تحقيق - هيام المفلح:

يُعد العمل التطوعي ركيزة أساسية في بناء وتنمية المجتمع ونشر التماسك الاجتماعي بين المواطنين لأي مجتمع، وهو ممارسة إنسانية ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بكل معاني الخير والعمل الصالح عند كل المجموعات البشرية منذ الأزل، ولها دورها الهام في عملية التغيير الاجتماعي. في تحقيقنا هذا تناقش "الرياض" مع بعض الاختصاصيين، وعلى هامش مؤتمر التطوع المعقود في مدينة الرياض، أهمية العمل التطوعي في مجتمعنا، ودوره في التنمية الاجتماعية، وتضع يدها على معوقاته وطرق الإدارة المثلى لعملياته ،وتطرح الحلول والمقترحات للوصول به إلى النجاح المنشود.

ماهية العمل التطوعي

بداية تعرّف الباحثة نورة العنزي، الباحثة في مجال الخدمة الاجتماعية من جامعة الإمام والتي أعدت رسالة ماجستير عن العمل التطوعي، تقول إن العمل الاجتماعي التطوعي من وجهة نظرها هو مساهمة الأفراد في أعمال الرعاية والتنمية الاجتماعية سواء بالرأي أو بالعمل أو بالتمويل أو بغير ذلك من الأشكال. وتضيف أن من خصائص العمل الاجتماعي أن يقوم على تعاون الأفراد مع بعضهم البعض في سبيل تلبية احتياجات مجتمعهم، وهذا يقود إلى نقطة جوهرية مفادها أن العمل الاجتماعي يأتي بناء على فهم لاحتياجات المجتمع، مع الاشارة إلى أن مساهمة الأفراد في العمل الاجتماعي تأتي بوصفهم إما موظفون أو متطوعون "وهو مجال موضوعنا"، والتطوع هو الجهد الذي يقوم به الفرد باختياره لتقديم خدمة للمجتمع دون توقع لأجر مادي مقابل هذا الجهد.

وترى الباحثة نورة أن العمل التطوعي يختلف في حجمه وشكله واتجاهاته ودوافعه من مجتمع إلى آخر، ومن فترة زمنية إلى أخرى، فمن حيث الحجم يقل في فترات الاستقرار والهدوء، ويزيد في أوقات الكوارث والنكبات والحروب، ومن حيث الشكل فقد يكون جهداً يدوياً وعضلياً أو مهنياً أو تبرعاً بالمال أو غير ذلك، ومن حيث الاتجاه فقد يكون تلقائياً أو موجهاً من قبل الدولة في أنشطة اجتماعية أو تعليمية أو تنموية، ومن حيث دوافعه فقد تكون دوافع نفسية أو اجتماعية أو سياسية.

وتميز العنزي بين شكلين من أشكال العمل التطوعي، أول الشكلين هو السلوك التطوعي، وتقصد به مجموعة التصرفات التي يمارسها الفرد وتنطبق عليها شروط العمل التطوعي ولكنها تأتي استجابة لظرف طارئ، أو لموقف إنساني أو أخلاقي محدد، مثال ذلك "أن يندفع المرء لإنقاذ غريق يشرف على الهلاك، أو إسعاف جريح بحالة خطر إثر حادث ألمّ به"، وهذا عمل نبيل - لا يقوم به للأسف إلا القلة اليوم - في هذه الظروف يقدم المرء على ممارسات وتصرفات لغايات إنسانية صرفة أو أخلاقية أو دينية أو اجتماعية، ولا يتوقع الفاعل منها أي مردود مادي.

أما الشكل الثاني من أشكال العمل التطوعي فتذكر العنزي أنه يتمثل بالفعل التطوعي الذي لا يأتي استجابة لظرف طارئ بل يأتي نتيجة تدبر وتفكر مثاله الإيمان بفكرة تنظيم الأسرة وحقوق الأطفال بأسرة مستقرة وآمنة؛ فهذا الشخص يتطوع للحديث عن فكرته في كل مجال وكل جلسة ولا ينتظر إعلان محاضرة ليقول رأيه بذلك، ويطبق ذلك على عائلته ومحيطه.

دوافع التطوع

وعن دوافع العمل التطوعي يقول الدكتور أيمن إسماعيل محمود يعقوب أستاذ الخدمة الاجتماعية بجامعة الامام أن الدوافع الخاصة بالتطوع تتعدد، فمنها ما هو شعوري، ومنها ما هو لا شعوري، وهذه الدوافع تتشابك، وينتج عنها في النهاية هذا الالتزام الذي يدفع المتطوع إلى العمل، فقد يكون الدافع الرغبة في الشعور بالراحة النفسية، والرغبة في اكتساب الأصدقاء أو الجماعة المرجعية التي ينتمي إليها، وقد يدفع الشخص للتطوع، مجرد حب الظهور أو وجود وقت فراغ لديه، أو يتطوع الشخص مدفوعا بفلسفة عامة ومرغوبة.

ويرى د. أيمن أيضاً أن دوافع التطوع في الدول المتقدمة تختلف عنها في الدول النامية، طبقا لظروف كل مجتمع، ففي المجتمعات المتقدمة تتم المشاركة التطوعية لدوافع اجتماعية تتمثل في الوعي الاجتماعي، والنجاح في التعامل مع الآخرين، والرغبة في الحصول علي مكانة اجتماعية، والحاجة إلى الاتصال بمجالات العمل والحياة المهنية، بينما في المجتمعات الناميه فالدوافع الأساسية للمشاركة التطوعية فتكمن في اتجاهين رئيسين يرتبط أولهما بمدى ما يحققه المشروع من فائدة مباشرة للمتطوع، ويرتبط ثانيهما بقيم دينية أو ثقافية معينة، فإلى جانب أن الدوافع تختلف مع مستوى الأفراد حسب المستوى العلمي والاقتصادي وحسب العمر الزمني والحالة الاجتماعية، والوضع الاجتماعي فان هذا الاتجاه يؤكد علي أن الجذب لعملية المشاركة التطوعية يرتكز علي جوانب دينية أو ثقافية ما تهمم وتؤثر علي المشارك.

توجه ديني

وللعمل التطوعي أصل شرعي ورد في مواقع كثيرة من القرآن والسنة يؤكد على هذا الدكتور محمد أحمد الجوير عضو هيئة التدريس بكلية الدراسات التطبيقية بجامعة الملك سعود والمستشار بالتلفزيون السعودي، فيقول :

بما أن المفهوم العام للعمل التطوعي هو بذل الجهد أو المال أو الوقت أو الخبرة بدافع ذاتي دون مقابل، فهو يُعد في ديننا الحنيف ركيزة أساسية في بناء علاقة الفرد المسلم بأخيه المسلم قال (ص): "المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا"، فالعمل التطوعي من القيم والخصائص الاجتماعية التي تساهم في شكل فاعل في تحقيق أهداف وطموحات الأفراد والمجتمعات. ويضيف د. الجوير أن للعمل التطوعي مستنداً شرعياً ،فقد حث الإسلام ورغب في أعمال الخير ويدخل العمل التطوعي ضمناً في هذه الأعمال، ولقد جاءت آيات قرآنية وأحاديث نبوية كثيرة تحث على عمل الخير للناس كافة المسلم وغير المسلم ، من الآيات قوله تعالى(وتعاونوا على البر والتقوى)،وقوله تعالى (ومن تطوع خيراًفهو خير له)، ومن السنة قوله(ص) :(إن لله عباداً اختصهم لقضاء حوائج الناس حببهم للخير وحبب الخير إليهم أولئك الناجون من عذاب القيامة)،وقوله(ص) : (خير الناس أنفعهم للناس)، والناس هنا جاءت نكرة تشمل المسلم والكافر وهذا من كمال وشمولية الإسلام وعنايته بالبشرية جمعاء هذه الآيات والأحاديث تعتبر مدخلاً يلج منه العمل التطوعي بأشكاله المتنوعة من العون والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كل ذلك يبين عظمة الإسلام.

