النظام النقدي الدولي International Monetary System

 

أولا: نظام النقد الدولي، المفهوم والعناصر ومراحل تطوره

 

        يشير معظم الأقتصاديين، الى ان وجود نظام نقدي دولي، يعد شرطا ضروريا لتمكين التجاره الدوليه في النمو بشكل يحقق مصالح الدول المختلفه، فهو مجموعة القواعد والآليات والأجراءات، التي يمكن ان تتخذ، بتنظيم الأوضاع النقديه، الدوليه بالشكل الذي يسهل ويكفل تمويل حركة التجاره الدوليه المتعددة الأطراف، ويسير العلاقات الأقتصاديه الدوليه عموما، ويساعد في نموها بصورة مضطرده هنا دون ان ترتب على ذلك حدوث اضطرابات اقتصاديه داخل اعضاءه، وكأي نظام، يجب ان تتوفر فيه جملة من العناصر، يمكن ذكر ابرزها،

1.    وجود مؤسسات تنظيميه تتولى ادارة وتوجه هذا النظام النقدي الدولي.

2.    وجود عمله تحظى بالقبول الدولي العام في الوفاء بالألتزامات الدوليه (سواء أكان ذهب او عملات قابله للتحويل، او اصول تطرحها المؤسسات النقديه والتي تتمتع بالقبول الدولي العام مثل حقوق السحب الخاص SDR)

3.    وجود آلية تكييف لموازين مدفوعات دول العالم.

4.    وجود ترتيبات وأجراءات مؤسسيه يتم من خلالها تيسير التدفقات النقديه، وتسهل المبادلات وتسويتها وتعزز عمليات التمويل الدولي.

 

وقد مر النظام النقدي بمراحل مختلفه... ولكل مرحله من مراحله لها معطياتها وتأثيرها الخاصه على صعيد الأقتصاد الدولي بأطرافه ومراكزه... ولاشك، ان مثل هذه العناصر التي يتطلبها عمل النظام، تتكامل فيما بينها من اجل تسهبل او عرقلة عمل النظام تبعا لطبيعة هذه العناصر، ومدى فاعلية وكفاءة كل منها في ادائها لوظائفها...

 

        "ومما يلاحظ ان الحاجه الى وجود نظام نقدي دولي بدأت مع متسع المبادلات والعلاقات الأقتصاديه الدوليه، ومع التعدد الواسع للعملات، والتي ظهر معها عدم استقرار اسعار تحويل هذه العملات بعضها ازاء البعض الآخر، اي تقلبات اسعار صرف هذه العملات، اذ نشأت في اطار ذلك بعض الوسائل التي تستخدم على نطاق المعاملات الدوليه ومنها الحوالات والكمبيالات، وبعض النظم المبسطه الأخرى التي يراد منها تسوية المدفوعات بين عدة اطراف دوليه... وظهرت اسواق تبادل العملات في القرنين السابع والثامن عشر "كسوق امستردام"، ثم تطورت هذه الأسواق، حتى اصبح "سوق لندن" اهم اسواق المال في القرن الثامن عشر والتاسع عشر، وذلك نظرا لتطور انكلترا اقتصاديا، بفعل الثوره الصناعيه "في النصف الثاني من القرن الثامن عشر" (كما جرى الحديث عنها في بحوث سابقه). ثم امتدت الى فرنسا وألمانيا، ومن ثم الى امريكا، وكانت انكلترا هي الدوله الأكثر سيطرة على الأقتصاد العالمي "الأمبراطوريه التي لاتغيب عن ارضها الشمس" وتعد قلب حركة المبادلات التجاريه ومركزها، وهذا ما اعطى "سوق لندن" الأهميه، حتى الحرب العالميه الأولى، حيث كانت بريطاتيا آنذاك المركز الأول للأقتصاد العالمي، لما لها من قوة اقتصاديه وعسكريه في مستعمراتها التابعه لها، مما جعل "الجنيه الأسترليني" هو العمله القابله للصرف ذهبا والمقبول في تسوية المعاملات الدوليه التي تسودها قاعدة الذهب "Gold Standard" لتمثيل الوحده النقديه الأساسيه.

 

        "وفي عام1870 انتشر النظام النقدي الذهبي ليشمل دول اخرى المانيا وفرنسا والولايات المتحده الأمريكيه حتى عام 1900، الذي اتسمت فيه جميع الدول تقريبا – تأخذ بقاعدة الذهب، بأستثناء الصين والمكسيك اللتان فضلتا قاعدة الفضه "Silver Standard"، وبعض الدول تتبع النظام النقدي القائم على نظام المعدنين، اي "الذهب والفضه"، كما استخدمت بعض الدول لفترات محددة العملات الورقيه غير القابله للتحويل*".

 

        وخلاصة القول "ان اساس الذهب، يعد – من الناحيه النظريه – آليه لتصحيح الأختلالات في موازين مدفوعات الدول المتبادله، وان نظام الذهب، هو الذي ساد بشكل كلي تماما خلال الفتره 1870-1913، "اي حتى الحرب العالميه الأولى، حيث تم ربط قيم عملات الدول بوزن معين منه... بعد ان اوصى "المؤتمر النقدي الدول الأولى الذي عقد في باريس عام 1876" بين عدد من الدول الأوربيه بأستخدام نظام الذهب عالميا... وقد يختلف الأقتصاديين على تقييم الفتره بتفسيرات نظريه، ومهما اختلفت الآراء في قابلية نظام الذهب على تحقيق التوسع في المبادلات والمعاملات وفي انتظامها وأستقرارها، فأن مايلاحظ هو ان الفتره التي ساد فيها هذا النظام، شهدت، استقرار اسعار الصرف دون تقلبات وأضطرابات واسعه... رغم مايفسر او يعزى الى سيطرة بريطانيا على الأقتصاد البريطاني ودور الأسترليني، المعزز لدور الذهب في المبادلات الدوليه، اضافة الى استخدام النقود الأئتمانيه وارتفاع نسبتها في الأصدار النقدي خلال تلك الفتره".

 

        وبعد اندلاع الحرب، العالميه الأولى، توقف العمل بقاعدة الذهب المتداول وأحل محله نظام السبائك الذهبيه "رغبة منها في العوده الى حالة ماقبل الحرب، خصوصا بعد ان خيم على الأقتصاديات الصناعيه مشكلة التضخم، وهكذا تغيرت الظروف المناسبه لبقاء نظام الذهب... وتناقصت الكميات الكافيه منه للسيوله الدوليه، مقابل تكديس مضطرد منه لدى الولايات المتحده الأمريكيه. وكانت اول دوله، تمكنت من العوده الى نظام الذهب عام 1919، بسبب وضعها المتقدم اقتصاديا وعدم تأثرها بآثار الحرب، وتزايد احتياطياتها الذهبيه، اذ ان حصتها من الذهب تزايدت من 24% من الرصيد العالمي للذهب عام 1913 الى 44% عام 1923، اي انها حققت ارتفاعا كبيرا في حصتها من الذهب العالمي، تكاد تصل الى الضعف، وهذا ناجم عن تزايد صادراتها الى العالم الخارجي، وتحقيق فوائض في ميزان تعاملها التجاري معه"، ويلاحظ، ان الدول الصناعيه، ارادت العوده

الى نظام الذهب تلافيا من حدوث اشكالات واضطرابات  في المبادلات الدوليه، غير انها اختلفت في الكيفيه التي يتم فيها تحقيق هذه العوده ، خاصة بعد تراجع بعض الدول الصناعيه ارصدتها الذهبيه لصالح زيادة رصيد الولايات المتحده الأمريكيه كما اشير لذلك،... وأن مجمل هذه الصعوبات، التي رافقت العمل بنظام الصرف بالذهب وما أفرزته الأزمه الأقتصاديه التي ظهرت بدايتها، في عام 1929، حيث ظهرت البدايات في امريكا ثم انتقلت الى دول اوربيا، ومن ثم لبقيه دول العالم، دفعت بالعديد من الدول الى فرض الرقابه على الصرف لمواجهة العجز في موازين المدفوعات، وبالذات الدول المصدره للمواد الأوليه، "نظرا لأن الأزمه الأقتصاديه ومارافقها من ايقاف التحويل الى ذهب وايقاف بيعه، والكساد الكبير الذي رافق الأزمه، ادى الى تناقص صادرات الدول الناميه، نتيجة انخفاض الطلب عليها بسبب هذا الكساد الأقتصادي، وبالتالي انخفاض حصيلة الصادرات". وقد خرجت انكلترا عام 1929 عن قاعدة الذهب تبعتها الدول الأخرى... وأن ازمة الثلاثينات وما نجم عنها من آثار، ذات ارتباط بالنظام النقدي الدولي... واستمراره متسما بوجود خمس مناطق نفوذ، وهي .

 

        وكان من شروط قاعدة الذهب هو كما يقول (د. غازي صالح الطائي) ضمان صرف الأوراق النقديه على مايقابلها من الذهب وبالعكس، وقد كان هناك ثلاثة انظمه نقديه تستند على قاعدة الذهب هي

 

1. نظام الذهب المتداول  Gold Circulation System

2. نظام السبائك الذهبيه Gold Bullions System

3. نظام الصرف بالذهبGold Exchange System 

 

        وطبقا لهذه القاعده، يقوم البلد بتسوية العجز في ميزان مدفوعاته نتيجة النقص في موجوداته الذهبيه، ويتم ذلك تلقائيا، لأن التحول من هذه الأسعار يكون محددا بكلفة نقل الذهب من بلد لآخر، من خلال تكاليف الشحن والتأمين، وتبقى اسعار الصرف تتأرجح صمن هذه الحدود التي يطلق عليها نقاط الذهب او بنقطة خروج الذهب (تصدير) Gold export Point ونقطة دخول الذهب Gold Import Point (أستيراد).

 

        ومنذ الحرب العالمية الأولى، تغيرت اساليب التمويل والتجاره وكذلك الأستثمار، وكانت النتيجه ان تعطل العمل بنظام قاعدة الذهب واعفت الدول نفسها من جميع متطلبات السياسه النقديه، تحت وطأة الظروف المستجده، وتحول الأهتمام، لتحويل مجهودها الحربي عن طريق اصدار كميات هائله من الأوراق النقديه، التي ادت بسبب قلة السلع والخدمات الى اضطراب الأوضاع الأقتصاديه وأرتفاع الأسعار بصورة غير طبيعيه... وخلاصة القول، ان الحرب وماسببته من متاعب ومارافقها من خلق نقود ورقيه دون غطاء ذهبي من قبل الحكومات لتمويل متطلبات الحرب والأجراءاءت الأقتصاديه التي اعقبتها... دفع الحكومات للبحث عن وسائل فعاله لتدارك انهيار النظام الأقتصادي العالمي، فقد عقد مؤتمر اقتصادي عالمي في ايطاليا "جنوه" عام 1922، خصص لدراسة المشاكل النقديه والماليه التي افرزتها الحرب....

 

ومع اقتراب الركود الأقتصادي الذي مهد لازمه عام 1929، اسرعت البنوك المركزيه والمؤسسات النقديه وغيرها الى تحويل موجوداتها الأسترلينيه الى ذهب بشكل اضطرت الولايات المتحده الأمريكيه الى وقف تحويل عملتها الى ذهب وذلك عام 1931، ووجد العالم نفسه في دائرة مفرغة تتوالى فيه الأنخفاضات في أقيام العملات النقديه. وكان من ضمنها الدولار الأمريكي.

 

        وفي عام 1934، شرعت الولايات المتحده الأمريكيه، قانون احتياطي الذهب الذي ثبتت بموجبه سعر تعادل الدولار، "على اساس 35 دولار للأونس الواحد من الذهب الخالص" ومع نشوب الحرب العالميه الثانيه عام 1939، اضطرت الدول ان تنصرف مرة اخرى بجميع طاقاتها الى الأهتمام بالمجهود الحربي "وتوقف نهائيا العمل، بقاعدة الذهب كنظام نقدي دولي، نظرا للظروف الأقتصاديه والعسكريه التي عمت العالم اجمع،

 

فأعيد العمل على فرض القيود الكمركيه وغير الكمركيه بشكل ادى الى تخفيض في حجم المبادلات التجاريه الدوليه وانخفاض النمو الأقتصادي العالمي بشكل واضح".

 

وبعد ان انتهت الحرب العالميه الثانيه، افرزت الظروف عوامل ومعطيات حثت على ضرورة العمل على انشاء نظام نقدي دولي جديد، يتم فيه تحقيق وحدة هذا النظام عالميا، وعقدت الدول المتحالفه في تموز من عام 1944

مؤتمرا دوليا في مدينة بريتون وودز "Bretton Woods" في ولاية نيوهامشبر بالولايات المتحده الأمريكيه، وقد حضر المؤتمر ممثلون عن (44) دوله، وعقد المؤتمر النقدي والمالي التابع للأمم المتحده، قبل فترة قصيره من انتهاء الحرب، وقد تركز اهتمام المؤتمر على بحث ومناقشة مشروعين احدهما تقدمت به بريطانيا، وعرف بأسم مشروع او خطة هوايت، وشاركت الدول الأشتراكيه انذاك كما شارك الأتحاد السوفيتي، وأنسحب منها، ولم ينضم الى الأتفاقيات التي خرج بها المؤتمر، بسبب الأختلاف على الأسس التي اعتمدت، المخالفه للأسس التي يعتمدها الأتحاد السوفيتي... هذا وقد عرف هذا النظام بنظام (بريتون وودز)، حيث اثبت هذا النظام فعالياته على الرقابه على العلاقات الأقتصاديه والى تحقيق الأهداف المشتركه، التي توخاها واضعو هذا النظام، ومنها 1. تمركز القوه في ايدي عدد قليل من الدول 2. وجود تجمع معين يعبر عن مصالح تلك الدول 3. اخراج قوة مسيطره تستطيع الأخذ بزمام القياده، وكانت هذا النظام مسيطرا عليه من قبل دول اوربا الغربيه والولايات المتحده الأمريكيه، اذ ادى تمركز القوة السياسيه والأقتصاديه في ايدي تلك الدول الى اصدار القوانين الخاصه وفرضها*... الخ

 

وبهذا الصدد يقول "د. صالح ياسر حسن" وبالمقابل، فقد شهدت الفتره التي تلت الحرب العالميه الثانيه، ميلاد عدد كبير من المنظمات، سواء كانت اقتصاديه ام سياسيه او عسكريه... الخ، والمتباينه في حجمها واختصاصاتها، وظل عددها بتضخم بأستمرار بحيث تجاوز المئات من المنظمات الحكوميه والألاف من المنظمات غير الحكوميه... وان انتشار هذه المنظمات بعد الحرب، يترجم جملة من الحقائق، لابد من الأشاره اليها... بقوله ايضا "انها تترجم واقع الترابط والتداخل بين مكونات الأقتصاد العالمي، وتعبر، في الوقت نفسسه، عن حالات الأتقسام والتمايز والمشاعر المركبه، التي تميز سلوك مختلف الدول الناجم عن اختلاف الأنظمه الأجتماعيه – الأقتصاديه السائده فيها، فعلى سبيل المثال ادى انشطار العالم، في مرحله تاريخيه محدده، الى قطبين كبيرين: الدول الرأسماليه والدول الأشتراكيه، الى تبلور صيغ تنظيميه تعبر عن هموم وتطلعات كل قطب

على الصعيد الأقتصادي، فظهرت منظمات اقتصاديه: منظمة التعاون والتنميه الأقتصاديه (O.C.E.D) ذات التوجهات الرأسماليه، مقابل مجلس التعاون الأقتصادي "السيف" او "الكوميك ون كما يسمى ايضا" وهو تجمع للدول الأشتراكيه** وأن العلاقات الأقتصاديه، تنطوي على الملايين من المعاملات الأقتصاديه بين دول العالم مثل الصادرات والأستيرادات "السلعيه والخدميه" وحركة رؤوس الأموال بأصنافها المختلفه، اضافة الى تحويلات رأسماليه من جانب واحد... الى غيرها من المعاملات، التي يجري تسجيلها في ميزان المدفوعات ويمكن ان يختلف بعض الكتاب او الجهات ذات العلاقه في تقسيمها، غير انه يمكن ان تقسم الى قسمين:

 

(1) المعاملات التجاريه، والتي تشمل حركة السلع والخدمات من والى الدول المعنبه او تسمى هذه المعاملات "بالميزان التجاري او الحساب الجاري" Current Account

(2) المعاملات الرأسماليه، التي تشمل حركة رؤوس الأموال من والى الدول المعنيه، وتسمى هذه بالميزان الرأسمالي او الحساب الرأسمالي Capital Account، كما ويتضمن حركة الأشخاص من والى الدول المعنيه.

 

وبالطبع لابد وان تستتبع بحقوق والتزامات فيما بين هذه الدول على ان جميع هذه المعاملات تدون في ميزان المدفوعات، وتسجيل المعاملات، تعتبر مسألة حيويه لأي اقتصاد وطني وذلك "كما يشير بعض الأقتصاديين"

 

1.    ان تطور حجم وقيمة وهيكل هذه المعاملات، انما ينعكس بالنتيجه المشاكل الأساسيه ومعطيات الأقتصاد الوطني، سواء من وجهة نظر محليه او دوليه.

2.    تشكل درجة اندماج الأقتصاد الوطني بالأقتصاد الدولي، وهي مقياس دولي للبلد المعني.

3.    اما هيكل هذه المعاملات، فهي تعكس قوة الأقتصاد الوطني وقابلية التنافسيه ودرجة استجابته للتغيرات الحاصله في الأقتصاد الدولي

4.    ميزان المدفوعات، يساعد السلطات العامه على تخطيط العلاقات الأقتصاديه الخارجيه وتخطيط التجاره الخارجيه من الناحيه السلعيه والجغرافيه او تصميم السياسات الماليه والنقديه وكذلك تعد ضروريه للبنوك والمؤسسات والأشخاص، سواء بصوره مباشره اوغير مباشره ضمن مجالات التمويل والتجاره الدوليه.

 

ثانيا: صندوق النقد الدولي والبنك الدولي

 

1. صندوق النقد الدولي International Monetary Fund (IMF)

 

        لقد نشأ صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في الحرب العامليه الثانيه، نتيجة لمؤتمر الأمم المتحده "للنقد والمال" في بريتون وودز في نيوهمشاير، في تموز 1944 "كما ذكرنا" كجزء من مجهود منسق لتمويل اعادة بناء اوربا بعد الدمار الذي خلفته الحرب وانقاذ العالم من حالات الكساد الأقتصادي المستقبليه، كما يفترض، حيث وضعت عدد من المقترحات الخاصه بالنظام النقدي الدولي الجديد، لكي يجري تجنيب العالم الأزمات الأقتصاديه التي عرفها في الثلاثينات، واسندت المهمه الصعبه لضمان الأستقرار الأقتصادي العالمي، الى صندوق النقد الدولي الذي كان حصيلة، اقتراح الأقتصادي البريطاني جون مينارد كينز، الذي شارك في هذا المؤتمر، وكذلك مقترحات مشروع الأقتصادي الأمريكي "هوايت"، حيث قدم "كينز*" كما يقول جوزيف ستكلتز، تفسيرا بسيطا ومجموعة بسيطه منسجمه من الوصفات: انعدام الطلب المجموع الكافي، هو الذي بفسر الأنحدار الأقتصادي: ويمكن ان تساعد الهبات السياسات الحكوميه في تحفيز الطلب المجموعي، وفي الحالات التي تكون السياسه النقديه غير فعاله، فبأمكان الحكومات الأعتماد على السياسه الماليه اما بزيادة الأنفاق او بخفض الضرائب"،  ولم تقبل اقتراحات "كينز" من قبل الولايات المتحده الأمريكيه، التي رأت فيها محاولة كما يقول "د. غازي صالح" من انكلترا للأستفاده من قدرة الأقتصاد الأمريكي، مع الحيلوله من دون السيطره على الدولار في المعاملات الدوليه، لذلك قدمت اقتراحات مقابله صاغها "هوايت" وضعت اساس لتأسيس الصندوق النقد الدولي،

 

على ان انشاءه لتثبيت اسعار الصرف... وأهتمت خطته "هوايت" بضرورة حماية اسعار الصرف والعمل على

تثبيتها. كما ويضع بعض الأقتصاديين عدد من الأهداف لصندوق النقد الدولي، يمكن تلخيصها بما يلي:

 

1.    تقوية التعاون النقدي الدولي، اي التعاون بين الدول لحل مشاكل النقد الدولي عن طريق الحوار وتبادل الرأي.

2.    أقامة نظام صرف ثابت، مع توفير مرونه محدده في اطار هذا الثبات لأسعار الصرف، والعمل على استقرار اسعار الصرف وتجنيب المنافسه في عمليات تخفيض العملات

3.    تقديم المشوره من قبل الصندوق للدول للأعضاء، وان تقدم الأعانه في وقت حاجتها وبشكل مستمر وتوفير التمويل اللازم، من اجل معالجة حالات الأختلال في ميزان المدفوعات.

4.    تسهيل التوسع والنمو المتوازن في التجاره الدوليه، وتخفيف القيود على عمليات التحويل الخارجي.

5.    تبني الصندوق سياسات التحرر المالي وعمل على تنفيذها.

6.    العمل على توازن واستقرار الحسابات الدوليه، وتقديم القروض قصيرة الأجل للدول ذات العجز في موازين مدفوعاتها.

 

        وعلى مايبدو، ان الصندوق النقد الدولي، اسندت إليه مهمة الحيلوله دون حدوث كساد عالمي آخر او ازمه اقتصاديه، كما حصلت ازمة عام 1929، وان يضغط دوليا، للحفاظ على الطلب الكلي العالمي، وفي مفهومه الأصلي كما يشير "ستكلتز"، استند " الصندوق" الى الأعتراف بأن الأسواق غالبا ما لاتعمل بشكل جيد – يمكن ان ينجم عنها بطاله هائله وربما تفشل في تسيير الأموال المطلوبه للبلدان لمساعدتها في استعادة اقتصاداتها وبناء على ذلك اسس "الصندوق" على الأعتقاد بوجود حاجة الى عمل جماعي على المستوى العالمي من اجل الأستقرار الأقتصادي... وهكذا جرت تثبت اهدافه... وعلى مر السنين منذ انبثاقه، تغير الصندوق كما يقول "البروفسور جوزيف كلينز" بشكل ملحوظ، فهو اسس بناء على اعتقاد بأن السوق غالبا، ماتعمل بشكل ردئ واما الأن فهو يتربع على هيمنة السوق بحماسه عقائديه ويكمل ايضا بأن اسس على الأعتقاد بوجود حاجه لممارسة ضغط دولي على البلدان من اجل اعتماد المزيد من السياسات الأقتصاديه التوسعيه – كزيادة الأتفاق وتقليل الضرائب او خفض معدلات الفائده لتحفيز الأقتصاد... واليوم يقول ستكلنز Joseph E. Stigltiz، لايمنح الصندوق اموالا الا اذا اعتمدت البلدان سياسات كخفض العجوزات وزيادة الضرائب او زيادة معدلات الفائده مما يؤدي الى انكماش الأقتصاد... وتأسسا على هذه الأفكار، فأن الصندوق النقد الدولي، لم يعد حاجة عمل جماعي على المستوى العالمي من اجل الأستقرار الأقتصادي، وبات يتعارض مع الأهداف التي وضعت منذ نشوءه، مالم تخضع هذه الدول لفلسفته العقائديه، كما يشير الى ذلك جوزيف ستكلتز.

 

2. البنك الدولي للأعمار والتنميه The International Bank for reconstruction & Development (IBRD)

 

        يعد هذا البنك (المصرف) مؤسسه ماليه دوليه، ويختصر عادة بأسم البنك الدولي (WB)، وله رأسمال ساهمت به الدول المشتركه في تأسيسه، ويفترض ان وظيفته هو مساعدة الدول الأعضاء على اعادة البناء والتنميه، من خلال تقديم القروض الدوليه الطويلة الأجل وتشجيع حركة الأستثمارات الدوليه، لتنمية وسائل انتاجها وتحسين قدرتها وتطويرها، وان عمليات التمويل التي يقوم بها، تتم من خلال الأدوات التمويليه ومنها السندات، وتوفير الضمانات الكافيه للمقترضين، ويوفر الخبرات العلميه والمهنيه في تقييم المشاريع، وخاصة بالنسبه للدول الناميه، كما يفهم من اهداف تأسسيه، بالأضافه الى تحقيق النمو المتوازن للتجاره الدوليه.

 

3. منظمة التجاره العالميه World Trade Organization

 

        وهي المنظمه المنبثقه عن مؤتمر "Bretton Woods" بهدف تعزيز التعاون الدولي في التجاره، بيد ان هذه المنظمه، لم تدخل حيز التنفيذ، وانما ابتدأت بمنظمة الأتفاقيه العامه للتعريفات والتجاره (General Agreement for Tariffs and Trade: GATT) التي انشأت في عام 1948، وهكذا تشكل نظام النقد الدولي وامتد للفتره (47-1971)، حيث اطلق عليه بنظام سعر الصرف الثابت القابله للتعديل (The Adjustable Peg)، ومؤداه، يتوجب - على كل عضو في الصندوق – ان يحدد قيمة عملته اما بمقدار من الذهب او بعدد من الدولارات الأمريكيه، وطبقا للماده الرابعه الفقرتين 4،3 من اتفاقية بريتون وودز لعام 1945، التي تنص، لثبت القيمه السوقيه للعمله ضمن حدود  1% من القيمه المعادله Par Value، وكان الدولار انذاك يعادل 1/35 اونس ذهب (اي ان الأونس الواحد من الذهب يعادل 35 دولار امريكي "كما اشير الى ذلك من قبل" ومنذ ذلك الوقت يقول "عرفان تقي الحسيني" تعززت قاعدة الصرف بالدولار عالميا كبديل لقاعدة الصرف بالذهب التي تشكل الأساس النظري لنظام Bretton Woods، وهكذا اصبحت العمله الأمريكيه، هي العمله الوحيده المعادله بالذهب وبه تقاس وتسوي كافة المعاملات النقديه في السوق الرأسمالي العالمي...

 

        بالأضافه الى ذلك ان "صندوق النقد الدولي + البنك الدولي + منظمة التجاره العالميه، هناك عدد كبير من المؤسسات الأخرى التي تلعب دورا في النظام الأقتصادي الدولي – عدد من البنوك الأقليميه + شقيقات صغار للبنك الدولي، وعدد من منظمات الأمم المتحده، كبرنامج الأمم المتحده الأنمائي (UNDP) او مؤتمر الأمم المتحده للتجاره والتنميه (UNCTAD)... وغير ان هاتان المنظمتان، لهما توجهات مختلفه احيانا عن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

 

        وفي آب 1971، انهيار نظام (Bretton Woods) للنقد الدولي، حيث اعلن الرئيس الأمريكي نيكسون Neckson في 15 آب 1971، بعدم التزام بلده بشراء وبيع الذهب مقابل الدولار، وبذلك انهار نظام السعر الثابت "نظام بريتون وودز" اي نظام: قابلية الأستبدال التلقائيه Automatic Tranferability للدولار الى الذهب ملغية معه اتفاقية الصندوق (IMF) حتى دون الرجوع الى ادارة الصندوق في اتخاذ هذا القرار، منهية بذلك مرحلة من مسيرة نظام النقد الدولي. وبدأت الدول تعوم (Floating) عملاتها مقابل الدولار، بمعنى، ان تحدد القيمه الخارجيه لعملاتها مرفقا لتفاعل قوى السوق (الطلب والعرض)، ولكن ليست بحريه تامه وانما كانت الحكومه تتدخل للحفاظ على مستوى معقول من سعر تعادل عملتها، كما يشير الى ذلك "عرفان تقي الحسيني"... وتلخيصا لما يجري الحديث عنه، فأن مشكلات النظام النقدي الدولي لايمكن تناولها دون تشخيص المشكلات الأقتصاديه، ولكون النظام النقدي الدولي هو جزء من حركة النظام الأقتصادي الدولي ككل، وقد اشار الباحث في دراسات اخرى "بحوث" لهذه المشكلات العديده... ومعظم هذه المشكلات لازالت دون حلول وستبقى كذلك، طالما لاتوجد علاقات تكافؤ بين الدول المتقدمه والدول الناميه او بين المركز والأطراف، كما يحلو لبعض الأقتصاديين تسميتها.

 

المصدر: عباس الفياض
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 179/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
58 تصويتات / 12579 مشاهدة
نشرت فى 1 نوفمبر 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,764,487

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters