الثقافة التنظيمية
توفر الثقافة التنظيمية القوية للعاملين طريقة واضحة لفهم طريقة القيام بالأشياء كما أنها توفر الثبات للمنظمة .
والمنظمات مثلها مثل الأمم لها ثقافتها المميزة وتوفر الثقافة التنظيمية الفروض الأساسية والمعايير التي ترشد وتوجه السلوك داخل المنظمة ومن الصعب فصل الثقافة التنظيمية عن الثقافة القومية التي تعمل في إطارها المنظمة.[1]
ويهدف هذا المبحث إلى التعرف على ماهية وطبيعة ثقافة المنظمة ولتحقيق هذا الغرض فإن هذا المبحث يتناول ما يلي:
أولاً: المفهوم العام للثقافة
ثانياً: مفهوم ثقافة المنظمة.
ثالثاً: القيم التنظيمية
رابعاً: مكونات ثقافة المنظمة
خامساً: أهمية الثقافة التنظيمية.
سادساً: إدارة الثقافة التنظيمية
سابعاً: أنواع الثقافة التنظيمية.
أولاً : المفهوم العام للثقافة
الثقافة التنظيمية من المفاهيم المركبة بقرن الثقافة بالتنظيم لذلك كان لابد لتحديد أبعادها المختلفة من تحليل مفردات هذا المفهوم وصولا لتحديد مكوناته المختلفة له بقدر عال من التحديد والوضوح إلا أنه على الرغم من شيوع لفظ الثقافة في لغة الحياة اليومية فضلاً عن اللغة الأكاديمية فليس ثمة اتفاق على معنى محدد لها و لا على الخصائص المحددة لها شأنها شان العديد من مفاهيم العلوم الاجتماعية وزاد من هذا الاختلاف التشوش الذي أحدثته حركة ترجمة المفهوم وتعديته من خبرة حضارية معينة لخبرة أخرى وليس أدل على هذا من كوبير و كلوكوهن أحصيا عام 1952 ما يزيد على 164 تعريفاً للثقافة.[2]
وعليه كان لابد من محاولة رصد التطور الدلالي للمفهوم من أصوله اللغوية إلى الاستعمالات المعاصرة و رصد نتائج هذا التطو ر على تحديد العناصر الجوهرية في المفهوم من ناحية ومدى ملاءمة استخدامه في سياق الدراسة العلمية للمنظمات الإدارية من ناحية أخرى.
ففي اللغات الأوربية تعود جذور كلمة Culture إلى الأصل اللاتيني Coler الذي كان يعني حرث الأرض وزراعتها واستمر مفهوم الثقافة مقترن بهذا المعنى طوال العصرين اليوناني والروماني حيث استخدامها سيسرو مجازاً بالدلالات نفسها فقد أطلق على الفلسفة رزاعة العقل وتنميته وفي عضر النهضة أصبحت كلمة ثقافة تدل على تنمية العقل والذوق فتمثل في دراسات تتناول التربية والإبداع واستمرت هذه المعاني فترة طويلة حيث كانت الثقافة عند فولتير و أقرانه تعني تنمية العقل وغرسه بالذوق والفهم وتزيينه بالمعرفة. إلى أن ألف إدوارد تايلور كتابه الثقافة البدائية الذي تضمن في أول فقرة منه تعريفاً للثقافة يعد حتى اليوم من أوفى التعريفات وأشملها حتى أنه لا زال يستعمل في الدراسات الأنثربولوجية حيث نص هذا التعريف أن الثقافة بمعناها الإثنوجرافي الواسع هي ذلك الكل المركب الذي يشتمل المعرفة والعقائد والفن والأخلاق والقانون والعرف وكل القدرات والعادات الأخرى التي يكتسبها الإنسان من حيث هو عضو في مجتمع. [3]
وكذا تحول معنى الثقافة من الدلالة على أحوال الأفراد إلى الدلالة على أحوال المجتمعات حيث صارت تطلق على مجموع عناصر الحياة وأشكالها في ةمجتمع من المجتمعات والتي تشكل في مجموعها طريقة حياة هذا المجتمع[4] فيعرفها كلايد كلوكوهن بانها مجموعة طرائق الحياة لدى شعب معين أي الميراث الاجتماعي الذي يحصل عليه الفرد من مجموعته التي يعيش فيها …وهي التي تحدد الأساليب الحياتية وهي طريقة التفكير والشعور والمعتقدات إنها معلومات الجماعة البشرية مخزونة في ذاكرة أفرادها أو في الكتب أو في المواد والأدوات.[5]
وقد أحاط معجم ويبستر الجديد بهذه المعاني عندما قرر أن كلمة Culture تتمثل في :
1- فن الزراعة أو عملية الزراعة
2- عملية التنمية الناتجة عن عن التعليم والنظام والخبرة الاجتماعية
3- استنارة الذوق وامتيازه اللازمان للمارسة الفكرية والجمالية المتمثلة في :
أ- المضمون المادي والفكري للمدنية
ب- تنقية السلوك والتذوق الفكري
ت- التعرف على الفنون الجميلة الإنسانيات والمجالات الفسيحة للعلم وتذوقها باعتبارها نوعً من المهارة أو المعرفة الإدارية أو التقنية أو المهنية.
4- الإطار الجمالي للسلوك البشري ومنتجاته المتمثلة في الفكر والكلام والعمل المعتمد على قدرة الإنسان على التعليم ونقل المعرفة إلى الأجيال المتتالية من خلال استعمال الأدوات واللغة ونظم التفكير المجرد.[6]
أما في اللغة العربية فإن ثقافة من ثقف أي حذق وفهم وضبط ما يحويه وما قام به أو ظفر به وتعني تهذيب وتشذيب وتقويم وتسوية بعد اعوجاج فتضم كلمة الثقافة معاني:
- الحذق والفطنة : فنقول : ثقف الرجل أي أصبح حذقاً وفطيناً
- سرعة أخذالعلم وفهمه يقال : ثقف الطالب العلم أي فهمه بسرعة
- التهذيب والتأديب يقال: ثقف المعلم الطالب أي هذبه وأدبه
- تقويم المعوج من الأشياء يقال: ثقف الصانع الرمح اي سوى اعوجاجه
- كما ترد كلمة ثقف بمعنى جدد وسوى[7]
وبهذا المعنى ينطوي المفهوم على عدد من الدلالات يمكن إجمالها في ما يلي:
- أن الثقافة مفهوم ينبع من الذات الإنسانية و لا يغرس فيها من خارجها فالكلمة تعني تنقية الفطرة البشرية وتشذيبها وتقويم اعزجاجها ثم دفعها لإطلاق طاقاتها لتنشئ المعارف التي يحتاج إليها الإنسان .
- أن مفهوم الثقافة في اللغة العربية يعني البحث والتنقيب والظفر بكل القيم التي تصلح الوجود الإنساني وتهذبه وتقوم اعوجاجه بما يفتح الباب أمام العقل لكل المعارف والعلوم النافعة
- ان المفهوم يركز في المعرفة على ما يحتاج إليه الإنسان طبقاً لظروف بيئته ومجتمعه و ليس مطلف أنواع المعارف والعلوم فكما قال ابن منظور : غلام لقن ثقف أي ذو فطنة وذكاء والمراد انه ثابت المعرفة بما يحتاج إليه فالثقافة تعني إدراك طبيعة قضايا المجتمع وما يصلحه .
- أن الثقافة عملية متجددة لا تنتهي أبداً فدلالات التهذيب والتقويم تعني التجدد الذاتي اي تكرار التهذيب ومراجعة الذات وتقويمها وإصلاح اعوجاجها.
ويعرف مالك بن نبي الثقافة بأنها مجموعة من الصفات الخلقية والقيم الاجتماعية التي تؤثر في الفرد منذ ولادته وتصبح بشكل لا شعوري العلاقة التي تربط سلوكه باسلوب الحياة في الوسط الذي ولد فيه وبذلك تكون الثقافة هي المحيط الذي يشكل فيه الفرد طباعه وشخصيته .[8]
وهكذا تباينت وجهات النظر حول مفهوم الثقافة بين من يراها مجرد اكتساب درجة من العلم والمعرفة ومن قال أنها تعني الإبداع والابتكار الفني والجمالي ومن قال بانها نمط التعبير والسلوك الخاص بمجتمع معين ومن المفاهيم الأخرى الشائعة للثقافة انها:
1- تراث المجتمع المنقول جيلاً بعد جيل
2- الأفكار والمفاهيم والعادات والتقاليد واللغة
3- كل المقومات التي يكتسبها الإنسان كعضو في جماعة
4- طريقة الحياة التي يعيشها الناس وفقاً للفكر الذي يدينون به في جوانبها المادية والمعنوية.
يمكن ويمكن الجمع بين هذه الاتجاهات بالأخذ بذلك التعريف الذي يحدد الثقافة على أنها:
” المخزون الحي في الذاكرة كمركب كلي ونمو تراكمي مكون من محصلة المعارف والعلوم والأفكار والمعتقدات والفنون والآداب والأخلاق والقوانين والأعراف والتقاليد والمدركات الذهنية والحسية والموروثات التاريخية واللغوية والبيئية التي تصوغ فكر الإنسان وتمنحه القيم الاجتماعية التي تصوغ سلوكه العملي في الحياة “[9]
خصائص الثقافة :
من العرض السابق لمفهوم الثقافة يمكن تحديد مجموعة من الخصائص التي تميزها وأهمها[10] :-
1- الثقافة كل مركب حيث يمكن التمييز بين ثلاثة مكونات للثقافة هي المكون المعنةي ويتمثل في القيم والأخلاق والمعتقدات والأفكار التي يعتنقها الفرد والمكون المادي ويشمل جميع ما ينتجه أو يتعامل معه أعضاء المجتمع من آلات ومعدات والتسهيلات المتاحة والمكون السلوكي ويظهر في العادات والتقاليد التي يتبعها أعضاء المجتمع بالإضافة إلى الفنون والآداب والممارسات العلمية في الظروف والمناسبات المختلفة فالثقافة هي خليط من هذه المكونات الثلاثة بنسب متفاوتة
2- الثقافة متكاملة حيث أن أي تغيير يطرأ على أحد جوانبها سرعان ما ينعكس أثره على باقي المكونات الثلاثة
3- الثقافة إنسانية فالثقافة ظاهرة خاصة ببني البشر فقط فالإنسان هو الكائن الوحيد الذي يمتلك ثقافة
4- الثقافة متصلة ومستمرة وذلك من خلال توارث الأجيال وتعاقبها
5- الثقافة تكتسب : حيث انها تنتقل من جيل إلى جيل من خلال التعلم والتلقين والمحاكاة والممارسة .
6- الثقافة متغيرة ومتطورة من أهم خواص الثقافة خاصية التغير والتطور والترك والاكتساب والإضافة والإهمال وذلك من خلال تغير الأزمان والأجيال والتقاء الثقافات من خلال أعضاء المجتمعات المختلفة ثقافياً
7- الثقافة تراكمية حيث تتزايد الثقافة و تتراكم من خلال ما تضيفه الأجيال غلى مكوناتها من عناصر وخصائص
8- الثقافة سريعة التكيف بمعنى ظأنها تتصف بالمرونة والقدرة على الانسجام وذلك تمشياص مع مطالب الإنسان البيولوجية والنفسية وملاءمة البيئة الجغرافية وتطور الثقافات المجاورة .
