بشار دراغمة
زوجان حائران يبحثان عن سعادتهما المشتركة لكن الإخفاق حليفهما، يحاولان دائما الاقتراب إلا أن لعنة الإخفاق تلاحقهما، وآخران جعلا من البعد سبب لتعاسة لم يريداها في يوم من الأيام. كل يبحث عن سعادة دون أن يبحث عن الأسباب المؤدية إلى الهدف المطلوب. زوج يسعى لهدفه النبيل في إسعاد زوجته، لكن ترك الأسباب خلف ظهره، وزوجة تحاول تحقيق الهدف نفسه، إلا أنها لم تدرك بعد طريق الوصول.
في هذا التقرير تبحث شبكة (الإسلام اليوم) عن أسرار في السعادة الزوجية، تستقيها من العلماء والمختصين ومن تجارب الحياة اليومية.
أيتها المرأة... البداية بنفسك
يعتبر الدكتور جمال حشاس أستاذ الفقه والتشريع بكلية الشريعة في جامعة النجاح الوطنية أن السعادة الزوجية تبدأ من المرأة نفسها، وبالتحديد من أبسط الأمور، وهي القيام بالواجبات المنوطة بها كما كلفتها الشريعة الإسلامية، منها طاعة زوجها وعدم العبوس والتضجر في وجهه، والقيام بمهام تربية الأطفال، وفق أسس التربية الصحيحة.
ودعا حشاش المرأة إلى ضرورة الاهتمام بمظهرها وقال: "وعلى المرأة أن تتزين لزوجها، كما أن على الزوج كذلك أن يتزين لزوجته ويحرص على كل ما يحقق لها السعادة والاستقرار والراحة النفسية وتكون في كل حين آخذة استعدادها لقدوم زوجها واستقباله بشكل لائق بعيداً الوجه النكد".
ويبيّن "حشاش" أن من أسرار السعادة الزوجية أيضاً حفاظ الزوجة على الأسرار الزوجية، وبشكل خاص أسرار الحياة الجنسية بين الطرفين، وكل ما يجري داخل البيت، ثم عدم نقل الأحاديث بين أفراد العائلة، وعدم نقل الكلام والمحافظة على لسانها وأخلاقها.
وعن سؤال "حشاش" عن أهم أسباب السعادة الزوجية حسب رأي الشريعة الإسلامية؟ قال: "الإسلام أحاط عقد الزواج بالكثير من العناية، والرعاية والاهتمام، والهالة القدسية؛ لأنه عقد على النفوس، ومعنى هذا أنه ليس عقد مادي على الفلوس، بل إنه عيشة إلى الأبد وتكوين أسرة مطمئنة.
وأضاف: "أقام الإسلام العلاقة بين الزوجين على أساس سابق لعقد الزواج، وهو اختيار كل من الطرفين للآخر، وهو حسن الاختيار، على الدين والخلق، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه".
وبين "حشاش" أن العلاقة بين الزوجين أساس التفاهم، والود والرحمة، التي ينتج عنها المحبة الأبدية. ويلخص "حشاش" بعض النصائح من أجل السعادة بما يلي:
1- بالتزام كل من الزوجين بواجبه تجاه الآخر؛ لأن ذلك هو طريق إحقاق الحقوق.
2- الاهتمام بالبيت والأسرة بالدرجة الأولى، في أن يكون ذلك الأولوية، وإعطاء الأهل والزوج والزوجة الاهتمام كل منهما للآخر.
3- المحافظة على تربية الأطفال، وخدمتهم ورعايتهم.
4- بيّن الإسلام أن هناك حقوقاً وواجبات تُناط بكلا الزوجين، أي لكل منهما حقوق وواجبات.
5- إذا أخطأت الزوجة فالإسلام اتبع طرقاً عدة منها الوعظ والإرشاد، والإصلاح والتأديب والهجر والضبط وتدخل الأهل للإصلاح، وجعل الإسلام حكم الطلاق آخر حل في ذلك.
ويضيف قائلاً: "وترى الشريعة أن من واجب الرجل رعاية البيت والإنفاق على أطفاله، في المقابل تبذل الزوجة كل ما في وسعها لإسعاد زوجها".
