|
الدليل الحاسم في كيفية التعامل مع مديرك
صُمم هذا الكتاب ليجعلك تفكّر بإيجابية من أجل التعامل مع الشرور التي تستطيع أن تظهرها وتعد تداعيات لا مناص منها إذا عملت من أجل شخص ما. وباعتبار أنك "موظف" لا تستطيع أن تفعل تماماً ما تود فعله ؛ فعليك أن تراعي رغبات الآخرين، وفي بعض الأوقات ستفسّر هذه الرغبات كدليل على الجنون، أو سوء التصرف، أو عدم كفاءة تصرفه. ومع ذلك، فإن هذا الشخص على الأرجح يتلقى أجراً أكثر منك، كما لديه صفقات أكثر منك، ولسوء الحظ ربما تكون لديه القدرة على تسريحك من منصبك. وهؤلاء المدراء المساكين يرتكبون غلطة عندما يتصورون أن هناك الكثير من أمثالك، جاؤوا من نفس المكان الذي جئت منه.
إنه دليل مبسط معّد لمواجهة الجنون ـ سواءً من الآخرين، أو من جنونك الذاتي فيما إذا بلغ السيل الزبى. ولفعل ذلك فأنت تحتاج استراتيجيات، وسيمدك هذا الكتاب باستراتيجيات عمليّة.
ونجاحك في تطبيق هذه الاستراتيجيات. سيتم إذا اتبعت هذه " العوامل الصحية " التالية، 100% فعلى سبيل المثال :
1 – تأتي إلى العمل، في الوقت المحدّد (في الأوقات الخاصة، وغير المخططة، وحالات الطوارىء الاستثنائية) ومرتدياً ما هو مناسب.
2 – يجب ألاّ تكون مصاباً بأذى جسدي أو فعلي.
3 – أن يكون بحسبانك بأنك مؤهل لهذا العمل، كما هو موصوف في طلب التشغيل.
وأريد أن أقول بأن مهاراتك يجب أن تتوافق مع " وصف العمل "، لكن، وبشكل محزن فإن مثل هذه الوثائق لا تكون موجودة في المقابلة. حاول أن تطلبها ! وعلى الأرجح سينظر إلى طلبك بشكل إيجابي ويساعدهم باتخاذ قرار حول توظيفك أم لا ! إذا لم يوجد وصف للعمل، عليك إذا أن تعرض كتابته عندما يتاح لك ذلك.
تقوم الكاتبة بوصف تسع نبذات مختلفة عن المدراء المجانين ـ " النماذج الواضحة ". ومع ذلك، فعندما تتعامل مع أشخاص حقيقيين، ستصادف على الأغلب مزيجاً من السلوك. ولهذا السبب، عندما يحين الوقت المناسب.
النموذج الأول هو نموذج المدير : صديق ثم عدو ثم صديق مرة أخرى. ومن المحتمل أن تتعرف على مزاجه وسلوكه المتناقض. بعدها سنقوم باستكشاف نموذج المدير : سيد الساعات الطويلة , والذي يعتقد بأن العمل طوال النهار هو ميزة مرغوبة.
وفي الفصل التالي تلقي الكاتبة نظرة على كيف تفسد السلطة المدراء في ميزات " المدير المجنون بالسلطة "، " والمدير بلا سلطة ".
إذا كنت تعمل دائماً عند شخص ما يبدو أنه يستاء من وجودك، عندها ستقدّر نموذج المدير " أنا أوظفك، الآن أكرهك ". بعد ذلك أكشف ما يشبه العمل في المبيعات، وكيف أنه إذا كنت راغباً بالحفاظ على قواك العقلية في العالم المجنون، في نموذج " مدير المبيعات، فإن هذا يتطلّب من جانبك قدراً كبيراً من المرونة. وسوف تدرك الاختلافات بين نموذجي , " المدير الذي تفسده السلطة " "والمدير الذي يدير مؤسسته بخوف "، في " التاجر الخائف ". هؤلاء المدراء المجانين، من أمثال " المدير ذو مشاريع العمل الصغيرة " هم خبراء في خلق عالمهم الصغير المباشر والسيطرة عليه. وإذا لم يكفِ كل هذا، من أجل التكيف مع العمل، عليك على الدوام أن تتحمل الاهتمام العاطفي لمديرك، والذي يُعطيه نموذج " عندما يقع المدير في الحب ".
ما الذي تغيّر؟ :
ترن ساعة المنبّه بصوت عال، ويقفز قلبك، هل جاء الصباح فعلاً ؟ وكأنه لم يمضِ سوى دقيقة على استسلامنا للنوم على المخدة. أطلّ فجر يوم جديد ! وتتقلبّ في الفراش مع صوت المنبه إلى أن يثقب أذنيك ! وتضطجع مفكّراً " عليّ أن أنهض ! يوم آخر، دولار آخر ". لكن مثل البارحة، وربما غداً، لن تقفز من فراشك، ملؤك المرح، أو متطلعاً لنهار جديد بكل تحدياته وجهوده المرضية. بالطبع، ويمكنك أن تدّعي بسهولة بأننا يمكننا جميعاً ألا نذهب إلى العمل، غير أن الحقيقة القاسية هي أن معظمنا عليه أن يعمل، ومعظمنا لا يستمتع بعمله كما نود.
هذه هي أيام حياتك. وكل دقيقة فيها ثمينة. وعليك أن تقّرر :
هل تريد أن تعرض شريط الذكريات الملتوية والقاسية لما يدعى حياة العمل، مركّزاً على المطبات وتمني امتلاك الشجاعة لأداء شيء ما مختلف ؛ أو هل تريد أن تصطلي بنار الذكريات السعيدة للأيام التي أمضيتها وأنت تكدح في عمل منتج ومرضٍ، أنجزته على أتم وجه ؟
من الممكن ألا تكون مدركاً بأنك أنت من اخترت. ومع ذلك فإن الأشياء تتحّول، وتذكر بأنك بطريقة ما. أنت دائماً في موقع يؤهلك بأن تختار، حتى ولو كان هذا الخيار سيذهب سدى. ويمكن أن يحدث لك هذا، لكنك تحتاج أولاً أن تكون مدركاً الخيارات الأخرى المتاحة. لابد أنك شهدت مقابلة عظيمة في يوم من الأيام. وفجأة قدّم لك المستقبل إشراقة غنية، وكنت حينها متلّهفاً جداً للحصول عليها. وبعد ذلك... يأتي السؤال المثير : ما الذي حدث بين هذا الحماس الأولي، " أريد أن أنجز عملاً جيداً ! وأن أكون ناجحاً ! " وبين الهبوط الثابت نحو اليأس عندما لم تؤتِ أعمالك ثمارها كما تتوقع (إشارة : أنها لم تتم) ويصبح مكان عملك مريعاً، وبناءً على ذلك ستقوم على الأغلب بفعل أي شيء لتحاشيه. كيف يمكن " لفرصة عمل مع فريق عظيم " أن تنقلب إلى سيناريو يستدعي جلطة قلبية ؟ ما هو التبدل في الكون الذي يجعلك تتحول من شخص سعيد في عطلة نهاية الأسبوع إلى شخص أشمطٍ، بائس طوال الأسبوع، متقلب المزاج ؟
هل يمكنك أن تتخيل عالماً يصبح فيه العمل مرضياً ؟ أين يمكنك أن تشعر بقيمتك وتريد أن تقدم أقصى إخلاصك إلى رب العمل ؟ ربما فعلتَ ذلك مرة ؟ إذا ماذا حدث وأفقدك هذه الرغبة ؟
ما الذي يحدث الاختلاف بين مكان العمل الذي تهابه ومكان العمل الذي تستمتع به ؟ وإلى درجة معينة، هو عمليات الشركة التي يمكن أن تتقرر، من قبل صانعي قرار بعيدين يمكن أن تكون لديهم أو قد لا يكون هناك فهم كليّ للحياة " في الواجهة " التي يملي خبرتك. إن القواعد التي تحكم حياتك في العمل يمكن أن تسحق إبداعك والشخصية التي تريد أن تستحضرها في دورك من أجل أن تخدم متطلبات المنظمة الأكبر، لكن ليس فقط المكان ولا العمليات، إنهم الأشخاص الذين تعمل معهم هم من يؤثروا على مزاجك في مكان العمل وعلى الرغم من كل هذا، هو ذلك الشخص الخاص الذي يديرك، إنه مديرك، والذي يحدث فيك أكبر الأثر. وبلا أدنى شك، فإن سلوك وشخصية مديرك هي التي تترك فيك الأثر الأعظم، وهي التي تسعد عملك أو تشقيه.
الحل البسيط لإنهاء هذه المشكلة :
أؤيد دائماً القول بأن كل شخص يقوم بإدارة أشخاص يحتاج إلى تدريب. ومع ذلك، التدريب هو فقط الخطوة الأولى، ويمكن أن يساعد، لكنه لا يضمن إدارة جيدة. وباعتبارنا موظفين، مازلنا تحت رحمة مدراء يمكن أن يكونوا فاسدين أو مستأسدين، أو تهكميين أو عدائيين، أو غير أكفاء أو كسولين. لذا هناك حل آخر ـ يمكن أن يشملك أنتَ وهو أن توجد طرقاً لتعلم كيف تتعامل مع مثل هؤلاء المدراء، الذين يبلغ عددهم رقماً هائلاً في عالم العمل الحقيقي، ما تريده هو دليل، يقدم المساعدة، ويقدم الاستراتيجيات والأدوات التي تحتاجها للتعامل مع المدراء، سواء كنت متدرباً أم غير متدرب.
من الواضح أن مديرك هو كائن بشري... لكن في بعض الأحيان الحكمة تنسى ذلك بسهولة ! يصل المدراء إلى مكان العمل، عن طريق الحظ، أكثر مما يكون عن طريق عادل، ويحملون، مثل الباقي منا، حقيبة ضخمة غير منظورة مدلاة بثقل على أكتافهم متعددة الرقائق، والذي يحمل كدمات ذواتهم، وجنون الاضطهاد وعُصاباتهم المعقدة. بالإضافة إلى ذلك، يحمل المدراء معهم واجب أن يكونوا كما نتوقعهم.
هذا هو الفصم الذي نود التعرف عليه. وأول مكان نبدأ به هو فهم ما الذي يحّرض ويحثّ مديرك، وما هي الزلاّت البشرية التي يحملها معه إلى العمل. وحالما تتعرف على هذه العوامل، تصبح في وضع تستطيع أن تبدأ منه.
ولسوء الحظ، فإن المدراء لا يأتون ومعهم كتيّب استعمال. عليك أن تعمل لإيجاده من أجل نفسك : " لماذا يطلب مثل هذه الطلبات الغريبة ؟ وكيف أصبح عندما لا أستطيع أن أتنبأ بأي حال مزاجية هي اليوم ؟ وكيف يمكنني أن أعرف إذا كان لديه حسّ الدعابه ؟ ولماذا تعتقد أنني سأنجز تحت هذا الكم الهائل من الضغوط ؟ لماذا لا يفهمني ؟ ولماذا لا تساعدني ؟ ولماذا لا أستطيع التحدث معه ؟ ولماذا لا تكون الأمور أكثر وديّة....؟ "
تقول الكاتبة في وصف عالم العمل :
إن الأدوار التي استمتعتتُ بها كثيراً، خلال حياتي في العمل , وبسبب علاقتي الجيدة مع رئيسي، كانت عن طريق وصولي إلى معرفة الضغوط والتحديات التي تواجه الشركة. فعندما تفهم ما الذي تواجهه المؤسسة، وعندما تتكلم مع رئيسك , وتعرض عليه اقتراحات مفيدة، ستشعر بقيمتك وتطوّر شعوراً قوياً لديك بوضعها. ولكن تلك الأوضاع تكون نادرة نسبياً , وكلما كان الرئيس " منغلقاً " أمام مناقشة مشاكل الشركة الأكثر اتساعاً، كلما شعرت بالإحباط بشكل ثابت. وبالتأكيد أن هذا الرفض أو العجز عن مشاركة ما بذهنهم هو بسبب معاناة خبرات الكثير من الموظفين من رئيس أحمق.
لقد حصلتُ على الكثير من نفاذ البصيرة , وكيفية تفكير الرؤوساء , عندما كُلفّتُ بتعيين موظفين. فطورت الثقة من أجل التحدث إليهم بلغتهم , ولكي أرى الأشياء من وجهة نظرهم. لكن ما كل المرشحين كانوا مدراء. وفي أكثر من مناسبة من خلال السنوات التي أمضيتها كمستشارة توظيف، وجدت نفسي أستمع إلى مرشحين مستنزفين إلى أقصى حد , يطلبون مساعدتي كي أخلّصهم من أوضاع التوظيف البائسة تماماً. إنّ خبراتهم هي التي تناقش هنا ـ إضافة إلى خبرات عائلتي وأصدقائي.
كان نشاطي الرئيسي في ذلك الوقت هو تعيّين الناس الكبار جداً , بمن فيهم مدراء الإدارة، والموظفين التنفيذيين، والمدراء المحليين الاقليميين، ومدراء المبيعات في وظائف جديدة. وكانت دائماً لحظة مثيرة أن أصل في نهاية الأمر إلى التحدث مع الرجل الذي أشرف عليه , وأرى سيرة حياته بكل مجدها أمامي !
انظر فقط إلى هذا الشاب ! إنه يتكلم ثلاث لغات، وعنده خدمة عشر سنوات في الصناعة ويعمل لدى زعيم في السوق! ياله من لقطة- سيكون تعيينه شيئاً عظيماً ! عنده قدم وخبرة ومثقف ومهتم بالبحث عن دور جديد. كامل !
انظر فقط إلى هذا الشاب صُمم هذا الكتاب ليجعلك تفكّر بإيجابية من أجل التعامل مع الشرور التي تستطيع أن تظهرها وتعد تداعيات لا مناص منها إذا عملت من أجل شخص ما. وباعتبار أنك "موظف" لا تستطيع أن تفعل تماماً ما تود فعله ؛ فعليك أن تراعي رغبات الآخرين، وفي بعض الأوقات ستفسّر هذه الرغبات كدليل على الجنون، أو سوء التصرف، أو عدم كفاءة تصرفه. ومع ذلك، فإن هذا الشخص على الأرجح يتلقى أجراً أكثر منك، كما لديه صفقات أكثر منك، ولسوء الحظ ربما تكون لديه القدرة على تسريحك من منصبك. وهؤلاء المدراء المساكين يرتكبون غلطة عندما يتصورون أن هناك الكثير من أمثالك، جاؤوا من نفس المكان الذي جئت منه. إن الأدوار التي استمتعتتُ بها كثيراً، خلال حياتي في العمل , وبسبب علاقتي الجيدة مع رئيسي، كانت عن طريق وصولي إلى معرفة الضغوط والتحديات التي تواجه الشركة. فعندما تفهم ما الذي تواجهه المؤسسة، وعندما تتكلم مع رئيسك , وتعرض عليه اقتراحات مفيدة، ستشعر بقيمتك وتطوّر شعوراً قوياً لديك بوضعها. ولكن تلك الأوضاع تكون نادرة نسبياً , وكلما كان الرئيس " منغلقاً " أمام مناقشة مشاكل الشركة الأكثر اتساعاً، كلما شعرت بالإحباط بشكل ثابت. وبالتأكيد أن هذا الرفض أو العجز عن مشاركة ما بذهنهم هو بسبب معاناة خبرات الكثير من الموظفين من رئيس أحمق. انظر فقط إلى هذا الشاب
سأحضّر نفسي ذهنياً وأجمع كل التفاصيل في يدي، وأدعوه " هل ذاك السيد x ؟" وبالإجابة يصدر صوت رفيع عصبي ضئيل، "مرحباً" وتجتاحني موجة من الخيبة:
أيمكن أن يكون الشخص الذي يرد عليّ هو فعلاً الإله الموصوف في السيرة الذاتية التي كنت أمسكها في يدي المرتجفة منذ لحظة مضت فقط؟ ربما لا يجب علي فعلاً أن أشكو من صوته... ولكن بصراحة، لم يكن عالياً كثيراً.
ومن تلك النقطة أصبح كل شيء ينحدر.
إن عملية تعيين مرشح تكشف أشياء كثيرة. وخلال مرور عدة أسابيع تكتشف ماذا يتقاضون وما يطمحون له وما يخافونه. فتعرف تفاصيل تاريخ عملهم، بما في ذلك التفاصيل حول الأشياء التي "سارت بشكل خاطئ". وتعرف عن الأماكن التي حدثت فيها "صدامات شخصية" والشركات التي كان عليهم أن يغادروها قبل أن يحصلوا على فرصة لإثبات أنفسهم".
نجد أن الدور الجديد هو عملية تعني أن الكثير من الوقت يمضي في التحدث عن قضايا شخصية:
أين يريدون أن يعيشوا، وأي مدارس يريدون إرسال أولادهم إليها، وتفاصيل شخصية عن زوجاتهم أو أزواجهم أو شركائهم أو كلابهم... جميع التفاصيل العادية للحياة توضع مكشوفة.
تتكشف الأنا الخاصة بالمرشح في الأسئلة التي يسألها. وعندما يتعلق الأمر بالأنا، فإن القياس يكون مهماً فعلاً، وبعض المرشحين يتصارعون مع مجال ومسؤولية الوظيفة. ويجري انتقاء الأدوار المقبولة ليس على أساس الراتب فقط، بل بالنسبة للمرتبة. فالأسئلة التي تطرح هي: لمن أرفع تقريري، "ماذا سيكون لقبي ؟" "؟" ماهي السيارة المخصصة للوظيفة؟، ما هو عدد الأشخاص الذين يرفعون تقاريرهم إليّ ؟". وطبعاً، لا يوجد شيء خطأ في هذه الأسئلة، فهي جزء من فهم الدور، ولكن بينما تجري مناقشة هذه الأسئلة، أبدأ بأخذ رأي حول الرجل أو المرأة، المدير الحقيقي خلف السيرة الذاتية. وعند هذه النقطة، أبدأ في التساؤل: ما الذي يقلقهم بالفعل؟ ما هي الدوافع وراء الشخصية؟ وكيف تؤثر هذه الأمور في نجاحهم في الدور الجديد؟
وتستمر أفكاري:" كيف ستتجلى هذه المخاوف في الدور الجديد للمرشح ؟" كنت أعرف أنني لن أرى أبداً الناس الذين وظفتهم وهم يقومون بنشاطاتهم، ولكني بدأت ألاحظ نماذج من أنواع الشخصيات والانتظام في طرق عملهم وسلوكهم وحتى في نوع الخطاب الذي يستخدمونه. وعلى هذا الأساس، كنت قادراً على ملاحظة الفروق بين المدراء العظام فعلاً وبين الذين هم عاديون أكثر بكثير.
إنني متأكدة أن هؤلاء المدراء تركوا انطباعاً كبيراً في اليوم الأول في وظائفهم الجديدة: الوصول في سياراتهم الجديدة ذات الفرش الجلدي، لابسين بذات جديدة رائعة وقمصاناً بيضاء متغضنة وربطات عنق دالة على حسن الذوق. وهم سيمضون في صنع قرارات استراتيجية رائعة والبدء بعرض سياسات تحسّن شركاتهم الجديدة إلى حد بعيد. ولكني سأتساءل دائماً في أية مرحلة ستتناسب ميزاتهم وعند أية نقطة ستفشل وسائل إخفاء ضعفهم ومخاوفهم.
هذه الخبرة وهي كوني على صلة "وثيقة" جداً بكثير من القياديين الكبار مكنتني من أن أرى ما وراء سلوك "الذات " العام" التي تتجلى في اللقاء أو المقابلة، لأصل إلى تلك التصرفات المختبئة الكامنة التي تنتظر أن تظهر بكل عظمتها عند التعامل مع الموظفين الأبرياء! ولا يكن عندكم شك، فإن كل رئيس يأتي بمزيج من مشاعر عدم الأمن والمخاوف ليتمموا أسلوب إدارتهم. وهذا الكتاب يفحص ويشرح دوافع أو محركات قراراتهم وسلوكهم وأمزجتهم.
إذاً، عندما تسمع رنة ذاك المنبه، أريد منك أن تكون استجابتك مختلفة. أريد منك أن تستيقظ برغبة وحماس، متطلعاً فعلاً إلى الذهاب إلى العمل. وبكل هذه النفاد للبصيرة ومعرفة ما يجري فعلاً في بيئة عملك، ستكون قادراً على العمل من أجل إقامة مناخ مرح في العمل، والعمل مع المدير بشكل ثنائي مُرْضِِ.
التمييز:
فكّر كم من الوقت تمضي مع زملائك في مكان عملك. ربما ساعات عمل أكثر مما أمضيته عموماً مع شريكك، أو عائلتك! فإذا كان وقتك في العمل ممتعاً (أو محتملاً على الأقل)، حيث يمكن أن تشعر بأن لك قيمة وأنك مدعوم، فهل هذا سيغير رأيك في العمل؟ هل يمكن للعمل أن يكون مرحاً للموظف وكافياً ومربحاً أيضاً لرب العمل ؟
كيف تغير رأيك؟ بشكل أساسي، أول شيء يمكن عمله هو أن تبعد نفسك عن الوضع الذي لا يحتمل- وذلك قد يعني التحول إلى المرض. وفقط بواسطة التراجع، وبواسطة الابتعاد جسدياً عن الوضع، تستطيع أن تصبح موضوعياً وتجعل الأمور لصالحك.
بالنسبة للرؤساء، فالتدريب متوفر، الكثيرون سوف ينهون دورة ذات صفة أو أخرى، ولكن كما تعرفون، فمجرد إتباع دورة شيء غير كاف. فالشخصيات الإنسانية مقاومة عادة للتغيير، ويجب على الرؤساء أن يكونوا مدفوعين جداً إذا كان عليهم تطبيق أي تدريب كانوا قد حصلوا عليه. فكثيرون يحصلون على التدريب ولكنهم غير قادرين على تطبيقه في مكان العمل، وإدراج ذلك في سيرتهم الذاتية كمجرد دورة أخرى اتبعوها هو الحد. وحتى في ذلك الوقت، رغم مستوى تدريبهم، فإن معظم الرؤساء ينزلقون إلى الوراء بسرعة، إلى غرض تحكمهم بطريقة متأصلة راسخة تتطلبها محركاتهم المهيمنة، فطريقتهم أو أسلوبهم القديم سيتسلل إلى السطح في سيناريو الرئيس/الموظف الذي يعيشونه، سواء كان ذلك بسبب الخوف أو الكسل أو القلق أو نوع آخر من الاضطراب العصابي الوظيفي. فالشخصية- والجمود- تستطيع أن تفوز بسهولة على تأثير دورات التدريب.
هناك تحديات كبيرة قادمة، تمنع الهجمة المفاجئة للمدراء والرؤساء المستنيرين المدربين تماماً والملهمين، وتضرب مكان العمل في جميع أنحاء العالم، وهذا الكتاب سيكون مفيداً، فهو سيسعى إلى مساعدتكم على إعادة بعض التحكم في حياتكم في العمل، ومن خلال ذلك التحكم، تمتعوا بها كما تستحقون أنتم وبقية القوى العاملة في العالم.
ماذا يشبه رئيسك ؟
لا تقل لي: رئيسك قائد جليل، ممكن التحدث معه دائماً، مهني وهادئ. إنه شخص يضيء لك بيئة العمل، ناصح مخلص، شخص معجب أنت به، وتطمح إلى أن تكون مثله، ومنه تتعلم أنه شخص تستطيع الاعتماد عليه، يفهمك ويفهم التحديات والإحباطات التي تواجهها وأنت تقوم بعملك، جاهز دائماً بكلمة تشجيع أو مزحة خفيفة. متواصل منصف ثابت ومتألق ومهيأ ومتّزن ومستحق فعلاً لمنصبه، ولا تستطيع أن تنظر لتراه وتأمل بالحصول على فرصة لمناقشة موضوع عمل معين قد نشأ. فهل هذا هو رئيسك؟
كلا! لنكن واقعيين، فالرؤساء يثيرون جنونك، وفي الحقيقة، أنت تعتقد في أعماقك أنهم مجانين!
كيف أصبح هذا الأمر يبدو وكأنه أعراض عالمية متزامنة؟ تحضر إلى العمل فتجد نفسك في وضع ترى فيه الشخص الذي ستكون مسؤولاً أمامه خلال الساعات الأربع الست أو الثمان أو أكثر من ذلك يتصرف كسجين فر مؤخراً من مؤسسة عامة.
عد بتفكيرك إلى أيام مقابلتك الذكية. فعندما أُعلمت ببيان مهمة الشركة شعرت بالإثارة من فكرة كونك مع مثل هذه المؤسسة المستنيرة، وهذا ما كان، فالرئيس إنسان عقلاني لديه خطط، منظم، وقد انتقاني! يمكنني القول إنني سأكون هنا لسنوات وسنوات! رائع!
وثم بدأت العمل...
لدي خبرة ذاتية واسعة عن هذه الأعراض المتزامنة. الخبرة الرائعة عن الوظيفة، أو العمل الجديد! وليس من غير العادي لهذا المنصب الجديد الذي التزمت بالبقاء فيه أن تتحول إلى إنسان بغيض تماماً، بشكل سريع مدهش، حتى في بضعة أيام أو بضعة أسابيع فقط. إنك تجد نفسك مشدوداً إلى مكان حيث من الممكن للسلوك والتصرف والمزاج لحفنة فقط من الأفراد تجعل حياة الكثيرين بائسة. وفي وقت متأخر، تدرك أن المقابلة قدمت فرصة تحمل الآن قليلاً أو لا شيء من شبه الخبرة التي لديك فعلاً. فأنت ستكون جزءاً من فريق كبير" وتتذكرهم بوضوح وهم يقولون هذا. حسناً كلاّ. فحقيقة الوضع أكثر من ذلك. " فأنا جزء من مجموعة من الناس متساوية في البؤس".
قد يكون مطلب المهارة دقيقاً، وقد يعكس انخفاض الأجر التعويض المتفق عليه، لكن الأمور ليست صحيحة، ليست سعيدة، فالاتصال مع الرئيس صعب، وأنت تسأل أسئلة، ولكنك أيضاً تريد الأجوبة الحقيقية. وقد تجد من الصعب أن تحكم على سلوكهم الغريب. ربما هم ودودون ولكنهم غير فعالين تماماً، يسمحون لعناصر أخرى من بيئتك ليقفوا في طريقك ويوقفوك عن عمل ما يجب عمله. إنهم يخذلونك-يفشلون بأن تتقدموا ويكونوا شبه الرئيس. وتكون وعود المقابلة أو عملية التوظيف قد نسيت منذ وقت طويل، وتوقعاتك لم تتحقق، والصورة التي لديك الآن هي أنه قد جرى بيعك.
يترافق مع هذا شعور بأنك فقط لا تريد أن تقوم بالعمل، وتخيم الغيوم فوق حياتك:
الاستقواء وتأرجح المزاج والمشاكسة والعدوانية والسخرية تنبعث من الشخص الذي ربما فقط من بضعة أيام أو أسابيع، خصصت جزءاً هاماً من حياتك له.
لم لا يستطيع العمل أن يكون أكثر مرحاً؟ فالشخص الذي أجرى معك المقابلة باهتمام جلي مثل مستبد صغير لماذا يقف أمامك الآن وهو يعوي وينتحب ؟ فهل الشركات التي تستشهد ب "التركيز على توازن حياة العمل" تتملق فقط كي تغوينا نحن الموظفين المساكين لندخل ملجأهم الخاص؟
إذاً، هذا هو الامتحان العسير، هل هناك في مؤسستك الخاصة تنهيدة ارتياح ملموسة عندما يكون الرئيس غائباً ؟ هل التفكير في يوم عمل دون وجود رئيسك يعني أنك ستنام بشكل أفضل، وتستيقظ أبكر، وتشعر بسعادة وهدوء أكبر؟ إضافة لذلك، وبالعكس، هل التفكير في الاضطرار إلى أن تكون بالقرب من رئيسك في يوم معين يملؤك رعباً وقلقاً واكتئاباً ؟
إذن اعترف بذلك: فهذا ليس ما يفترض أن يكون، ماذا تستطيع أن تعمله ؟ تترك ؟ تمرض ؟ تتناول أدوية ؟ تقتل الرئيس ؟ ربما تكون هناك طرق أخرى...
مَنْ هو المدير ؟
يمكن أن يكون الرئيس الـ CEO للشركة أو مدير الإدارة للعمل- ولكن من أجل غايات هذا الكتاب، فالمدير هو ذاك الشخص الذي يقول لك ماذا تعمل وربما كيف تعمله، فالرئيس هو الشخص الذي ترفع تقريرك إليه، وهو الذي يراقب أداءك ويتأكد من وصولك في الوقت المحدد وعدم مغادرتك في وقت مبكر كثيراً. وقد يكون لهم لقب "مدير"، أو مراقب" أو مدير إقليمي أو أي عنوان أو لقب وكلها تدل على مطلب لنشاط ما يتضمن إدارة الناس-إدارتك، رئيسك.
الانضباط
تحتاج المؤسسة إلى الانضباط، إلا أن الانضباط يجب أن يأتي من الداخل، والانضباط الخطأ هو الانضباط الذي يستخدم ضد الموظف. وتلك الطريقة لاستخدام الانضباط ليست الوظيفة الرئيسية للرئيس، ولكنها نتيجة لفشل أحد الموظفين في الأداء. وسبب الفشل قد لا يستكشف بشكل فعّال إذا كان ينعكس بشكل سيء على سلوك الرئيس. فمن الأسهل إلقاء اللوم في ذلك على"التدهور العام في الاتصال" أو رفض الموظف للرغبة في العمل، بدلاً من إلقاء اللوم على حقيقة أن احترام الذات والثقة عند الموظف قد استهين بهما من قبل رئيس لديه تفكير. وفي أية حالة، هناك نتيجة شائعة وهي انهيار العلاقة.
حسناً، تحدث الأمور السيئة، والرئيس بحاجة إلى اتخاذ الإجراءات، ولكن أي اتصال ينطوي على توجيه النصح للموظفين لفشلهم في الأداء يجب أن لا يعطى أبداً( والنصح القاسي يجب أن يركّز على ما هو إيجابي) من غير أن يقال بشكل ساخر متهكم، عدواني أو غاضب (قاس أيضاً). وفي العالم المثالي، لن يفاجأ الموظفون إذا تلقوا تحذيراً، لأنه نتيجة لعملية معترف بها في الشركة.فمثلاً إذا تغيبت عن العمل ثلاثة أيام متتالية دون شرح سبب غيابك، فتوقع بضعة أسئلة! وفي هذا النوع من المناقشة "التحذيرية" سيقوم الرئيس بإخبار الموظفين عن إخفاقهم، والتحذيرات اللاحقة ستعلم ماذا يعني الطرد أو عقوبة أخرى.
إذاً استمر. يا للجحيم ! دعونا نكن واقعيين! من نحاول أن نخدع ؟ وهذا الوضع نادراً ما يمر دون ارتفاع الأصوات والسباب، ،ورمي قطع الأثاث من النافذة! ولماذا أركز على هذا في هذه المرحلة المبكرة ؟ لكي أوضّح الحقيقة بأنه حتى مع كل التدريب الإداري في العالم والتعليم والخبرة، فإن الرؤساء لا يزالون أناساً. نعم، إنهم كذلك. وإن فرض النظام على الموظف ما هو إلا مثال لسيناريو نموذجي حيث الرؤساء الذين ربما لم يحصلوا على تدريب يسمحون للوضع أن يتدهور ليصبح مباراة صراخ اهتياجية، أو حتى ملاكمة. وهذه التدخلات التي يُستاء التعامل معها تزيد الأمور سوءاً.
قم بفحص خبرتك: كم مرة أصبح الرئيس مهتاجاً معك أو تعسفياً ؟ وما الذي أطلق ذاك الغضب الأولي ؟ أين تكمن المسؤولية الحقيقية ؟ والغضب يكون أحياناً معقولاً ويستخدم لعمل شيء أساسي، ولكن على الأغلب أكثر، فإنه يعكس مرضاً كامناً غير واضح داخل الشخص الغاضب، لن يحل أبداً بواسطة مباراة الصراخ. وبشكل إجمالي إذا كنت تقوم بعملك فقط لأنك خائف من أن يصرخ فيك أحد، فهنا توجد مشكلة جدّية.
افترض أن رئيسك محفوز مثلك تماماً، إلاّ أنه يفشل عندما يتطلب الأمر السيطرة على تأثير أمتعته العاطفية من الخوف-دوافعه أو محركاته الشخصية في مكان العمل. فمدير المبيعات، وهو تحت الضغط بسبب صورة رديئة وأفكار ذات أثر ماض باق في ذهنه، يمكن أن يبين أو يبدي كل صفات سلوك طفل عمره سنتان يخطو خطواته المتعثرة وأمه وضعت للتو غطاء سريره المريح في الغسيل.
عندما تفهم هذه الموضوعات ستعرف كيف تتعامل معها. وطبعاً، فإن الخيار الأفضل قد يكون ضمان عدم حدوث أي شيء غير سار، ومع ذلك، إذا كانت المجابهات لا يمكن تفاديها، فعند ذلك تحتاج إلى معرفة كيفية استخدام نقاط ضعف الرئيس لاحتواء الأوضاع، بدءاً من نفسك. وتذكر أنك ستصبح أكثر مهارة في التحكم أو السيطرة على النفس، لأنك تحافظ على منظور صحي للأحداث وتدرب نفسك كي تتعلم وتتحسن. وهكذا لن يكون رد فعلك بعد الآن بالطريقة نفسها التي يتوقعها الرئيس. وسوف تكون ممارساً بلطف لقوتك الحقيقية وتتصل بسهولة. وباستخدام تقنيات أكثر صقلاً مثل تقنيات الحديث والسلوك ستجعل يومك سهلاً والتفاعل أكثر سروراً وتأثيراً. وذلك يشمل الدخول إلى ذهن الرئيس(وهو ما كان ربما كنت تخاف الدخول إليه سابقاً !) لكي تكون فكرة عما يجري هناك، وكيف يتجلى ذلك في التصرفات التي تعرفها. وسوف تحتاج إلى بعض الأدوات والتقنيات للقيام بذلك، ولكن تعلّمها سهل وسوف يعطي أرباحاً عندما يصل الأمر إلى الاتصال المؤثر. وربما تجد أنك تستطيع الاقتراب أكثر من الرؤساء، وحتى إخبارهم بنقاط ضعفهم وتبذر بذوراً من أجل تحسينها.
تأليف :جيل ووكر
ترجمة : هبة الله الغلاييني
|