خلفية عن حوكمة الانترنت
أصبح الإنترنت واحد من أهم بواعث التغيير بل والتطوير، وذلك على حد تعبير كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة. فالإنترنت وسيلة مذهلة تمكن المرء من التنقل بحرية بين مختلف المواقع وتتيح له في نفس الوقت الحصول على كافة المعلومات التي يريدها. وقد اتفق رؤساء الدول والحكومات خلال انعقاد القمة العالمية لمجتمع المعلومات في مرحلتها الأولى بجنيف على أن الإنترنت قد أصبح عنصرا محوريا في تكوين البنية التحتية لمجتمع المعلومات الناشئ، واتفقوا أيضاً على أن هناك وجهات نظر مختلفة بشأن مدى ملائمة أسلوب الهيئات والآليات الحالية لإدارة العمليات المتصلة بشبكة الإنترنت العالمية وتطوير سياساتها. ولذا طالبوا الأمين العام للأمم المتحدة بتكوين فريق عمل خاص بموضوع حوكمة الإنترنت، لمناقشة القضايا المتعلقة بهذا الأمر فى المرحلة الثانية من القمة العالمية لمجتمع المعلومات بتونس 2005.
تقدم رؤساء الدول والحكومات خلال القمة بعدة مطالب من ضمنها 'ضرورة دراسة موضوع حوكمة الإنترنت وتقديم مقترحات بشأن ما يلزم من إجراءات ودراسة مدى مواءمتها للتطبيق'، وتركزت المقترحات على ما يلي:
• وضع تعريف خاص بمصطلح حوكمة الإنترنت
• تحديد القضايا الخاصة بالسياسة العامة لحوكمة الإنترنت
• تحديد مفهوم مشترك ومحدد للأدوار والمسئوليات التي تضطلع بها الحكومات، والمنظمات الدولية القائمة حالياً وغيرها من المنتديات العالمية، بالإضافة إلى الدور الذي يلعبه القطاع الخاص والمجتمع المدني في الدول المتقدمة والدول النامية على حد سواء.
حاولت مجموعة العمل وضع تعريف لحوكمة الانترنت مجمله ما يلى:
يعرف مصطلح حوكمة الإنترنت بأنه تضافر الجهود المبذولة من جانب الحكومات والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، كلٌ حسب الدور الذي يقوم به، لتطوير مجموعة من المبادئ المشتركة، والمعايير والقواعد المنظمة للعمل، والإجراءات الخاصة بصنع القرار، والبرامج التي تساهم في صياغة البنية الأساسية لشبكة الإنترنت وتطويرها وتيسير استخدامها، والعمل على تطبيقها بالصورة المثلى.
يمتد مصطلح حوكمة الإنترنت ليشمل قضايا أبعد بكثير من مجرد تخصيص الأسماء والعناوين الخاصة بالإنترنت، والموضوعات التي عالجتها هيئة الانترنت للأسماء والنطاقات المخصصة ICANN، فهو يشمل المصطلح أيضا بعض القضايا الهامة الأخرى المتصلة بالسياسة العامة للإنترنت مثل الموارد الحيوية للإنترنت، أمن وسلامة الإنترنت، والجوانب والمسائل الإنمائية المتصلة باستخدام الإنترنت.
أوصى فريق العمل الخاص بموضوع حوكمة الإنترنت بدوره بضرورة تكوين منتدى عالمي لمناقشة كافة القضايا المتعلقة بالإنترنت، بما في ذلك القضايا الخاصة بالسياسة العامة للإنترنت، وقد تم خلال المرحلة الثانية للقمة العالمية لمجتمع المعلومات (تونس 2005) الموافقة على القرار بالإجماع.
عقدت جولتان للمحادثات بجنيف لصياغة أجندة العمل الخاصة بالاجتماع الأول لمنتدى حوكمة الإنترنت، والمقرر عقده في أثينا بنهاية شهر أكتوبر. وقد دعا المؤتمر الذى عقد فى فبراير 2006 المشاركين لإعداد قائمة تتضمن أكثر قضايا السياسة العامة أهمية لطرحها للمناقشة خلال الاجتماع الأول لمنتدى حوكمة الإنترنت.
وقد تقدمت الحكومات، ومؤسسات القطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني، والهيئات الأكاديمية والفنية، بالإضافة إلى المنظمات الحكومية بحوالي 43 مقترح لمناقشته خلال الاجتماع الأول لمنتدى حوكمة الإنترنت، ومن ثم قام الأمين العام لمنتدى حوكمة الإنترنت بتجميع كافة الموضوعات التي تقدم بها المشاركون في قائمة شاملة جاهزة للطرح. ويمكن تقسيم الموضوعات التي وردت بالقائمة إلى جزأين: جزء متصل بالموضوعات العامة المتعلقة بالمهمة الكلية للمنتدى، وآخر خاص ببعض القضايا المتعلقة بالسياسة العامة للإنترنت والتي يجدر طرحها للمناقشة (قضايا رئيسية، وقضايا فرعية).
الموضوعات العامة
اتفق المشاركون في منتدى حوكمة الإنترنت على بعض القضايا المتعلقة بالمهمة الكلية للمنتدى، وذلك كما يلي:
ينبغي أن يكون لأعمال وأنشطة منتدى حوكمة الإنترنت طابع إنمائي، وقد تقدمت الهيئة العالمية للاتصالات التقدمية باقتراح مفاده:
العمل على تجميع كافة القضايا الرئيسية داخل إطار عمل إنمائي يختص أساساً بموضوع حوكمة الإنترنت.
إعطاء أولوية مطلقة لقضية بناء القدرات وذلك لتيسير نوع من المشاركة الفعالة في تنمية السياسة العالمية للإنترنت.
تشمل المشاركة الفعالة تقديم كافة المساعدات الممكنة لتسهيل حضور الاجتماعات ودورات التدريب الخاصة بموضوع حوكمة الإنترنت.
الموضوعات الخاصة بالسياسة العامة للانترنت:
فيما يلي بياناً بعشر من أهم قضايا السياسة العامة للانترنت
البريد الإلكتروني التطفلي:
ترتبط معالجة مشكلة البريد الإلكتروني غالباً بمناقشة مشكلات أخرى خاصة بشبكة الإنترنت مثل مشكلة الفيروسات والقرصنة، نظراً لكون البريد الإلكتروني التطفلي هو الوسيلة الرئيسية لنقل تلك الأخطار للحاسبات الخاصة بمستخدمي الإنترنت. ولذا فقد ربطت عدة مقترحات مقدمة من الدول بين تلك الأخطار وقضية تأمين الشبكات. فإيجاد حل جذري لتلك المشكلات يتطلب بالضرورة وجود شبكة للإنترنت تتصف بمعدلات أمان عالية ويمكن الاعتماد عليها. فإذا لم تكن شبكة الإنترنت آمنة، أو كانت نسبة كبيرة من رسائل البريد الإلكتروني عبارة عن بريد تطفلي أو فيروسات تهاجم الحاسب، تنعدم بالتدريج ثقة المستخدمين في الشبكة، مما يؤثر بالسلب على فائدة استخدام الشبكة.
الخصوصية وحماية البيانات:
أما فيما يتعلق بقضية الخصوصية وحماية البيانات، فقد طرحت عدة مقترحات مفهوم الهوية الرقمية فمن المتوقع أن تحوز تلك التقنيات الجديدة بثقة قطاع عريض من المستخدمين وذلك بمجرد توضيح ماهية الفوائد والمخاطر المرتبطة باستخدام شبكة الإنترنت. وقد طرح للنقاش قضية أخرى تتعلق بذات الموضوع وهي قضية حماية حق الخصوصية لمستخدمي الإنترنت وأصحاب المواقع الإلكترونية. وقد أكدت عدة مقترحات مقدمة على الصلة الوثيقة بين حماية خصوصية المستخدمين وحماية البيانات، وبين حوكمة الإنترنت وحماية حقوق الإنسان.
حرية التعبير وحقوق الإنسان:
ركزت الموضوعات المقدمة أيضاً على عدد من القضايا المرتبطة بحرية التعبير وحقوق الإنسان، وأخرى متعلقة بسياسات المحتوى وغربلة المعلومات الواردة، وكذلك العلاقة بين حقوق الملكية الفكرية وحق النفاذ إلى المعلومات.
التعددية اللغوية:
يناقش المؤتمر قضية التعددية اللغوية، وخاصة فيما يتعلق بالمحتوى المحلى الخاص بكل دولة والمنشور على شبكة الإنترنت.
الجرائم السيبرانية والأمن السيبرانى :
ترتبط الجرائم السيبرانية بقضية تأمين الشبكات ارتباطاً وثيقاً، وترتبط أيضاً بضرورة وجود شبكة آمنة يمكن الاعتماد عليها وذلك لكفالة أقصى معدلات الأمان للمستخدمين.
تكاليف الترابط الدولي:
تعد تكاليف الترابط الدولي أحد أهم العناصر الرئيسة التي تحدد إمكانية الاتصال بشبكة الإنترنت وخاصة في الدول النامية، ويتصل بذلك الموضوع قضية تمويل الجهود الرامية إلى عبور الحواجز الرقمية.
سد الفجوة الرقمية: النفاذ للمعلومات، السياسات، والتمويل
يشكل سد الفجوة الرقمية أهمية خاصة للبلاد النامية.
القواعد المنظمة للتجارة الالكترونية، وحماية المستهلك
لقد أشار المشاركون الذين اقترحوا طرح ذلك الموضوع للنقاش إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه الإنترنت كبنية تحتية أساسية لإقامة نوع من النشاط الاقتصادي. ويتضمن ذلك أيضاً مناقشة حماية حقوق المستهلك، واقتراح بضرورة تحديد منتدى حوكمة الإنترنت لحقوق المستهلك المتعلقة بالشراء عبر شبكة الإنترنت والتجارة في البضائع الرقمية.
إدارة الموارد الحيوية للإنترنت على نحو يتسم بالشفافية والعدل
ومن الجدير بالذكر فى هذا المضمار أن موضوع بناء القدرات قد احتل موقع الصدارة في المناقشات، تلاه البريد الإلكتروني التطفلي، ثم حماية خصوصية المستخدم وحماية البيانات، والجرائم الحاسوبية، وأخيراً التعددية اللغوية.
قضايا أخرى:
طرح عدد قليل من المشاركين قضايا أخرى للنقاش منها:
• الترويج لاستخدام معايير جديدة وأساليب إنمائية مختلفة؛
• القضايا الناشئة في مجال التكنولوجيا وكيفية حوكمتها ومنها قضية حيادية الانترنت، ونقل الصوت عبر بروتوكول الانترنت وتقنيات الترابط الشبكي التناظري؛
• تولي منتدى حوكمة الإنترنت مناقشة حقوق والتزامات مستخدمي الانترنت؛
• التوصية باستخدام أفضل الطرق لحوكمة الإنترنت؛
• اقتراح بتبادل أفضل الممارسات مجال الترتيبات الخاصة بحوكمة الإنترنت القائمة حالياً، والتشجيع على تبني تلك الطرق والآليات التى تعكس الروح الحقيقية للمبادئ الخاصة بالقمة العالمية لمجتمع المعلومات.
أشارت عدة إسهامات إلى الطبيعة العامة للإنترنت، وأوضحت الحاجة إلى استكشاف القضايا ذات الاهتمام العام، وتحديد النطاق العام والبنية التحتية العامة وتأثير ذلك كله على الصالح العام، وذلك ضمن السياق الخاص بشبكة الإنترنت.
أما الجولة الثانية من المحادثات بشأن التحضير لانعقاد منتدى حوكمة الإنترنت والتى عقدت فى جنيف في مايو 2006، فقد كان باب النقاش مفتوحا أمام كافة المشاركين حيث ركزت المحادثات على الاستعدادات الأساسية لمؤتمر الافتتاح الخاص بمنتدى حوكمة الإنترنت. وقد رأس الاجتماع السيد/ نيتين ديساي، مستشار للأمين العام لشئون القمة العالمية لمجتمع المعلومات.