<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

الحماية الجنائية للمستهلك فى مجال التجارة الإلكترونية.

إن المخاطر التي يتعرض لها المستهلك في عقود التجارة الالكترونية قد يكون مصدرها التاجر، و الذي يمثل الطرف المتعاقد معه في العلاقة التعاقدية حيث يتسم سلوكه بالغش و التحايل قبل المستهلك، وقد يقع الخطر من الغير كما في حالة اختراق الشبكات الالكترونية المختزن عليها البيانات أو المتداولة من خلالها، حيث يتم سرقة هذه المعلومات وإعادة استخدامها على نحو يضر بالمستهلك. الأمر، الذي يتطلب حماية المعلومات الالكترونية جنائيا.

إن الغش التجاري أو الصناعي الذي يتعرض له المستهلك في نطاق المعاملات المدنية العادية – في مضمون السلعة ذاتها - هو نفسه الذي يتعرض له في حال ما إن تم إبرام العقد بطريق الانترنيت، بل أن فرصة وقوع الغش في حالة التعاقد بطريق الانترنيت أكبر في ظل انعدام المعاينة للسلعة وذلك في الكثير من الأحيان. هذا فضلا، عن أن الدعاية و الإعلان في نطاق العقد الالكتروني له صفة خاصة قد تلعب دورا عظيما في إيقاع المستهلك في غلط يدفعه إلى التعاقد دفعا. خاصة، إذا ما أخذنا في الاعتبار قوة شبكة الانترنيت من حيث الانتشار و التأثير و الدعاية و الإعلان و القدرة للنفاذ إلى المستهلك حيث تجعله  محاصرا في مسكنه وعمله. سيما، وأن وسائط التواصل بهذه الدعاية تدفعه للتعاقد حتى قبل أن يكتشف أنه ضحية لمؤامرة مزدوجة من وسائل الدعاية و الإعلان ومن قبل التاجر أو المنتج .الأمر، الذي تستوجب حمايته من الغش و التحايل . وهو ما يجعلنا بالضرورة نتعرض للمسائل التالية :

 

المسألة الأولى : الحماية الجنائية ضد الغش التجاري و الصناعي.

            يمكن تعريف الغش التجاري و الصناعي بمايلي:

"كل فعل من شأنه أن يغير من طبيعة المواد أو فائدتها التي دخل عليها عمل الفاعل، ولا تهم الوسيلة التي لجأ إليها الفاعل في سبيل تحقيق غايته. فقد يتم الغش بإحلال مواد أقل قيمة مكان أخرى أعلى منها فيما يراد إدخال الغش عليه. أو بإنقاص بعض المواد أو إضافة مواد أخرى عليه تزيد من كميته و تقلل من مفعوله، وغير ذلك من الصور التي لا تدخل تحت حصر. حيث يتفنن الغشاشون في استنباطها لتحقيق أغراضهم بالحصول على أرباح طائلة وغير مشروعة[1].

وقد يقع الغش بفعل الإنسان – كما في حالة الإضافة أو النقصان أو الخلط- وقد يكون الغش لأسباب خارجية عن إرادة الإنسان، كما هو الشأن في حال فساد السلعة نتيجة لطبيعتها كاللحوم و البيض و الجبن و غير ذلك.

و في جميع الأحوال ، فإن جريمة الغش لها ركنان أحدهما مادي و الآخر

معنوي. حيث يتحقق الركن المادي بأي فعل من الأفعال التالية:

·        الغش أو الشروع فيه، وكذلك الفساد الذي يطرأ على السعة.

·        العرض أو الطرح للبيع أو بيع المواد المغشوشة أو الفاسدة .

·        الطرح للبيع أو العرض لـذات الغرض أو بيع المــواد المغشوشــة أو الفاسدة.

وما تجدر الإشارة إليه ،أن هذا الركن المادي يتوافر حتى في حالة البيع الالكتروني، وذلك عن طريق العرض أو الطرح للبيع من خلال شبكة الانترنيت بالنسبة للسلع الفاسدة أو المغشوشة التي تصل إلى المستهلك لاحقا.

كما يتحقق الركن المعنوي في هذه الجريمة بتوافر– نية الغش أي انصراف إرادة الفاعل إلى تحقيق الواقعة الجنائية مع العلم بتوافر أركانها في الواقع. [2]

 

أضف إلى ذلك أن المهني في عقد البيع الالكتروني من الصعب تصور جهله بحقيقة العيوب التي في بضاعته أو المنتج الخاصة به. ويلحق الغش كذلك، حالات التقليد في مراحل الإنتاج الصناعي، وكذلك تقليد العلامات التجارية المضللة للمستهلك.

 

المسألة الثانية : الحماية الجنائية من جريمة الاحتيال.

قد يلجأ المنتج أو الموزع عامدا لأجل الترويج لمنتجاته إلى الدعاية المضللة التي قد تنطوي في بعض الأحيان على مغالطات علمية بهدف تحقيق قدر كبير من الربح على حساب المستهلك الذي تخدعه هذه الدعاية, ومن الأمثلة على ذلك، ما تلجأ إليه شركات صناعة الألبان المجففة من دعاية عبر شبكة الانترنيت وغيرها تفيد أن منتجاتها هي البديل الكامل للبن الأم على حين أن الثابت لدى منظمة الصحة العالمية أن ملايين الأطفال خاصة في دول العالم الثالث يموتون سنويا قبل السنة الأولى من أعمارهم بسبب اعتمادهم في التغذية على الألبان الصناعية[3].

 

تشير هذه الوقائع وغيرها، بأن جرائم الاحتيال أو النصب يمكن وقوعها بطريق الانترنيت ، حيث تمثل الطرق الاحتيالية فيها في صورة الدعاية المضللة لمزايا السلعة و الفوائد المرجوة من ورائها طريقا للاستيلاء على نقود المستهلك[4].

لهذا نجد أن قانون الاستهلاك الفرنسي الصادر عام 1993 تضمن نصوصا تحارب الغش و المخادعة، وذلك من أجل حماية المستهلك حيث تضم النصوص طائفتين من الأفعال. الأولى، تنظمها المواد 121 وما بعدها وهي تعاقب كل من يقوم بالدعاية الكاذبة أو تلك التي من شأنها الإيقاع في الغلط. أما الطائفة الثانية، فهي منظمة بالمواد 213 وما بعدها، وهي تعاقب على الغش والتدليس، وفي كلا الطائفتين فإن المخادع أو مرتكب الغش أو المدلس يعاقب بالحبس أو الغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين . كما يمكن أن تضاف إليهما عقوبات تكميلية أخرى.

 

المسألة الثالثة: بعض صور الحماية الجناية للمستهلك في عقود التجارة الالكترونية.

            تمتاز هذه الصور باعتبارها حماية متكاملة للمستهلك في عقود البيع من خلال الانترنيت وبصفة خاصة في الأحوال التالية:

·        تجريم فعل الدخول غير المشروع إلى مواقع التجارة الالكترونية والحصول على بيانات المستهلك.

·        إمكانية معاقبة الجاني عند إتلاف بيانات المستهلك بالعقوبة المقررة للإتلاف العمدي للمنقولات بعد التسليم للبيانات و المعلومات باعتبارها من الأموال المنقولة،

·        حماية وسائل الدفع الالكتروني من التعدي عليها إلى مجال التجارة الالكترونية،

·        التعدي على بيانات البطاقة الائتمانية التي تخص المستهـلك،

·        تزوير المحررات الالكترونية التي يكون المستهلك طرفا فيها.

 

وعليه، فإننا نجد تشريعات التجارة الالكترونية تضمنت نصوصا قاطعة في شأن تجريم أفعال بعينها بهدف حماية مصلحة المستهلك في عقد التجارة الالكترونية.