أيها الرجل... تذكّرْ واجباتك
وبيّن "حشاش" أن السعادة الزوجية لا تقوم على المرأة وحدها، وإنما يتحمل الزوج الجزء الخاص به من أجل تحقيق السعادة، ويقول: "من واجب الرجل لنجاح العلاقة الزوجية القيام بالواجبات الدينية ومصاريف واحتياجات الأسرة، وألاّ يكون الزوج كسولاً، وعلى الزوج أن يرعى زوجته، ويتودّد إليها، ويحسن إليها، ويشعرها بالمحبة والقرب، ويبادلها العواطف".
وكذلك يدعو "حشاش" الزوج إلى ضرورة قيامه بتخصيص أوقات من يومه من أجل الحديث مع زوجته، والاطلاع على رغباتها، وعدم تجاهلها في الأمور الممكن تحقيقها.
الاحتياجات النفسية هدف أساسي
ويعتبر أخصائي علم النفس الأستاذ فاخر الخليلي أن الشيء الأساسي الذي يؤثر على السعادة الزوجية هو اختيار كل من الزوجين للآخر؛ لأن كلاً منهما يجب أن يتحمل الآخر. فهما اللذان اختارا وليس غيرهما. ويقول: "وهناك حالات كثيرة تحصل بينهم مشاكل زوجية بسبب عدم التوافق على الزواج، وخصوصاً في قضية الاختيار، والسؤال هنا: هل أنا اخترت شريك حياتي من تلقاء نفسي أم أُجبرت عليه، واخترته لهدف مادي أو لسبب معين؟!".
ويوضح "الخليلي" أنه إذا تم اختيار شريك الحياة بطريقة صحيحة فإن كل من الزوجين يشبع القضايا النفسية لدى الآخر؛ لأن نجاح العوامل النفسية في الحياة الأسرية أساس واضح في السعادة الزوجية.
ويضيف: "لأن كلاً منهما يجب أن يتحدث للآخر عن همومه ومشاكله النفسية أي بمعنى التفريغ النفسي الذي يجب أن يصاحب العلاقة الزوجية، وعدم كتمان الأسرار عن بعضهم البعض لأنهم شكلواً جسداً واحداً".
وبحسب أقوال الخليلي فإن السعادة الزوجية من وجهة نظر علم النفس تدل على توفير كل من الزوجين احتياجات الآخر القائمة على القضايا النفسية والجنسية والمالية ومتطلبات الحياة، دون الحديث عمّا يشوبها من مشاكل، أي بالتغلب على المشاكل.
ويضيف: "هناك عوامل تؤثر على السعادة الزوجية، وهي القضايا المالية، وعدم العملن وسوء الأوضاع الاقتصادية التي تؤثر على نفسية الزوجين؛ لأن السعادة الزوجية ليست مسؤولية أحد دون الآخر من الزوجين، وهي مسؤولية مشتركة على كليهما البحث عنها؛ لأن الأسرة تقوم في الأساس على الحب والمودة والسكينة.
أما الأخصائي الاجتماعي يونس عادل فيقول: "الظروف المحيطة بالحياة الزوجية من النواحي الاجتماعية تؤثر على الحياة الخاصة للزوجين، وبالتالي على سعادتهما، والمقصود هنا بالوضع الاجتماعي الذي يقوم على نوعية الأسرة، هل هي ممتدة أم أسرة صغيرة"؟
ويضيف: "والمعلوم أن الأسر الممتدة يتدخل فيها الأهل، بالتالي فإن العوامل الاجتماعية المحيطة بالأسرة تؤثر على السعادة الزوجية، ومن هذه العوامل طبيعة السكن وطبيعة الأسرة والأطفال وعددهم".
ويبين عادل أنه إذا كانت الظروف الاجتماعية للزوجين مواتية، مثل طبيعة كل عائلة، أي الوسط الاجتماعي الذي انحدر منه كل زوج، حتى لا يعيّر الآخر بوضعه الاجتماعي، إضافة إلى مكانته الاجتماعية، فمن المفروض وجود تناسق كامل في الوضع الاجتماعي لكل من الزوجين، حسب قوله.
ويضيف: "من المعلوم أن السعادة الزوجية يتمناها كل زوجين في الأسرة الآمنة، المحاطة بوضع يقودها إلى تربية الأطفال وتأدية المقاصد الأساسية للزواج".