الرقابة الإدارية :
الرقابة هي الوظيفة الإستراتيجية الحساسة داخل الكيان الإداري لأنها تتعلق بالتخطيط والتنظيم وتحديد المسؤولية وتنقل للقائد الإداري جميع المعلومات التي تتعلق بتنفيذ الخطط وبلوغ الأهداف المنشودة.
1- مفهوم الرقابة والتقييم :
الرقابة هي العملية التي تمد الإدارة المسؤولة بالبيانات عن درجة التقدم في الأداء ، كما تعمل على تعديل الخطط وإعادة تحديد الأهداف الفرعية حتى تعمل على تحقيق الهدف الرئيسي .
كما يمكن أن نعرفها بأنها الوظيفة الإدارية التي تهتم بقياس وتصحيح أساليب الأداء فالرقابة المثالية هي التي تقوم بالتنبؤ بالمشكلات وتحديدها قبل حدوثها وهناك عدة أنواع من الرقابة :
والرقابة ثلاثة أنواع : إدارية ، وقضائية ، وسياسية. وكل واحدة منها تمارسها جهة متخصصة مختلفة ومستقلة عن غيرها.
2 - أهمية الرقابة والتقييم :
هذه الوظيفة من أهم الوظائف للقائد الإداري إذ بواسطتها يستطيع التحقق من مدى تنفيذ الأهداف المرسومة للمنظمة . أي أنها وظيفة مراجعة وكذلك وظيفة تعمل على إظهار نقط الضعف وكشف الأخطاء الموجودة بالتنظيم حتى يمكن إصلاحها والعمل على منع تكرارها .
والرقابة وظيفة إدارية مطلوبة في كل المستويات الإدارية وليست مقصورة على الإدارة العليا فقط وان كانت تختلف من موقع لآخر حسب اختلاف السلطات المخولة للمديرين في المنظمة . وتبرز أهمية الرقابة في صلتها الوثيقة بباقي مكونات العملية الإدارية .
والرقابة لها صلة وثيقة بالتخطيط : فهي التي تسمح للمدير بالكشف عن المشاكل والعوائق التي تقف إزاء تنفيذ الخطة وتشعره في الوقت المناسب بضرورة تعديلها أو العدول عنها كلية أو الأخذ بإحدى الخطط البديلة على نحو ما أشرنا عن التعرض لموضوع التخطيط .
والرقابة لها صلة بالتنظيم فهي التي تكشف للمدير عن أي خلل يسود بناء الهيكل التنظيمي لوحدته الإدارية . وفي مجال التفويض لا يستطيع المدير أن يفوض واجباته إلا إذا توفرت لديه وسائل رقابية فعالة لمراجعة النتائج لأن المفوض يظل مسئولا عن إنجاز المفوض إليه للواجبات التي فوضها .
والرقابة لها صلة أيضا بعملية إصدار الأوامر وبعملية التنسيق إذ يستطيع المدير عن طريقها التعرف على مدى تنفيذ قراراته ومدى فعاليتها ومدى قبولها من جانب أعضاء التنظيم وهي التي تمكن المدير في النهاية من معرفة أوجه القصور في التنسيق في منظمته الإدارية فيعمل على تلافيها أو تذليلها .
3 - أهداف الرقابة الإدارية :
أ - حماية الصالح العام : وهي محور الرقابة ، وذلك بمراقبة النشاطات ، وسير العمل وفق خططه
وبرامجه في شكل تكاملي يحدد الأهداف المرجوة ، والكشف عن الانحرافات والمخالفات وتحديد
المسؤولية الإدارية .
ب - توجيه القيادة الإدارية أو السلطة المسؤولة إلى التدخل السريع ، لحماية الصالح العام ، واتخاذ ما
يلزم من قرارات مناسبة لتصحيح الأخطاء من أجل تحقيق الأهداف.
ج - يحتمل أن تكشف عن عملية الرقابة من عناصر وظيفية أسهمت في منع الانحراف ، أو تقليل
الأخطاء، وهذا يؤدي إلى مكافأة هذه العناصر وتحفيزها معنويًا وماديًا.
