<!--<!--<!--
- إدراك الدعم التنظيمى .
- مفهوم التمكين للعاملين وأنواعة .
- التحول نحو مفهوم التمكين .
- القيادة التحويلية ودعم التمكين.
أن تنامي الاهتمام بتمكين العاملين يصاحبه متطلبات جديدة لكل من المديرين والعاملين, ومـع مرور الوقت، يمنح العاملين الاستقلالية والسلطة للتحكم في بيئة العمل. أما من قبل المديرين فذلك يتطلب توفير الدعم والمساندة للعاملين وتشجيعهم للإدارة الذاتية والتحكم الذاتي، وذلك يعنى تبنى المديرين منهجاً سلوكي يوفر الدعم والتشجيع الاجتماعي والعاطفي وبناء الثقة والانفتاح، وتشجيع تحديد الهداف الذاتية, أن التغيير في ادوار ومسؤوليات المديرين يتطلب إحداث تغيير في أسلوب وسلوك القائد.
ومما لا شك فيه فـأن الاهتمام بالتمكين النفسي والقيادة الذاتية يشكل عنصراً جوهرياً لمنظمات قطاع الإعمال في العالم العربي خصوصاً في ظل الاتجاه نحو العولمة والمنافسة. حيث يمثل إيجاد بيئة تشجع وتساند التمكين والقيادة الذاتية احد المتطلبات الأساسية لنجاح تلك المنشات. وفقا لذلك، فان قطاع الإعمال في العالم العربي بحاجة ماسة لتبنى بيئة تساند التمكين والقيادة الذاتية تتلاءم مع المتطلبات والتطورات المعاصرة, ويعتبر موضوع دراسة القيادة ودورها في تحقيق ودعم التمكين من الموضوعات الإدارية الحديثة فعملية نجاح التمكين تعتمد وبشكل أساسى تولية الإدارة الاهتمام والتفكير الكافيين وتعمل على ربط برنامج التمكين بأهداف وقيم المنظمة.
أن تمكين العاملين يمثل تحولاً جذرياً في الثقافة، لذلك فأن تبنى التمكين في بيئة الإدارة يعنى التركيز بشكل جوهري على عملية التغيير في السياسات والممارسات والبناء التنظيمي لا يجاد مناخ داعم للتمكين, ويقصد بالثقافة ببعديها الوطني والتنظيمي. حيث أكدت عدد من الدراسات أهمية الثقافة التنظيمية لإنجاح عملية التمكين, أن مستوى التمكين يرتبط بقوة ثقافة المنظمة. ويعتقد الباحثان أن مفهوم التمكين دفع إلى الأمام الإدارة بالمشاركة خطوة أبعد لأنها تتطلب أن يندمج الفرد في ثقافة المنظمة ويتخذ قرارات تتميز بالاستقلالية, وأن مستوى التمكين سيتفاوت من منظمة لأخرى وسيعتمد على مدى تشجيع وتسهيل ثقافة المنظمة وبنائها التنظيمي لعملية التمكين.
أولا: إدراك الدعم التنظيمى .
Perception of organizational support
يشير الدعم التنظيمي إلى القدر الذي تهتم فيه المنظمة برعاية ورفاهية أعضائها ، من خلال معاملتهم بعدالة ، ومساعدتهم في حل ما يواجهونه من مشكلات والإنصات لشكواهم . و ينعكس في صورة اهتمام القيم التنظيمية بالأفراد العاملين ، وتقديم المساعدات والمساهمات ، والعناية بهم وبصحتهم النفسية ، وتبدو ايجابية وفعالية المنظمة في استمرارية العناية والاهتمام وشمولها ، مما ينعكس في صورة إدراك الأفراد لهذا التأييد والدعم .
وتفترض نظرية الدعم التنظيمي وجود علاقة تبادلية ومشاركة بين المنظمة والعاملين بها، فلابد أن تتفاعل وتتأثر معتقدات العاملين بمدى تقدير المنظمة لإسهاماتهم والعناية برفاهيتهم، وتتضمن هذه المعاملات الموضوعات المادية والشخصية على حد سواء فهي تشمل مثلاً الصداقة والاحترام والمحبة، كما تتضمن النقود والخدمات والمعلومات، وبناء على تلك المشاركة فإن إدراك الدعم التنظيمي يظهر الالتزام النفسي للعاملين تجاه منظماتهم ومساعدتها في تحقيق أهدافها التي تسعى إليها, ولذلك يجب على العاملين الوفاء بهذا الدين من خلال التزامهم الوجداني وجهـــدهم المبذول.
يشير إدراك الدعم التنظيمي POS) إلى اعتقاد الأفراد وشعورهم باهتمام المنظمة برفاهيتهم ، وتقديرها لأفكارهم وإسهاماتهم ، مما يخلق لديهم مشاعر الالتزام والانتماء التي تجعلهم سعداء راضين بانتمائهم للمنظمة وعليهم أن يعبروا عن ذلك من خلال ممارستهم للسلوكيات التي تدعم الأهداف التنظيمية مثل سلوكيات الالتزام والمواطنة وزيادة دافعيتهم للإنجاز. ، ومن ثم يمكن القول أن إدراك الدعم التنظيمي يعد مؤشراً على التزام المنظمة تجاه مرؤوسيها.
