مقدمة :
إن التحول الذي تشهده المعاملات الحالية في مجال الأعمال والمتوقع أن يتسع نطاقه نتيجة العولمة الزاحفة و بمعدلات كاسحة له تأثير واضح على الرؤية المستقبلية و رسالة المنظمة ,مما أوجب عليها تبني فلسفة وسياسة تنظيمية وقيم ومعتقدات وثقافة منظمية تتماشى مع تغيرات المحيط مما يمكنها من تحديد الإتجاه نحو الأهداف والغايات الإستراتيجية.
فما فلسفة المنظمة؟ ما السياسة , ما تعني ثقافة المنظمة ؟
هذا ما سنحاول الإجابة عليه في هذا البحث المتواضع المتكون من ثلاثة أجزاء هي :
-فلسفة المنظمة .
- ثقافة المنظمة.
- السياسة في منظمات الأعمال.
I-فلسفة المنظمة :
I - 1مفهومها :تشير الأدبيات إلى أن كلمة فلسفة Philosoply تعني هيكل المعرفة ,وأنها مصطلح عام وشامل يخص الأفراد والجماعات والمنظمات بأنواعها ,وفلسفة المنظمة تطلق على النظام الفكري الذي يهيمن على المنظمة ويبلور شخصيتها ويميز سلوكها عن المنظمات الأخرى , وتعكس فلسفة أية منظمة من منظمات الأعمال مجموعة القيم والمعتقدات والمواقف والسياقات التي يتحدد بموجبها السلوك والإتجاه العام للمنظمة.
I -2 أهميتها :
تعتبر الفلسفة الصحيحة والسليمة ركيزة العمل العلمي والمنطقي لإدارة المنظمة ,حيث توفرالأرضية المناسبة لإتفاق الأفكار والآراء والتوجهات عموما ,وهذا الإتفاق حول الفلسفة السائدة يوفر حالة التطابق الفكري والتوجيهي تجاه المشاكل والحالات التي تعكر مسيرة المنظمة.
I -3 صانعوا فلسفة المنظمة :
أصبح من الضروري أن تطغى فلسفة ما على إدارة أية منظمة من منظمة الأعمال , وتنشأ مثل هذه الفلسفة من مصدرين أساسيين, المصدر الأول هو الآراء والأفكار التي تحملها الهيئة المؤسسة للمنظمة , أما المصدر الثاني فيعكس توجهات إدارة القمة من المستوى الثاني( مستوى الأعمال) وقد يشترك معه المستوى الثالث ( مستوى الوظائف ) وذلك أن هذا المستوى يتحمل أمر تنفيذ خطط المنظمة وإخراجها من واقعها النظري إلى التطبيقي .
تحديدا فإن المستوى المؤسسي ومستوى الأعمال ينفردان بصياغة فلسفة المنظمة ,ونقلها إلى المستويات الإدارية لأسباب أساسية ثلاثة وهي :
1- إن إدارة القمة , المؤسسي والأعمال ,هما المسؤولان عن الأعمال التي تدور في المساحات العملياتية في المنظمة , وتقع عليهما مسؤولية بلورة جوهر الفلسفة.
2-تتمتع إدارة القمة بصلاحيات واسعة وهم في الوقت نفسه الرجال الذين هم على إتصال وثيق بما يجري في البيئة المحيطة ,كل ذلك يمكنهم من تقديم التوجيه القانوني والملزم لباقي الإدارات.
3-أن مشاركة جميع أعضاء المنظمة برسم شكل التوجه نحو رسالة المنظمة , يصبح لزاما على إدارة القمة ضمان حصول التفاعل بالشكل الذي يؤمن أداء الأعمال بالنسق المطلوب.