 

مع ظهور جرائم الانترنت، وعدم استطاعة القوانين العقابية التقليدية مواجهتها سعت معظم دول العالم لاسيما المتقدمة منها إلى سن التشريعات والقوانين لمواجهة هذه الجرائم, وتعد  الولايات المتحدة الأمريكية من أوائل الدول التي انتهت لهذه المشكلات وحاولت علاجها من خلال سن التشريعات ابتداء من 10 أكتوبر 1984 . حيث أصدر الكونغرس الأمريكي ، قانونا يسمى بالتحايل المعلوماتي، وفي سنة  1985،  تم إصدار قانونين متخصصين لجرائم المعلوماتية، قانون الغش والتعسف الذي تناول الجرائم الخاصة على الأنظمة المعلوماتية للحكومة الفيدرالية، وقانون سرية المخابرات الالكترونية في 8 فيفري 1996 . ناهيك عن   قانون الاتصالات الذي تضمن نصوصا خاصة تهدف إلى تقييد حرية القصر في الدخول للمواقع الالكترونية قصد الإطلاع على الصور والأفلام المخلة بالآداب العامة المنتشرة على شبكة الانترنت, ولم يقف المشرع الأمريكي عند هذا الحد، حيث تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية هي أول دول العالم التي أعطت عناية فائقة لمكافحة الجرائم المعلوماتية.

 

أما على مستوى الاتحاد الأوروبي، فقد حرص المجلس الأوروبي للتصدي للاستخدام غير المشروع لشبكات المعلومات .تجلى ذلك ، في اتفاقية بودبست الموقعة في 23 نوفمبر 2001 المتعلقة بالإجرام المعلوماتي . حيث تعد فرنسا من بين الدول التي تنبهت لهذه المشكلة ، فحاولت علاجها من خلال سن التشريعات وكان ذلك ابتداء من 6 جانفي 1978، إذ أصدرت قانون يسمى المعلومات و الحقوق الشخصية ليعقبه صدور مرسوم في 25 /12/1981 يوحد بعض المخالفات المرتبطة بمجال المعلوماتية لتصدر في عام 1988 قانون لحماية نظم المعالجات الآلية للبيانات، كما أصدرت قانونا جديدا عدل بعض أحكام قانون عام 1988 وذلك في سنة 1994، حيث أدمج هذا القانون في قانون العقوبات الفرنسي وأصبح يشكل بابا جديدا هو الباب الثاني من الكتاب الثاني من القسم الثاني ليعالج بعض الجرائم المعلوماتية .  أما في الوطن العربي، فقد بدأت الدول فيه تتحرك لمواجهة الجرائم الناشئة عن استخدام شبكة الانترنيت بسن قوانين خاصة بذلك ، أو بتعديل ، أو إضافة مواد لقوانينها العقابية القائمة.

 

ومن الدول العربية التي تصدت إلى هذه الظاهرة سلطنه عمان وذلك بإصدار المرسوم رقم 72/2001 ، تضمن تعديل بعض أحكام قانون العقوبات ومنها جرائم الالتقاط غير المشروع للمعلومات أو البيانات ، الدخول غير المشروع على أنظمة الحاسب الآلي ،  التجسس و التنصت على البيانات و المعلومات، انتهاك خصوصيات الغير أو التعدي على حقوقهم في الاحتفاظ بأسرارهم وتزوير بيانات وثائق مبرمجة أيا كان شكلها ، وإتلاف وتغيير ومحو البيانات و المعلومات، التعدي على برامج الحاسب الآلي، نشر واستخدام برامج الحاسب الآلي بما يشكل انتهاك لقوانين حقوق الملكية أو الأسرار التجارية[5].

 

إضافة إلى القانون العماني، فقد صدر قانون التجارة و المعلومات الالكترونية في تونس سنة 2000، وكذلك قانون التجارة و المعلومات الالكترونية في إمارة دبي عام 2002. كما نشير إلى أن المشرع الجزائري قد تصدى لبعض جرائم المعلوماتية بموجب قانون 04/15.

 

ومهما يكن، فإن العناية بحماية المستهلك على كثرة نشاطها وتقدمها في الدول الغربية، تكاد تكون منعدمة في الوطن العربي، إذ كل ما حظيت به هذه الحماية في هذه الدول، أنها أصبحت تسن بعض القوانين لمواجهة الجرائم المترتبة عن استعمال شبكة الانترنيت بعدما أصبحت النصوص القانونية التقليدية غير قادرة على الوقوف إمامها. الأمر، الذي نرى معه ضرورة تدخل المشرع العربي بشكل أكثر جدية و مسؤولية لمواكبة التطورات الجارية في مجال حماية المستهلك في الدول المتقدمة.

