التصنيع فى الفضاء الخارجى .

منذ سنوات عديدة تنبأت وكالة الفضاء الأمريكية بأنه فى يوم ما سيتم تصنيع بعض المنتجات فى الفضاء الخارجى , هذا ومن المعروف أن أحد الإستخدامات لمحطات الفضاء أن تستخدم كمراكز لإجراء تجارب منها التجارب الصناعية .

المشكلة الأساسية بالنسبة لمحطات الفضاء هى الإمداد بالمستلزمات الأساسية للحياة الإنسانية , فبيئة الفضاء مختلفة تماما عن البيئة الموجودة على الأرض فى محطات الفضاء يصنع الإنسان بيئة تمده بالأكسجين, الغذاء , الماء , والطاقة المطلوبة , وهناك أنواع معينة من الطائرات يمكن أن تنقل مثل هذه الضروريات إلى محطة الفضاء وبطريقة مكوكية , والتخطيط طويل المدى فى هذا الصدى ينادى بإنتاج الأكسجين من مواد أخرى , أحد الإحتمالات هو صناعة الأكسجين من مواد موجودة على سطح القمر تسمى المنايت , ويتم إستخراج هذا المعدن من فوق سطح القمر وتجرى عليه عمليات لإنتاج الأكسجين .

بدون جاذبية الأرض سيكون التعدين سهلا على سطح القمر , كما إن وكالة ناسا أنفقت سنوات لتطوير أنواع الخلايا الكهرو ضوئية الشمسية لتتحول الطاقة الضوئية للشمس إلى طاقة كهربائية , ومحطات الفضاء سوف تكون فى الحجم مثل الأتوبيس كبير الحجم ( 44.5 قدم . 13.8 قدم ) ورواد الفضاء سوف يؤدون أعمالهم بطريقة مختلفة, أيضا ردود أفعالهم وتحركاتهم ونومهم , وسوف تكون هناك طائرة أخرى منفصلة عن محطة الفضاء تسمى السفينة الفضائية الصناعية .

تحت الظروف الطبيعية لن تكون هناك نظم لتسهيل الحياة بتلك السفينة , ولكن التجارب والعمليات سوف تتم آليا من خلال الكمبيوتر والروبوت , وكل فترة زمنية ( عدة شهور على سبيل المثال ) فإن عدد من رواد الفضاء يطيرون إلى السفينة الفضائية الصناعية الصناعية ويمددنها بمواد خام جديدة ويفحصون الإنتاج ويقومون بإجراء أى تعديلات , ويعتبر وضع سفينة الفضاء الصناعية فى مدار حول الأرض هو هو الخطوة الأولى للقيام بعمليات صناعية فى الفضاء , والعلماء والمهندسون حددو ثلاث مراحل فى تخطيطهم للتصنيع فى الفضاء .

المرحلة الأولى : البحوث العلمية الأساسية :

لا يستطيع العلماء التنبؤ بما قد يحدث فى البيئة الفضائية وكيف ستعمل الأشياء فى البيئة الفضائية . ففى الفضاء تكون تأثيرات الجاذبية منعدمة إلى حد كبير , حيث هناك قدر ضئيل تماما من الجاذبية فى الفضاء وتلك الجاذبية يطلق عليها المهندسون ورواد الفضاء " الجاذبية الجزئية " على سبيل المثال إذا كان هناك جسما وزنه 200 رطل على سطح الأرض فإن وزنه لن يكون كذلك فى الفضاء الخارجى , إن وزنه لن يزيد عن خمسة عشر جراما تقريبا .

هذا ولا تعرف بعد كل تأثيرات الجاذبية الجزئية على الذين يعملون فى الفضاء أو على العمليات الصناعية فى الفضاء , وبرغم ذلك فهناك العديد من التجارب التى يجريها العلماء والمهندسين ورواد الفضاء للدراسة والبحث للمساعدة فى فهم أكثر للجاذبيةالجزئية فى الفضاء الخارجى .

المرحلة الثانية : التكنولوجيا الجديدة :

وحتى يمكننا أن نفهم كيف تعمل الأشياء فى الفضاء الخارجى فإن المهندسين سوف يصممون ويقدمون تكنولوجيا جديدة بحيث تمكننا من إستخدام الجاذبية الجزئية فى الفضاء الخارجى إستخدامالا أفضل وأوسع إنتشارا وبناء على التجارب والإختبارات التى أجريت فى هذا الصدد فإن كثيرا من المعدات والأدوات تم تطويرها , من أمثلة ذلك هى مصادر الطاقة التى يمكن حملها باليد , ففى الفضاء الخارجى لا يستطيع رواد الفضاء إستخدام كابل يمدهم بالطاقة الكهربائية . مثال آخر وهو خاص بصهر المعادن , حيث أن المعادن المنصهرة لن تتدفق أو تنصب خارج الوعاء الذى تصهر فيه وبالتالى يمكن صهر المعادن بدون وعاء فى الفضاء الخارجى .

لذلك تم تطوير أحد النظم لإجراء العمليات الصناعية على المعادن أو المواد الخام بدون وعاءوبذلكيمكن ضمان عدم تلوث المعدن أو إختلاطه بالمعادن الأخرى أثناء عملية الصهر. على الأرض نجد أن الوعاء مثل البوتقة والتى يمكن أن تمتزج مع المادة المنصهرة وتسبب فسادها أو عدم صلاحيتها .