ثانياً مفهوم الثقافة التنظيمية
ظهر هذا المفهوم بصورة واضحة وتكررة في مطبوعات أبحاث معاهد ومءسسات الإدارة منذ عام 1981 ولم يتوقف عن النمو و الظهور منذ ذلك الوقت حيث استمر علماء السلوك والتنظيم بتبني ثقافة المنظمة كمدخل للتحليل .[11]
وقد تعددت تعريفات ثقافة المنظمة حسب وجهة النظر التي يتبناها الباحثون فمنهم من عرفها من خلال العناصر المكونة لها ومنهم من عرفها بتأثير تلك العناصر والمكونات على سلوك العاملين ومنهم من عرفها من خلال وظائفها
ويمكن الوصول إلى تعريف تكاملي لمفهوم “ثقافة المنظمة ” من خلال دراسة التعريفات المختلفة التي قدمها الباحثون:
فقد عرفها Peter & Waterman 1980) ( على أنها “نظام القيم السائدة المنظمة والذي يتضح من خلال الإنتاج الثقافي لأعضائها والذي يتمثل في الحكايات والأساطير والشعارات الموجودة في المنظمة ”
ويعرفها ( Greenberg & Paron 2004 ) بأنها ” إطار معرفي مكون من الاتجاهات والقيم ومعايير السلوك والتوقعات التي يتقاسمها العاملون في المنظمة وتتأصل أي ثقافة تنظيمية على مجموعة من الخصائص الأساسية التي يثمنها العاملون في المنظمة
وترى ( خطاب ) أن الثقافة التنظيمية هي ” نسيج من اللغة التي تتعامل بها المنظمة والعادات التنظيمية الخاصة بها والقانون الذي ينظم تعاملاتها ونظام القيم الذي ينظم قواعد ووسائل السلوك المقبول اجتماعياً” [12]
ويعرفها (متولي السيد) على أنها ” نماذج من القيم والمعتقدات والمعايير وأنماط السلوك زالتوقعات التي يشترك فيها أعضاء المنظمة والتي توضح معنى وقيمة المنظمة بالنسبة لأعضائها وتحدد لهم القواعد الملزمة وتخلق الانسجام والتجانس فيما بينهم.[13]
ويرى نلسون وكويك (1996) أن الثقافة التنظيمية التي يعتنقها الأفراد في المنظمات لها تأثيراً قوياً ومباشراً على سلوكهم وأدائهم لأعمالهم وعلاقاتهم برؤسائهم ومرؤسيهم وزملائهم والمتعاملون معهم وتعكس هذه القيم والمعتقدات درجة التماسك والتكامل بين أعضاء المنظمةكأنها نظام رقابة داخلي يدق الأجراس عندما يخرج السلوك عن الحدود التي رسمت لهومن ثم فإن هذه القيم تعبر عن قدرة المنظمة على إيجاد قيم أساسية يمكن أن تتحرك حولها كل الجهود وعلى جميع المستويات في المنظمة.[14]
وما يجمع هذه التعريفات على اختلافها هو عنصر القيم الذي يمثل القاسم المشترك وتشير هذه القيم إلى الاتجاهات والمعتقدات والأفكار في منظمة معينة وتصل هذه القيم إلى الفراد من خلال العلاقات الاجتماعية والتفاعل المستمر بينهم كما تساهم الإدارة وبشكل كبير في غرس القيم التي تتبناها في أفرادها فعندما تتبنى المنظمة قيماً معينة مثل الانصياع للأنظمة والقوانين والاهتمام بالعملاء وتحسن الفعالية فإن المنظمة تتوقع من أعضائها تبني هذه القيم وأن تنعكس على سلوكياتهم ” [15]
يمكن من ذلك استخلاص تعريف للثقافة بأنها مجموعة القيم والعادات والمعتقدات والأعراف والاجتماعات والممارسات الإدارية والطقوس التي تؤثر بشكل غير مباشر في سلوكيات العاملين وكيفية أدائهم لأعمالهم والتي تميز افراد المنظمة عن غيرها بحيث تشكل منهجاً مستقلاً كما تنتقل هذه القيم والسللوكيات من جيل لآخر بين العاملين في المنظمة.
وقبل تناول أبعاد مفهوم الثقافة التنظيمية السائدة في المنظمات، لابد من التمييز بين مصطلح الثقافة التنظيمية Organizational Culture ومصطلح المناخ التنظيمي Organizational Climate وممن اهتموا بهذا التمييز الباحث الأوربي الشهير إيكفال Ekvall الذي قرر أن المناخ التنظيمي يعكس “الأنماط السلوكية والاتجاهات والمشاعر المتكررة والقابلة للملاحظة، والتي تصف الحياة في المنظمة”، في حين أن الثقافة التنظيمية تجسّد الأسس الأكثر عمقاً للمنظمة. ويذكر اشفورث Ashforth فرقاً لطيفاً بين الثقافة التنظيمية والمناخ التنظيمي بقوله: كلاهما يقعان داخل نسق متصل الحلقات Spectrum، فالمناخ التنظيمي يمثل “الشعور الفردي”، بينما تجسد الثقافة التنظيمية “اللاشعور الجمعي” ، وهذا تفريق ذكي ومتعمق، ويتأسس عليه القول بأن الثقافة التنظيمية تميل إلى كونها ضمنية Implicit في إطار معتقدات وتقاليد وأعراف وهيكلية المنظمة. وتنبع أهمية التفريق بين المصطلحين من اعتبارات عديدة أهمها أنه يعكس حقيقة التفاعل بين المكون الثقافي المشكل لمناخ العمل داخل المنظمة، وبناء على ذلك يمكن تقرير أن الثقافة التنظيمية هي المولد الذي ينتج المناخ التنظيمي الذي يشكّل الفضاء الذي يعمل فيه الأفراد بجوانبه الإيجابية والسلبية، والمناخ التنظيمي اتجاهات أفراد المنظمة ومستويات دافعيتهم ونوعية أدائهم في مختلف إدارات وأقسام وفروع المنظمة. وباختصار يمكن القول بأن جودة المناخ التنظيمي مؤشر على جودة الثقافة التنظيمية والعكس بالعكس
ثالثاً :القيم التنظيمية
و تؤدي قيم الثقافة التنظيمية دوراً مهماً في الحفاظ على هوية المنظمة وتدعم وجودها وتؤثر في أنشطة العاملين بها لذا يحرص المديرون على تطوير القيم التنظيمية وتبنيها لتحقيق الأهداف المنشودة للمنظمات الإدارية ومن أهم قيم الثقافة التنظيمية:
القوة
فالإدارة الناجحة هي التي تتحمل مسئولية تحديد مستقبل المنظمة ومن ثم تتبنى قيمة القوة التي تدعوا المديرين إلى إدارة المنظمة بفعالية من خلال إدراكها لمقاومة الأفراد للسلطة في المنظمة والعمل على التقليل من تاثير إكراههم أو إجبارهم على قبول السلطة مما يؤدي إلى التغلب على مشكلات المقاومة المتأصلة عند الأفراد نحو التنظيم وتكتسب القوة من أربعة مصادر هي :
العملية والمعلومات والجاذبية والمكافأة والعقاب ويتم اكتساب هذه المصادر الأربعة للقوة والحفاظ عليها من خلال تهيئة الظرو ف الخاصة بالاهتمام والاحترام والقدرة على اتخاذ القرارات المناسبة واللازمة للسلطة الفعالة.