ويشير د. الجوير إلى أن مفهوم العمل التطوعي في عالمنا الإسلامي يرتبط بقيم التكافل الاجتماعي وليست له دوافع ذاتية آنية، من أنواع العمل التطوعي التي حثنا عليها الاسلام يذكر د. الجوير (التجاوب الاجتماعي في أوقات الشدة وفي الإغاثة وفي حل الأزمات وتخفيف آثار الفقر والعوز)..إلى غير ذلك من الأعمال داخل المجتمع، وعلى سبيل المثال "تدريس النشء كتاب الله وتفطير الصائمين وقضاء حوائج الفقراء والمساكين" وغير ذالك. ويضيف د. الجوير أن أسمى أعمال التطوع هي التي تنبع من الذات والتي لا تنتظر أجراً مقابلاً لذلك، فالذين يقومون بأعمال التطوع أشخاص نذروا أنفسهم لمساعدة الآخرين بطبعهم واختيارهم، والدافع الديني يأتي على رأس قائمة الدوافع لهذه الأعمال، ويرى د. الجوير تنمية هذا العمل في نفوس الجيل عن طريق المدرسة في مادة التربية الوطنية إضافة إلى قيام وسائل الإعلام المختلفة بالدور المناط بها وتكريس هذه القيم الأخلاقية النبيلة.

مجالات التطوع

ما هي مجالات العمل التطوعي؟ تقول الباحثة نورة العنزي إن العمل التطوعي يشمل عدة برامج ومجالات وهي (برامج التعليم والتدريب والتأهيل) وتشمل إعداد مربيات الأطفال واستعمال الحاسب الآلي والنسخ على الآلة الكاتبة وتعليم التفصيل والخياطة ومكافحة الأمية والسكرتارية والفنون التشكيلية والتطريز وتدريب بعض أفراد الأسر التي ترعاها الجمعية على بعض الحرف والمهن، ثم (برا مج الرعاية الصحية) وتتمثل في المستوصفات والعيادات الطبية وإجراء عمليات القلب وعيادات مكافحة التدخين والصيدليات ومراكز العلاج الطبيعي ودورات الإسعاف الأولى وخدمة نزلاء المستشفيات ودعم لجان أصدقاء المرضى وتأمين السكن الصحي للمرضى ومرافقيهم. بالإضافة إلى التوعية الصحية والمشاركة في أسبوع النظافة والمناسبات الصحية الأخرى.

وتضيف العنزي مجالات أخرى للعمل التطوعي منها (رعاية المعاقين وكبار السن) وتتمثل "بمراكز ودور إيوائية - مراكز تعليم خاص- تعليم وتفصيل الخياطة - مشاغل خاصة لتأهيل المعاقات - بالإضافة إلى تأمين الأجهزة الطبية لبعض المعاقين"، وكذلك برنامج (الإسكان الخيري وتحسين المسكن) و تتمثل "بشراء وتأمين وتحسين المساكن"، أما (البرامج الثقافية) فتتمثل "بتحفيظ القرآن الكريم - مكتبات عامة - إقامة ندوات ومحاضرات دينية وثقافية - نشر وطبع الكتب ونشرات التوعية واللوحات الإرشادية).

وهناك برنامج (تقديم المساعدات المتنوعة) فيشمل "تقديم أنواع المساعدات النقدية والعينية والطارئة والموسمية ومساعدة المرضى والمعسرين و راغبي الزواج وأسر السجناء والمعاقين وغير ذلك ، وهناك مشروع كافل اليتيم وخدمات الأربطة ودور الضيافة لإيواء الحالات الطارئة الناجمة عن حوادث الطرق وغيرها"، هذا بالإضافة إلى إقامة المعسكرات والمراكز الصيفية لشغل أوقات الشباب في الصيف.