I -4 نشاة وتطور فلسفة المنظمة :
إن فلسفة أي منظمة من منظمات الأعمال لا تظهر للوجود مرة واحدة بل تمر بعدد من المراحل
منها :
المرحلة الأولى :مرحلة ظهور الأفكار والآراء:
تعد هذه المرحلة بداية صياغة الأفكار والمفاهيم بالشكل الذي يناسب الفلسفة في المنظمة.
المرحلة الثانية : مرحلة تجميع وتصنيف الأفكار :
تنطوي هذه المرحلة على تجميع وتصنيف الأفكار والمعارف وبلورتها على شكل مبادئ قابلة للتشغيل.
المرحلة الثالثة : مرحلة مزج ومزاوجة المبادئ :
يكون توجه هذه المرحلة محاولة المزج ومزاوجة المبادئ ضمن إطار فكري واضح ليشكل نظرية للعمل في المنظمة.
المرحلة الرابعة :تكوين هيكل معرفي:
يتمحور دورها حول تكوين هيكل معرفي متكامل يصبح مرشدا وموجها لأعمال صنع وإتخاذ القرارات وبحسب متطلبات الأعمال في المنظمة.
المرحلة الخامسة : تنفيذ الفلسفة :
تهتم هذه المرحلة بتنفيذ الفلسفة, وتتولى إدارة القمة بإجراء الإتصالات ,و إعتماد التعليمات والسياسات السائدة.
وأخيرا فإن نجاح تنفيذ أي فلسفة مرتبط أساسا بإسلوب تصميمها وبنائها .
I-5 خصائص فلسفة المنظمة :
من أهم خصائص فلسفة المنظمة ما يلي :
I -5-1 الشمولية :
ويقصد بها أن يكون الهيكل الفكري للفلسفة واسعا ومضللا ومنتشرا يغطي جميع أجزاء المنظمة دون إستثناء.
I -5-2 الإيجاز :
يجب أن تكون فلسفة المنظمة حاوية على الأفكار والمعارف ذات الصلة بتوجهات المنظمة ,وبالقدر الذي يسمح لها بممارسة أعمال صنع وإتخاذ القرارات المناسبة.
I-5-3 الإنسجام:
يعني أن تكون الآراء والمعارف والأفكار التي تحتويها فلسفة المنظمة منسجمة مع بعضها البعض , ومتماسكة لتربط بين ما يدور في البيئتين الداخلية والخارجية .
I -6 أسس صياغة فلسفة المنظمة :
يتم صياغة فلسفة منظمة الأعمال على ضوء معطيات البيئة الداخلية لها ,وتتأثر هذه الفلسفة بالخصائص المنظمية المختلفة , مثل توفر قواعد المعلومات ,حجم وهيكل المنظمة , طبيعة النشاط الممارس , وطبيعة الأعضاء العاملين , الموقع الجغرافي, درجة التماسك بين الأعضاء , الإندفاع نحو تحقيق مستويات نجاح أفضل لها .وبالتالي فإن صياغة الفلسفة يجب ان تنبثق من داخل المنظمة وإنطلاقا من التساؤلات التالية :
1-أي القيم ترغب إدارة المنظمة جعلها سائدة ومتكاملة ؟
2-أي فكرة ترغب إدارة المنظمة تجسيدها ؟
3-ما هي شروط وطبيعة ودرجة قوة العمل في المنظمة ؟
4-كم هي درجة إستقرار المنظمة ؟
5- ما هو شكل أعمال الإتصال وتبادل المعلومات , وكذلك شكل أعمال الرقابة في المنظمة ؟
6- ما هو شكل توجه المنظمة نحو مركزية أولا مركزية القرار فيها ؟
7- ما هو شكل الهيكل التنظيمي للمنظمة ؟
8-ما هو المنتج الرئيسي للمنظمة ؟
9-كيف يقاس أسلوب إستخدام الموارد المختلفة في المنظمة ؟
10-هل وضعت فلسفة المنظمة في إطارإعتبارات المدى البعيد أم القصير ؟
11- ماهي أبعاد توجه المنظمة وحدود عملها ؟
12- كم يتاثر الآداء بقضايا الزمن ,الكلفة , التكنولوجيا و الجهد المبذول ؟
إن الإجابة التي ستبرز تجاه هذه التساؤلات وأخرى غيرها تساعد إدارة القمة على بلورة المبادئ والنظريات المناسبة لتطوير وتحسين فلسفة المنظمة المعتمدة ,ثم أن نوعية وطبيعة الإجابة على هذه التساؤلات تتأثر بشكل أو بآخر بنوعية مدراء القمة وبعنصر عدم التأكد الذي يحيط بمستقبل المنظمة المعنية.
ومع ان العوامل المؤثرة على فلسفة المنظمة كثيرة ومتنوعة إلا أن هذه الحقيقة لا تغير من أن إدارة القمة في المنظمة تتحمل مسؤولية تحديد معنى وأبعاد الفلسفة الخاصة بها .
وبعد أن تقوم إدارة القمة بوضع فلسفتها موضع التطبيق , تنشرها على عموم العاملين في المنظمة بخطط مدعومة بقرارات وأوامر وتعليمات تساعد على على نقل وإيصال هيكلية الفكر الفلسفي الذي يجب ان يسود أطراف المنظمة المعنية ليساعد على صنع وإتخاذ قرارات إدارية صائبة .
I -7 المسؤولية الإجتماعية وفلسفة المنظمة :
تعد المسؤولية الإجتماعية من المتغيرات الأساسية الواجب مراعاتها عند صياغة فلسفة المنظمة ,ويتم تحديد أبعاد هذه المسؤولية من خلال دراسة وتحليل رسالة المنظمة ومكونات كتل بيئتها الخارجية بغية إحداث التوازن المقبول بينهما, وذلك أن المسؤولية الإجتماعية هي تعهد وإلتزام إدارة المنظمة لتطلعات وأهداف المجتمع بأفراده ومنظماته ,وقد تأخذ المسؤولية الإجتماعية لمنظمة الأعمال التوجهات التالية :
- التوجه نحو تدريب أفراد المنظمة والعناية بهم.
- استثمار وتطوير الخبرات المختلفة لجميع العاملين في المنظمة مهما إختلفت توجهاتهم .
- الحرص والعناية في إشباع تطلعات القيم والعادات والتقاليد السائدة.
- المساهمة في الأنشطة ذات النفع العام.
ولابد أن تمس المسؤولية الإجتماعية جميع الجهات القريبة أو البعيدة في المنظمة دون إقتصارها على فئة أو جهة دون أخرى.
II-ثقافة المنظمة :
لقد أصبح موضوع ثقافة المنظمة من المواضيع التي تحظى باهتمام كبير في مجالات الإدارة ، ذلك أن الثقافة المنظمة تعتبر من أهم المحددات لنجاح المنظمات أو فشلها ، حيث تربط بين نجاح المنظمة وتركيزها على القيم والمفاهيم والمبادئ التي تدفع العاملين بها إلى الالتزام والعمل الجاد والابتكار والتجديد والمشاركة في اتخاذ القرارات والعمل للمحافظة على الجودة وتحقيق مزايا تنافسية والاستجابة الملائمة لاحتياجات العملاء والأطراف ذوي العلاقة في بيئة عمل المنظمة ، وتبين الحالات والمواقف على أن هناك فروقا جوهرية بين القيم والمبادئ والمعتقدات التي تستند إليها المنظمات الناجحة في ترتيب أوضاعها وفي علاقتها مع البيئة الخارجية عن تلك القيم والمبادئ والمعتقدات التي تستند إليها المنظمات غير الناجحة .
ـ 1 ـ ماهية ثقافة المنظمة :
قبل التطرق لمفهوم ثقافة المنظمة لابد من التعريج على مفهوم الثقافة .
II –1-1- مفهوم الثقافة :
يقصد بالثقافة ذلك الكل المركب الذي يشتمل على المعرفة والمعتقدات والفن والأخلاق والقانون والعادات أو أي قرارات أخرى ، أو عادات يكتسبها الإنسان بصفته عضوا في المجتمع
ويعرف كذلك بأنها : مجموعة القيم ، الأفكار والاتجاهات والرموز المعبرة والتي تتوارث من جيل لجيل وتعطي قواعد اتصال اجتماعي .
II -1-2- مفهوم ثقافة المنظمة :-
هناك العديد من التعاريف التي أطلقت على ثقافة المنظمة نذكر فيها : " الثقافة هي مجموعة القيم والمعتقدات والمفاهيم وطرق التفكير المشتركة بين أفراد المنظمة ، والتي تكون غير مكتوبة ، يتم الشعور بها ويشارك كل فرد في تكوينها ويتم تعليمها للأفراد الجدد في المنظمة .
ويعرف على أنها : " مجموعة القيم المشتركة التي تحكم تفاعلات أفراد المنظمة فيما بينهم وع الأفراد ذوي العلاقة خارج المنظمة ، ويمكن أن تكون نقطة قوة ( ميزة تنافسية ) أو نقطة ضعف وفق تأثيرها على سلوك أفراد المنظمة .
II-1-3- خصائص ثقافة المنظمة ووظائفها :
أولا : خصائص ثقافة المنظمة : -
تتصف ثقافة المنظمة بالعديد من الخصائص يجب مراعاتها في أي قرار أو سلوك داخل المنظمة نوجز أهمها فيما يلي :-
- لثقافة نظام مركب ، تتكون من مجموعة من المكونات أو الأجزاء الفرعية المتفاعلة فيما بينها في تكوين ثقافة المنظمة وتشمل ثلاثة عناصر هي :
الجانب المعنوي : ( النسق المتكامل من القيم والأخلاق والمعتقدات والأفكار ) .
الجانب السلوكي : ( عادات وتقاليد أفراد المجتمع ، الآداب والفنون والممارسات المختلفة ).
الجانب المادي : ( كل ما ينتجه أعضاء المجتمع من أشياء ملموسة ) .
- الثقافة نظام متكامل : فهي تشكل كلا متكاملا وتسعى إلى خلق انسجام بين مجموع أجزائها ، فأي تغيير يطرأ على أي جزء من جوانب الحياة يؤثر في النمط الثقافي للمنظمة والمجتمع .
- الثقافة نظام تراكمي ومستمر : حيث أن كل جيل من أجيال المنظمة يعمل على تسليمها للأجيال اللاحقة فهي تعلم وتورث جيلا بعد جيل .
- الثقافة يكتسب متغير ومتطور فاستمراريتها لا يعني توريثها وتناقلها عبر الأجيال في شكلها الخام ، بل هي في تغير وتطر ومستمرين .
- الثقافة لها خاصية التكيف : فهي نظام مرن له القدرة على التكيف مع مطالب الإنسان البيولوجية والنفسية مع البيئة الجغرافية المحيطة بالمنطقة .
ثانيا : وظائف ثقافة المنظمة :
تؤدي ثقافة المنظمة العديد من الوظائف التي نذكر فيها :
- توجد الثقافة الإحساس بالذاتية والهوية للعاملين .
- تساعد الثقافة في إيجاد الالتزام بين العاملين بشيء أكثر أهميته من أنفسهم .
- تدعم الثقافة استقرار المنشأة كنظام اجتماعي .
- تعمل الثقافة كإطار مرجعي للعاملين لاستخدامه أو الاستغاثة به لإعطاء معنى لنشاطات المنشأة وأيضا استخدامه كمرشد للسلوك الملائم .
( II-1-4 )العوامل المحدد لثقافة المنظمات :
تتحدد ثقافة المنظمة من خلال تفاعل العديد من العوامل التي نذكر منها :
- صفات الأفراد الشخصية وما يحملونه من أفكار وقيم واهتمامات ودوافع .
- الخصائص الوظيفية ومدى تلاؤمها مع شخصية الفرد ، حيث أن كل فرد يذهب إلى المنظمة التي تتوافق مع تطلعاته وقيمه واهتماماته .
- مجموعة المنافع التي يحصل عليها الأفراد من خلال أدائهم لوظائفهم مما ينعكس على سلوكاتهم داخل التنظيم .
- الأخلاقيات والقيم السائدة في المنظمة وما تشتمل عليه من طرق تفكير وأساليب تعامل بين الأفراد داخل المنظمة ومع الأطراف الخارجية وتتكون هذه الأخلاقيات من أخلاقيات وقيم الأفراد المستمدة من العائلة والمجتمع ، أخلاقيات وقيم المهنة التي ترشد سلوكيات الأفراد .
ومن هذا كله يمكن القول أن اختلاف القيم ومن ثم اختلاف ثقافة المنظمة يرجع إلى ما يلي :
• خصائص الفرد .
• علاقة الفرد بالبيئة .
• أهداف الفرد وتوجهاته بشأن الحياة .
• علاقة الفرد بالمنظمة .
• الأنشطة التي يمارسها الفرد .
• اتصالات الفرد وعلاقته مع الآخرين .
• ثقافة المجتمع وانعكاساته على ثقافة المنظمة .
تأثير الثقافة على المنظمة والعاملين بها ، وعلى بعض الممارسات الإدراية .
II-2 تأثير ثقافة المنظمة على العاملين فيها وبعض الممارسات الإدارية :
II-2-1 تأثير ثقافة المنظمة على العاملين فيها :
هناك العديد من أوجه تأثير الثقافة على المنظمة وكذا العاملين بها نذكر منها :
- توجهات المنظمة والعاملين بها : التوجهات هي الطريقة التي تؤثر بها الثقافة في عملية تحقيق الأهداف حيث أن الثقافة قد تكون متوافقة مع أهداف المنظمة أو قد تكون عكس ذلك ومن ثم فإن الثقافة قد تدفع المنظمة نحو تحقيق أهدافها أو تدفعها بعيدا عنها .
- قوة الثقافة : تشير قوة الثقافة إلى مدى تأثيرها في العاملين بها ، فالعديد من المنظمات تمتلك قوة إرغام على أعضائها ( المؤسسة العسكرية مثلا ) إلا أن هناك منظمات تؤثر ثقافتها على العاملين بها دون وجود أي قدر من الإرغام .
- الالتزام : نعني بالالتزام إلى مدى استعداد أعضاء المنظمة لبذل الجهود والولاء وإظهار انتمائهم لها ولتحقيق أهدافها ، أي أن الثقافة تخلق الظروف التي تؤدي بالأفراد الالتزام بأهداف المنظمة ، ويمكن لثقافة المنظمة أن تساعد في زيادة الالتزام من خلال ما يلي :
• تكريس رسالة المنظمة وتدعيم القيم المؤدية إلى تحقيقها .
• يجب أن تكون الثقافة ذات قيمة وتؤدي إلى فرجات معتبرة من شأنها أن تزيد من القيمة المالية كأن تعمل على زيادة الإنتاجية وتخفيض التكاليف .
• أن تكون ثقافة المنظمة مقتصرة على المنظمة وحدها لا أن تكون شائعة بين المنظمات المنافسة داخل نفس النشاط ، فما من شأنه أن يخلق تنافسا للمنظمة .
• غرس قيمة المنظمة في نفوس أعضائها .
II-2-2 تأثير ثقافة المنظمة على بعض الممارسات الإدارية :
كما لثقافة المنظمة تأثير على العاملين كذلك لها تأثير على بعض الممارسات الإدارية كالقيادة ، التدريب ، الاختيار والتوظيف.
أولا– تأثير ثقافة المنظمة على عامليتي الاختيار والتوظيف :
تعتبر عملية اختيار الأفراد وتوظيفهم من أهم وظائف إدارة الموارد البشرية ، فهي عبارة عن عملية إدخال أشخاص من خارج المنظمة لهم ثقافات مختلفة عن ثقافة المنظمة ، ومنه وجب على هذه الإدارة اختيار الأفراد والذين تتوافق ثقافاتهم مع ثقافة المنظمة أي يحملون قدرات ومعارف وقيم من شأنها أن تضمن نجاح وفعالية المنظمة .
ثانيا– تأثير ثقافة المنظمة على التدريب :
تعتبر عملية التدريب من العمليات أو الممارسات للنهوض بأداء المنظمة وتحسينه لذا وجب احترام الثقافة المنظمة أثناء إعداد البرامج التدريبية وكذا الممارسات ، من أهم جوانب هذه الثقافة نجد : - العادة والعرف اللذين تتبعهما المنظمة فيما يتعلق بالتدريب ، فالمنظمات التي تؤمن ثقافتها وتشجع التدريب ستكون أنشطتها التدريبية بها مستمرة أكثرمن المنظمات التي لا تؤمن بالتدريب .
ثالثا– تأثير ثقافة المنظمة على نمط القيادة في المنظمة :
إن ثقافة المنظمة ما هي إلا التقاليد ، القيم ، السلوكات التي ينشئها الأفراد داخل المنظمة وتكون أسبابا لتعارفهم وانفعالاتهم لا رؤساء ومرؤوسين ، وبما أن القيادة هي " فن استقطاب قدرات الآخرين من أجل أداء الأعمال المنوطة بهم كحماس وثقة " ، فإن النمط القيادي الذي تصطبغ به عملية القيادة ما هو إلا انعكاس لثقافة التعامل السائدة فيها .
II- 3- قوة وضعف ثقافة المنظمة :
يمكن أن تكون ثقافة المنظمة قوية أو ضعيفة حسب مكوناتها . فالثقافة القوية هي التي تنشر عبر المنظمة كلها وتحظى بالثقة والقبول من جميع أفراد المنظمة ، ويشتركون في مجموعة متجانسة من القيم والمعتقدات والتقاليد والمعايير والافتراضات التي تحكم سلوكهم داخل المنظمة
أما الثقافة الضعيفة التي لا يتم اعتناقها بقوة أعضاء المنظمة ولا تحظى بالثقة والقبول الواسع منهم وتفتقر المنظمة إلى التمسك المشترك بالقيم والمعتقدات وهنا فإن العاملين سيجدون صعوبة في التوافق والتوحد مع المنظمة أو مع أهدافها وقيمها .
III- السياسة في منظمات الأعمال :
تعتبر السياسة إحدى المفاهيم الإدارية التي تتضمن على إرشاد متخذي القرار في المنظمة وتحكم تنفيذ الأعمال وتساهم في تنظيم العلاقات الداخلية والخارجية للمنظمة ، فهي أداة إرشادية عامة لمتخذي القرار في شتى المستويات التنظيمية ، وهي كذلك تحكم وتقيد سلوكيات أعضاء المنظمة وتعمل على انسجامها وجعلها متشابهة نسبيا .
III – 1 - ماهية السياسة :
III-1-1- مفهوم السياسة :
هناك العديد من التعاريف لمصطلح السياسة نذكر منها :
"السياسة تمثل قواعد إرشادية للتفكير واتخاذ القرارات بما لا يتعارض والأهداف النهائية للخطة" .
ويعرفها Anosoff بأنها " مجموعة القواعد والأسس التي تضعها القيادة الإدارية لتوجيه فكر المنظمة وأعمال العاملين بها ، وقد نرى في مصطلح السياسة فكرية كلية باعتبارها نظام الإدارة المختار الذي يجسده أحد نظم الإدارة ويساعد على توضيح وتحديد الرؤية وهوية المنظمة ويمكن من إدراك وفهم المشاكل واستيعاب بنية المنظمة بشكل عام"
ويقصد بالسياسة أيضا " تلك الخطوط العريضة والعامة التي ترشد عملية التنفيذ أو التطبيق للاستراتيجية المختارة "
وتعرف كذلك بأنها " توجيهات وإرشادات تضعها الإدارة العليا بما يساهم في تحقيق الأهداف وغالبا ما يتم استخدامها على مستوى الوحدات الإدارية المختلفة في الإدارات والأقسام "
III-1-2- خصائص السياسة :
هناك العديد من الخصائص التي تتميز بها سياسات الأعمال منها :
- أن السياسة أداة لتوجيه الأعمال داخل المنظمة نحو تحقيق الأهداف والغايات والنهايات المنشودة للمنظمة
- تحديد سلوكيات الأفراد بتوضيح السبل والمناهج لتحقيق الأهداف والغايات المسطرة .
- تساعد القائمين على شؤون المنظمة برسم سلوكيات ثابتة ومنظمة ومتينة تجعلها قادرة على النمو .
- أن تكون السياسة مرنة التطبيق قدر الإمكان .
- أن تكون السياسة مكتوبة وبشكل واضح لجميع المهتمين بنشاطات المنظمة .
- يجب أن يتم شرح وتوضيح السياسات وإيضاحها باستمرار وذلك لجعلها متمشية مع ظروف البيئة التي تعيش بها المنظمة .
- ألا تختلط سياسية العمل بإجراءات العمل ذلك أن الإجراءات تنبثق عن السياسة وكلاهما يعمل على دفع الجهود من أجل الوصول إلى الأهداف العامة للمنظمة .
III-2- تصنيفات السياسة :
ليس من الممكن اعتماد تصنيف معين لسياسات العمل لكل أنواع المنظمات لأن أسلوب التصنيف قد يتأثر بالأهداف الأساسية للمنظمة والتكنولوجية السائدة ونوعية عناصر البيئة ، فقد تكون سياسة العمل هدفا قائما بحد ذاته ( المنظمات البيروقراطية ) ، وقد تكون وسيلة لتحقيق هدف وصولا إلى غاية ، وعليه فإن تصنيف السياسة يكون بشكل يتلاءم مع أهدافها وتكنولوجيتها وبيئتها الخارجية ، ويمكن فيما يلي عرض أهم التصنيفات الممكنة لسياسة العمل في المنظمات .
III-2-1- حسب مصدر السياسة :
تنشأ سياسة العمل من عدة مصادر منها : -
أولا-السياسة التقليدية ( Traditimal policy ) :
بعض المنظمات تعتمد على سياسات تقليدية ومعروفة مسبقا ولا تكون مجبرة على استعمال سياسات جديدة ، وقد تصبح هذه السياسة جزءا لا يتجزأ من ثقافة المنظمة وتاريخها بسبب تأثيرها على قيادة المنظمة ، ومن ثم على قوتها وكفاءتها .
ثانيا-السياسة القسرية ( Fiat policy ) :
منشأ السياسة القسرية هو رأي فردي يفرض على المنظمة اعتباطا ، فهي تمنح واضعيها حرية التصرف تجاه المنظمة وتمنع الآخرين من هذه الحرية في التصرف في الوقت الذي تتطلب منهم المنظمة القيام بالأعمال وإدارة النشاط الخاص بها ، مما يمكن حالة ن عدم الرضا بين المرؤوسين والعاملين في المستويات الدنيا ، مما يتسبب في إحداث فجوة بين التوجه نحو الأهداف المنشودة وبين أسلوب تنفيذ الخطط .
ثالثا-السياسة التفضيلية :
تحوي السياسة التفضيلية المرشدات والتوجيهات والطرق الأساسية التي تجعلها الأفضل في نظر الإدارة العليا للمنظمة كسياسة عمل لقيادة عملياته