الصفوة
تتطلب القيادة الإدارية المتميزة مجموعة عالية من القدرات أو الكفاءات النادرة نسبيا لا تتوافر إلا في الصفوة لذلك تعد الصفوة كقيمة خياراً صعباً إذ يتم اختيارهم وفقاً لعدة معايير منها: تحديد الكفاءات واستخدام المعايير الموضوعية وتقصي سجل السلوك والتعرف على قيم المرشح تجاه الإدارة وتقييم كفاءته الفعلية واستكشاف دوافعه للعمل والإنجاز
المكافأة
تتبنى المنظمة الناجحة قيمة المكافأة وتقوم بتحديد معيار النجاح وتكافئه ولما كان الثواب والعقاب من الأساليب الأولية للتاثير في الآخرين فإن القدرة على الإثابة او العقاب تعد مصدرا للقوة والإدارة الناجحة تستخدم أنظمة الثواب والعقاب من أجل توحيد جهود المنظمة في اتجاه رفع مستوى الأداء ولكا كانت المكافأة تؤثر – تحت ظروف معينة -في الأساليب التي يتصرف بها الأفراد في بعض أمورهم فإنه يمكن استخدام قوة المكافأة لاجتذاب العاملين القادرين وإبراز الإمكانات الكامنة وتشكيل السلوك المناسب وتوحيد الجهود من أجل تحقيق أهداف المنظمة
الفعالية
تحتضن المنظمة المتميزة قيمة الفعالية في التوصل إلى صنع واتخاذالقرارات التنظيمية المناسبة وفي الحد من الصراعات الشخصية والالتزام بتقييم المعلومات للتأكد من فاعليتها عند اتخاذ القرار ومن هنا جاء اهتمام القادة والإداريين بفاعلية البناء التنظيمي وجمع وتنظيم البيانات الصحيحة والمعلومات الدقيقة من مصادرها المختلفة من أجل فهم المشكلات التي تواجه المنظمة واقتراح بدائل مناسبة لحلها
الكفاءة
تتبنى المنظمة الناجحة قيمة الكفاءة في أداء العمل بطريقة صحيحة واكتساب العاملين اتجاهات إيجابية نحو العمل الجاد وإذا أرادت المنظمة النجاح فلا سبيل أمامها سوى العمل على تطوير قيم القفاة التنظيمية والتزام مديري الإدارات العليا التزاماً تاماظص بقيمة الكفاءة من أجل الأداء الفعال وتوجيه الأفراد إلى تحسين العمل وإتقانه مع ملاحظة أن الكفاءة تتوقف على التكيف مع التقنيات الحديثة وتجنب الصراعات بين الأقسام ومشاركة جميع العاملين في اتخاذ القرارات حيث ثبت أن المشاركة في صنع القارات لها أثرها في تنمية كفاءة القيادات الإدارية في المستويات الدنيا من التنظيم وزيادة إحساسهم بالمسئولية وتفهمهم لأهداف المنظمة
العدالة:
تدرك المنظمات الناجحة أن رضا العاملين وشعورهم بالعدالة في المعاملة والرواتب والمكافآت يعد حافزاً للأداء الفعال لذا تتبنى هذه المنظمات قيمة العدالة التي تتطلب من المديرين والقادة ان يعاملوا جميع العاملين معاملة واحدة بهدف الحصول على ولائهم وانتمائهم والالتزام بواجباتهم من أجل حصولهم على حقوقهم بطريقة تتوافر فيها العدالة والمساواة.
فرق العمل
تنجز الجماعة المتميزة بالديناميكية والفاعلية والقيادة الرشيدة اهداف المنظمة من خلال فرق العمل بصورة أكثر فعالية من فرد له موهبة أو مجموعة من الأفراد العاديين لذا تتبنى المنظمات الناجحة “قيمة فرق العمل” انطلاقاً من اهمية تلك الفرق في تعويض جوانب الضعف الفردية بجوانب القوة لدى أعضاء الفريق وبناء الاجماع والالتزام وإثارة الدافعية للعمل وجذب انتباه شاردي الذهن من الأعضاء المشاركين وتجنب حدوث الأخطاء وهذا يتطلب اختيار فرق العمل بعناية تبصر وترو من أجل الصالح العام للمنظمة ومن أجل إيجاد توازن بين المهارات الشخصية والأنظمة المهنية ومن أجل تلاحم مجموعة الأفراد المتقاربين في أهدافهم ولديهم مهارات العمل الجماعي
النظام
تطور كل جماعة إطاراً من القوانين التي تنظم تصرفاتها وتوفر القواعد الأساسية للسلوك المقبول وتمارس المنظمات نفوذاً كبيراً على سلوك موظفيها من خلال تلك القوانين ولذلك فإن معظم المديرين يدركون الأهمية الساسية للقانون في تنظيم سلوك العاملين في المنظمة ويقومون بابتكار الأنظمة القانونية التي تنظم السلوك في مجالات من قبيل الحضور والأمانة والنظام والصحة والسلامة و إجراءات إقامة العدالة ومعايير الجزاء والمكافآت ومن هنا تظهر الحاجة إلى انظمة وقوانين لتوضيح المعايير والسلوك و العلاقات الإنسانية التي يلتزم بها العاملون في تلك المنظمات
وتترك هذا القيم التنظيمة المشار إليها آثارها في غدارة المنظمات الإدارية فالقيم الخاصة بالقوة والصفوة والمكافأت تؤثر في أداء المديرين وممارستهم في حين أن القيم الخاصة بالفاعلية الكفاءة تؤثر بوضوح في أداء المهام والواجبات أما القيم الخاصة بالعدالة وفرق العمل والنظام في سلوك الأفراد وعلاقاتهم الإنسانية داخل المنظمة
رابعاً: مكونات ثقافة المنظمة
ويقصد بها مجموعة العناصر التي تشكل ثقافة المنظمة وحتى يتم معرفة مكونات ثقافة المنظمة ينبغي التمييز بين ثلاث مستويات للثقافة :[16]
المستوى الأول الماديات أو ما يصنعه الأفراد :-
وهو أكثر مستويات الثقافة ظهوراً ووضوحاً ويمكن ملاحظته ورؤيته بسهولة وذلك من خلال :
- البيئة المادية والاجتماعية في المنظمة
- اللغة المستخدمة بين أفراد المنظمة والتي تستخدمها المنظمة في كتاباتها
- السلوك العلني لأفراد المنظمة
- الابتكارات
وبرغم أن هذا المستوى من أكثر مستويات الثقافة التنظيمية وضوحاص ويمكن ملاحظته بواسطة الفراد من خارج المنظمة إلا أنه لا يعطي تفسيراً كافياً لفهم ثقافة المنظمة حيث إن أفراد المنظمة لا يكونون بالضرورة على وعي تام به فهو بالنسبة لهم شئ مألوف اعتيادي وجزء من حياتهم اليومية
المستوى الثاني : القيم
تمثل القيم قلب الثقافة و جوهرها ويعتبر هذا المستوى على درجة أكبر من حيث وعي وإدراك أفراد المنظمة له حيث تحدد القيم ما هو مقبول وما هو غير مقبول وما هو مفضل وما هو غير مفضل بالنسبة لأعضاء المنظمة كما تساعد القيم على حل المشكلات التي تواجه المنظمة.
المستوى الثالث الافتراضات الأساسية
وهي مجموعة الاعتقادات الراسخة والتي تؤخذ كمسلمات و لايقبل التشكيك فيها ويعتبر هذا المستوى بمثابة الأساس للثقافة
وتتمثل هذه الافتراضات فيما يلي :
- العلاقات مع البيئة
- طبيعة الأنشطة البشرية
- طبيعة العلاقات الإنسانية [17]
خامساً: أهمية الثقافة التنظيمية
من خلال استعراض الثقافة التنظيمية يمكن القول أن للثقافة التنظيمية دوراُ رئيسياً وهاماً يمكن أن تقوم به على جميع المستويات والأنشظة داخل التنظيم فقد تؤدي إلى نجاح المنظمة إذا ما ساهمت في خلق المناخ الذي يشجع على تحسين وتطوير الأداء كما قد ينتج عنها فشل المنظمة إذا ما نتج عنها معوقات تحول دون تحقيق كفاءة النظام وفعاليته
ولبيان أهمية الثقافة التنظيمية لابد من توضيح الدور الذي تقوم به الثقافة التنظيمية داخل المنظمة وقد ذكر (الطعامنة ) مجموعة من الأدوار تقوم بها الثقافة التنظيمية في التنظيم بشكل عام ولكنا هنا سنورد أثر الثقافة التنظيمية على كل من المنظمة والعاملين كما ذكر (متولي السيد)
أ- أثر الثقافة التظيمية على المنظمة
الثقافة هي قوة خفية ذات تأثير متعدد الجوانب وبالتأكيد فإن الثقافة تلعب أدواراً عديدة في المنظمة ومن أوضح الأدوار التي تلعبها الثقافة في المنظمة أنها
1- تؤثر على نمط الإدارة حيث يعكس نمط الإدارة والأسلوب الذي يتبعه المديرون في تحقيق أهداف المنظمة من حيث أسلوب القيادة ونمط اتخاذ القرارات وحل المشكلات حيث إن القيم و المعايير والاعتقادات السائدة في المنظمة – ثقافة المنظمة – تؤثر بدرجة كبيرة على النمط الذي يستخدمه المديرون في تحقيق الأهداف.
2- تؤثر على أداء المنظمة حيث إن الثقافة التنظيمية تؤثر على إجراءات العمل وتساهم بدرجة كبيرة في تحقيق الفعالية والكفاءة للمنظمة وحتى يتسنى لها ذلك لابد أن تكون هذه الثقافة قوية.[18]
3- تؤثر قواعد الثقافة السائدة داخل بيئة التنظيم تأثيرا فعالا على قدرة المنظمة على التكيف مع أي تغيير .[19]
4- تساعد على تكوين هوية للمنظمة وتزود المنظمة والعاملين فيها بالإحساس بالهوية فالعديد من المنظمات من خلال ثقافتها يمكن الحكم عليها من أنها منظمات عريقة وقوية أم أنها ضعيفة وفوضوية .[20]
5- تدعم استقرار المنظمة كنظام اجتماعي وذلك من خلال غحساس العاملين بانتمائهم غليها والتزامهم بتحقيق أهدافها مما يساعد على استقرار المنظمة ونموها.
6- تعتبر الثقافة التنظيمية قوة مؤثرة داخل التنظيم حيث إنها تحفز وتثبط أنواعاً محددة من السلوك الفردي والجماعي داخل المنظمة .[21]
ب- أثر الثقافة التنظيمية على العاملين :-
تؤثر الثقافة التنظيمية على العاملين على النحو التالي :-
1- تنمية روح الولاء والانتماء للمنظمة حيث إن الثقافة التنظيمية تزود العاملين فيها بالإحساس بالهوية وكلما كان من الممكن التعرف على الأفكار والقيم التي تسود في المنظمة كلما قوي ارتباط العاملين برسالة المنظمة وزاد شعورهم بانهم جزء حيوي منها[22]
2- تحفيز العاملين وخلق الدافعية على العمل
3- مساعدة الأفراد على التكيف مع الظروف البيئية الخارجية والداخلية للمنظمة
4- تمد العاملين بالعديد من القواعد المشتركة للسلوك وتعتبر هذه الوظيفة ذات أهمية خاصة بالنسبة للموظفين الجدد كما أنها هامة بالنسبة للموظفين القدامى فالثقافة تقود اقوال وأفعال العاملين مما يحدد بوضوح ما ينبغي قوله أو عمله في كل حالة من الحالات وبذلك يتحقق استقرار السلوك المتوقع من الفرد في الأوقات المختلفة وكذلك السلوك المتوقع من عدد من العاملين في نفس الوقت.
من خلال العرض السابق لأهمية الثقافة التنظيمية وأثرها على كل من المنظمة والعاملين يمكن حصر أهم الأدوار التي تلعبها ثقافة المنظمة في الشكل التالي:
الثقافة التنظيمية
الإحساس بالهوية
تقوية الالتزام برسالة المنظمة
دعم وتوضيح معايير السلوك
سادساً: إدارة الثقافة التنظيمية
يقصد بإدارة ثقافة المنظمة عملية بناء وتطوير وتدعيم ثقافة مشتركة للمنظمة ملائمة وفعالة بما يساعد على تحقيق الأهداف الفردية والجماعية والتنظيمية. [23]
وتمر عملية إدارة ثقافة المنظمة ابتداءاً بعملية بناء ثقافة المنظمة ثم المحافظة عليها ثم عملية تغيير الثقافة التنظيمية وإذا وجدت المنظمة نفسها مضطرة لتغيير ثقافتها وفيما يلي عرض للمراحل الثلاثة بإيجاز:
أ- بناء الثقافة التنظيمية
يمكن القول أنه في الغالب تعزى عملية بناء وتشكيل ثقافة المنظمة إلى الشخص أو الأشخاص الذين أنشأوا المنظمة حيث يكون لهؤلاء الأشخاص شخصية ديناميكية وقيماً مسيطرة قوية ورؤية واضحة لما ستكون عليه المنظمة في المستقبل وكيفية الوصول إلى ذلك.[24]
ولبيان أثر المؤسسين او القادة الكبار على ثقافة المنظمة ومدى إسهامهم في بنائها وترسيخها حتى بعد رحيلهم نذكر مثلاً ثقافة شركة مايكروسوفت التي تثمن إنفاق وقت طويل في العمل بالشركة لقد انتقلت هذه الثقافة إلى العاملين مما كان يفعله بيل جيتس مؤسس الشركة و في بعض الأحيان تظل القيم التي غرسها مؤسس الشركة موجودة حتى بعد رحيله ومن ذلك على سبيل المثال القيم التي غرسها راي كروك Ray Kroc في سلسلة مظاعم ماكدونالدز من ضرورة من ضرورة حصول العملاء على طعام جيد باسعار معقولة في بيئة أسرية نظيفة فإن هذه الثقافة ما زالت موجودة حتى الآن.[25]
كما أنه لا يمكن أن تتشكل ثقافة المنظة بمعزل عن الثقافة القومية للمجتمع فنرى أن قوة الثقافة التنظيمية تتجلى في الإدارة اليابانية وذلم لاهتمامها بالقيم المصاحبة للسلوك العملي فالإدارة اليابانية تعكس في جوهرها ملامح الثقافة اليابانية وتسخر القيم السائدة في المجتمع لتكون في خدمة المنظمات الإدارية .[26]
كما أن ثقافة المنظمة تنمو متأثرة بخبرة المنظمة مع البيئة الخارجية والتي تمارس نفس نشاط الشركة فعلى كل منظمة أن تجد لها مكاناً مناسباً في الصناعة التي تعمل بها أو السوق الذي تتعامل فيه وتعمل المنظمة على تحقيق ذلك في أيامها الأولى[27]
ب- نقل الثقافة التنظيمية والمحافظة عليها :ـ
إذا ما بدأت ثقافة المنظمة والتي تكون نابعة من ثقافة مؤسسيها وإدارتها العليا فإن هناك عدد من الممارسات التي يمكن ان تزيد من درجة قبول القيم المحورية وفيما يلي عدد من الطرق والممارسات التي تسهم في انتقال الثقافة التنظيمية إلى العاملين وقبولهم لها:
اختيار العاملين
أولى خطوات المحافظة على الثقافة – والتي تعد من أهمها – اختيار واستخدام واحتفاظ المؤسسون للموظفين الذين يفكرون ويشعرون بنفس طريقتهم في المنظمة وعد التفريط فيهم وإدخال معتقدات المؤسسين إلى معتقدات الموظفين وتشجيعهم على التوحد معهم .[28]
الرموز والشعارات
إن الرموز والشعارات تقول أكثر مما تراه العين وتعتمد المنظمات كثيراً على الرموز والشعارات وهي الأشياء التي تتضمن معاني أكبر بكثير من المعنى الظاهري لها فعلى سبيل المثال فإن بعض الشركات تستخدم المباني الضخمة المثيرة للإعجاب لتوحي للعملاء وغيرهم انها شركة ضخمة مستقرة لها مكانها في السوق[29] وكذلك فإن بعض الشركات تعتمد على الشعارات لترمز إلى القيم التي تعتنقها فتستخدم استعارة لغوية أو أقوالاً تنقل موعظة كاملة في جملة قصيرة والشعرات يسهل التقاطها وتكرارها من جانب العاملين وكذا عملاء الشركة ومن الأمثلة التقليدية للشعارات التي اتخذتها المنظمات شعار شركة جنرال الكتريك الذي يقول ” التقدم والاتقاء هو ما نتنتجه” وشعار شركة فورد الذي يقول ” الجودة هي وظيفتنا الأولى ” والشعار الذي كان مستخدماً في الجيش المصري قبل حرب 1973 ” دائماً … مصر اولاًّ ” فهذه الشعارات ترمز لما تود المنظمة ان تقوله أو تثبته سواء لعامليها أو لجمهورها الخارجي
تعزيز القصص والفولكلور
تنتقل القصص المتعلقة بالثقافة التنظيمية عن طريق القصص التي تروى عنها سواء تم ذلك بطريق رسمي او غير رسمي كما أن القصص التي تروى داخل المنظمة تؤثر تأثيراً كبيراً على المناخ التنظيمي وتقوم معظم القصص على أحداث حقيقية أداها أو شارك فيها مؤسس الشركة أو أحد أو بعض مديريها وتوضح القصص أهم خصائص الثقافة التنظيمية كما أن نقلها إلى الغير يمكن أن ينشئ أو يؤكد القيم المطلوبة .[30]
الاحتفالات
الاحتفال هو جدث مخطط تنظمه الإدارة لصالح العاملين وتحافظ المنظمة على ثقافتها عن طريق الاحتفالات المتعددة التي تقوم بها وتتمثل في الاحتفال بعد عودة الموظفين إلى العمل أو في تعارف الموظفين الجدد على الموظفين القدماء أو في استقبال مدير جديد أو حفلات جوائز الموظفين المثاليين والمتميزين أو حفلات التخرج وقد عبر احد الخبراء عن معنى الاحتفالات بالنسبة للثقافة فقال ” الاحتفالات بالنسبة للثقافة كالنص بالنسبة للفيلم”[31]
ويرى الباحث أن الاحتفالات تعبر بوضوح عن الثقافة التي تعتنقها المنظمة فالموظف الجديد الذي يحضر حفلاً تقيمه المنظمة يستطيع التعرف بوضوح على القيم والمعتقدات واللغة المشتركة بين العاملين والتي تمثل في مجملها ثقافة المنظمة فكما يمكن استجلاء ثقافة مجتمع ما من خلال الاحتفالات القومية التي ينظمها فإنه يمكن كذلك التعرف على ثقافة المنظمة من خلال احتفالاتها التعبير عن الثقافة كتابة :-
من الطرق التي تنتقل بها الثقافة وتساعد على المحافظة عليها المبادئ المكتوبة فتسجل المنظمة مباءها بوضوح ليطلع عليها الجميع وتحدد القواعد الأخلاقية التي تحكم تصرفاتها وتصرفات العاملين فيها ثم تقوم بطبع ذلك في كتيب يسمى دستور الأخلاق – كما في بعض المنظمات – وهو عبارة عن جمل تعبر عن القيم الأخلاقية التي تلتزم بها الشركة وهو وسيلة مؤثرة في هذا المجال فالفرد غالباً ما ينضم إلى إحدى الشركات دون ان يعرف نوع البيئة التي وضع نفسه ومستقبله الوظيفي فيها وبالتالي فإن التعبير بوضوح عن دستور العمل في المنظمة يسمح للعامل بأن يقرر أن هذه المنظمة ملائمة أم لا .[32]
جـ – تغيير الثقافة التنظيمية:-
يعمل التغيير التنظيمي على إبراز موضوع الثقافة نظراً لأهميته في نظرية افدارة حيث أصبح شعار ” ليس غير الثقافة حل لمعظم المشكلات التنظيمية ” محل اهتمام العديد من الدارسين في افدارة سواء كانوا علماء أم استشاريين.[33]
وتتصف ثقافة المنظمة بالتغيير والديناميكية حيث تتطور الثقافة التنظيمية وتتغير استجابة للمتغيرات التي تحدث في البيئة الخارجية للمنظمة أو في بيئة المنظمة الداخلية أو في تركيبة وخصائص أعضاء المنظمة .
