1- المنطق الأساسي في إدارة الأداء
تقوم فكرة إدارة الأداء على منطق بسيط هو أن الأداء المتميز المحقق للغرض منه يتطلب توفر العناصر التالية:
- تصميم العمل بطريقة علمية سليمة يحدد الأداء المطلوب وطريقته والنتائج المتوقعة حين تمام التنفيذ.
- توفير مستلزمات الأداء المادية والتقنية من مواد، معدات، معلومات، وغير ذلك من موارد يتطلبها التنفيذ السليم للعمل حسب التصميم الموضوع.
- تهيئة الظروف المحيطة بمكان تنفيذ العمل بما يتوافق ومتطلبات التنفيذ السليم.
- توفير الفرد أو الأفراد المؤهلين للقيام بالعمل، وإعدادهم وتدريبهم على طرق الأداء الصحيحة، وتوفير المعلومات الكاملة عن خطة الأداء وأهدافه والمعدلات المحددة ومستويات الجودة ومعايير تقييم النتائج.
- متابعة الأداء وملاحظة ما يقوم به الفرد أثناء العمل وتزويده بالمعلومات المتجددة. وتخطي ما قد يصادفه من عقبات.
- رصد نتائج التنفيذ وتقييمها بالقياس إلى الأهداف والمعدلات المحددة، وتعويض العامل عن أداءه وفق نتائج التقييم.
2- عناصر إدارة الأداء
بناء على المنطق السابق، تتكون إدارة الأداء من عدة عمليات متشابكة ومتكاملة تهدف إلى ضمان وصول الأفراد إلى نتائج الأداء المستهدفة وبما يحقق غايات المنظمة ذاتها. وتضم إدارة الأداء عمليات تخطيط الأداء، توجيه الأداء، تشخيص الأداء، تحسين الأداء، وتطوير الأداء.
وتتوجه إدارة الأداء من خلال السيطرة على أداء الموارد البشرية إلى السيطرة بالتالي على أداء جميع الموارد الأخرى المستخدمة في النشاط. فالفرد الذي يؤدي عملاً معيناً يستخدم فيه موارد مادية، مالية، تقنية، ومعلوماتية وغيرها سوف يطبق الأساليب والمعايير المعتمدة في خطة الأداء بما يضمن الاستخدام الأمثل لتلك الموارد المساعدة.
3. نتائج إدارة الأداء
تنطلق إدارة الأداء من أن العنصر الحاسم في كفاءة الأداء وفعاليته هو استثمار وتنمية قدرات الأفراد وحفزهم للإجادة في الأداء، وأن القدرة الإنتاجية للمنظمات تتكون وتنمو بالتخطيط والإعداد والعمل المستمر للتحسين والتطوير في كل مجالات الأداء، وأن العمل البشري المنظم والمخطط هو أساس بناء تلك القدرات الإنتاجية. وبذلك يتحقق عن تطبيق نظام إدارة الأداء النتائج الإيجابية التالية:
- تحسين الإنتاجية والأداء طبقاً للمواصفات، وتحسين جودة العمليات والمنتجات وحسن استخدام وسائل الإنتاج، وتخفيض أو منع العيوب والأخطاء.
- تخفيض تكاليف الإنتاج، وترشيد تكلفة الصيانة والإصلاح وإعادة تشغيل المنتجات المعيبة.
- تطوير المنتجات وتنويع مجالات استخدامها وتخفيض تكلفة تشغيلها وصيانتها بواسطة المستخدمين، وابتكار منتجات وأساليب وسائل إنتاج متطورة دائماً.
4. مشكلة التقنية في إدارة الأداء
تمثل التقنية محوراً مهماً في الأداء لمختلف أنواع العمال، ومن ثم يصبح تصميم الأداء متأثراً بالاختيار الصحيح للتقنيات المناسبة وإدماج تلك التقنيات في خطة الأداء بما يسمح للفرد القائم بالعمل استيعابها وتفعيلها على وجهها الصحيح.
يتم التوفيق بين اعتبارات إدارة التقنية ومتطلبات إدارة الأداء على النحو التالي:
- تحديد الاحتياجات التقنية على ضوء متطلبات الأداء وليس العكس، إذ في كثير من الأحيان تلجأ المنظمات إلى شراء تقنيات جديدة ومعقدة بدعوى أنها التقنيات الأحدث دون أن تدرس مدى توافقها مع متطلبات الأداء أو القدرة على استيعابها في ظروف الأداء السائدة.
- حصر التقنيات المتاحة بالمنظمة وتقييم درجة استيعابها من القائمين بالأداء، ومدى استثمارها في أنشطة الأداء المختلفة.
- تقدير مدى الحاجة إلى تحسين التقنيات أو تطويرها و تغييرها في ضوء مستويات الأداء وخطط تحسينه وتطويره. وكذا تقدير الفجوة التقنية التي تفصل المنظمة عن منافسيها، ودراسة التكلفة والعائد في حالة محاولة سد تلك الفجوة التقنية.
- تشكيل الحزمة التقنية المتكاملة والمتناسقة مع متطلبات الأداء في المنظمة، والتأكد من تفعيلها وصيانتها وتحديثها وفق تطورات الأداء.
5. مظاهر الصعوبة في إدارة الأداء
تعترض تطبيق نظم إدارة الأداء صعوبات متعددة أهمها:
- تبدو الصعوبة الأولى في تطبيق نظام إدارة الأداء من كونها تتعلق بالعامل البشري واحتمالات الخلاف في الاتجاهات والرغبات والإدراك بين الرؤساء والمرؤوسين، لذا فإن التحدي أن تجد الإدارة وسيلة لإدارة الأداء تكون واضحة ومقبولة من العاملين، وتحقق أهداف الإدارة والعاملين في نفس الوقت.
- الصعوبة الثانية في نظم إدارة الأداء هي أهمية التنسيق والتوازن بين مكونات النظام الأساسية: أهداف النظام، معايير النظام، وإجراءات النظام بمعنى ألا تستغرق الإجراءات جل اهتمام الإدارة مثلاً وتتجاهل الأهداف التي كانت وراء إدخال النظام، كما أن التنفيذ الصحيح لفكرة إدارة الأداء يتطلب التناغم المستمر بين الأهداف ومعايير التقييم لنتائج الأداء.
- والصعوبة الثالثة في نظم إدارة الأداء هي التناقض الطبيعي بين متطلبات العمل ومتطلبات العامل الذي يؤدي العمل. من ناحية متطلبات العمل يكون التركيز عادة على كمية الأداء وسرعته ومستوى الجودة المطلوب وحرفية الأداء بمعنى التقنية المطبقة. أما متطلبات العامل فيكون التركيز من جهة العمال عادة هو السعي إلى الأداء المريح الذي تتوفر له سعة من الوقت، والرغبة في فترات راحة أكثر وضغوط أقل من جانب المشرفين مثلاً، والتجاوز عن الأخطاء والهنات التي يراها العامل بسيطة أو غير مؤثرة في جودة العمل، ثم في النهاية يريد العامل عادة ثباتاً نسبياً في معدلات الأداء المفروضة عليه.
أسباب تردد المديرين في تطبيق إدارة الأداء
- الرغبة في التحرر وعدم الالتزام بأسلوب محدد ونظام معتمد في كيفية التعامل مع المرؤوسين.
- الشعور بزيادة الأعباء التي يفرضها نظام إدارة الأداء من حيث النماذج المطلوب استيفاءها وعبء العمل الورقي.
- السعي إلى تفادي المواقف التي يضطر فيها المدير إلى المناقشة والجدل مع المرؤوسين لإثبات صحة تقييمه لمستوى أداءهم.
- الميل إلى التخفف من القيود التي يفرضها النظام على حرية ووقت المدير.
من جانب آخر يثير العاملون اعتراضات ضد نظام إدارة الأداء حيث يتصورون أن الإدارة تهتم بالعمل أكثر من اهتمامها بالجانب الإنساني، كما أنهم لا يطيقون التعامل بمنطق المعايير الجامدة وأهداف الأداء المحددة التي يحددها النظام فضلاً عن التشكك في أن تطبيق مثل هذه النظم يدفع العاملين إلى التنافس والتصارع فيما بينهم الأمر الذي يضعف مواقفهم حيال الإدارة. ونجحت الإدارة المتفهمة لمزايا نظام إدارة الأداء في توضيح أبعاده وأهدافه لكل من المديرين والعاملين على السواء باعتباره نظام مفيد للطرفين وفق المنطق التالي:
- أن إدارة الأداء نظام يساعد الأفراد على تجويد العمل وتحقيق أهدافهم، وليس مجرد نظام للحصول منهم على أكبر إنتاج.
- توضيح أهمية النظام في تنمية قدرات ومهارات الإنسان، أكثر من كونه نظام للمحاسبة والمساءلة.
- بيان الدور الإيجابي للمورد البشري في النظام حيث يشارك في تخطيط الأداء وتقييم النتائج.
- تأكيد أن إدارة الأداء مشاركة بين الإدارة والعاملين وأن الهدف تحسين الأداء لمصلحة الطرفين، وأن المكافأة على الأداء المتميز هي هدف النظام وليس العقاب على الأداء المخالف للمواصفات.
6. المعايير الأساسية لنظام إدارة الأداء الفعال
أهمية المعايير التالية التي لابد من توافرها حتى يحقق النظام أهدافه:
- وضوح معايير تحديد الأداء المستهدف.
- العناية بتوصيل معايير الأداء المستهدف للعاملين بوضوح.
- تأكيد مشاركة العاملين في مناقشة مستويات الأداء المستهدف والاتفاق عليها.
- وضوح أساليب تحري أسباب الأداء الضعيف وطرق معالجته.
- وضوح آليات نظام إدارة لأداء وترشيد الوقت المستغرق في الإجراءات.
- استكمال المقومات التنظيمية للنظام وضرورة استناده إلى نظم معلومات فعال، وتوفر نظام مرن لإعادة هندسة العمليات وتطوير الأداء.
- وجود نظام للتخطيط الاستراتيجي يكون المصدر الذي تستمد منه أهداف الأداء في مختلف مجالات النشاط.
- إدارة فعالة للموارد البشرية الاستراتيجية تطبق مفاهيمها الحديثة وفي مقدمتها نظام فعال للحوافز يرتبط بنتائج الأداء.
7- بعض القضايا الأساسية في إدارة الأداء
- أهمية التعامل مع مفهوم الأداء من منظور شامل يجمع عناصره البشرية والمادية والتقنية والتنظيمية جميعاً في إطار متناسق ومتكامل، وعدم التجاوز بالتركيز على بعض العناصر والتغافل عن البعض الآخر.
- أهمية إدماج معطيات وعناصر وبرامج إدارة الأداء ضمن الاستراتيجية العامة لإدارة الموارد البشرية من جانب، وتضمينها في الاستراتيجيات الوظيفية لمختلف عمليات المنظمة الإنتاجية، والتسويقية، والتمويلية، والتقنية، والإدارية عموماً.
- ضرورة النظر إلى قضايا التطوير والتحديث وإعادة الهندسة أو إعادة الهيكلة في المنظمات من منظور إدارة الأداء واستهداف تطوير الأداء في نهاية الأمر.
- أهمية مراعاة الأبعاد الثقافية والاجتماعية للموارد البشرية واختلاف مستوياتهم الفكرية، وأخذ هذه الفروق في الاعتبار عند تصميم الأعمال وإعداد خطط الأداء وتحديد معايير التقييم.
- أهمية التركيز في تصميم الأعمال وتخطيط الأداء على تضمينها أبعاداً تستثمر وتستثير الطاقات الذهنية والقدرات الفكرية للموارد البشرية باعتبار رأس المال الفكري أهم ما تملكه المنظمة المعاصرة.
- أهمية مراعاة البعد التقني وإدماج تقنيات المعلومات والاتصالات في تصميم الأعمال، واستثمار الفرص الناشئة عنها في مختلف عمليات إدارة الأداء.
- اعتبار آثار العولمة ومتطلبات التعامل في أسواق مختلفة ذات ظروف ومعطيات محلية متباينة، وتضمين مواصفات الأفراد القائمين بالعمل ما يتعامل مع تلك التحديات.