والنظم الخاصة بإجراء العمليات الصناعية فى الفضاء الخارجى سوف تستخدم الطاقة الصوتية ( الموجات الصوتية ) لرفع أو تعليق المعدن فى الفضاء الخارجى وإجراء العمليات الصناعية , وبدون إستخدام أوعية صهر المعادن , ولن يكون هناك تلوث بالمعدن , وهناك أنظمة أخرى بالفضاء الخارجى سوف تستخدم الكهرباء أو المغناطيسية لتعليق المعادن , لهذا فإن كثير من أشكال الأدوات والألات سوف تبتكر , وإذا نظرنا إلى المعدات والألات فى المصانع التى تعمل على سطح الأرض فأنها من المستحيل أن تعمل بنفس الطريقة فى الفضاء .

المرحلة الثالثة : تصنيع المنتج :

بعد تطوير الألات والمعدات الجديدة بما يتناسب مع أنظمة العمليات الصناعية فى الفضاء الخارجى فإنه يمكن إنتاج منتج أو منتجات جديدة , وبناءا على التجارب السابقة فى الفضاء فإن وكالة الفضاء الأمريكية تتوقع أن التطوير سوف يكون فى خامات جديدة ومتطورة , وتوضح نتائج بعض الدراسات فى مجال صناعات المعادن والزجاج والكريستال أنها تعطى أملا كبيرا .

صناعة المعادن فى الفضاء .

من خلال تفاعل إثنين أو أكثر من المعادن , يمكن أن يكون هناك معدن جديد ذو مواصفات وجودة أفضل وتواجهنا مشكلة أنه على سطح الأرض لا يمكن أن يتم خليط لبعض المعادن , مثال جيد على ذلك وهو الرصاص والألومنيوم , فإذا تم خلط هذين المعدنين فلا يتم الإختلاط بينهما بسبب الإختلاف فى الوزن بين الرصاص والألومنيوم ولهذا لا يمكن وجود هذا الخليط , فعند تسخين المعدنين معا فى البوتقة فإن الرصاص يرسب فى قاع البوتقة بينما يرتفع الألمنيوم أعلى البوتقة وبذلك فإن عملية المزج فى البوتقة لا تتم إلا فى الفضاء الخارجى , وبسبب الجاذبية الجزئية , فإن الفروق فى الوزن لن يكون لها وجود وبالتالى سوف يمتزج الرصاص والألمنيوم لينتج خليطا ممتازا .

إن المهندسين والعلماء يتوقعون إبتكار 400 خليط ممتاز جديد من خلال مزج معدنين أو أكثر لا يمكن أن يمتزجا أو يمتزجوا على الأرض , وهذه الأنواع المختلفة والجديدة من المعادن والتى سوف تبتكر وتنتج فى الفضاء الخارجى سوف تكون أكثر قوة وأقل تكلفة وأفضل فى الوزن وسوف تحسن خصائص كثير من منتاجتنا الصناعية .

صناعة الزجاج فى الفضاء الخارجى :

فى الزجاج الذى يتم صنعه على سطح الأرض هناك إحتمال تلوث الزجاج بسبب البوتقة وبالتالى لا يكون نقى تماما , كما أن الجاذبية الأرضية تجعل الزجاج أقوى وبالتالى سهل الكسر , أما فى الفضاء الخارجى فإن إستخدام الأساليب الحديثة سوف تمكننا من إنتاج زجاج أفضل وأنقى , ويمكن أن يستخدم الزجاج النقى فى صناعة الفيبر .

صناعة رقائق الكمبيوتر فى الفضاء الخارجى :

رقائق الكمبيوتر تصنع من بلورات السيليكون إلا أننا لا نضمن نظافة تامة للمكان ومدى نقاء بلورات السيليكون بالإضافة إلى مشكلة الجاذبية الأرضية . ففى خلال إذابة السيليكون فإن السيليكون الساخن يرتفع والبارد ينخفض أو يترسب فى القاع , وخلال دورتى التبريد والتسخين يترتب عليهما إجهادات فى بلورات السيليكون والتى قد يترتب عليها تشققات أو عيوب أو كسور وهذا يعنى أن 80% من البلورات تلقى كمخلفات صناعية .

وبالنظر إلى هذه النسبة المرتفعة من العوادم فإن تكلفة إنتاج رقائق الكمبيوتر تعتبر مرتفعة للغاية , فإنه للمرة الثانية , فإن الجاذبية الجزئية فى الفضاء الخارجى وأداء العمليات الصناعية بدون وعاء سوف يقدم لنا بلورات أنقى وأفضل لرقائق الكمبيوتر .

صناعة البلاستيك فى الفضاء الخارجى :

إن أول منتج يتم صناعته فى الفضاء الخارجى كان حبيبات صغيرة جدا من البلاستيك تسمى ميكروسفيرس يمكن أن توضع فى أنبوبة يعادل حجمها أصغر أصبع من أصابع الإنسان .

ولقد قام رواد الفضاء بصناعة الملايين من الميكروسفيرس فى الفضاء الخارجى خلال عدة رحلات فضائية يرجع تاريخها إلى عام 1982 , وهذه الحبيبات الدقيقة لها إستخدامات متعددة حاليا فى مجال صناعات الميكروسكوب والألات الدقيقة , ومما يذكر أن كل ميكروسفيرس ينتج فإنه يماثل فى الحجم والشكل باقى الحبيبات . أما على سطح الأرض فإن تلك الأمور من المستحيل أن تتم بسبب تأثيرات الجاذبية الأرضية .

إن التصنيع فى الفضاء يحمل لنا آمال كثيرة فى المستقبل , حيث من المتوقع توافر كثير من المنتجات الجديدة والأفضل إلا أن صنع سفن الفضاء وإجراء التجارب والبحوث سوف يتكلف بلايين الدولارات ويستغرق كثير من السنوات .

المصدر: أ.د / أحمد إبراهيم عبد الهادى أستاذ إدارة الأعمال بكلية التجارة جامعة بنها
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 35/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
11 تصويتات / 783 مشاهدة
نشرت فى 3 يوليو 2011 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,682,422

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters