قـواعـد الكـتابـة الجـيـدة
1- وضـوح الـعـنــوان و شـمـولـيتــه :- يـقـرأ الـكـتاب مـن عـنوانـه، فـعـنـوانـه دلـيل على موضوعـه، و تحـديد مـفرداتـه و مـتغـيراتـه . فـالعـنوان يجـب أن يـكـون :-
- دالآ على مـحـتويات (مـحـاور) البحـث و شـامـلآ لـها ، وأن يكـون ورودهـا في العـنوان بالـتـسـلسـل الذي ترد فيـه في الـمــتن , وفـي الـوقـت الـذي يجـب أن يغـطـي العـنوان جـوانـب مـوضـوع البحـث ، مـن الضـروري أن لا يضـم الـمـتن مـفردات لـم ترد في العـنوان .
- مـؤشـرا التخـصـص الـعـلمـي الـذي ينـتمـي إليه ، فـالكـثيـر مـن الـمـوضـوعـات الراهـنة تدرس مـن اكـثر مـن اخـتصـاص عـلمـي ، ومـن اكـثر مـن زاويـة و مـنهـج بحـثي . فالتنمية البشرية والإدارية والنفسية والبيـئيـة والمجتمعية والإقتصادية وغـيرهـا مـن مـوضـوعـات أصـبحـت مـشـتركـة و مـتداخـلـة الـتخـصـصـات .
- واضـحـا لـيشـد القارئ و يجـذبـه ، ويكـون حـافـزا لـلقـراءة والاطـلاع .
2- وضـوح حـدود الـبحــث و أبـعـاده :- البحث نشاط علمي من الضروري أن يدرس بشكل جيد قبل القيام به ، أي أن تتـبلـور فـكـرتـه والتخـطـيط له وبرمـجـة خـطواته وحساب كل الاحتمالات و التحسب لها . وجزء من عـملـية الـتخـطـيط ، تحـديد حـدود الـبحـث , فالحـدود الجـغـرافـيـة لـمنـطـقـة الـدراسـة يجـب أن ترسـم عـلـى خـارطـة ، مـع تحـديد دقـيق لأبعـاد الـمـوضـوع الـذي سـيدرس فـي هـذه الـمسـاحـة, وبتـأشـير أبعـاد الـمـوضـوع تسـهـل عـمـليـة تحـديد الـمـفـردات التـي سـتعـتمـد في الـدراسـة لـلـتحـليل و الـتفـسـيـر .
3- الاسـتيـعـاب الجـيـد لـمـوضـوع البـحـث :- من الصعب الكتابة عن موضوع لم يتم استيعاب مـخـتلف جوانبه ومعطياته ، وكلما كان الاستيعاب والإدراك جيدان سهلت عملية الكتابة وتتابعت وتناغمت مفرداتها ، وبالتالي كانت واضحة و مفهومة من القارئ , ومن المهم ملاحظة إن كـتابة الـبحوث الـعلـمية تخـتلـف عن الـكـتابات الأدبية وسـياقـاتها وأساليبها, إنها عرض منهجي لـنشاط فـكري قـام الـباحـث به لـيناقـش آراءه وأفكاره و يـستـعرض ما توصـل إليه من نتـائج عـنـد تقـصـيه عن حـقـيقـة مـعـينـة أو الإجابة عن تـساؤل مـحـدد ، مـع السـعـي لاقـناع القارئ بالنتائج والآراء و الأفكار الواردة فيه . فالـباحـث لا يكـتب لـنفـسـه ، إذا كان الأمر كـذلـك ، فـلـماذا ينـشـره و يطـلب من الآخـرين تقـيمـه ؟ و بـديهـي لا يمـكن إقناع الآخرين مـا لـم يكـن الباحـث مـستـوعـبا و مـقـتنـعـا بالـموضـوع قـيد البحـث ، ومـا لـم يكـن واضـحـا وأمينا وصادقا في طروحاته .
ومن اجـل أن يكـون الاسـتيـعاب وافـيا ، على الباحث أن يجمع معلومات كافية عن منطقة دراسته بوجـهـيها الـمكاني و الـموضوعي ، وان لا يتحـدد بمـيدان تخـصـصـه فقـط ، ولكـن بعـد أن يسـتوعـبه جـيدا كـي لا يقـع في الـمـتاهـة الفـكـريـة و يبـتعـد عـن فـلسـفـه تخصصه الأكاديمي . واسـتيعاب موضوع الـبحـث و الـمعـرفة الـدقـيقـة بـمـنطـقة الـدراسة يساعـدان الـباحـث على امـتلاك نظرة ثاقـبة لـنقـد الأفكار و الآراء ، ويوفـران الأرضية الصلبة التي يسـتنـد علـيها لاخـتيـار مـتغـيرات الـدراسـة ، و بالـنهاية ، تساعده في تفـسيـر الـنتـائـج ، الـتفـسـيـر الـذي يمـيـز الـبحـث عـن الـتقـاريـر الـمـسـحـيـة .
4- ســلاســة الأســلـوب : - ولكي تكون الأفكار والآراء و النتائج التي يعرضها الباحـث مفهومة من القارئ ، من الضروري تقديمها بأسلوب سهل واضح . ولـتحـقيـق هـذا من الضـروري :-
- أن تعـرف الـمصـطـلحات و الـمفاهـيم و تـحـدد بدقة .
- أن تكون مـوحدة في معناها و مغزاها في عـموم الـمتن .
- إن تـفـسـر الجـمل نـفـسـها دون إثارة شكوك أو حـيرة أو نقـص في التعبير والمعنى .
- إن تتـسـلسـل الأفكار و تـترابط دون تكرار أو قطع .
- إن يتـجـنب الـباحـث الإطناب الـممـل ، و الإيجاز الـمتـعـب .
عـنوان البحث هو مفتاح ودعوة لـلـقراءة ، والأسلوب هو الطريق الذي تنقل عبره الأفكار والـنتاجـات الـفكرية , فإذا كان هذا الطريق غـير مـعـبد وكـثير الـمنـعـطـفات و الـمنـحـدرات والـتوقفات غير الضـرورية ، حـينها لا يطرقـه إلا القلة ، وبهذا تتـدنى الفائدة من البحث و نتائجه ، وبالتالي من جهد الباحث , فالكلام هو تفكير مسموع ، والبحث هو تفكير مكتوب ، وأسلوب الكلام و الـكـتابة يعكسان شخصية الكاتب وثقافته , والأسلوب الـسـلـس السـهل يشـوق القارئ و يدفـعـه لـمـتابعة الـنتاجات الأخرى لـكاتب .
5- الإسناد الـعـلـمـي :- لا يبـدأ الباحث دراسته من الصـفر ، فأي موضوع قد تم بحثه ومناقشته بصورة مباشرة وغير مباشرة ، وهناك إشارات عن جوانب الموضوع و معطياته في مختلف المصادر, وحتى في الـمـسوحات الـمـيدانية الصرفة هناك من قام بدراسة مماثلة أو قريبة في مكان أو زمان آخر , وقد توصل البعض إلى نتائج قد تكون مغايرة أو قريبة أو شبيهة . فالعالم صغير ولا يعيش الإنسان في فراغ ، بل في بحر تتلاطم أمواجه الفكرية ، وتتبادل ميادينه المخـتلفة الخـبرة و الـتقـنيات و الـنتائج ، لذا فإنها تشترك في اكثر من جانب وفي العديد من المعطيات , فجـميع العلوم معنية بالإنسان و البيـئة التي يعـيش فيـها و ينشط ، أي إنها تشـترك في المكان و الموضوع و الهدف ، ولكن ، لكل واحد زاوية نظـر مختلفة بعض الشيء , وتفيد العودة إلى الدراسات ذات العلاقة في توسيع أفق الباحـث و ترسخ السياقات العلمية لديه، وتوضح ما قد يشوبه الغموض و الـلـبـس .
وعلى ضـوء الدراسات ذات العلاقة يتم :-
(1) تحـديد منطقة الدراسة بصورة موضوعية .
(2) اخـتيار المفردات و المتغيرات التي ستعتمد في الدراسة .
(3) انتـقاء الـتقـنيات الـمناسـبة لـلـتحـلـيل و العرض.
(4) إسناد النتائج التي يتوصل إليها الباحث مما يدعم صواب عـمـلـه .
(5) تفـنيـد بعض الآراء و الـنتائج التي توصل إليها باحـثون آخرون .
(6) توضيح أثر العوامل الأخرى : الزمن في الدراسات الـتتـبعـيـة ، خـصوصـية الـمكان في الـدراسات الـمقارنة ، وهـكـذا .
ومن أجل أن يكون الإسناد صـحـيـحـا ، ومـؤديا الهـدف ، من الضـروري :-
(أ) التعريف بأفكار الآخرين كما هي دون اجـتزاء أو انتـقـاء ذاتـي.
(ب) الإشارة إلى المصدر الذي أخـذت منه الأفكار و الآراء و الـنتائج .
(ج) ذكر نتاجات الآخرين دون حـجـبها وحـيثما يكون ذلك ضروريا و مناسبا في المتن .
والإسناد العلمي يغني البحث ويعزز قـيمته ، ويعـكـس اطـلاع الباحـث وسـعـة أفـقه . انه العـصـا التي يتـوكأ عليها الباحـث في الصـعاب ويؤشـر بها على الـبارز من نتائج دراسته ليؤكـد صـواب عـمـلـه دون الـتبـجـح بأنه سـباق إليه . انـه أمـانـة عـلـمـيـة .
6- تمـاسـك عـناصـر البحـث و تـرابـطـهـا :- يتكون كل بحث من مجموعة من الـعـناصر (الأركان) التي يستند عليها ، وتمثل محاورا أساسية يدور حولها الـتقـصي . وهـذه الـعناصر (الأركان ، المحاور) تكمل بعضها وترتبط مع بعض بعلاقات وظيفية و / أو سـببـية . وفقـدان أحدها يؤثر سلبا على البحث و نتائجه . فموضوع الـبحث هو نظام ثانوي اشـتـقاقـي مـفـتوح ABSTRACTED OPEN SUB-SYSTEM ، أي بالإضافة إلى تفاعل عناصره مع بعضها فانه مفتوح لتأثير العوامل و العناصر الأخرى من النظام الأكبر الذي اشتق منه النظام الثانوي .وبالكتابة وفق هذا المنظور، يكون البحث كعملية بناء هيكل يعتمد كل جزء فيه على وجود الأجزاء الأخرى و يكملها, و فقدان أي منها يترك الهيكل ناقصا بشكل جلي ، فـمـفردات الـفصل مـتكاملة مع بعضها، والـفصول تكمل بعضها وترتبط ببعضها بسلسلة ذهـنية ، موضوعية، منـهجـية، مـفاهـيمـية موحـدة, يتـمثـل الـسـر بكـلمـتي : الـتخـطـيط والصـياغـة ، تخطيط وبرمجة إجراءات البحث ، وصياغة الجـمل الـمعـبرة عن هـذا الـمـعـمـار الـفـكـري .
