وإذا كان هذا هو التفكّر بصورة عامّة، وان نتاج عملية التفكير ومحصلته العلمية يمكن أن نسميها (الفكر) فلنقف إذن عند قضية أساسية في حياة الأمّة الإسلامية وأجيالها المتعاقبة وفي حياة البشرية، وهي قضية (التفكير الإسلامي )و( الفكر الإسلامي ) وماذا نقصد بكل منهما:
أ _ التفكير الإسلامي:
وبناء على ما قدمنا من تعاريف للفكر والتفكر نأتي هنا فنعرّف التفكير الإسلامي، وبما انّ لكل عمل عقلي ونشاط فكري منهجه ومنطلقاته وأهدافه، وبما أنّنا قد فهمنا انّ التفكير حركة عقلية تبدأ من المعلوم لتنتهي إلى اكتشاف المجهول، فإذن انّ هذه الحركة العقلية إذا ما مارست دورها في مجال المعارف الإنسانية كالفلسفة والتشريع وعلم الأخلاق والتوحيد ونظريات الاقتصاد والسياسة والأدب وعلم النفس الاجتماعي وفلسفة التأريخ ... الخ، ستمارس عملها كالآتي:
1 ـ تنطلق من مبادئ ومقدّمات محدودة المعالم حسب المجال الفكري الذي تتحرّك فيه.
2 ـ تسير وفق منهج وطريقة معينة تتناسب ونظرة المفكّر وطريقته في التفكير.
3 ـ تنتهي إلى نتائج فكريّة محدودة الصفة والهوية.
فان كانت هذه العملية الفكرية تنطلق من منطلقات ومقدّمات فكرية إسلامية أو منسجمة مع الخط الإسلامي، وسارت وفق منهج تفكير اسلامي، واستهدفت تحصيل نتائج وفق هذه المقدمات وطريقة التفكير التي اعتمدتها، مستهدفة الحصول على نتائج فكرية ذات طابع وهوية
إسلامية، سيكون هذا التفكير تفكيراً إسلامياً. وأما إذا لم يجر التفكير وفق تلك المبادئ الإسلامية الثلاثة، فلن نصفه بأنّه تفكير إسلامي، لأنّه انطلق من مقدمات غير إسلامية، وتحرّك وفق منهج تفكير غير إسلامي، وانتهى بصورة حتمية إلى نتائج غير إسلامية.
وإذن نستطيع أن نعرّف التفكير الإسلامي بأنّه: " كل حركة عقلية تجري على أسس إسلامية مستهدفة تحصيل فكر إسلامي ملتزم".
ب ـ الفكر الإسلامي:
وبعد أن عرّفنا التفكير الإسلامي نستطيع أن نعرّف الفكر الإسلامي بأنّه:
(مجموعة العلوم والمعارف القائمة على أسس وموازين إسلامية).
وبهذا يكون الفكر الإسلامي: (هو الفكر الذي انتجه التفكير الإسلامي الملتزم بالأسس والموازين الإسلامية).
وهكذا ننتهي إلى نتيجة أساسية في مسألة تحديد هوية وصفة الفكر والثقافة والحضارة والمعرفة، ووصفها بأنّها إسلامية أو غير إسلامية، فليس كل ما أنتجه المسلمون يصح أن نصفه بأنّه إسلامي، إنّما يوصف الفكر الملتزم بالإسلام فقط بأنّه إسلامي، وتنطبق هذه الحقيقة على كل إنتاج فنّي وأدبي أيضاً كما انطبقت على كل إنتاج فكري. فلا نسمّي الإنتاج الأدبي بأنّه أدب إسلامي، إلاّ إذا كان أدباً ملتزماً بالقيم والموازين الإسلامية، وحاملاً طابع الإسلام وروحه.
وكذلك لا نسمّي كلّ فنّ ينتجه الفنّانون المسلمون فنّاً إسلامياً، إلاّ إذا كان فنّاً ملتزماً بالقيم والموازين الإسلامية ومعبّراً عنها. قال تعالى:
{ صبغة الله ومن أحسنُ من الله صبغةً ونحنُ الهُ عابدون} (البقرة/ 138).
نشرت فى 17 يناير 2011
بواسطة ahmedkordy
أحمد السيد كردي
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
30,878,202