آثار العمل التطوعي

بعد الحديث عن الميادين المتعددة والأشكال المتنوعة للأعمال التطوعية لا بد من الوقوف عند الآثار الإيجابية التي يحصِّلها المتطوع "رجلاً كان أو امرأة" عند بذل عطائه في ميدان ما.

تشرح الباحثة نورة العنزي هذه الآثار وتقول أن هناك آثاراً على المستوى النفسي، فالمتطوع يقدِّم جزءاً من جهده ووقته وأحياناً ماله في مقابل تقدم الآخرين واستفادة هؤلاء الآخرين تشكل بالنسبة إليه مصدر راحة نفسية فيما على العكس العمل غير التطوعي (القسري والوظيفي) يحصل فيه الرضا النفسي لدى الشخص القائم به بمقدار ما يحصل هو نفسه على المنفعة الناتجة عن هذا العمل، وإضافة إلى الرضا النفسي هناك "الرضا عن الذات" حيث يرفع العمل التطوعي مستوى الدافعية للعمل ويزيد من حماسة المتطوع كلما رأى الآثار الإيجابية والتطور الملحوظ لدى من يتطوع للعمل من أجلهم، وفي جانب آخر فان العمل التطوعي يخفف من النظرة العدائية أو التشاؤمية لدى المتطوع نفسه تجاه الآخرين والحياة ويمده بإحساس وشعور قوي بالأمل والتفاؤل، وكذلك فأن التطوع يهذب الشخصيَّة ويرفع عنها عقلية الشح ويحولها إلى عقلية الوفرة مصداقاً للآية الكريمة "ومن يوقَ شحَّ نفسه فأولئك هم المفلحون" ففي العمل الوظيفي يتحدد العمل بقدر ما يحصِّل العامل من مال ومنفعة ذاتية مادية بينما في العمل التطوعي لا حدود للعطاء.

أما على المستوى الاجتماعي، فتقول أن العمل التطوعي يزيد من قدرة الإنسان على التفاعل والتواصل مع الآخرين كما يحد من النزوع إلى الفردية وينمي الحس الاجتماعي لدى الفرد المتطوع ويساهم في جعل المجتمع أكثر اطمئناناً وأكثر ثقة بأبنائه كما يخفف من الشعور باليأس والإحباط ويحد من النزعة المادية لدى أفراده. ويجعل القيمة الأساسية في التواصل والإنتاج والرضا الذاتي المتصل برضا اللَّه سبحانه وتعالى.

المرأة.. والتطوع

ما دور المرأة في العمل التطوعي؟ تقول الباحثة نورة أن دور المرأة في العمل التطوعي يتعدد ليشمل المشاركة في الجمعيات الخيرية التطوعية بصورة عامة، والإسلامية خاصة، علماً بأن أهم النشاطات التي تقوم بها هذه الجمعيات هي النشاطات الاجتماعية المتنوعة مثل تقصي أحوال الأسر والأفراد ذوي الحاجة وتقديم المساعدات لهم، والمشاركة في الأسواق والأطباق الخيرية التي يستفاد من ريعها في تموين المشاريع الخيرية، وإن كانت المرأة من ذوات المؤهلات العلمية المتخصصة فيمكنها المشاركة بإقامة محاضرات ودروس توعية للمرأة خاصة في الناحية الدينية، أو التدريس في مراكز تحفيظ القرآن الكريم.

معوقات العمل التطوعي

ما معوقات العمل التطوعي في مجتمعنا؟ تحدد الباحثة نورة عدداً من المعوقات التي تعترض مشاركة الشباب في الأعمال التطوعيه الاجتماعية منها الظروف الاقتصادية السائدة وضعف الموارد المالية للمنظمات التطوعية، بالإضافة إلى بعض الأنماط الثقافية السائدة في المجتمع "كالتقليل من شأن الشباب والتمييز بين الرجل والمرأة"، وضعف الوعي بمفهوم وفوائد المشاركة في العمل الاجتماعي التطوعي، وكذلك قلة التعريف بالبرامج والنشاطات التطوعية التي تنفذها المؤسسات الحكومية والأهلية، ويضاف لها عدم السماح للشباب للمشاركة في اتخاذ القرارات بداخل هذه المنظمات، وقلة البرامج التدريبية الخاصة بتكوين جيل جديد من المتطوعين أو صقل مهارات المتطوعين، ثم قلة تشجيع العمل التطوعي.

توصيات ومقترحات

ماهي التوصيات والمقترحات التي من شأنها تفعيل العمل التطوعي والنهوض به في مجتمعنا؟ يرى د. أيمن اسماعيل أن للخدمة الاجتماعية دور في تفعيل وتنمية المشاركة التطوعية وذلك من خلال استخدام فنياتها المختلفة لتحقيق ذلك ويرى أن ذلك يمكن تحقيقه من خلال التعرف على المشكلات الحقيقية والمحلية للمواطنين في اطار المعايير التي تضعها لذلك، وكذلك مساعدة قادة المنظمات علي قبول أفكار وممارسات جديدة لحل المشكلات المجتمعية، وتنمية الوعي التنموي بين الناس ومساعدتهم علي قبول الأفكار والممارسات الجديدة، ويؤكد على ضرورة ان يتم تبنى استخدام فكرة جماعات العمل التطوعي والمشكلة من المتطوعين بإشراف من المنظمات والمهنيين الموجودين فيها.

كما تطرح الباحثة نورة العنزي عبر "الرياض" عدة توصيات خرجت بها للنهوض بالعمل التطوعي منها إتاحة الفرصة أمام مساهمات الشباب المتطوع وخلق قيادات جديدة وعدم احتكار العمل التطوعي على فئة أو مجموعة معينة، وتكريم المتطوعين الشباب ووضع برنامج امتيازات وحوافز لهم، وكذلك تشجيع العمل التطوعي في صفوف الشباب مهما كان حجمه أو شكله أو نوعه، وتطوير القوانين والتشريعات الناظمة للعمل التطوعي بما يكفل إيجاد فرص حقيقية لمشاركة الشباب في اتخاذ القرارات المتصلة بالعمل الاجتماعي. بالإضافة إلى إنشاء اتحاد خاص بالمتطوعين يشرف على تدريبهم وتوزيع المهام عليهم وينظم طاقاتهم، والعمل على تشجيع الشباب وذلك بإيجاد مشاريع خاصة بهم تهدف إلى تنمية روح الانتماء والمبادرة لديهم.

وهناك توصية ذكرتها العنزي تتلخص بأن تمارس المدرسة والجامعة والمؤسسة الدينية دوراً أكبر في حث الشباب على التطوع خاصة في العطل الصيفية، وأن تمارس وسائل الإعلام دوراً أكبر في دعوة المواطنين إلى العمل التطوعي، والتعريف بالنشاطات التطوعية التي تقوم بها المؤسسات الحكومية والجمعيات.

ومن مقترحات الباحثة نورة العنزي لتطوير العمل التطوعي تؤكد على أهمية تنشئة الأبناء تنشئة اجتماعية سليمة وذلك من خلال قيام وسائط التنشئة المختلفة كالأسرة والمدرسة والإعلام بدور منسق ومتكامل الجوانب في غرس قيم التضحية والإيثار وروح العمل الجماعي في نفوس الناشئة منذ مراحل الطفولة المبكرة، وتشدد على أن تضم البرامج الدراسية للمؤسسات التعليمية المختلفة بعض المقررات الدراسية التي تركز على مفاهيم العمل الاجتماعي التطوعي وأهميته ودوره التنموي ويقترن ذلك ببعض البرامج التطبيقية؛ مما يثبت هذه القيمة في نفوس الشباب مثل حملات تنظيف محيط المدرسة أو العناية بأشجار المدرسة أو خدمة البيئة.