والمنظمات في الوقت الحالي لم تعد تتفاخر بحجمها وقوتها ورسوخها وثباتها بل اصبحت تتفاخر ايضاً بثقافتها وخصوصيتها التي تعكس تميزها ولأن الثقافة ترتبط أساساً بشخصية الكائن وهويته فغن تغييرها يلقى دائماص نوعين من العقبات:-[34]
- عقبة الخوف التي تعتري القيادة الإدارية عند محاولة الانتقال من المعلوم إلى المجهول
- عقبة الرفض التي تعتري الناس بسبب ذلك الخوف
- ونظراً لصعوبة تغيير ثقافة المنظمة فإن الكثيرين يون أن هذا التغيير مستحيل وبما أن بالقافة التنظيمية مرتبطة بالاستقرار والاستمرارية فإن تغييرها لا يتم بمجرد الرغبة في التغيير بل إنها عملية معقدة وبحاجة إلى جهد ووقت لتحقيقها ولا يتم تغيير الثقافة إلا من حاجة غعلية ورغبة صادقة واقتناع الإدارة والقيادات العليا في المنظمة بعملية التغيير بحيث يقوم القادة والمديرون بدور أساسي وهم في نجاح عملية التغيير.
ومن جهة أخرى فإن ثقافة المنظمة تتغير عندما :
-عندما تتغير القيادة او عندما تقدم قيادتها على التغيير
عندما تواجه الإدارة مشكلة أو ازمات تجبرها على التغيير
عند حلها أو دمجها مع غيرها من المنظمات
إذا كانت الصناعة التي تعمل بها المنظمة من الصناعات التي تتسم بالمنافسة الشديدة وكانت المنظمة في مرتبة أقل بالنسبة للمنافسين
إن غالبية علماء التنظيم يرون أنه يمكن تغيير عناصر الثقافة المرئية مثل اللغة والطقوس و التجهيزات والمعدات أما عناصر الثقافة الغير مرئية والمتمثلة في القيم والمعتقدات وسلوك العاملين فإنه يصعب تغييرها وتمثل أكبر تحدي يواجه الإدارة.[35]
ويجب على القائد عند إحداث تغيير لثقافة المنظمة ان يركز على تغيير سلوك العاملين ولكن كيف يتغير سلوك العاملين في المنظمة ؟
هناك فريق من علماء التنظيم يرى أنه لكي يتغير سلوك العاملين يجب أن يروا القيمة الملازمة لتعديل سلوكهم في الاتجاه الجيد كالمكافآت مثلاً وفي حالة عدم الاستجابة للتغيير وعدم تعديل العاملين لسلوكهم تتخذ الإدارة حيالهم الخصم أو الإبعاد عن العمل واستقطاب عاملين جدد تتوافق ثقافتهم التنتظيمية مع الثقافة الجديدة للمنظمة [36]
يلي تغيير سلوك الأفراد عملية الاتصالات المكثفة التي تتحدث عن الثقافة التنظيمية الجديدة ووضع برامج تدريبية للثقافة التنظيمية الجديدة وبعد ذلك تبدأ عملية تعيين أفراد جدد لديهم القيم والمعتقدات الجديدة
: أنواع الثقافة التنظيمية :
تميز أدبيات الفكر الإداري المعاصر بين نوعين من الثقافة التنظيمية هما الثقافة القوية والثقافة الضعيفة فالثقافة القوية هي التي تحقق إنجازاً فوق العادي في الجل الطويل في حين تحقق الثقافة الضعيفة تحقق إنجازاً ضعيفاً في الأجل الطويل أو إنجازاً عادياً في الأجل القصير .[37]
فالثقافة القوية هي تلك الثقافة التي يهتم فيها المديرون والقادة بالعملاء وأصحاب الأسهم وبالموظفين اهتماماً ملحوظا أما الثقافة الضعيفة فهي تلك الثقافة التي لا يهتم فيها المديرون إلا بأنفسهم او بالعمل المباشر أو بالتكنولوجيا ويعطون اهتماماً قليلاً بالناس والعملاء والملاك والموظفين.[38]
ويمكن الإشارة أيضاً إلى أن ثقافة المنظمة قوية في حالة كونها تنتشر وتحظى بالثقة والقبول من جميع أعضاء المنظمة الذين يشتركون في مجموعة متجانسة من القيم والمعتقدات والتقاليد والمعايير والافتراضات التي تحكم سلوكهم واتجاهاتهم داخل المنظمة .
اما الثقافة الضعيفة فهي التي لا يتم اعتناقها من أعضاء المنظمة و لا تحظى بالثقة والقبول الواسع من معظمهم وتفتقر المنظمة في هذه الحالة إلى التماسك المشترك بين العضاء بالقيم والمعتقدات وهنا سيجد اعضاء المنظمة صعوبة في التوافق والتوحد مع المنظمة او مع أهدافها وقيمها فتصبح المنظمة بلا ثقافة واضحة وعنا يمكن أن نطلق عليها أنها منظمة فوضوية
وباختصار فإن حضارة القوة تحقق ما يلي
1- التعبئة بالأهداف : حيث يتم توجيه الناس للأهداف المطلوب تحقيقها.