 

ونحن على بداية الألفية الثالثة، لابد وان نؤشر بأن القرن الماضي، كان حقبة شديدة في الثراء العلمي والخصوبة المعرفية، وانه كان قرن العلوم بحق. ومن ابرز نتاجاته العلمية المفاهيم والأدوات التي حققت ثورة المعلومات, التي مهدت الطريق إلى عصر جديد هو عصر المعلوماتية. ولكل عصر من عصور التحول في المعرفة الإنسانية, مفاهيمه وتأثيراته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وكذلك القانونية.

 

ولقد صاحب هذا التطور تزايدا ملحوظا في الاعتماد على نظم المعلومات والتكنولوجيا القائمة على الحاسوب والبرامج التشغيلية والتطبيقية التي أتيحت للاستعمال بين الأفراد العاديين على مستوى معظم دول العالم المتقدم, وبعض الدول النامية لأداء الخدمات المتطلبة والتي لم تتوافر إلا من خلال البرامج المتطورة كوسائل رئيسة, ولن تستمر مسيرة هذا التقدم الكبير إلا بتوفير الحماية القانونية لها, حفاظاً على الجهد المبذول مالياً وفكرياً في إعداد هذه البرامج وإنتاجها للإفادة والاستفادة من ثمارها, بلا إفراط أو تفريط, في الحفاظ على الحقوق المتعلقة بها. وكان من الطبيعي أن يصحب هذا التطور العلمي ارتكاب بعض أنماط الجرائم التقليدية أو المستحدثة اعتمادا على هذا التطور ولذلك فأننا نصبح بحاجة ماسة إلى وضع نظام تشريعي يؤمن حمايتها من أي تهديد[6].

 

وبالفعل كان القانون الفرنسي من أوائل القوانين التي إعترفت بإبتكار برامج الحاسوب الالكترونية ومن ثمَ أسبغت عليها حماية حق المؤلف بموجب قانون 3/تموز/1985 وقانون 23/أيلول/1985 لقد أصبحت برمجيات الحاسوب، وما ينشأ عنها من نظم معلوماتية, حقيقة علمية وعملية فرضت نفسها على كافة أوجه النشاط المعاصرة، واعتمدت عليها معظم هذه النشاطات اعتماداً كلياً لاغني عنه، ومن ثم نشأت الضرورة الحتمية لوجود تنظيم قانوني متكامل لهذه النظم والبرامج المعلوماتية, يغطي مختلف جوانبها، و يرسم حدودها و يحدث صور المسؤولية المتعلقة بها, ويبين طرق مواجهة هذه المسئولية ووسائل الحماية المقررة لها[7].

 



[1] سميحة القليوبي، غش الأغذية وحماية المستهلك، بحث لمؤتمر حماية المستهلك، القاهرة ، مارس 1993، ص 04.

[2] عبد الله حسين محمود، حماية المستهلك من الغش التجاري أو الصناعي، دار النهضة العربية القاهرة سنة 2002.

[3] محمد شكري سرور، التجارة الالكترونية ومقتضيات حماية المستهلك، بحث مقدم إلى المؤتمر العلمي ، أكاديميةشرطة دبي – الإمارات العربية المتحدة، 26-27 فبراير 2003، ص 176.

[4] محمد محرم محمد علي، النصب و التجارة الالكترونية، بحث مقدم المؤتمر – شرطة دبي أفريل 2003، المجلد الأول  ص 493.

[5] محمد أمين الرومي، جرائم الحاسوب و الانترنيت، دار المطبوعات الجامعية؟، الإسكندرية، 2003، ص 7 وما بعدها.

[6] نوار دهام مطر الزبيدي, الحماية القانونية ضد إساءة استخدام الكومبيوتر, مجلة كلية الرافدين الجامعة للعلوم, العدد 6 السنة الرابعة 1422هـ، 2001م, ص79.

[7] نزيه محمد الصادق المهدي, الحماية المدنية لبرامج الكمبيوتر, بحوث مؤتمر القانون والكمبيوتر والانترنت, كلية الشريعة والقانون, جامعة الامارات العربية المتحدة، المجلد الثاني من 1-3/مايـو/2000م, الطبعة الثالثة، 2004م, ص507.

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 20/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 2263 مشاهدة
نشرت فى 13 يونيو 2011 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,756,298

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters