نحن على يقين أن معظم قراءنا الأعزاء قد قرء وسمع عن أهمية العلاج غير الدوائي في الوقاية من أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم الشرياني التي يركز عليها الأطباء والباحثون هذه الأيام لكن هذه الخطوات الوقائية المهمة قد ذكرت في السنة النبوية الشريفة منذ ما يزيد عن 14 قرناً لذلك فإننا سوف نستعرض معكم إرشادات سيدنا محمد لصحابته للوقاية من أمراض القلب.
الاعتدال في الغذاء
عن ابن عمر رضي الله عنه قال : تجشأ رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " كف عنا جشاءك ، فإن أكثرهم شبعاً في الدنيا أطولهم جوعاً يوم القيامة " .
وروي عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( أول بلاء حدث في هذه الأمة بعد نبيها الشبعُ ، فإن القوم لما شبعت بطونهم سمنت أبدانهم ، فضعفت قلوبهم ، وجمحت شهواتهم ) .
وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من الإسراف أن تأكل كل ما اشتهيت ) . وعن اللجلاج رضي الله عنه قال : ( ما ملأت بطني طعاماً منذ أسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، آكل حسبي واشرب حسبي ، يعني قوتي ) .
وزاد أبي جحيفة رضي الله عنه قال : أكلت ثريدة من خبزتكم ، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فجعلت أتجشأ ، فقال : يا هذا كف عنا من جشائك ، فإن أكثر الناس شبعاً في الدنيا أكثرهم جوعاً يوم القيامة ) .
وزادوا : فما أكل أبو جحيفة ملء بطنه حتى فارق الدنيا ، كان إذا تغدى لا يتعشى ، وإذا تعشى لا يتغدى .
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( سيكون رجال من أمتي يأكلون ألوان الطعام ، ويشربون ألوان الشراب ويلبسون ألوان الثياب ، ويتشدقون في الكلام ، فأولئك شرار أمتي ) .
وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطنه ، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ، فإن كان لا محالة ، فثلث لطعامه وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه " .
ويقول عليه الصلاة والسلام :
( كلوا واشربوا ، وتصدقوا والبسوا من غير إسراف ولا مخيلة ) ، وقد لخص الله تعالى ذلك كله في آية واحدة . قال تعالى :
( كلوا وأشربوا ولا تسرفوا ) .
الحث على المشي إلى المساجد
إذا كانت الآراء العلمية من أمريكا وأوروبا تقول بأن على الإنسان أن يقوم بنشاط بدني كالمشي أو الجري أو السباحة لمدة 20-30 دقيقة من ثلاث إلى أربع مرات في الأسبوع ، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام قد حث – قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام – على المشي إلى المساجد . فالمسلم يمشي إلى المسجد في اليوم خمس مرات ، وقد يكون المسجد على بعد دقائق من البيت أو العمل . أليس في هذا رياضة للبدن ... ووقاية للقلب ؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من توضأ فأحسن الوضوء ، ثم خرج عامداً إلى الصلاة ، فإنه في صلاة ما كان يعمد إلى الصلاة ، وإنه يكتب له بإحدى خطوتيه حسنة ، ويمحي عنه بالأخرى سيئة ، فإذا سمع أحدكم الإقامة فلا يسع فإن أعظمكم أجراً أبعدكم داراً ) . قالوا : لم يا أبا هريرة ؟ قال : من أجل كثرة الخطا .
أليس في هذا تشجيع على المشي وكثرة الخطا إلى المساجد ؟
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح ) " متفق عليه " .
وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال :
كان رجل من الأنصار لا أعلم أحداً أبعد من المسجد منه وكانت لا تخطئه صلاة ، فقيل له : لو اشتريت حماراً لتركبه في الظلماء وفي الرمضاء ؟ قال : ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد ، إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وقد جمع الله لك ذلك كله " رواه مسلم " .
كيف كانت مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
يقول أبن القيم في كتابه " زاد المعاد " :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا مشى تكفأ تكفؤاً ، وكان أسرع الناس مشية ، وأحسنها وأسكنها .
قال أبو هريرة : ما رأيت شيئاً أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كأن الشمس تجري في وجهه ، وما رأيت أحداً في مشيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما الأرض تطوى له ، وأنا لنجهد أنفسنا وإنه لغير مكترث .
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشى تكفأ تكفؤاً كأنما ينحط من صبب ) .
وقال مرة : إذا مشى تقلع : قلت : والتقلع : الارتفاع عن الأرض بجملته ، كحال المنحط من الصبب ، وهي مشية أولي العزم والهمة والشجاعة . وهي أعدل المشيات وأروحها للأعضاء ، وأبعدها من مشية الهوج والمهانة والتماوت
الامتناع عن التدخين
أقر العديد من الفقهاء تحريم التدخين عملاً بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا ضرر ولا ضرار " . ولا شك أن في التدخين بجميع أنواعه الكثير من الأضرار التي تصيب القلب والرئتين وغيرها من الأعضاء .
مواجهة الضغوط النفسية
يقول الرسول عليه الصلاة والسلام :
" عجباً لأمر المؤمن ، إن أمره كله له خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر وكان خيراً له ، وإن أصابته ضراءُ صبر فكان خيراً له " .
وأوصى عليه الصلاة والسلام بتجنب الغضب . فقال عليه السلام حديثه المشهور حينما جاءه رجل يقول : أوصني يا رسول الله . قال : " لا تغضب " .
ووصف عليه الصلاة والسلام علاجاً للغضب فقال :
" إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع " .
والمسلم لا ييأس من رحمة الله . قال تعالى
( إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) " سورة يوسف الآية 87 " .
وقد ابتلى الله تعالى أنبياءه بالأحزان والمصائب ، فألقي إبراهيم في النار لولا أن تداركته رحمة الله ، وأوذي يوسف من أخوته وبيع بثمن بخس ، وابتلي أيوب عليه السلام بالمرض ، وقوبل محمد عليه الصلاة والسلام بالتكذيب والابتلاء وحاول المشركون قتله ، وصبر في كل الأمور .
والاعتقاد بالقدر يبعث في النفس الشجاعة والاطمئنان ، فالذي يعتقد أن الجل محدود والرزق مكفول والأمور بيد الله ، لا يخشى الفقر ولا يرهب الموت ، ولا يخاف أحداً من الناس لأن الله تعالى هو الذي قدر كل شيء .
قال تعالى :
( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير ، لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ) .
تناول الطعام الغني بالبوتاسيوم
يؤكد العلماء أن تناول طعام غني بالبوتاسيوم يفيد في خفض ضغط الدم المرتفع كما قد يقي من حدوث ارتفاع ضغط الدم ومن أكثر المواد الغذائية الغنية بالبوتاسيوم : التمر والنخالة . وفي التمر يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : من تصَّبح كل يوم بسبع تمرات عجوة ، لم يضره في ذلك اليوم سمٌ ولا سحر ويقول عليه السلام ( ياعائشة بيت لا تمر فيه جياع أهله ، ياعائشة بيت لا تمر فيه جياع أهله ، أو جاع أهله ، قالها مرتين أو ثلاثاً .
وقد جاء في صحيح البخاري : ( عن أبي حازم قال : سألت سهل بن سعد فقلت : هل أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم النقي َّ ؟ فقال سهل : ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم النقى من حين ابتعثه الله حتى قبضه الله . قال : فقلت هل كانت لكم في عهد رسول الله مناخل ؟ قال ما رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم منخلاً من حين ابتعثه الله حتى قبضه الله ) . فما أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبز الأبيض من حين ابتعثه الله تعالى حتى وفاته ، والخبز الأبيض كما نعلم هو المصنوع من دقيق أزيلت منه قشرة القمح ( النخالة )