2- تحفيز العاملين :-
3- فالقناعات والقيم المشتركة تجعل العاملين مسرورين بالعمل في المنظمة ذات الثقافة القوية حيث يظهر الالتزام و افخلاص لأن العمل يصبح متعة في حد ذاته فالقيم والقناعات تصبح بمثابة قوى للالتزام الذاتي والرقابة الذاتية
اما المنظمة ذات الثقافة الضعيفة فأفرادها يسيرون في طرق مبهمة تؤدي إلى عدم قدرتهم على اتخاذ قرارات مناسبةوموائمة لقيمهم واتجاهاتهم.
وإلى جانب هذا التقسيم العريض للثقافة يميز العديد من الباحثين بين عدة أنماط من الثقافة باعتبار الطابع العام لها على النحو التالي:
- الثقافة البيروقراطية
وتحدد فيها السلطات والمسئوليات فالعمل يكون منظماً ويتم التنسيق بين الوحدات وتسلسل السلطة بشكل هرمي وتقوم على التحكم والالتزام.
- ثقافة القوة :
وهي قريبة من انمط الثقافة الأول ومن اهم سمات هذا لانوع من الثقافة النظام والاستقرار حيث أن القيادة عادلة وتوحد الجهود خلف القائد كما يقوم القائد بحماية التابعين المخلصين كما يتم تحفيز الأفراد عن طريق أسلوب الثواب والعقاب
الثقافة الإبداعية :
وتقوم بتوفير بيئة العمل التي تشجع وتساعد على الإبداع ويتصف أفرادها بالجراة والمخاطرة في اتخاذ القرارات ومواجهة التحديات
الثقافة المساندة :
ومن أهم سمات هذا النوع من الثقافة أن الإدارة تعامل العاملين معها بصفتهم الإنسانية وليسوا آلات ووتعاون الإدارة منع العاملين لأقصى درجة وتتميز بيئة العمل فيها بالصداقة والمساعدة بين العاملين فيسود جو الأسرة المتعاونة وتوفر المنظمة الثقة المساوة والتعاون
ثقافة العمليات
وينحصر اهتمام هذه الثقافة في طريقة إنجاز العمل وليس النتائج التي تتحقق فيتشر الحذر والحيطة بين الأفراد الذين يعملون على حماية أنفسهم والفرد الناجح في هذه المنظمة سكون الفرد الأكثر دقة وتنظيماً ويهتم بالتفاصيل في عمله
ثقافة المهمة
وتركز هذه الثقافة على تحقيق الأهداف وإنجاز العمل وتهتم بالنتائج وتحاول استخدام الموارد بطريقة مثالية من أجل تحقيق أفضل النتائج بأقل التكاليف
ثقافة الإنجاز
وتقترب سماته من سمات النوع السابق من الثقافة من حيث التركيز على الأهداف حيث أن العاملين يكون ةلديهم التزام مشترك وحماس قوي للوصول إلى الأهداف كما يمتاز هذا النوع من الثقافة بسيادة روح الفريق والتحسين المستمر والقدرة على التكيف السريع مع البيئة
ويعزز هذا النوع من الثقافة الرقابة الذاتية للعاملين ويوفر لهم حرية واسعة للعمل والمشاركة ويعمل الموظفون من خلال فريق العمل ولديهم قنوات اتصال مفتوحة افقياً وعمودياً.
ثقافة الدور
و ينصب تركيزها على نوع التخصص الوظيفي وبالتالي الأدوار الوصفية أكثر من الفرد وتهتم بالقواعد والأنظمة كما أنها توفر الأمن الوظيفي والاستمرارية وثبات الأداء
ويتسم هذا النوع من الثقافة بالالتزام باللوائح والقوانين كما أن الهياكل التنظيمية مصممة بأسلوب جيد كما يتم تحديد المسئوليات والسلطات بشكل دقيق
ويستند هذا النوع من الثقافة على افتراض أساسي مفاده أن الموظفين سيعملون بكفاءة وفعالية عندما تسند إليهم مهام واضحة وبسيطة ومحددة ويمك قياسها وتعتمد المنظمة في مثل هذا النوع من الثقافة على التسلسل الهرمي والتدرج الرئاسي.
الهوامش:
[1] متولي السيد متولي ، السلوك التنظيمي: المبادئ والمفاهيم ومجالات التطبيق ،( القاهرة: مكتبة عين شمس ، 2006).
[2] K.Rober & Kluckhon, Culture: A critical Review of the Concept and Definition, (Harvared, 1952)
[3] Tylor, E.B. Primitive culture, ( New York: Brentanson , 1924) p 1
[4] صالح هندي وآخرون، الثقافة الإسلامية ، (عمان: دار الفكر ، 2000).
[5] كلايد كلوكهون، الإنسان في المرآة :علاقة الأنثروبولوجي بالحياة المعاصرة، ترجمة شاكر مصطفى (بغداد المكتبة الأهلية ، 1964)ص.24.
[6] علوي طه الصافي ، تعريف الثقافة ومفهومها ، مجلة الفيصل ، العدد 243، (ديسمبر 1998- يناير 1999) ص. 7،8.
[7] ابن منظور، لسان العرب ، مادة ثقف ، الجزء الثالث.
[8] مالك بن نبي ، مشكلة الثقافة ، (بيروت:دار الفكر العربي،1971).
[9] سعيد إبراهيم عبد الواحد، مفهوم الثقافة WWW.Arabworldbooks.com
[10] مالك بن نبي ، مرجع سابق، .
[11] منصور بن ماجد بن سعود، بن عبدالعزيز ، الثقافة التنظيمية وعلاقتها بالسلوك القيادي في الإدارة المحلية بالمملكة العربية السعودية ، رسالة ماجستير غير منشورة ، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية ،2004
[12] عايدة سيد خطاب ، تحقيق التكيف بين الاستراتيجية والبيئة الثقافية للمنظمة : دراسة حالة بأحد المرافق الاقتصادية ، المجلة العلمية للاقتصاد والتجارة ، سبتمبر 1984، كلية التجارة بجامعة شمس ، القاهرة، ص.51-190
[13] متولي السيد، السلوك التنظيمي، مرجع سابق، ص. 535
[14] اتكسون فيليب، إدارة الجودة الشاملة ، التغيير الثقافي، الأساس الصحيح لإدارة الجودة الشاملة ، ج1 تعريب عبدالفتاح السيد النعماني ، (الجيزة: مركز الخبرات المهنية للإدارة بميك،1996).
[15] منصور بن ماجد، الثقافة التنظيمية ، مرجع سابق
http://www.noura-alras