4 - مبادئ الرقابة الفعالة :
تخضع عملية الرقابة لبعض المبادئ أو المتطلبات التي يجب أن يأخذها المدير المختص في الحسبان حتى تكون الرقابة فعالة ، ومن أهم هذه المبادئ :
أ- يجب أن يكون نظام الرقابة مناسبا لطبيعة العمل واحتياجات الإدارة وأن يكون سهلا واضحا بحيث يفهمه المدير الذي يستعمله ومن يطبق عليهم من المرؤوسين . وأن يكون مرنا أي قابلا للتعديل بحيث يتلاءم مع أي تعديل يطرأ على سير العمل .
ب- يجب أن لا يكون الهدف من الرقابة إرضاء رغبات أو دوافع شخصية ، وإنما يجب أن يكون وسيلة لتحقيق أهداف موضوعية لا شخصية .
ت- يجب أن يعنى نظام الرقابة بوسائل العلاج والإصلاح وذلك لأن النظام السليم للرقابة هو الذي يكشف الأخطاء والانحرافات ويبين مكان حدوثها ومن المسئول عنها وما الذي يجب عمله لتصحيح الأوضاع .
ث- يجب ألا تعدد أوجه الرقابة بدون مبرر حتى لا تؤدي إلى تعطيل اتخاذ القرارات وانتشار روح السلبية لدى المديرين ، كما أن تعدد أوجه الرقابة دون مبرر يؤدي إلى أن يكون نظام الرقابة كثير التكاليف أي ليس اقتصاديا
ج- يجب أن تعمل الرقابة على الإبلاغ الفوري عن الانحرافات ، بل إن نظام الرقابة المثالي يعمل على الكشف عن الأخطاء قبل وقوعها . وفي جميع الأحوال يجب أن تصل المعلومات إلى المدير المختص حتى يتخذ الإجراءات الملائمة على وجه السرعة .
ح- أن تنجح الرقابة في توجيه سلوك الأفراد ، لأن النتائج المستهدفة من الرقابة لا تصبح ذات فاعلية ألا عند تأثيرها في سلوك الأفراد ، لأن الرقابة وسيلة وليست غاية . فجرس الإنذار بالحريق لا يطفئ النار وإنما يساعد ذلك في استجابة شخص لهذا الإنذار بشكل أو بآخر ، والتي تعكس فاعلية الرقابة .
خ - ينبغي أن لا تقتصر الرقابة على النتائج سهلة القياس مثل صرف جميع المستحقات ،
وإنما يجب أن تشمل الرقابة حتى النتائج غير سهلة القياس مثل الخدمة في مستشفى أو
مصرف ، وذلك بالعمل على صياغة معظم الأهداف في شكل قابل للقياس وإخضاعه
للرقابة .
5 - خطوات الرقابة :
تتضمن الرقابة الخطوات الثلاث التالية :
أ - وضع معدلات الأداء :
ويقصد بها وضع معايير موضوعية لقياس الإنجازات التي تحقق وتعبر عن أهداف التنظيم ، وهذه المعايير توضع على أساس تحديد كمية العمل المطلوب إنجازها والمستوى النوعي لها والزمن اللازم لأدائها ويجب أن تكون هذه المعادلات واضحة ومفهومة .
ب - قياس الأعمال :
أي مقارنة النتائج المحققة بالمعدلات الموضوعة سلفا للأداء أي تقييم للإنجاز بعد أداء العمل .
ج - تصحيح الأخطاء والانحرافات :
ويقصد بها إبراز الأخطاء والانحرافات التي تسفر عنها عملية قياس الأعمال السابقة ، فإذا ظهر من مقارنة النتائج المتحققة بالمعدلات الموضوعة أن هناك اختلافا بالزيادة أو النقص كان ذلك مؤشرا على أن العمل لا يسير سيرا طبيعيا وأن هناك انحرافا إيجابيا أو سلبيا .
6 - صور الرقابة :
هناك نوعان من الرقابة ، الرقابة الداخلية ، والرقابة الخارجية :
أ - الرقابة الداخلية :
وهي الرقابة التي تمارس داخل التنظيم الإداري أي بواسطة عضو من أعضاء التنظيم سواء كان وزيرا أو مديرا ، كل في نطاق المنظمة التي يرأسها .