7- تنـاسـب طـريـقـة التحـليـل :- تصـنف البيانات حسب نوعها إلى : أسمية ، تراتبية ، و الفاصلة ، وتصنف الطرائق الإحصائية حسب عدد المتغيرات التي تتعامل معها ، وحـسـب طـبيـعـتها ، وصـفـية و تحـليـليـة . وقد أسـيء إلى الإحصاء ، كطرائق في التحليل من قبل الكـثير لعدم أخذهم بمتطلبات كل طريقة من بيانات و خصائص . إضافة إلى هـذا ، فان البعض لـم ينظـر إلى تناسـب الطـريقـة مـع هـدف الدراسـة , المـحـصـلـة الحـتمـية نتائج مـضـلـلـة, فـلـلـحصـول على نتائج صـحـيحـة يجـب أن يكـون هـناك توافق بيـن الـمـدخـلات (البيانات من حيث الدقة والـتـناسـب) و صـندوق الـتحـليـل (طـريقة الـمعالجة) ، وحـينها فقـط تكـون الـمخرجـات صـحـيحـة يعـتـد بـها .
ولا يعتمد اختيار الطريقة التحليلية المناسبة على طبيعة البيانات المتوافرة فقط ، بل وعلى هدف البحث و الـعـمـق (الـبـعد) الذي يطمح الباحث إن يغوص إليه . إن اتخاذ القرار بشأن نوعية طريقة التحليل ليس سـهـلآ ، ولكنه يكون كذلـك عندما يطلع الباحث على كتابات الآخرين في موضوع دراسته ، وعندما يكون قد تدرب جيدا على استخدام الطرائق التحليلية المتنوعة . و الاسـتشـارة هنا ضـروريـة لضـمان صـحـة النتائج .
8- تـفـسـير الـنتـائـج :- لا يمكن ترك النتائج و الأرقام دون تعليق أو تفسير, فالمسـح الميداني يمكن إن يقوم به أي شخص ، و التحليل الإحصائي قد يساعد به شخص مختص به، ولكن تفسير النتائج أمـر مـرهـون باسـتيعـاب وهـضـم فـلـسـفـة الاخـتصـاص, إنها الـمـحـك الـذي لا يـدانيـه شـيء , فإجراءات البحـث، بمـعـظـمـهـا ، يمـكـن أن يقـوم بـها أي شـخـص يـوجـه لـلـقيام بـها إلا التفـسـير فانـه الـوحـيد الـذي ينـقـل (الــكتابـة) مـن حـالـة الـتقـريـر report إلى البحـث research .
ويعتمد تفسير النتائج بصورة صحيحة ، أو مـقـبولـة عـلـى :-
(أ) اسـتيـعاب الباحث لفلسفة اختصاصه ، فالكثير من الموضوعات متداخلة لاشتراكها في المجال و التقنيات. ولكل اختصاص علمي نظرياته و معطياته التي يميز نفسه بها .
(ب) الاطلاع على الدراسات العلمية ذات العلاقة واعتمادها في إسناد النتائج .
(ج) المعرفة التفصيلية بمنطقة الدراسة و مجتمعها (مجتمع الدراسة) وموضوع البحث .
9- تجـسـيد الخـلاصـة لـمفـردات البحـث و نتـائجـه :- يعـمـد البعـض إلى ذكر كل ما يعتقده صحيحا في خلاصة البحث سواء أكان ذلك واردا في المتن أم لا , وهـذا خـطـأ فادح ، فالخلاصة هي خلاصة ما جاء في متن البحث من مفردات و منهج و مشاكل و نتائج. كذلك الأمر عند كتابة المقترحات و التوصيات ، والتي يجب إن يكون لها أساس (مصدر) في متن البحث , في الغالب ونتيجـة ضـغـط الحـياة وكثافة العمل فان العديد يقرأ الخلاصة ليرى تناسب البحث مع احتياجاته , فإذا كان المتن مغايرا لما في الخلاصة عـندهـا تكـون صورة الـكاتـب وأمانته في موضع لا يرضاه لنفسه ، ولكنه هو السبب في ذلك .
10- الـمـصـادر و الـمـراجــع :- لكل بحث مـصـادر و مـراجـع ، وذكـرهـا بأمانة و صـيغـة صـحـيحـة يعـزز صـورة الباحـث و يجـمـلـها . فالكـثيـرون ، وبعـد الإعجاب بالعـنوان ، و بعـد الاطـلاع على الخـلاصـة يراجـع صـفحـة المـصـادر لـتكـون الفـصـل في قـراره فـي إدراج البحـث ضـمـن قراءاتـه أم لا , ولـلـمـصـادر دور بارز في تقـييـم البحـث و درجـة الاعـتـمـاد عـلـى نتـائجـه والإشارة إليها .
وبـعـد فإن رسـم ملامح الشخصية بالكلمـات لـيـس أمرا سـهـلآ , فهـذه أبـرز قواعد ومـعـاييـر الكتابة ، فـمـن أراد لنـفـسـة مـعـرفـة مـشـرفـة فـلـيجـهـد نفـسـه و يعـتمـدهـا لـتكـون صـورتـه زاهـيـة وضــاءة بيـن الكـثيـر مـن الصـور غـير الـواضـحـة الـمـعـالـم .
<!--[if gte mso 10]> <mce:style><! /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} > <! [endif] ></p> <p>الكتابة العلمية وسبل تقويمها</p> <p style="text-align: center;" mce_style="text-align: center;">المقدمة</p> <p style="text-align: justify;" mce_style="text-align: justify;"> من جملة المشاكل التي تواجهها الدراسات العليا في العراق مشكلة كتابة الرسائل <br /> و الاطاريح ، وهي مشكلة معقدة متعددة الأوجه و المعطيات . فهي تتعلق بنوعية ما يكتب <br /> ومادته و كمه ، و أسلوبه . وليس الهدف من هذا المطبوع تقييم الأساليب المتبعة في الكتابة ، ولا الأسباب الكامنة وراء ترديها ، بل إنها محاولة لعرض وجهة نظر لتحسين أساليب الكتابة ورفع مستواها بما يتناسب مع العمل الأكاديمي .</p> <p style="text-align: justify;" mce_style="text-align: justify;"> والأسلوب مسألة "شخصية" ، بمعنى إنها ترتبط بشخصية الكاتب من حيث قدرته على التعبير عن أفكاره وآراءه ، وإمكاناته الذاتية في شد القارئ و إقناعه بما يطرحه عليه . وقد يمتلك البعض قدرة فطرية للكتابة بأسلوب مميز ، وهم قلة ، و الأكثرية اكتسبوها من المدرسة وطوروها من خلال الممارسة العملية . ولذلك فللنظام التعليمي و طرائق التدريس دورها في تنمية بذور الكتابة عند طلبتنا ، من المرحلة الابتدائية وحتى الجامعية .</p> <p style="text-align: justify;" mce_style="text-align: justify;"> فمادة الإنشاء (التعبير) (في المرحلتين الابتدائية والثانوية) مهمة جدا لتنمية قابلية الطلبة للتعبير عن ما يجول في خواطرهم من أفكار و مقولات ، وكذا مادة القراءة والقراءة الخارجية وأهميتهما في توسيع آفاق الطلبة واطلاعهم على أساليب و طروحات منوعة . هذا في مادة اللغة، تكملها التكليفات الدراسية الخارجية في المواد العلمية الأخرى ، والتي اختفت من قاموس المعلمين والمدرسين ، وحتى تدريسي الجامعة . بعبارة أخرى ، هناك نقص هائل في التأهيل في الكتابة ، وهذا ما نحصد نتائجه الآن .</p> <p style="text-align: justify;" mce_style="text-align: justify;"> فبعض طلبة الدراسات العليا يعمل بجد ومثابرة ودراية حقيقية بالموضوع الذي يبحث فيه ، ولكنه يفتقد قدرة التعبير عن ما توصل إليه بشكل سلس و متناغم و متكامل و مفهوم من قبل الآخرين . وقد يعرض نتائج عمله بشكل غير واضح وغير دقيق ، مما ينعكس على تقيمه علميا . انهم ضحية نظام تعليمي غير ناجح ، ولكن لا ينفي هذا مسئولياتهم في رفع مستوى كتاباتهم <br /> و تطوير قدراتهم في الكتابة ، فهم يعرضون شخصياتهم من خلال ما يكتبوه .</p> <p style="text-align: justify;" mce_style="text-align: justify;"> في هذا المطبوع أقدم مقترحات للمعالجة في جانبين : أسلوب الكتابة و الإشارة الصحيحة إلى المراجع العلمية (الأجنبية على وجه الخصوص) . ولا اعتقد ان هناك فروقا جوهرية في مسألة الإشارة المرجعية بين اللغات ، فالمنهج العلمي واحد ، والاختلاف في التعبير عنه بكلمات تعود إلى لغات مختلفة . فكلنا نعرف ابن خرداذبة والمقدسي ، وهذه كنيتيهما ، ولكن ما اسميهما فمعظمنا يجهل ذلك .</p> <p style="text-align: justify;" mce_style="text-align: justify;"> الجزء الأول من المطبوع يتعلق بأسلوب الكتابة ، وقد نشر في مجلة "الآفاق" الصادرة عن جامعة الزرقاء في الأردن قبيل عقد من الزمان . أما الجزء الثاني فهو ترجمة بتصرف لدليل صادر عن قسم الجغرافيا في جامعة نيوكاسل يدل الطلبة على الأسلوب السليم للإشارة إلى المراجع والمصادر . وتتوفر في شعبة الدراسات العليا في معظم جامعاتنا تعليمات خاصة بكتابة الرسائل الجامعية ، (من حيث الإخراج الفني) وهي مكملة وليست متعارضة مع ما يرد هنا . ولا ننس ان كتب مناهج البحث العلمي تتعرض بالتفصيل و بعمق لجوانب تفوق هذا المطبوع . الهدف هنا هو التذكير و التحفيز لكتابة سليمة معبرة عن شخصية كاتبها .</p> <p><br style="page-break-before: always;" mce_style="page-break-before: always;" /></p> <p>قـواعــد الكتابة السليمة</p> <p style="text-align: justify;" mce_style="text-align: justify;"> تكـتب الـبحوث لـتـقرأ وتقوم من قـبل الآخـرين ، وقـد عـرف الـكـثيـر من الأشخاص من خلال كـتاباتـهم دون الـلقاءات الـشخـصـية الـمـباشـرة معهم . فـالـكـتابة وسـيلة لـتبادل الآراء <br /> و الأفكار و الـمـشاعـر . إنها بـطاقـة تـعـريـف شـخـصـية يـقـدمـها الـكاتـب لـيتـعرف عـليه الآخـرون ، ولـينـقل لهم بعض إرهاصاته الـفـكرية و / أو الـنفـسية . إنها صورته الـتي رسـمها بنـفـسه والـتي يريـد الآخـرين أن ينـظـروا إليه من خـلالـها . فـالـكاتـب يـرسـم صورته الشخصية بالـكلـمات ، يحـدد ملامح شـخـصـيتـه الـفـكرية ، ويعرض قـدرته على الـتعـبيـر عـن أفـكاره وآراءه ، وقـابـلــيتـه على الـتشـخـيص و الـتحـلـيل ، ومـنطـقه في الـتفـسيـر و الـتعـلـيل ، وفوق كل هـذا ، مـنهـجـية تفـكـيره ودقـته و أمـانـتـه و جـلـده ومـثابرته لـلوصـول إلى الحـقـيقـة . لهـذا السـبـب يجـهـد الـباحـثون أنفسهم لـيقـدمـوا افـضـل مـا لـديهم وبأبهى صورة مـمـكـنة . فـالـبحـث مـرآة تعـكـس صـورة كاتـبـها ، هـويـة فـكـريـة مـقـروءة .</p> <p style="text-align: justify;" mce_style="text-align: justify;"> وفي الـكـثيـر من الأحيان يـعـثر عـلى مـوضوع دون الإشارة إلى كاتـبه ، ومن خـلال الأسلوب ، والـمنـهجـية ، والأفكار ، والـتقـنيـات الـمعـتمـدة ، ومـوضـوع الـكـتابة يعـرف الـكاتــب ، كما و تعـرف عائدية الـمـوضـوع مـن خـلال شـخـصـية الـكاتـب . و الـيـس هـذه مـن الأساليب الـمـتبـعـة فـي الـتحـقـق مـن مـرجـعـيـة الـوثائـق الـتأريـخـيـة ؟ وبمراجعة نتـاجـات شـخـص ما حـسـب تـسـلـسـل كـتابتـها زمـنيا يمكن تأشـير مـسـار تطور شـخـصـيتـه الـفـكرية</p> <p style="text-align: justify;" mce_style="text-align: justify;">و الـنفـسـية و تحـديد الـمـنـعـطـفـات في حـياتـه .</p> <p style="text-align: justify;" mce_style="text-align: justify;"> تنـتـقل هـذه الهـويـة إلى مـسـافـات بـعـيدة زمـانيـا و مـكانـيا . فـجـمـيعـنا يعـرف عــنتـرة بن شـداد ويتـمـعـن بمـلامـح شـخـصـيتـه و أفـكاره رغـم مـضـي قـرابة ألفي عـام على وفـاتـه . كـذلـك الحـال مـع الادريـسـي وابـن خـرداذبـة و ابن الـهـيثـم وغـيرهـم . وكـثيـر من الأفكار عـاشـت في بطـون الكـتـب لـتبـعـث مـن بعـد لـيـعـيـش كاتبــها في غـير زمـانـه ، كما هـو حـال الخـوارزمـيات و اسـتخـدامـهـا في الحـاسـبات و غـيرهـا . فـكـيـف الحـال و الـنشـر أصـبح مـيسـورا ، وسـريع الانتـشـار فـي زمـن الانتـرنيـت؟ ونتـيجـة تـراكـم الخـبرة في مـيـدان الـبحوث و الـدراسات وفي مـخـتـلـف الـتخـصصات الـعـلـميـة فـقـد حـددت قواعد و معـاييـر تـعـتمـد لـتقويـم الـبحـوث ، وهـي ذاتـها الـتي يسـتنـير بها الـباحـثون لـيرسـمـوا الـصور الـتي تمـثـلـهـم .</p> <p style="text-align: center;" mce_style="text-align: center;">لـمـاذا قـواعـد و أسـس ؟</p> <p style="text-align: justify;" mce_style="text-align: justify;"> تسـاعـد الأسـس الـتي تطـرح هـنا الـباحـثيـن الـشـباب لـيحـسـنـوا رسـم (صـورهـم) قـبل نشـرهـا ، و لـتكـون عـونـا لـمـن بيـده مـيزان تـقـويـم نتـاجـات الآخـريـن لأنهـا مـعـاييـر الـقيـاس و الـتقـويـم الـعـلمـي، بـعـيـدا عـن الـمـزاجـيـة والـمـواقـف الشـخـصـيـة الـتـي يجـب أن لا يتـصـف بـهـا رجـال الـعـلـم . وتتـأتـى ضـرورة هـذه الـمـعـاييـر مـن الكـم الـهائـل من الكـتابـات الـتي تضـم الـغـث و الـسـميـن ، ومـن سـيادة مـبدأ اتـبـع مـنهـج كاتـب سـابق بـغـض النـظـر عـن درجـة صـوابـه و تـكامـلـه طـالـما أجـيـز لـلـنشـر أو لـلـحـصـول عـلـى درجـة عـلمـيـة . فـغـياب الـمـعـاييـر وسيادة الـتقـويمـات الـذاتيـة أدى إلى تراجـع مـسـتوى النـتاج الـفـكـري الجـيـد أمـام الـكـم الهـائل الـمـنشـور مـن الـكـتابات غـير الجـيـدة .</p> <h4 dir="rtl">قـواعـد الكـتابـة الجـيـدة</h4> <p><strong>1 - وضـوح الـعـنــوان و شـمـولـيتــه ،</strong></p> <p> يـقـرأ الـكـتاب مـن عـنوانـه ، كـما يـقـال ، فـعـنـوانـه دلـيل على موضوعـه ، والأخير يحـدد مـفرداتـه و مـتغـيراتـه . فـالعـنوان يجـب أن يـكـون :-</p> <p style="margin-right: 19.3pt; text-indent: -18pt;" mce_style="margin-right: 19.3pt; text-indent: -18pt;">(أ) دالآ على مـحـتويات (مـحـاور) البحـث و شـامـلآ لـها ، وأن يكـون ورودهـا في العـنوان بالـتـسـلسـل الذي ترد فيـه في الـمــتن . وفـي الـوقـت الـذي يجـب أن يغـطـي العـنوان جـوانـب مـوضـوع البحـث ، مـن الضـروري أن لا يضـم الـمـتن مـفردات لـم ترد في العـنوان .</p> <p style="margin-right: 19.3pt; text-indent: -18pt;" mce_style="margin-right: 19.3pt; text-indent: -18pt;">(ب) مـؤشـرا التخـصـص الـعـلمـي الـذي ينـتمـي إليه ، فـالكـثيـر مـن الـمـوضـوعـات الراهـنة تدرس مـن اكـثر مـن اخـتصـاص عـلمـي ، ومـن اكـثر مـن زاويـة و مـنهـج بحـثي . فالمـدينـة <br /> و السـكـن و البيـئـة و الجـريمـة ، و التخـطـيط وغـيرهـا مـن مـوضـوعـات أصـبحـت مـشـتركـة و مـتداخـلـة الـتخـصـصـات .</p> <p style="margin-right: 19.3pt; text-indent: -18pt;" mce_style="margin-right: 19.3pt; text-indent: -18pt;">(ج) واضـحـا لـيشـد القارئ و يجـذبـه ، ويكـون حـافـزا لـلقـراءة والاطـلاع .</p> <p><strong>2 - وضـوح حـدود الـبحــث و أبـعـاده ،</strong></p> <p style="text-align: justify;" mce_style="text-align: justify;"> البحث نشاط علمي من الضروري أن يدرس بشكل جيد قبل القيام به ، أي أن تتـبلـور فـكـرتـه و التخـطـيط له و برمـجـة خـطواته وحساب كل الاحتمالات و التحسب لها . وجزء من عـملـية الـتخـطـيط ، تحـديد حـدود الـبحـث . فالحـدود الجـغـرافـيـة لـمنـطـقـة الـدراسـة يجـب أن ترسـم عـلـى خـارطـة ، مـع تحـديد دقـيق لأبعـاد الـمـوضـوع الـذي سـيدرس فـي هـذه الـمسـاحـة . وبتـأشـير أبعـاد الـمـوضـوع تسـهـل عـمـليـة تحـديد الـمـفـردات التـي سـتعـتمـد في الـدراسـة لـلـتحـليل و الـتفـسـيـر .</p> <p><strong>3 - الاسـتيـعـاب الجـيـد لـمـوضـوع البـحـث ، </strong></p> <p style="text-align: justify;" mce_style="text-align: justify;"> من الصعب الكتابة عن موضوع لم يتم استيعاب مـخـتلف جوانبه و معطياته ، وكلما كان الاستيعاب و الإدراك جيدان سهلت عملية الكتابة وتتابعت وتناغمت مفرداتها ، وبالتالي كانت واضحة و مفهومة من القارئ . ومن المهم ملاحظة إن كـتابة الـبحوث الـعلـمية تخـتلـف عن الـكـتابات الأدبية و سـياقـاتها و أساليبها . إنها عرض منهجي لـنشاط فـكري قـام الـباحـث به لـيناقـش آراءه وأفكاره و يـستـعرض ما توصـل إليه من نتـائج عـنـد تقـصـيه عن حـقـيقـة مـعـينـة أو الإجابة عن تـساؤل مـحـدد ، مـع السـعـي لاقـناع القارئ بالنتائج والآراء و الأفكار الواردة فيه . فالـباحـث لا يكـتب لـنفـسـه ، إذا كان الأمر كـذلـك ، فـلـماذا ينـشـره و يطـلب من الآخـرين تقـيمـه ؟ و بـديهـي لا يمـكن إقناع الآخرين مـا لـم يكـن الباحـث مـستـوعـبا و مـقـتنـعـا بالـموضـوع قـيد البحـث ، ومـا لـم يكـن واضـحـا وأمينا وصادقا في طروحاته .</p> <p style="text-align: justify;" mce_style="text-align: justify;"> ومن اجـل أن يكـون الاسـتيـعاب وافـيا ، على الباحث أن يجمع معلومات كافية عن منطقة دراسته بوجـهـيها الـمكاني و الـموضوعي ، وان لا يتحـدد بمـيدان تخـصـصـه فقـط ، ولكـن بعـد أن يسـتوعـبه جـيدا كـي لا يقـع في الـمـتاهـة الفـكـريـة و يبـتعـد عـن فـلسـفـه تخصصه الأكاديمي . واسـتيعاب موضوع الـبحـث و الـمعـرفة الـدقـيقـة بـمـنطـقة الـدراسة يساعـدان الـباحـث على امـتلاك نظرة ثاقـبة لـنقـد الأفكار و الآراء ، ويوفـران الأرضية الصلبة التي يسـتنـد علـيها لاخـتيـار مـتغـيرات الـدراسـة ، و بالـنهاية ، تساعده في تفـسيـر الـنتـائـج ، الـتفـسـيـر الـذي يمـيـز الـبحـث عـن الـتقـاريـر الـمـسـحـيـة .</p> <p><strong>4 - ســلاســة الأســلـوب ،</strong></p> <p style="text-align: right;" mce_style="text-align: right;"> ولكي تكون الأفكار والآراء و النتائج التي يعرضها الباحـث مفهومة من القارئ ، من الضروري تقديمها بأسلوب سهل واضح . ولـتحـقيـق هـذا ، من الضـروري :-</p> <p>(أ) أن تعـرف الـمصـطـلحات و الـمفاهـيم و تـحـدد بدقة ،</p> <p>(ب) أن تكون مـوحدة في معناها و مغزاها في عـموم الـمتن ،</p> <p>(ج) إن تـفـسـر الجـمل نـفـسـها دون إثارة شكوك أو حـيرة أو نقـص في التعبير والمعنى ،</p> <p>(د) إن تتـسـلسـل الأفكار و تـترابط دون تكرار أو قطع ، و</p> <p>(هـ) إن يتـجـنب الـباحـث الإطناب الـممـل ، و الإيجاز الـمتـعـب .</p> <p style="text-align: justify;" mce_style="text-align: justify;"> عـنوان البحث هو مفتاح و دعوة لـلـقراءة ، و الأسلوب هو الطريق الذي تنقل عبره الأفكار و الـنتاجـات الـفكرية , فإذا كان هذا الطريق غـير مـعـبد وكـثير الـمنـعـطـفات <br /> و الـمنـحـدرات و الـتوقفات غير الضـرورية ، حـينها لا يطرقـه إلا القلة ، وبهذا تتـدنى الفائدة من البحث و نتائجه ، وبالتالي من جهد الباحث . فالكلام هو تفكير مسموع ، والبحث هو تفكير مكتوب ، وأسلوب الكلام و الـكـتابة يعكسان شخصية الكاتب وثقافته . والأسلوب الـسـلـس السـهل يشـوق القارئ و يدفـعـه لـمـتابعة الـنتاجات الأخرىلـكاتب .</p> <p><strong>5 - الإسناد الـعـلـمـي ،</strong></p> <p style="text-align: justify;" mce_style="text-align: justify;"> لا يبـدأ الباحث دراسته من الصـفر ، فأي موضوع قد تم بحثه و مناقشته بصورة مباشرة وغير مباشرة ، وهناك إشارات عن جوانب الموضوع و معطياته في مختلف المصادر . وحتى في الـمـسوحات الـمـيدانية الصرفة هناك من قام بدراسة مماثلة أو قريبة في مكان و / أو زمان آخر . وقد توصل البعض إلى نتائج قد تكون مغايرة أو قريبة أو شبيهة . فالعالم صغير ولا يعيش الإنسان في فراغ ، بل في بحر تتلاطم أمواجه الفكرية ، وتتبادل ميادينه المخـتلفة الخـبرة <br /> و الـتقـنيات و الـنتائج ، لذا فإنها تشترك في اكثر من جانب وفي العديد من المعطيات . فجـميع العلوم معنية بالإنسان و البيـئة التي يعـيش فيـها و ينشط ، أي إنها تشـترك في المكان <br /> و الموضوع و الهدف ، ولكن ، لكل واحد زاوية نظـر مختلفة بعض الشيء .</p> <p> تفيد العودة إلى الدراسات ذات العلاقة (المسح الأدبي) في توسيع أفق الباحـث و ترسخ السياقات العلمية لديه ، وتوضح ما قد يشوبه الغموض و الـلـبـس . وعلى ضـوء الدراسات ذات العلاقة يتم :-</p> <p>(1) تحـديد منطقة الدراسة بصورة موضوعية ،</p> <p>(2) اخـتيار المفردات و المتغيرات التي ستعتمد في الدراسة ،</p> <p>(3) انتـقاء الـتقـنيات الـمناسـبة لـلـتحـلـيل و العرض ،</p> <p>(4) إسناد النتائج التي يتوصل إليها الباحث مما يدعم صواب عـمـلـه ، و / أو</p> <p>(5) تفـنيـد بعض الآراء و الـنتائج التي توصل إليها باحـثون آخرون ، و</p> <p>(6) توضيح أثر العوامل الأخرى : الزمن في الدراسات الـتتـبعـيـة ، خـصوصـية الـمكان في الـدراسات الـمقارنة ، وهـكـذا .</p> <p> ومن أجل أن يكون الإسناد صـحـيـحـا ، ومـؤديا الهـدف ، من الضـروري :-</p> <p>(أ) التعريف بأفكار الآخرين كما هي دون اجـتزاء أو انتـقـاء ذاتـي ،</p> <p>(ب) الإشارة إلى المصدر الذي أخـذت منه الأفكار و الآراء و الـنتائج ، و</p> <p>(ج) ذكر نتاجات الآخرين دون حـجـبها وحـيثما يكون ذلك ضروريا و مناسبا في المتن .</p> <p> الإسناد العلمي يغني البحث ويعزز قـيمته ، ويعـكـس اطـلاع الباحـث وسـعـة أفـقه . انه العـصـا التي يتـوكأ عليها الباحـث في الصـعاب ويؤشـر بها على الـبارز من نتائج دراسته ليؤكـد صـواب عـمـلـه دون الـتبـجـح بأنه سـباق إليه . انـه أمـانـة عـلـمـيـة .</p> <p><strong>6 - تمـاسـك عـناصـر البحـث و تـرابـطـهـا ،</strong></p> <p style="text-align: justify;" mce_style="text-align: justify;"> يتكون كل بحث من مجموعة من الـعـناصر (الأركان) التي يستند عليها ، وتمثل محاورا أساسية يدور حولها الـتقـصي . وهـذه الـعناصر (الأركان ، المحاور) تكمل بعضها وترتبط مع بعض بعلاقات وظيفية و / أو سـببـية . وفقـدان أحدها يؤثر سلبا على البحث و نتائجه . فموضوع الـبحث هو نظام ثانوي اشـتـقاقـي مـفـتوح ABSTRACTED OPEN SUB-SYSTEM ، أي بالإضافة إلى تفاعل عناصره مع بعضها فانه مفتوح لتأثير العوامل و العناصر الأخرى من النظام الأكبر الذي اشتق منه النظام الثانوي .</p> <p style="text-align: justify;" mce_style="text-align: justify;"> بالكتابة وفق هذا المنظور ، يكون البحث كعملية بناء هيكل يعتمد كل جزء فيه على وجود الأجزاء الأخرى و يكملها . و فقدان أي منها يترك الهيكل ناقصا بشكل جلي ، فـمـفردات الـفصل مـتكاملة مع بعضها، و الـفصول تكمل بعضها وترتبط ببعضها بسلسلة ذهـنية ، موضوعية ، منـهجـية ، مـفاهـيمـية موحـدة . يتـمثـل الـسـر بكـلمـتي : الـتخـطـيط و الصـياغـة ، تخطيط و برمجة إجراءات البحث ، و صياغة الجـمل الـمعـبرة عن هـذا الـمـعـمـار الـفـكـري .</p> <p><strong>7 - تنـاسـب طـريـقـة التحـليـل ،</strong></p> <p style="text-align: justify;" mce_style="text-align: justify;"> تصـنف البيانات حسب نوعها إلى : أسمية ، تراتبية ، و الفاصلة ، وتصنف الطرائق الإحصائية حسب عدد المتغيرات التي تتعامل معها ، وحـسـب طـبيـعـتها ، وصـفـية و تحـليـليـة . وقد أسـيء إلى الإحصاء ، كطرائق في التحليل من قبل الكـثير لعدم أخذهم بمتطلبات كل طريقة من بيانات و خصائص . إضافة إلى هـذا ، فان البعض لـم ينظـر إلى تناسـب الطـريقـة مـع هـدف الدراسـة . المـحـصـلـة الحـتمـية نتائج مـضـلـلـة . فـلـلـحصـول على نتائج صـحـيحـة يجـب أن يكـون هـناك توافق بيـن الـمـدخـلات (البيانات من حيث الدقة والـتـناسـب) و صـندوق الـتحـليـل (طـريقة الـمعالجة) ، وحـينها فقـط تكـون الـمخرجـات صـحـيحـة يعـتـد بـها .</p> <p style="text-align: justify;" mce_style="text-align: justify;"> لا يعتمد اختيار الطريقة التحليلية المناسبة على طبيعة البيانات المتوافرة فقط ، بل وعلى هدف البحث و الـعـمـق (الـبـعد) الذي يطمح الباحث إن يغوص إليه . إن اتخاذ القرار بشأن نوعية طريقة التحليل ليس سـهـلآ ، ولكنه يكون كذلـك عندما يطلع الباحث على كتابات الآخرين في موضوع دراسته ، وعندما يكون قد تدرب جيدا على استخدام الطرائق التحليلية المتنوعة . و الاسـتشـارة هنا ضـروريـة لضـمان صـحـة النتائج .</p> <p><strong>8 - تـفـسـير الـنتـائـج ،</strong></p> <p style="text-align: justify;" mce_style="text-align: justify;"> لا يمكن ترك النتائج و الأرقام دون تعليق أو تفسير . فالمسـح الميداني يمكن إن يقوم به أي شخص ، و التحليل الإحصائي قد يساعد به شخص مختص به ، ولكن تفسير النتائج أمـر مـرهـون باسـتيعـاب و هـضـم فـلـسـفـة الاخـتصـاص . إنها الـمـحـك الـذي لا يـدانيـه شـيء . فإجراءات البحـث ، بمـعـظـمـهـا ، يمـكـن أن يقـوم بـها أي شـخـص يـوجـه لـلـقيام بـها إلا التفـسـير فانـه الـوحـيد الـذي ينـقـل (الــكتابـة) مـن حـالـة الـتقـريـر report إلى البحـث research .</p> <p> يعتمد تفسير النتائج بصورة صحيحة ، أو مـقـبولـة عـلـى :-</p> <p>(أ) اسـتيـعاب الباحث لفلسفة اختصاصه ، فالكثير من الموضوعات متداخلة لاشتراكها في المجال و التقنيات. ولكل اختصاص علمي نظرياته و معطياته التي يميز نفسه بها .</p> <p>(ب) الاطلاع على الدراسات العلمية ذات العلاقة واعتمادها في إسناد النتائج ، و</p> <p>(ج) المعرفة التفصيلية بمنطقة الدراسة و مجتمعها (مجتمع الدراسة) وموضوع البحث .</p> <p><strong>9 - تجـسـيد الخـلاصـة لـمفـردات البحـث و نتـائجـه ،</strong></p> <p style="text-align: justify;" mce_style="text-align: justify;"> يعـمـد البعـض إلى ذكر كل ما يعتقده صحيحا في خلاصة البحث سواء أكان ذلك واردا في المتن أم لا . وهـذا خـطـأ فادح ، فالخلاصة هي خلاصة ما جاء في متن البحث من مفردات <br /> و منهج و مشاكل و نتائج. كذلك الأمر عند كتابة المقترحات و التوصيات ، والتي يجب إن يكون لها أساس (مصدر) في متن البحث .</p> <p style="text-align: justify;" mce_style="text-align: justify;"> في الغالب ، ونتيجـة ضـغـط الحـياة وكثافة العمل فان العديد يقرأ الخلاصة ليرى تناسب البحث مع احتياجاته . فإذا كان المتن مغايرا لما في الخلاصة عـندهـا تكـون صورة الـكاتـب وأمانته في موضع لا يرضاه لنفسه ، ولكنه هو السبب في ذلك .</p> <p><strong>10 - الـمـصـادر و الـمـراجــع ،</strong></p> <p style="text-align: justify;" mce_style="text-align: justify;"> لكل بحث مـصـادر و مـراجـع ، وذكـرهـا بأمانة و صـيغـة صـحـيحـة يعـزز صـورة الباحـث و يجـمـلـها . فالكـثيـرون ، وبعـد الإعجاب بالعـنوان ، و بعـد الاطـلاع على الخـلاصـة يراجـع صـفحـة المـصـادر لـتكـون الفـصـل في قـراره فـي إدراج البحـث ضـمـن قراءاتـه أم لا . ولـلـمـصـادر دور بارز في تقـييـم البحـث و درجـة الاعـتـمـاد عـلـى نتـائجـه والإشارة إليها .</p> <h2 dir="rtl">الاخـتيـار الـصـعـب</h2> <p style="text-align: justify;" mce_style="text-align: justify;"> وبـعـد ، إن رسـم ملامح شخصيتك بالكلمـات لـيـس أمرا سـهـلآ ، و الأصعب مـنـه ، أن ترسـمها مـشـوهـة لـتنـشـرهـا بيـن الـمـثـقـفـيـن و الـمـخـتصـين ، بيـن مـن تريد أن يعرفوك ، وتنـتـمـي إليهم . هـذه أبـرز قواعد ومـعـاييـر الرسـم \ الكتابة ، فـمـن أراد لنـفـسـة مـعـرفـة مـشـرفـة فـلـيجـهـد نفـسـه و يعـتمـدهـا لـتكـون صـورتـه زاهـيـة وضــاءة بيـن الكـثيـر مـن الصـور غـير الـواضـحـة الـمـعـالـم .</p> <! [if !supportFootnotes] > <p> </p> <hr width="33%" size="1" /> <! [endif] > <p><a name="_ftn1" href="#_ftnref1" mce_href="#_ftnref1"><! [if !supportFootnotes] ></a></p> <p> <-->