مقترح قانوني

في الأونة الأخيرة تصاعدت الأصوات تطالب بتوجه القضاة إلى اصدار أحكام بديلة متمثلة في أحكام الخدمة الاجتماعية كبديل لعقوبة السجن، وقد حدثت فعلاً سابقة من هذا النوع حيث صدقت هيئة التمييز على حكم قاضي (محكمة المويه) حيث حكم على أحد الأحداث (فتى في سن المراهقة) شرب الخمر، بتنظيف 26مسجداً بديلاً عن السجن.

ويلاقي هذا التوجه الكثير من التأييد يحدثنا عن هذا المحامي والمستشار القانوني أحمد إبراهيم المحيميد موضحاً:

أن الأحكام القضائية المتعلقة بالخدمات الاجتماعية تعتبر من الظواهر الإيجابية في المجتمع وليس هنالك ما يمنع من الآخذ بها شرعا ونظاما شريطة أن يكون هنالك اعتماد رسمي لها وان تكون تحت إشراف وتنفيذ جهة إدارية مخولة وبنظام قضائي إداري حديث.

فالقضاء الشرعي، حسب رأي المحيميد، يعتمد على الكتاب والسنة وعلى السوابق القضائية عند إصدار الأحكام خاصة الأحكام التعزيرية، وتقدير العقوبات في القضاء الشرعي متروكة لاجتهاد القاضي وليس في الشرع تقييد لعقوبات محددة عدا ان هنالك عقوبات قانونية منصوص عليها في بعض الأنظمة (مثل نظام مكافحة الرشوة والتزوير والتزييف وجرائم الشيك وغيرها) من الأنظمة الأخرى، التي نصت نظاما على مقدار العقوبة ونوعها و القضاة الشرعيون يجتهدون في إيقاع العقوبة التعزيرية بما يكفل حماية المجتمع سواء جلبا للمصالح أو درءا للمفاسد، ومن تلك العقوبات (السجن والجلد والغرامة المالية)، وتعتبر عقوبة الخدمات الاجتماعية من السوابق القضائية الجديدة في مجتمعنا متمنيا تفعيلها والآخذ بها نظرا لحاجتنا الماسة للاستفادة من نشاط وحيوية الشباب في خدمة المجتمع، بدلا من تعطيلها وكبتها في السجن، وعلى ان يكون تطبيق هذه العقوبة تدريجيا (على الأحداث مثلا)، وان تطبق كذلك كعقوبة إدارية في بعض الأنظمة المدنية (مثل نظام الخدمة المدنية ونظام العمل والعمال ونظام الاعلام والنشر ونظام الاحتراف في كرة القدم)، ولكم أن تتخيلوا تطبيق عقوبة خدمة المرضى والمعاقين على إعلامي أخطأ بحق الغير، او على معلم أخطأ بحق تلاميذه، أو على لاعب شهير تجاوز الأخلاق الرياضية!

ان هذا النوع من العقوبات البديلة معمول به في عدد من دول العالم وكان له آثار إيجابية ضخمه منها الاستفادة من طاقات الشباب و تفعيلها في خدمة المجتمع وتنمية العمل التطوعي وتفعيل الانتماء والولاء للوطن وفيه حفاظ على المكتسبات الوطنية ومن شأنه تحقيق وفر في ميزانية الدولة وتخفيفا على السجون وحماية للأحداث وذوي الجنح الصغيرة من الاختلاط بأرباب السوابق والأجرام وتهذيبا للنفس البشرية.

المصدر: صحيفة الرياض
http://www.alriyadh.com

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 55/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
17 تصويتات / 3922 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,874,245

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters