيش ونشبع احتياجاتنا الأساسية، ومنه قد نشعر بقيمة اجتماعية، ومنه قد نشعر بتحقيق الذات.
وعلى مستوى المنظمة، فإن أجور العاملين تمثل ما يطلق عليه ميزانية (أو موازنة) الأجور، وهو في نفس الوقت ما يمثل الجانب الأساسي في تكلفة العمالة، وتمثل تكلفة العمالة أحد التكاليف الأساسية للمشروع.
وفي الجانب الآخر، يمكن القول أن التصميم الجيد لأنظمة الأجور يمكنه أن يساعد على رفع إنتاجية وأرباح المنظمة، وعليه يمكن القول أن نظام الأجور هو بمثابة سلاح ذو حدين، إذا أحسن تصميمه وإدارته كان لصالح الشركة، وإن أسيء تصميمه وإدارته كان وبالًا عليها، ومن هنا يستمد نظام الأجور أهميته في المنظمة.
ماهية الأجور:
الأجر هو مقابل قيمة الوظيفة التي يشغلها الفرد، وهناك مفاهيم مرتبطة بالأجر يحسن التفريق بينها، ومن أهم المفاهيم والمصطلحات المرتبطة بالأجر ما يلي:
المرتب: هو ما يحصل عليه الموظف، وهو ما يصرف شهريًا في الغالب.
الأجر: هو ما يحصل عليه العامل، وهو ما يصرف يوميًا أو أسبوعيًا.
إلا أن هذه التفرقة قد اختفت تقريبًا، وأصبح اللفظان مترادفين، وأن كليهما هو مقابل لقيمة الوظيفة التي يشغلها الفرد.
إجمالي الأجر: وهو ما يستحقه الفرد من أجر (كمقابل للوظيفة)، قبل خصم أي استقطاعات.
صافي الأجر: هو عبارة عن الأجر بعد خصم الاستقطاعات، أي هو الأجر الذي يستلمه الفرد في يده، وتمثل الاستقطاعات التي تخصم من الأجر في الضرائب، ونصيب وظيفة الفرد من التأمينات المختلفة (مثل تأمينات البطالة، والرعاية الصحية، والعجز، والمعاش).
الأجر النقدي: هو المقابل النقدي، لقيمة الوظيفة والعمل المكلف به الفرد.
الأجر العيني: هو مقابل غير مادي، يظهر في شكل خدمات تقدمها الشركة للفرد، ومن أمثلتها الرعاية الطبية، والعلاج، والمواصلات، والسكن، والملابس، ووجبات الطعام أثناء العمل، وهي بالرغم من أنها تأخذ الشكل غير المادي في تقديمها، إلا أن تكلفتها يمكن حسابها ضمن ميزانية (أو موازنة) الأجور.
هل الأجور مهمة؟
بالطبع نعم... فالأجور ذات أهمية بالغة سواء على مستوى الفرد، أو على مستوى المنظمة.
وتتمثل أهمية الأجور على مستوى الفرد في:
أنها وسيلة لإشباع الاحتياجات المختلفة للفرد، سواء كانت احتياجات أساسية لمعيشته وبقائه، أو لشعوره بالأمان، أو للاندماج في العلاقات الاجتماعية، أو باعتبارها الوسيلة المناسبة للشعور بالتقدير من قبل الشركة التي يعمل بها، أو كوسيلة يقيس بها تقديره واحترامه لذاته؛ وبالتالي تحقيق بعض الرفاهية للموظفين، والحفاظ على رضاهم عن المؤسسة وولائهم لها.
أما على مستوى المنظمة، فإن الأجر ذو أهمية بالغة؛ لأنه يؤدي الوظائف التالية:
1. الأجر هو وسيلة المنظمة، لجذب الكفاءات المناسبة للعمل بها.
2. الأجر هو وسيلة المنظمة، للإبقاء على أفضل الكفاءات العاملة حاليًا بها.
3. الأجر هو المقابل العادل للعمل، وهو الوسيلة لإشباع العدالة بين العاملين.
ما هو دور كل من إدارة الموارد البشرية والمديرين التنفيذيين في الأجور؟
ينصب دور إدارة الموارد البشرية في عملية تصميم نظام الأجور وإدارته، وتقييم الوظائف ودراسة الأجور في الشركات الأخرى، أما المديرون التنفيذيون يقومون (بعد الاسترشاد بنظام الأجور) باقتراح فئات الأجر التي يمكن أن يبدأ بها العاملون الجدد، واقتراح زيادات الأجور والبدلات والعلاوات قبل إقرارها من إدارة الموارد البشرية، كما أنهم يقدمون معلومات لإدارة الموارد البشرية؛ لكي تقوم بتقييم الوظائف.
ما هي خطوات تصميم نظام الأجور؟
إذا كانت الوظيفة الأساسية لإدارة الموارد البشرية هي تصميم نظام للأجور، فينبغي إذًا الاهتمام بتحديد المراحل، أو الخطوات التي تمر بها عملية التصميم، وهناك 7 خطوات وهي كالتالي:
الخطوة الأولى: التمهيد لتصميم النظام:
في هذه الخطوة يتم اتخاذ القرارات التالية:
1. تحديد ما إذا كان نظام تقييم الوظائف سيتم بشكل رسمي، وبقواعد محددة، ومكتوبة، ومقننة، ومتعارف عليها تنظيميًا، ويتم تنظيمها بقواعد ولوائح، أم أن هذا النظام سيتم بشكل غير رسمي، لا تحكمه قواعد محددة، وأنه يتم بشكل ودي، وغير مكتوب، ويتم على أساس شخصي وحسب الظروف.
2. تحديد ما إذا كان النظام سيتم تصميمه بالتفصيل على احتياجات الشركة، ومن خلال تطويره خطوة بخطوة بناء على ظروف الشركة، أم أن النظام سيتم شراؤه من مكاتب خبرة عالمية (تتوافر لديها الطريقة والخطوات بشكل تفصيلي، تمكن الشركة من التوصل إلى تقييم الوظائف بطريقة نظامية)، وحيث إن معظم الشركات ليست لديها الدراية بعناوين هذه المكاتب، فإنه يصعب عليها شراء مثل هذه الأنظمة الجاهزة.
3. تحديد من يقوم بتقييم الوظائف، والبدائل المتاحة في هذا الصدد، هي أن تقوم إدارة الموارد البشرية، بما يتاح لها من متخصصين، بتقييم الوظائف، أو أن يتم الاستعانة بخبراء ومكاتب استشارية خارجية تقوم بهذا الأمر، أو أن يتم تكوين فريق بين إدارة الموارد البشرية والخبراء الخارجيين.
الخطوة الثانية: اختيار طريقة تقييم الوظائف:
هناك عدة طرق لتقييم الوظائف، وهي كالآتي:
1. الترتيب.
2. الدرجات.
3. مقارنة العوامل.
4. النقط.
ولكل من هذه الطرق مزاياه وعيوبه، والظروف المناسبة له، وعلى الشركة أن تحدد مسبقًا أي الطرق سيتم استخدامها، وفي المرة القادمة ـ إن شاء الله ـ سيتم تناول هذه الطرق بالشرح.
الخطوة الثالثة: وضع ملامح خطة التقييم:
وتتضمن هذه الملامح ما يلي:
1. تحديد الوظائف الأساسية التي سيتم تقييمها؛ وذلك لأن من الصعب تقييم مئات من الوظائف الموجودة بالشركة، وبالتالي يتم اختيار وظائف رئيسية تؤخذ كمعيار، أو كمقياس للوظائف الأخرى بالشركة.
2. وضع الجدول الزمني للتنفيذ، ويتضمن ذلك تحديد خطوات التنفيذ، أو الزمن التي تستغرقه كل خطوة، ومن المسئول عن تنفيذ كل خطوة، وتحديد لطبيعة الناتج النهائي لكل خطوة.
3. تحديد تكلفة التقييم، ويتضمن ذلك تكلفة الخبراء والمساعدين، وتكلفة شراء بعض المراجع التي تشرح طرق التقييم، وتكلفة ساعات العمل، والمكافآت للمتخصصين المشاركين من إدارة الموارد البشرية.
4. تعريف العاملين بخطة تقييم الوظائف، وأهدافها، وأسلوب مشاركتهم فيها؛ وذلك لكسب تأييدهم لهذه الخطة.
الخطوة الرابعة: التقييم الفعلي للوظائف:
ويتم في هذه الخطوة، تنفيذ عملية التقييم بناءًا على الخطة الموضوعة، ومسئولية إدارة الموارد البشرية، هي في التحقق من أن الخطة الموضوعة، تسير بالشكل المرضي المطلوب.
الخطوة الخامسة: تحديد عدد الدرجات:
ويطلق أيضًا على هذه الخطوة، تحديد هيكل الوظائف، وهذا الهيكل هو عبارة عن عدد من الدرجات، وكل درجة تحتوي على عدد من الوظائف، ويتم ذلك تمهيدًا لتسعير كل درجة (وبالتالي كل الوظائف المندرجة في الدرجة الواحدة) تجنبًا لمشقة تسعير كل وظيفة على حدة.
الخطوة السادسة: تسعير الدرجات:
يتم في هذه الخطوة تسعير كل درجة، وتحديد بداية الأجر، ونهاية الأجر لكل درجة.
الخطوة السابعة: إدارة نظام الأجور:
وهنا يتم التعرض لموضوعات أخرى مثل أسلوب دفع الأجر، والزيادة العامة للأجر بناءًا على استقصاء ودراسة الأجور السائدة، وتحديد العلاوات، والزيادة الخاصة بالتكيف مع نفقات المعيشة، وإضافة وظائف جديدة لم تكن موجودة في هيكل الوظائف، أو إضافة درجة جديدة تضم عدة وظائف لم تكن موجودة سلفًا في هيكل الوظائف، ومعالجة أي مشاكل تطرأ على نظام الأجور.
والآن، ماذا بعد الكلام؟
يقول كل من مورليس وأرمسترونج بأن استراتيجيات المكافأة يجب أن تكون:
1. متوافقة مع المعتقدات والقيم المشتركة وتدعمها.
2. تنبع من استراتيجية وأهداف العمل.
3. ينبغي أن يتم ربطها بمستوى أداء المؤسسة.
4. تقود وتدعم السلوك المطلوب على كل المستويات.
5. تتناسب مع النمط الإداري المطلوب.
6. توفر الحافة التنافسية المطلوبة؛ لجذب والحفاظ على المستوى العالي من المهارات الذي تحتاج إليه المؤسسة.
7. يتم الربط بينها وبين الواقع في سوق العمل.
وأضيف على هذا الكلام:
8. لابد من وجود أجر عادل، يتناسب مع ما يقومون به من عمل.
9. وجود نوع من العلاقة والربط بين ما يقدمه الأفراد من مساهمات للمؤسسة، والمكافآت التي يحصلون عليها.
10. ينبغي أن يكون لدى المؤسسة رؤية واضحة، بخصوص أهداف استراتيجية المكافأة.
وأخيرًا:
أختم بقول أرسطو: (الأشخاص الذين يعملون بجد هم الذين يتلقون الجوائز)، وسوف نكمل في المرة القادمة إن شاء الله باقي تصميم نظام الأجور.
أهم المراجع:
1. إدارة الموارد البشرية، أحمد ماهر.
2. إدارة الموارد البشرية، باري كشواي.
3. القيادة الفعالة، بريان تراسي.
4. الإنتصار مع فرق العمل، كاترين كاريفلاس.