ويؤكد العديد من الكتاب والباحثين على أهمية إدراك الدعم الاجتماعي والدور الذي يلعبه باعتباره محدداً من محددات الأداء ، حيث يرى أن الأداء يتأثر بالخصائص الشخصية للأفراد والجهد المبذول في العمل ، بجانب الدعم التنظيمي الذي تبدو أهمية تأثيره على أداء الفرد المتوافق مع عمله بحيث تتناسب قدراته مع طبيعة عمله ، وخلاصة ذلك أن الفرد يجب أن يلقي الدعم الكافي ويستشعر ذلك ويعيه جيداً حتى يرتفع معدل إنجازه.
وإدراك الدعم التنظيمي لدى الأفراد يعد من المحددات الجوهرية لتحقيق الالتزام التنظيمي وبالتالي يعمل على تنمية الدافع إلى الإنجاز ، وبذلك يمكن أن يتوسط إدراك الدعم التنظيمي ما بين المحددات الأساسية لإدراك الدعم وهي: (العدالة التنظيمية – سلوك القادة لمساندة المرؤوسين – المشاركة في اتخاذ القرارات – دعم تأكيد الذات لدى العاملين).
- نجد أنه نتيجة لإدراك العاملين للدعم التنظيمي سيكون هناك تحسن في الإنتاجية, فنجد أن إدراك المرءوس لاهتمام المنظمة به اى إدراك الدعم التنظيمي يساهم بشكل مباشر في التزام هذا المرءوس تجاه منظمته ، حيث يعتبر المرءوسون أن الأنشطة الموجهة نحو رفاهيتهم والاهتمام بهم في مكان العمل دليلا على رعاية المنظمة لهم .
- وتمثل علاقة النفع المتبادل بين الموظف وصاحب العمل ( المنظمة ) أهم العلاقات المؤثرة بين الطرفين داخل التنظيم ، حيث يترتب على هذة العلاقة الكثير من النتائج على الفرد والتنظيم معا .
- ومن ثم تبدو أهمية التعرف على مدى إدراك الأفراد للدعم التنظيمي الذي تقدمه المؤسسة لهم وأثره على تنمية الالتزام التنظيمي لهم وبالتالي العمل على تحسين الإنتاجية .
( ونجد أن لإدراك الدعم التنظيمي اثر ايجابي على كل من المنظمة والمجتمع ككل. )
فإدراك الدعم التنظيمي هو ما يكونه المرءوسين من بعض المعتقدات عن الدرجة التي يثمن بها التنظيم مجهوداتهم أو يهتم برفاهيتهم, ويعتبر إدراك الدعم التنظيمي مؤشرا على التزام المنظمة تجاه مرءوسيها كما أنه يعتبر في نفس الوقت محددا من محددات الالتزام التنظيمي للمرءوسين تجاه منظماتهم ، حيث يعتبر المرءوسين أن الأنشطة الموجهة نحو رفاهيتهم والاهتمام بهم في مكان العمل دليلا على رعاية المنظمة لهم.
فالموظفين الذين يشعرون بقدر عالي من الدعم التنظيمي المدرك يحسون بأنهم مدينون للمنظمة ، ومن ثم بالحاجة إلى مبادلة المعاملة التنظيمية الحسنة باتجاهات وسلوكيات ايجابية نحو المنظمة ومن تلك السلوكيات العمل على تحسين الإنتاجية.
حيث نجد أن درجة الاستقلالية في العمل تعرف على أنها الدرجة التي تسمح للمرءوسين باستخدام كامل مواهبهم وإبداعاتهم ، وتفترض في درجة الاستقلالية هذة وجود المسئولية الشخصية لدى المرءوس ، بمعنى أن يكون لديه إحساس بالمسئولية ، وفى المقابل فان الإشراف اللصيق مع انخفاض درجة الاستقلالية سوف يؤدى إلى انخفاض الأداء وخضوع المرءوسين لضغوط العمل .
- ونجد أن درجة الاستقلالية تلك ترتبط ارتباطا موجبا بالالتزام التنظيمي الوجداني .
- إن الالتزام التنظيمي الوجداني يتطور كنتيجة للادراكات التي تشبع حاجات الأفراد للشعور بالراحة النفسية والبدنية في المنظمة ، ويعتبر إدراك الدعم التنظيمي أحد هذة الادراكات.
- أما بالنسبة للعدالة التنظيمية فتشير إلى الطريقة التي يتعامل بها المرءوسين من قبل منظماتهم وهى تعنى بوصف وشرح دور العدالة في مكان العمل, وهى تشمل كلا من :-
أ- العدالة الإجرائية:- هي تشير إلى السلوك والعمليات التي تستخدمها المنظمة لتنفيذ الوسائل المختلفة ، أي أنها عدالة الوسائل التي توصل للنهايات والنتائج المرغوب فيها.
ب- العدالة التوزيعية :وهى تشير إلى العوائد أو النهايات المترتبة على الوسائل والعمليات ( العدالة الإجرائية ).وتم التوصل إلى أن هناك علاقة ارتباط بين الالتزام التنظيمي الوجداني وبين العدالة الإجرائية وعلاقة ارتباط بين الالتزام الوجداني والعدالة في مكان العمل.
التعرف على أنواع الالتزام التنظيمي .
- يوجد 3 أنواع من الالتزام التنظيمي :-
أ- الالتزام الوجداني:- حيث يشير الالتزام الوجداني إلى رغبة الفرد للبقاء في المنظمة والارتباط العاطفي بها.
ب- الالتزام المستمر:- يشير الالتزام المستمر إلى حاجة الفرد للبقاء في المنظمة وإدراكه للتكاليف المترتبة على تركها.
ج- الالتزام المعياري:- يشير الالتزام المعياري إلى شعور الفرد بالالتزام الأدبي نحو البقاء بالمنظمة حيث يبقى الفرد بالمنظمة لأنه يشعر بأنه يجب عليه ذلك.
هناك بعض العوامل التي قد يبنى عليها الأفراد إحساسهم بالدعم التنظيمي وهى :-
أ- مدى استعداد المنظمة لتقديم مساعدة أو معدات خاصة لهم لكي يستطيعوا أداء أعمالهم على النحو المطلوب.
ب- مدى استعداد المنظمة لتوفير فرص لتدريبهم في المجالات التي تقع ضمن دائرة اهتمامهم.
ج- التشجيع المستمر لهم والثناء الصادق على أعمالهم.
د- تهيئة الفرص لهم للحصول على المكافئات المرغوبة.
ه- إتاحة الفرصة لهم للمشاركة في اتخاذ القرارات والتأثير على سياسات العمل.
وقد يتمثل رد الموظفين على ما يدركونه من دعم ايجابي من قبل المنظمة في بذل المزيد من الجهد لتحسين الأداء في العمل, والدعم التنظيمي المدرك يمكن النظر إليه على أنه ولاء من قبل المنظمة لموظفيها ، إذ أن إدراك الموظف بولاء المنظمة له يساهم في ولاءه لها وهذا ما ينعكس على التزامه التنظيمي تجاهها.
ثانيا: مفهوم التمكين للعاملين [1].
يقصد بالمعنى الأصلي للتمكين " منح السلطة أو القوة", ويبدو أن استخدام مصطلح السلطة والقوة عام في مختلف تعاريف التمكين، على سبيل المثال، جادلت Legge (1995) على أنة ينبغي النظر لمصطلح التمكين بلغة توزيع الأدوار والذي وفقاً له تعزز المساواة في السلطة والقوة لأجل الثقة والتعاون. وفى نفس الاتجاه، ركز كل من Conger and Kanungo (1988:474) على القوة كمحور أساسي للتمكين " أما أن تقوى اعتقاد الفرد بقوته أو تعمل على إضعافها والتقليل منها ".
وقد لاحظ Randolph (1995) أن لدى المديرين وجهتا نظر مختلفتين حول مفهوم التمكين. أما أن يربط المديرين التمكين بإستراتيجية تفويض السلطة، لامركزية التحكم أو الرقابة، المشاركة في اتخاذ القرار، والإدارة بالمشاركة. أو أن يربط المديرين التمكين بخبرة وتجربة الموظفين الذين تم تمكينهم. وبناء على هذه الملاحظة وضع Randolph (2000) تعريفاً للتمكين كسلسلة متصلة تبدأ من أسلوب ميكانيكي للتمكين إلى أسلوب عضوي. وذكر أن التمكين يبنى على أساس التزام داخلي وخارجي من قبل المديرين.
فالأسلوب الميكانيكي يبنى على أساس من الالتزام الخارجي أما الأسلوب العضوي أو الاتصالي فيبنى على أساس من الالتزام الداخلي. لقد وجدت أدبيات الإدارة أن استراتيجيات مثل الإدارة بالأهداف، دوائر الجودة، وتحديد الأهداف من قبل المرؤوسين، تمثل الأسلوب الميكانيكي وتوفر بناء تنظيمي الذي بواسطته يمتلك الموظف السلطة للتحكم في بيئة العمل والمهام التي يقوم بها ومخرجات العمل. ويسود اعتقاد بين الباحثين على عدم ضرورة أن يؤدى الأسلوب الميكانيكي لشعور الموظف بالتمكين أو تحسين أداء العمل. وقد أغفل الأسلوب العضوي طبيعة وتجربة التمكين التي يمر بها العاملين. ولم يوجه أسئلة أساسية مثل هل المشاركة في السلطة والموارد من قبل المرؤوسين تمنح ذاتياً التمكين. من خلال أي آلية يمكن أن يحدث التمكين؟ وهل تأثير تجربة التمكين تماثل تأثير التفويض؟
أما أسلوب التمكين العضوي فيطلق علية أيضاً أسلوب التمكين النفسي. ويركز بشكل محدد على شعور واتجاه العاملين نحو التمكين. فالتمكين النفسي متغير مستمر يعكس درجة الشعور بالتمكين، عوضاً عن وجود أو غياب التمكين, وينتج عن التمكين النفسي إطار فعال للعمل الذي يدفع الأفراد للسعي والشعور بالقدرة على تشكيل ادوار وبيئة العمل .
وتتضمن أدبيات التمكين اتجاهين عامين لدراسة التمكين في بيئة العمل: إدارة تمكين العاملين والاتجاه النفسي. ويطلق على إدارة تمكين العاملين الاتجاه الاتصالي أو النموذج الجزئي. ويقصد بالاتجاه الاتصالي مجموعة من الممارسات تتضمن تفويض للصلاحيات للمستويات الإدارية الدنيا في الهيكل التنظيمي كان يمنح العاملين سلطة أوسع لاتخاذ قرارات تتعلق بتنفيذ مهام عملهم. وبالتالي يتضمن التمكين ممارسات كإثراء الوظيفة، فرق الإدارة الذاتية ومجموعات العمل المستقلة.
أما الاتجاه النفسي فيستخدم ليمثل شعور واتجاه العاملين نحو عملية التمكين التي تبرز في الكفاءة، الثقة في القدرة على أداء المهام، الشعور بالقدرة على التأثير في العمل، حرية الاختيار في كيفية أداء المهام، والشعور بمعنى العمل التمكين كمفهوم تحفيزي للفاعلية الذاتية. وتبنى الكاتبان نموذج التحفيز الفردي للتمكين حيث تم تعريف التمكين " كعملية لتعزيز الشعور بالفاعلية الذاتية للعاملين من خلال التعرف على الظروف التي تعزز الشعور الضعف والعمل على إزالتها والتغلب عليها بواسطة الممارسات التنظيمية الرسمية والوسائل الغير رسمية التي تعتمد على تقديم معلومات عن الفاعلية الذاتية".
ينبغى على المنظمات التي تسعى لإدخال ثقافة التمكين أن تتبنى أسلوب لبناء نظم وعمليات التي تطلق قدرات وإمكانيات العاملين، ويمكن للمنظمة أن تحقق ذلك من خلال:
• التركيز على السلوك المرغوب من قبل المنظمة.
• تغيير البناء التنظيمي التقليدي للحصول على السلوك المرغوب.
• بناء مناخ من الثقة بين الإدارة والعاملين.
• فتح قنوات الاتصال في جميع الاتجاهات.
• تشجيع العاملين على التعلم والتطوير الذاتي.
• أيجاد فرق الإدارة الذاتية.
• دعم مشاركة العاملين في اتخاذ القرار.
• التعامل مع الصراع التنظيمي بفاعلية وكفاءة.
ولتحقيق ذلك لابد من إحداث تحول في فكر واستراتيجية الإدارة. وتعتمد ثقافة التمكين على اندماج ومشاركة الجميع كل من الإدارة والعاملين على حداً سواء لتحقيق النجاح. فالالتزام ومشاركة القيادات الادارية شرط أساسي لإيجاد ثقافة شاملة للتمكين. وتمكين العاملين لا يعنى بحال من الأحوال سحب البساط من المديرين ولكن التركيز بدلاً من ذلك على توفير الوقت والجهد للمديرين للعمل.
حيث يرغب الأفراد الذين يتم تمكينهم بأن يشعروا بأنهم على معرفة برؤية واستراتيجية الإدارة العليا. وقد أشار Cook ( 1994) أن التمكين يمكن أن يكون فعالاً في حالة ربطة بأهداف المنظمة. حيث تحتاج الإدارة العليا أن تخلق إجماعا حول رؤية ورسالة المنظمة والقيم والأهداف التي تسعى لتحقيقها. فعند إيضاح رؤية ورسالة المنظمة للعاملين، فأنهم بلا شك سيشعرون بامتلاكهم القدرة على التصرف بحرية في عملهم بدلاً من انتظار الأوامر والتوجيهات من المشرفين. وتوفر رؤية المنظمة بالتأكيد تحدى للموظفين لبذل أقصى قدراتهم لتحسين أداء المنظمة وأدائهم.
وركز Lawler (1992 ) على أهمية دور الإدارة العليا في الاتصال مع الموظفين بشكل فعال لنقل وايصال الرؤية وتوضيح السلوك المرغوب به للوصول للأداء المطلوب لتحقيق الأهداف. وأظهرت دراسة (cacciope, 1998) أن برنامج التمكين الذي تبنته Burswood Resort Hotel in Western Australia لم يحقق كل التوقعات ويعود ذلك لحقيقة عدم ربط البرنامج بأهداف وأعمال الفندق وادائة. وقد أدركت إدارة الفندق هذا الأمر وعملت على تطوير رسالة ورؤية يشارك فيها الجميع.
في سبيل أن يشعر الأفراد بأن النظام يوفر لهم بيئة تشجع على التمكين، يحتاج أن يشعر الأفراد بوجود دعم اجتماعي من رؤسائهم، زملائهم في العمل، والمشرفين. فجهود الموظفين لأخذ المبادرة والمخاطرة يجب أن تعزز وتدعم بدلاً من معاقبتها. ففي حالة فقدان أو ضعف الدعم الاجتماعي فأن الموظفين سيشعرون بالقلق بشأن الحصول على أذن قبل القيام بالتصرف بدلا ًمن طلب الصفح في حالة ارتكاب أخطاء. يجب أن يتوافر الاعتقاد لدى الأفراد أن برنامج التمكين الذي تتبناه المنظمة سيشكل عملية دعم ومساندة للتعلم والتطوير لدى العاملين.
وقام Thomas and Velthouse(1990) ببناء نموذج التمكين الادراكى cognitive. وعرفا التمكين كزيادة في تحفيز المهام الداخلية والتي " تتضمن الظروف العامة للفرد التي تعود بصفة مباشر للمهمة التي يقوم بها التي بدورها تنتج الرضا والتحفيز". وأشارا إلى أن التمكين يجب أن يبدأ من الذات ونظام المعتقدات. ويتضمن نظام المتقدات كيفية النظرة للعالم الخارجي ومفهوم الذات الذي يشجع السلوكيات الهادفة وربطها مع أهداف ومنهجيات التمكين التي تطبق في المنظمة. وحدد الكاتبان أربع أبعاد نفسية للتمكين حيث شعرا أنها تمثل أساساً لتمكين العاملين.
Sense of impact التأثير الحسي أو الادراكى. ويقصد بالتأثير الحسي" الدرجة التي ينظر للسلوك " على انه يمكن أن تعمل اختلافا" فيما يتعلق بإنجاز الهدف أو المهمة التي بدورها تحدث التأثير المقصود في بيئة الفرد". ويقيم التأثير بالاعتقاد بأن الفرد يمكن أن يؤثر في عمل الآخرين وكذلك القرارات التي يمكن أن تتخذ على كل المستويات.
Competence الكفاية. " ويقصد بها إلى أي درجة يمكن للفرد أداء تلك الأنشطة بمهارة عالية عندما يقوم بالمحاولة". فالأفراد الذين يتمتعون بالكفاءة يشعرون بأنهم يجيدون المهام التي يقومون بها ويعرفون جيداً بأنهم يمكن أن يؤدوا تلك المهام بإتقان أن هم بذلوا جهداً. فالكفاية شعور الفرد بالإنجاز عند ادائة أنشطة المهام التي اختارها بمهارة. والشعور بالكفاية يتضمن الإحساس بأداء المهام بشكل جيد، والجودة في أداء المهام.
meaningfulness إعطاء معنى للعمل. " تهتم بقيم الهدف أو المهام التي يتم الحكم عليها من خلال معايير أونبيلة.الفرد". ويشمل إعطاء معنى للعمل مقارنة بين متطلبات دور العمل ومعتقدات الفرد كاعتقاد الفرد مثلاً أن المهام التي يقوم بها ذات قيمة. فإعطاء معنى للعمل تعنى أن يشعر الفرد بالفرصة بممارسته مهام لإغراض نبيلة. فالشعور بالمعنى للعمل يمثل إحساسا أن الفرد في طريق يستحق جهده ووقته، وأنة يؤدى رسالة ذات قيمة.
Choice "تتضمن المسؤولية المسببة لتصرفات الفرد". الإختيار أن يشعر الفرد بالفرصة في إختيار المهام ذات المعنى له وأدائها بطريقة تبدو ملائمة. وهذا الشعور بالاختيار يوفر شعوراُ أن الفرد حراً في اختياره، والإحساس بأنة قادراً على استخدام حكمة الشخصي والتصرف من خلال تفهمه للمهمة التي يقوم بها.
فقد اقترحت Lashley (1997) العديد من المبادرات التي تعكس بعض المعاني التي يعطيها المديرين لأهداف للتمكين.
(1) التمكين من خلال المشاركة-Empowerment through participation وتهتم بتمكين العاملين بسلطة اتخاذ القرار في بعض الأمور والمهام المتعلقة بالعمل والتي كانت في الأساس من اختصاص المديرين. ويتضمن التمكين من خلال المشاركة تمكين الموظفين لاتخاذ قرارات استجابة لطلبات الزبائن الفورية وتولى خدمة العملاء. ويتم تشجيعا هذا الاتجاه والسلوك في العمل بالتدريب على الاهتمام بالعملاء والتدوير الوظيفي.
(2) التمكين من خلال الاندماج Empowerment through involvement – ويهتم أساساً بالاستفادة من خبرة وتجربة الأفراد في تقديم الخدمة من خلال الاستشارة والمشاركة في حل المشكلات. حيث يحتفظ المدير بسلطة اتخاذ القرار ولكن يشارك الموظفين في تقديم المعلومات. حيث تستخدم الاجتماعات الدورية بكثرة لتوصيل المعلومات واستشارة الموظفين للحصول على معلومات مسترجعة.
(3) التمكين من خلال الالتزام Empowerment through commitment- ويتضمن تمكين العاملين من خلال التزامهم بأهداف المنظمة وتشجيعهم على تحمل مسؤوليات أعلى من الأداء المطلوب. وتستطيع المنظمات الحصول على التزام العاملين من خلال تحسين رضا العاملين عن العمل والشعور بالانتماء للمنظمة.
(4) التمكين من خلال تقليل المستويات الإدارية Empowerment through delayering- وتعتقد Lashley أن البناء التنظيمي المسطح بمستويات وخطوط سلطة اقل يمكن أن يوفر بيئة ملائمة وصالحة للتمكين تسمح للموظفين باتخاذ القرارات في الوقت المناسب. ويتطلب تبنى هذا الإطار إزالة المستويات الإدارية الوسطي من خلال إعادة توزيع العمالة والتقاعد والتخلص من العمالة الزائدة. وبجانب ذلك يتم التركيز على تدريب وتطوير الموظفين ويصاحبه زيادة الاستثمار في عملية التدريب.
أحد المقومات الجوهرية للتمكين التي ينبغي للمديرين عدم إغفالها النظرة للتمكين كحالة ذهنية، حيث لا يكفى فقط منح أو التخلي عن السلطة ولكن ينبغي إيجاد مناخ يساعد الموظفين لتمكين أنفسهم. أن تمكن يعنى أن تساعد الأفراد على تطوير شعور بالثقة الذاتية، وتعنى أيضاً أن تساعد الأفراد للتغلب على الشعور بفقدان القوة، وتعنى أن توفر الحوافز الذاتية لانجاز المهام. لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يشعر الأفراد فجاءه بأنة تم تمكينهم بقرار من الإدارة بان يصبح التمكين جزء من ثقافة المنظمة.
ويؤيد Foster-Fishman and Keys (1995) ذلك حيث يؤكد أنة ما لم تكون ثقافة المنظمة ملائمة، فأن جهود تمكين العاملين سيحكم عليها بالفشل. حيث يجب أن تكون الإدارة على استعداد للسماح بزيادة تحكم العاملين في عملهم، والسماح لهم كذلك الوصول بشكل أكبر للمصادر ( الوقت، الأموال، الأفراد، والتكنولوجيا)، وتملكهم لصلاحيات اختيار أسلوب القيام العمل. وينبغي على الإدارة كذلك أن توفر بيئة تسود فيها الثقة، وتحمل المخاطرة. هذا ويقترح الكاتبان استحالة تطبيق التمكين في كل المنظمات، ولكن يمكن تطبيقه عندما تتطابق الاحتياجات الداخلية والخارجية وعندما يكون لدى الأفراد والنظام الاستعداد لتقبل التغيير.
ويمكن تحديد تلك الاستعدادات من خلال النظر إلى مواضيع التحكم والقوة، الثقة، وأخذ وتقبل المخاطرة المتمثلة حالياً في المنظمة. أن مبادرات التغيير يرجح لها النجاح وبشكل كبير عندما تتلاءم والثقافة التنظيمية الحالية, وبالتالي، فأن مبادرة التغيير يرجح أن يكتب لها النجاح بشكل أكبر عندما تتغير ثقافة المنظمة لخلق الظروف المناسبة للتمكين , وتلك الظروف يمكن أن تتضمن اتجاهات وسلوكيات الأفراد وكذلك الممارسات الحالية للتنظيم.
ثالثا: التحول نحو مفهوم التمكين.
تحتاج المنظمات لبناء التزام نحو مفهوم التمكين عن طريق التركيز على المتطلبات الأساسية التي تهيئ المناخ الصحي قبل المضي في رحلة التمكين. وأهم هذه المتطلبات مايلى:
1. الهيكل التنظيمي. تتميز المنظمات العربية بتنظيم هرمي متعدد المستويات الإدارية بحيث ترتكز السلطة في قمة الهرم التنظيمي وتتم المحافظة على مركز السلطة بحرص شديد. لم يعد الهيكل التنظيمي الهرمي يتناسب ومتطلبات الإدارة الحديثة التي تسعى لتطبيق التمكين. لذلك ينبغي للمنظمات العربية أن تتحول من الهيكل التنظيمي الهرمي إلى الهياكل المرنة والتركيز على تقليل عدد المستويات الإدارية.
2. خوف الإدارة من فقدان السلطة. الاعتقاد السائد الخاطئ في ثقافة بعض القيادات الإدارية يرتكز مع الآسف على أنها إذا ما تخلت أو تنازلت عن جزء من سلطاتها فانه سوف تفقد نفوذها واحترامها في أعين الآخرين. هذا الاعتقاد الخاطئ تتبناه القيادات التي لا تؤمن بفلسفة التمكين. أن احد التحديات الهائلة التي يجب أن يتغلب عليها المديرين العرب تتمثل في بناء مناخ عمل ممكن يرتبط بتعلم كيفية التخلي عن السلطة. حيث يجب أن يعي المديرين العرب أن احد التغيرات الجوهرية التي سوف تنجم من جراء تبنى التمكين سوف يكون بالطبع الأدوار التي يقوم بها هؤلاء المديرين، فالمدراء العرب بحاجة لتغيير الأدوار التقليدية التي كانوا يؤدونها في السابق. خلال عملية التمكين يحتاج المديرين أن يلعبوا دور المسهل والمدرب للعاملين وذلك لإيجاد صف قيادي ثاني يتؤلى مهام القيادة مستقبلاً.
3. عدم الرغبة في التغيير. ينبغي على المديرين العرب الاعتراف بان التغيير ليس شيئيا ثابتاً ولكنة يتزايد بمعدل متسارع. وبما أن التمكين يعد تحولاً جذرياُ في ثقافة المنظمة، فأنة دون ادني شك سوف يصادف مقاومة من قبل بعض المديرين. حيث أن بعض المديرين قد أمضى العديد من السنوات للحصول على السلطة والمكانة وفى الغالب يكون غير راغب في التخلي أو التنازل عنها.
4. المعلومات. تمثل المعلومات أهم مصادر القوة داخل المنظمة. أن الحصول على معلومات، خاصة المعلومات ذات الطابع الاستراتيجي، يمكن أن يستخدم لبناء مصدر للقوة. وفى الجانب الأخر، عندما يزود المدير مرؤوسيه بالمعلومات الضرورية لأداء مهام عملهم فأنهم لا محالة سوف يولد لديهم أحساس بالتمكين ومن ثم ينعكس ذلك على أعمالهم بشكل ايجابي. مع توافر فرصة المعلومات يعمد الأفراد للشعور بالثقة والتحكم الذاتي، وقد ينجم عن ذلك شعور بالتمكين ومن ثم يقلل من مخاطر المقاومة.
ينبغي أن يدرك المديرين العرب أهمية الشفافية وتوفير الفرصة للعاملين للوصول للمعلومات حتى يتسنى لهم اتخاذ قرارات أفضل في مجال عملهم. أن مبدأ السرية والتحكم في تدفق المعلومات لا يتوافق وتوفير مناخ صحي للتمكين.
5. برنامج المكافآت والتحفيز. لإنجاح جهود التمكين ينبغي أن تربط المكافآت والتقدير التي يحصل عليه الموظف بنتائج ادائة لعملة. أن تبنى المنظمات العربية نظام للمكافآت ليتلاءم ورغبتها نحو تفضيل أداء العمل من خلال فرق العمل خطوة ضرورية للمضي في رحلة التمكين. لذلك ينبغي التحول من النظام التقليدي للأجور والمكافآت إلى نظام مكافآت يرتبط بالأداء.
وفقاً لنظرية التوقع فأن تحفيز الأفراد لزيادة جهودهم في القيام سوف يعتمد على نوعين من التوقعات : أن جهودهم سوف ينجم عنها مستوى الأداء المطلوب، وان أدائهم سوف يحدث النتائج المطلوبة. ومن الأخطاء الجسيمة والشائعة لدى بعض المديرين الاعتقاد أن المتابعة والتحكم في العاملين تجعلهم أكثر انضباطاً وإنتاجية لان ذلك سوف يتيح لهم حسب اعتقادهم فرصة للسيطرة على العاملين ومن ثم الضغط للحصول على اعلي قدر من الإنتاجية. أن تبنى مفهوم التمكين في المنظمات العربية يعنى التركيز على الجاني المعنوي باعتباره جانب أساسي ومكمل للجانب المادي، وتجنب معاملة الموظفين كالآلات دون النظر لظروفهم وقدراتهم وحاجاتهم الأساسية. أن اهتمام المنظمات العربية وحرصها على التركيز على الجانب الأنسانى كما جاء في ديننا الاسلامى الحنيف لا يقلل من أهمية جانب الإنتاجية.
6. القيادة. تمثل القيادة العنصر الحاسم في نجاح اى منظمة. فالقيادة تضطلع بدور رئيس في صياغة الرؤية والرسالة التي تحدد فلسفة المنظمة وقيمها، ويعزى للقيادة الدور الجوهري في الهام وتحفيز العاملين لبلوغ الأهداف التنظيمية. وينبغي على القيادات العربية وعى وفهم دورها المؤثر في سلوكيات المرؤوسين من خلال القيادة بالقدوة. وتحتاج المضي في رحلة التمكين تغيير وأسلوب القيادة الحالي السائد في المنظمات العربية، إلى أسلوب القيادة الذاتية والممكنة.
7. التدريب. من المكونات الأساسية لجهود التمكين اعتبار البشر المورد الحيوي للمنظمة، ولذلك نجد أن من المقومات الأساسية لنجاح التمكين هو تدريب العاملين بشكل دوري ومستمر وبقناعة من جانب القيادة بأهمية التدريب وجدواه للمنظمة والعاملين وأنة استثمار على المدى الطويل. حيث ينبغي وضع خطط تدريبية لكفة المديرين والعاملين على مختلف مستوياتهم الإدارية، وذلك لإيصال المفاهيم والمبادئ الأساسية للتمكين، وكذلك تنمية المهارات والمعارف والسلوكيات اللازمة للممارسة مهام أعمالهم. وذلك يعنى بطبيعة الأمر أن تستثمر المنظمات العربية أموال طائلة في مجال التدريب وتخصص جزء ثابت من ميزانياتها لجهود التدريب. ويعنى كذلك إعادة النظر في برامج التدريب الحالية وتقيمها لحساب الفوائد العائدة من استثماراتها في التدريب والتطوير, ولتقييم استعداديه المنظمة للتمكين، ينبغي الإجابة على الأسئلة التالية:
1. هل هناك دعم كافي من قبل الإدارة العليا؟ حيث ينبغي أن يكون هناك التزام من قبل الإدارة لإشراك العاملين والإيمان بجدوى وفوائد التمكين للمنظمة.
2. هل القيادة مستقرة؟ أن التغيير في القيادة خلال مرحلة التمكين قد يؤدى إلى فشلها.
3. هل هناك اتجاه للاعتماد المتبادل بين العاملين. يحتاج الأفراد لمبررات للعمل سوياً لانجاز العمل.
4. هل التمكين ضمن أولويات الإدارة وسوف يحظى بالوقت والموارد الضرورية لاستمراره ونجاحه.
5. هل لدى العاملين الوقت الكافة في مكان العمل للتفكير، الالتقاء، ومناقشة الأفكار؟ إذا كانت الإجابة بلا قد تحتاج الإدارة لإعادة هندسة العمليات، تغيير التقنية أو الموارد.
6. هل لدى العاملين الكفايات الضرورية؟ من الأجدى عدم البدء في التمكين في ظل عدم توافر الأدوات الملائمة لانجاز المهام.
رابعا: القيادة التحويلية ودعم التمكين.
أصبح مصطلح التحويلي والاجرائى أساس لدراسة القيادة وقد استخدم في الغالب للتمييز بين الإدارة والقيادة. وقد ظهر مصطلح القيادة التحويلية على يد Burns (1978) في كتابة القيادة، وذلك للتمييز بين أولئك القادة الذين يبنون علاقة ذات هدف وتحفيزية مع مرؤوسيهم من أولئك القادة الذين يعتمدون بشكل واسع على عملية تبادل المنافع للحصول على نتائج. وعرفت القيادة التحويلية على أنها " عملية يسعى من خلالها القائد والتابعين إلى النهوض بكل منهم الأخر للوصول إلى أعلى مستويات الدافعية والأخلاق". وتسعى القيادة التحويلية إلى النهوض بشعور التابعين وذلك من خلال الاحتكام إلى أفكار وقيم أخلاقية مثل الحرية والعدالة والمساواة والسلام والإنسانية, فسلوك القيادة التحويلية يبدأ من القيم والمعتقدات الشخصية للقائد وليس على تبادل مصالح مع المرؤوسين .
ويمثل التمكين أحد السمات الجوهرية للقيادة التحويلية، حيث أن الافتراض الرئيس في فكرة التمكين أن سلطة اتخاذ القرار يجب أن يتم تفويضها للموظفين في الصفوف الأمامية لكي يمكن تمكينهم للاستجابة بصورة مباشرة لطلبات العملاء ومشاكلهم واحتياجاتهم. ويتضح من ذلك أن فكرة التمكين تتطلب التخلي عن النموذج التقليدي للقيادة الذي يركز على التوجيه إلى قيادة تؤمن بالمشاركة والتشاور. وهذا بدورة يتطلب تغيير جذري في أدوار العمل ومن ثم العلاقة بين المدير والمرؤوسين. بالنسبة لدور المدير يتطلب التحول من التحكم والتوجيه إلى الثقة والتفويض، أما بالنسبة لدور المرؤوسين فيتطلب التحول من أتباع التعليمات والقواعد إلى المشاركة في اتخاذ القرارات. ويبرز دور القيادة التحويلية حيث يمثل تمكين العاملين أحد الخصائص التي تميز القيادة التحويلية عن القيادة التبادلية. حيث يتميز القائد التحويلي بأتباع أساليب وسلوكيات تشجع على تمكين العاملين كتفويض المسؤوليات، تعزيز قدرات المرؤوسين على التفكير بمفردهم، وتشجيعهم لطرح أفكار جديدة وإبداعية.
ويرى Bennis and Nanus ( 1985) أن القائد العظيم يعمل على تمكين الآخرين لمساعدتهم على تحويل رؤيتهم إلى حقيقة المحافظة عليها. حيث يؤكد الكاتبان أن القادة الذين يتمتعون بسلوك تحويلي لديهم القدرة على إمداد مرؤ وسيهم بالطاقة والإلهام لتمكينهم من التصرف عن طريق إمدادهم برؤية للمستقبل بدلاً من الاعتماد على أسلوب العقاب والمكافأت. فالقيادات التي تملك الرؤية يمكن أن تخلق مناخ المشاركة وتهيؤ الظروف المساعدة للتمكين التي عن طريقها يستطيع الموظفين أن يأخذوا على عاتقهم السلطة لاتخاذ القرارات التي تعمل على تحقيق الرؤية, وبجانب إمداد الموظفين بالرؤية، فالقيادة التحويلية تتميز بقدرتها على خلق السلوك الإلهامي الذي يعزز الفاعلية الذاتية للعاملين للوصول إلى الهدف, وتتميز القيادات التي لديها توقعات وطموحات عالية بقدرتها على تعزيز الفاعلية الذاتية للموظفين وتحفيزهم لبناء المبادرة الفردية لتحقيق الهدف, وبذلك يختلف القائد الممكن عن القائد التحويلي، حيث يتمحور القائد التحويلي بشكل كبير حول رؤية القائد، بينما يسعى القائد الذاتي لتطوير القدرات الذاتية للتابعين .
القائد الممكن Empowering Leadership يتبنى مجموعة من سلوكيات القائد المتميزة الموجهة نحو تطوير قدرات التأثير الذاتي، وتشمل التحكم الذاتي، التنظيم الذاتي، الإدارة الذاتية، والقيادة الذاتية للتابعين, فتركيز القائد الممكن على تشجيع التابعين لأخذ زمام المبادرة، والتحكم في السلوك الذاتي، ويعنى ذلك، استخدام استراتيجيات القيادة الذاتية وهو يفوض مسؤوليات هامة للتابعين تتصل بطبيعة وظائفهم، ويعنى ذلك، أن القائد الممكن يركز على التأثير الذاتي على التابعين بدلاً من إملاء الأوامر والتعليمات، وخلق مناخ يمكن للتابعين من خلال إرضاء حاجاتهم للنمو والاستقلالية عن طريق ممارسة التحكم الذاتي الفعال والتوجيه الذاتي نحو الهدف التنظيمية .