ويمكن أيضا تقسيمها إلى رسمية ويقصد بالرقابة الرسمية التي تتم وفقا للقواعد الرسمية المقررة وبالرقابة الغير رسمية أن تؤدي الرقابة جزئيا بعدد من الطرق غير الرسمية مثلا شخصية القائد قد تلعب دورا في تنظيم نواحي نشاط المرءوسين بشكل يتمشى مع الخطط المقررة .
ب - الرقابة الخارجية :
هي تلك التي تمارس من خارج التنظيم فتمارسها أجهزة متخصصة .
7 - الرقابة من حيث مداها :
تنقسم الرقابة من حيث مداها إلى نوعين :
الأول : رقابة جزئية .
الثاني : رقابة شاملة .
ويقصد بالرقابة الجزئية : وهي تلك التي تقتصر على موضوع معين أو موضوعات محددة .
ويقصد بالرقابة الشاملة : هي تلك التي تتضمن جميع الوسائل التي تتصل بالجهاز الإداري من ذلك الرقابة التي يباشرها الرؤساء الإداريون بالجهاز الإداري .
8 - أدوات الرقابة
هناك العديد من الأدوات والأساليب التي يمكن استخدامها للقيام بالوظيفة الرقابية ونكتفي بتعداد أهمها وأكثرها شيوعا :
أ- الميزانيات التقديرية ( الموازنات التخطيطية ) .
ب- البيانات الإحصائية .
ت- التقارير والتحاليل الخاصة .
ث- تحليل نقاط الضعف .
ج- المراجعة الداخلية .
ح- الملاحظة الشخصية .
9 - أنواع الرقابة :
أ - الرقابة الوقائية :
يعمل هذا النوع لمنع الخطأ قبل حدوثه ، ويأخذ هذا النوع من الرقابة بالحسبان ضرورة الاستعداد لمواجهته والحيلولة دون حدوثه ، وفي الممارسة العملية يعنى المدير أن لا ينتظر حتى تأتيه المعلومات عن وقوع الخطأ أو الانحراف ، بل يتوجب عليه أن يسعى إليها بنفسه ويحاول كشفه قبل حدوثه .
ب - الرقابة المتزامنة :
ويقصد بهذا النوع مراقبة سير العمل أولا بأول أي منذ بدايته وحتى نهايته ، فنقيس الأداء الحالي ونقيمه بمقارنته مع المعايير الموضوعة لاكتشاف الانحراف أو الخطأ لحظة وقوعه والعمل على تصحيحه فورا لمنع استفحال أثره .
ج - الرقابة اللاحقة :
لا تتوقف الرقابة بمجرد إنجاز العمل ، حيث يقارن هذا الإنجاز الفعلي العام مع المعايير الموضوعة سلفا في الخطة والغرض من هذا الإجراء هو رصد الانحرافات والإبلاغ عنها لمعالجتها .
10 - الرقابة في العهد النبوي والعهد الراشدي:
لقد مارس النبي - صلى الله عليه وسلم - الرقابة على عماله، ففي صحيح البخاري عن أبي حميد الساعدي قال: ((استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً على صدقات بني سليم يدعى بن اللتبية فلما جاء حاسبه قال هذا مالكم وهذا هدية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهلاّ جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا )) .
وكان أبو بكر يمارس الدور الرقابي بنفسه على عماله، فعندما جاءه معاذ بن جبل من اليمن قال له أبو بكر: ارفع لنا حسابك".
وذكر الطبري أنه كان يراقب ولاته مراقبة شديدة، فكان لا يخفى عليه شيء من عملهم.
وأما عمر فقد طور آلية الرقابة الإدارية، إذ كان مهتماً بهذا الأمر أشد الاهتمام، فقد قال يوما لجلسائه: أرأيتم إذا استعملت عليكم خير من أعلم، ثم أمرته فعدل، أكنت قضيت ما علي؟ قالوا: نعم، قال: لا حتى أنظر في عمله، أعمل بما أمرته أم لا، فاستشعاره للمسؤولية جعله يراها من واجبات الإمام، وليست الرقابة لمرة أو مرات ثم تقف، بل هي رقابة دائمة، حتى لا يقل العمل، أو يحصل تجاوزات فيه.