في عالمنا الصغير المعاصر، بدأت مفاهيم التكنولوجية تحاصرنا من كل جانب، وتفرض علينا في كثير من الأحيان، الاعتماد عليها بشكل يثير جملة من المخاوف والآمال، التي قد ترافق أي جديد في حياتنا اليومية.
وفيما نخطو خطواتنا الأولى على طريق أتمتة (أو إدخال التقنية) في الكثير من أوجه نشاطاتنا اليومية، وأتمتة عمل الشركات والمؤسسات والدوائر الحكومية، يبرز التساؤل واسعاً أمام إمكانية استخدام التقنية في التربية والتعليم، وإقحام أطفالنا وأبنائنا منذ صغرهم في هذا العالم الواسع الرحب، الذي قد يجد الواحد منّا نفسه في يوم من الأيام، مرتبطاً به بدرجة لا يمكن الاستغناء عنه.
التساؤل الأكبر الذي قد يستنفر همم المتابعين والباحثين، هو موائمة الجديد العلمي لأفكار وقيم مجتمعاتنا، وقدرتنا على استيعاب ذلك، وإدخاله بطريقة سليمة في عقول أبناءنا وطلابنا في المدارس كلها.
لماذا التعليم الحاسوبي؟
التكنولوجية بمفهومها التقليدي، تعرف على أنها استعمال معارف عقلانية، سواء كانت علمية أو تقنية، من أجل الاستجابة للاحتياجات عن طريق خلق وتوزيع وتسيير المنافع والخدمات.
وترى أدبيات علم التطبيقات الحديثة أن التكنولوجيا مؤهلة للتحليل والتصور والتطور عن طريق الإنسان من حيث الوظائف والأشياء.
وينظر كثير من الباحثين والأخصائيين إلى تكنولوجيا الحاسب الآلي على أنها وسيلة مأمولة في تطوير قدرات الأجيال القادمة، من حيث سرعة اكتساب الخبرات، والقدرة على التطوير الذاتي، وتحفيز الثقة بالنفس، وإيجاد فرص عمل أوسع لهم، عبر مؤسسات عامة أو خاصة، أو حتى شخصية، قد تساعد كل شخص في التعمّق أكثر فيما يميل إليه.
تاريخ إدخال الحاسب الآلي في العملية التعليمية قديمة، ورغم دخولها مجتمعاتنا منذ فترة بسيطة، إلا أنها تعتبر من أساسيات التعامل التربوية في عدد من الدول المتطورة، التي أشبعت بالبحث والتحليل، وقدّمت للمدارس الحكومية والأهلية للاستفادة منها بشكل إيجابي قدر الإمكان.
ففي الولايات المتحدة، ودول أوروبية عديدة، وفي اليابان، يعتبر الحاسب الآلي شرطا أساسيا في التدريس، يأخذ بعدين منفصلين ومتكاملين، الأول: أنها مادة أساسية تدرّس للطلاب منذ المرحلة الابتدائية كعلم تطبيقي. والثانية: أنها وسيلة أساسية في تعلّم مقررات أخرى، كالكتابة والرياضيات وغيرها.
وقد استطاع الحاسب الآلي أن يجد له موطئ قدم في العملية التربوية والتعليمية في تلك الدول، بعد أن دخل في معظم أوجه النشاطات اليومية، وبات يشكّل ركناً أساسياً في عمل الشركات والمؤسسات، والأعمال اليومية الحياتية أيضاً.
تجارب سعودية:
هناك العديد من التجارب في المدارس الأهلية لتطبيق أتمتة التعليم، والتي انطلقت من حاجة المدارس إلى تطوير التعليم والارتقاء بالمستوى العلمي للطلاب.
وعادة ما تكون البرامج المطبقة في المدارس الأهلية، شبكة معلوماتية، تستخدم برامج إلكترونية متنوعة، تقوم على مبدأ التواصل ما بين المدرسات والطالبات. ويتم تطبيق هذا البرنامج من خلال معمل إلكتروني خاص في المدرسة، يتيح قدرة غير محدودة للتعامل ما بين الطالب والمدرس، حيث يستطيع المعلم أو المعلّمة أن يراقب ويتابع ويصحح ويوجه من خلال الحاسب الذي عنده، وحينما يشير المعلم أو المعلمة عبر شاشته إلى نافذة أو كلمة أو صورة ما، فإن أي طالب يستطيع مشاهدة إشاراته على شاشاته الخاصة التي أمامه. وبذلك لا يحتاج المعلم أو المعلّمة أن يقف أمام السبورة، أو يتنقّل بين الطلاب، فهو يتابع كل شيء أمامه على الشاشة.
وعبر هذا النظام، تستطيع المعلمة أن تشرح درسها، وتقوم بتطبيق الدروس، وتقيّم أداء الطالب، وتتابع سير الواجبات التي تقوم بها الطالبات.
سلبيات وإيجابيات:
دخلت علينا التكنولوجيا كأسلوب وطريقة تعامل جديدة في حياتنا، وقمنا بالاطلاع عليها، والتعامل معها، فدخلنا في سلبيات وإيجابيات كثيرة فيها. أما الجيل الجديد، فإنه نشأ على وجود هذه التكنولوجيا، لذلك بات وجودها شيئا ليس غريباً عليه، وليس منبهراً بها بالقدر الذي تبهرنا نحن، لذلك فإنه يتعامل معها بموضوعية، وقد دخلت في صميم حياته، ودخلت في التعليم والتربية وغيرها، وبات من الصعب عليه أن يستغني عنها.
لذلك فإن الأهل كثيراً ما يتفاعلون بشكل إيجابي مع التعليم التكنولوجي، ويبحثون عن المدارس التي تقدم هذا النوع من التعليم، للارتقاء بأبنائهم وتعليمهم التقنية منذ نعومة أظفارهم.
وبشكل عام، فإن الحاسب الآلي فيه إيجابيات كثيرة لا تحصى، وإذا ركزنا على هذه الإيجابيات في تعليمنا للطلاب منذ صغرهم، فأتوقع أن الطفل سيبدع في المستقبل ويستفيد من هذه التكنولوجيا في حياته بشكل كبير.
أما مسألة السلبيات، فيمكن تجنّب ذلك من خلال المتابعة الأسرية والمدرسية، والإشراف والتوجيه من قبل الآباء والمربين، وهذا كفيل بإذن الله بتجنيب الأطفال سلبيات التكنولوجيا، والتي كثيراً ما نراها من خلال التطبيق السيء لها، أو استغلالها للوصول إلى بيانات البعض بشكل غير شرعي، أو استغلالها بما يغضب الله عز وجل.
المصدر: علي الدخيل الله , لها أون لاين .
نشرت فى 19 فبراير 2011
بواسطة ahmedkordy
أحمد السيد كردي
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
30,867,676