تتوقف جودة عملية استقطاب الموظفين إلى حد كبير على جودة المصدر الذي تعتمد عليه المنظمة في اختيار الأفراد المرشحين لشغل الوظائف الشاغرة، وتتعدد مصادر الاستقطاب التي يمكن أن تعتمد عليها المنظمة، غير أننا يمكن بصفة أساسية أن نقسم تلك المصادر إلى نوعين أساسين من المصادر هما: المصادر الداخلية والمصادر الخارجية للاستقطاب"، هذا عزيزي القارئ ما سنتناوله في هذا المقال، وإليك عناصر المقال:
1- مصادر الاستقطاب.
2- تقييم الاستقطاب.
أولًا ـ مصادر الاستقطاب:
يتوقف نجاح عملية الاستقطاب جزئيًّا على مدى التوافق بين مصادر الاستقطاب ونوعية الوظائف المراد شغلها، فعلى سبيل المثال، من المرجح أن تتم قراءة إعلان في جريدة متخصصة بالشأن الاقتصادي عن طلب أحد الهيئات والذي تبحث فيه الهيئة عن وظيفة محلل اقتصادي للعمل بإدارة البحوث بها، أما لو تم نشر هذا الإعلان في جريدة رياضية مثلًا فبالتأكيد لن يكون هذا من المناسب، وستجد الاستجابة ضعيفة لإعلانها.
وبصفة عامة يمكن التمييز بين نوعين من مصادر استقطاب العمالة؛ وهما المصادر الداخلية والمصادر الخارجية، وفيما يلي عرضًا موجزًا لهذه المصادر:
1. المصادر الداخلية:
يقول د. زكي محمود هاشم فيقول: (تتمثل المصادر الداخلية للاستقطاب أساسًا في العاملين الحاليين بالمنظمة، حيث يتم اجتذابهم للتحرك الأفقي بالنقل لوظائف أخرى على مستوى وظائفهم، سواءً كانوا في نفس إدارتهم وأقسامهم أو في إدارات وأقسام أخرى بالمنظمة، أو للتحرك الرأسي بالترقية لوظائف ذات مستوى أعلى من وظائفهم الحالية).
وقد يتم حصر الأفراد الذين ستوجه الجهود لاستقطابهم للتقدم للوظائف الشاغرة عن طريق مراجعة سجلات العاملين في المنظمة أو كشوف الأقدمية أو غير ذلك من المصادر، وفي ذلك يقول الدكتور أحمد ماهر: (المقصود بالمصادر الداخلية في الموارد البشرية المتاحة داخل المنظمة، والتي يمكن اللجوء لهذه المصادر في حالة الوظائف الإشرافية، أو الوظائف التي تحتاج لخبرات قد لا تتوافر خارج المنظمة)، ومن أهم هذه المصادر ما يلي:
أ. الترقية:
ويلجأ المدير إلى هذا الصدد في حالة الرغبة في شغل بعض الوظائف الإشرافية أو القيادية.
ب. الإعلان الداخلي:
تستخدم العديد من المنظمات لوحة الإعلانات الداخلية للإعلان عن الوظيفة الشاغرة في المنظمة.
ت. عن طريق الزملاء والمعارف والأصدقاء:
عندما تكون لدى الشركة الرغبة في شغل إحدى الوظائف ذات التخصصات النادرة، وغير المتوفرة بكثرة، خاصة في التخصصات التقنية أو الفنية الدقيقة.
2. المصادر الخارجية:
ويقصد بها تلك المصادر التي تمد المنظمة باحتياجاتها من الموارد البشرية وقد يقصد بها أيضًا سوق العمل، وذلك في الحالات التي لا تفي فيها المصادر الداخلية بحاجات المنظمة من العمالة، وفيما يلي عرضًا موجزًا لأهم المصادر الخارجية:
أ. الإعلان:
من الملاحظ أن هناك تركيزًا على الإعلان كمصدر توفير انتقائي للأفراد، ويتم ذلك من خلال أسلوبين أساسين، الأول: أنه يمكن نشر الإعلانات في الوسائل التي تُقرأ فقط بواسطة مجموعات مهنية معينة، على سبيل المثال مجلة للإدارة.
أما الأسلوب الثاني: فيتمثل في نشر إعلان في صحيفة عامة تحتوي على معلومات كثيرة عن المنظمة، والوظيفة، ومواصفات شغلها التي يمكن أن تفيد في عملية التصفية الذاتية.
ب. مكاتب التوظيف:
تساهم مكاتب التوظف على كافة أنواعها، سواءً كانت عامة أو خاصة، مساهمة إيجابية في تحقيق الاتصال بين المطلوب من الكفاءات المختلفة والمعروض منها، وعلى سبيل المثال تقوم بهذه المهمة مكاتب وزارات القوى العاملة أو وزارات التشغيل في عدد من الدول العربية.
ت. المدارس والكليات:
تعتبر المدارس والمعاهد الفنية المتخصصة، وكذلك الجامعات من المصادر المهمة في الحصول على الموارد البشرية، فقد تلجأ بعض الشركات إلى إقامة علاقات وطيدة بالمدارس الفنية والمعاهد والجامعات بغرض جذب خريجيها للعمل بها.
ث. توصيات العاملين الحاليين:
وذلك عندما يُسأل العاملون الحاليون عن آرائهم ومقترحاتهم بخصوص عاملين جدد، فالموظف الحالي يكون على علم باحتياجات المنظمة من الأفراد، وفي نفس الوقت لديه فكرة عن الشخص الذي يريد تعيينه، وبالتالي يقوم بالتوفيق بين كلا الجانبين.
ج. المتقدمين العرضيين:
ونعني به الأسلوب الذي تشكل فيه طلبات التوظيف التي تقدم باليد أو البريد مصدرًا هامًا للأفراد، حيث تقوم المنظمة بالاحتفاظ بطلبات التقدم التي يملؤها الأفراد والتي تتضمن بيانات كاملة عنهم وعن مستوى تعليمهم، ثم تقوم إدارة الموارد البشرية بتصنيف هذه الطلبات على أن تقوم بالاتصال بأصحابها عند الحاجة إليهم.
ح. الوسائل الإلكترونية:
تستفيد العديد من المنظمات من التقدم غير المسبوق في مجال تكنولوجيا المعلومات وخاصة في مجال الاستقطاب، ويتميز هذا المصدر بسرعة الحصول على طلبات التوظيف، ففي الولايات المتحدة وحدها توجد نحو 160 مؤسسة تقوم ببيع قواعد معلومات عن كافة فئات الخبراء والتخصصات، وتساعد هذه الإدارة في الوصول إلى فئات العاملين المستهدفة في أقل وقت ممكن.
وفيما يلي جدول مقارنة بين مزايا وعيوب كل من نوعي الاستقطاب الداخلي والخارجي:
|
المميزات |
العيوب |
المصادر الداخلية |
- تشجيع الأفراد الأكفاء ذوي الطموح، حيث يوفر للمنظمة عمالة لديها خبرات بالعمل ولا تحتاج لتدريب. - التنبؤ بإمكانية النجاح في العمل الجديد، نظرًا لتوافر المعلومات عن الأداء. - وسيلة جيدة لتنمية العلاقات مع العاملين. - رفع الروح المعنوية للعاملين. - انخفاض التكلفة بالمقارنة بالاستقطاب الخارجي. - تنمية الولاء التنظيمي؛ بحيث يدرك العامليين الحاليين تقدير الإدارة لقدراتهم وكفاءتهم وتفضيلهم لشغل الوظائف الأعلى الشاغرة بالمنظمة. - الشعور بالأمن بدرجة أكبر مما يؤدي إلى تحفيز العامليين على زيادة وتحسين إنتاجيتهم لتأهيل أنفسهم للترقيات. - معرفة ودراية العاملين الحاليين بظروف وأوضاع وسياسات المنظمة. |
- عدم إتاحته الفرصة لدفع دم جديد في المنظمة بمعنى استقطاب أفراد من خارج المنظمة ذوي خلفيات وخبرات ووجهات نظر أوسع، وخاصة إذا لم يتوافر بالمنظمة أفراد لهم خصائص وقدرات من النوع المطلوب. - قد يؤدي إلى التأثير السلبي على معنويات أولئك الذين لم يقع عليهم الاختيار. - استخدام المصادر الداخلية قد يتولد عنه الصراع والخلافات والمنافسة الضارة، ومن ثم التأثير على الأداء.
|
المصادر الخارجية |
- إتاحة الفرصة لتغذية المنظمة بدم جديد وأفكار جديدة وخبرات متنوعة ووجهات نظر واسعة وخاصة في المواقف التي تتطلب قدرات ومواهب ومهارات إدارية أو فنية عالية غير متوافرة في العاملين الحاليين بالمنظمة. - توفير فرص استقطاب أفراد ذوي كفاءة وخبرة، مما يقلل من جهود وتكلفة التدريب. - استقطاب أفراد في حالة الرغبة في شغل وظائف مؤقته أو للمعاونة في مشروعات معينة أو للمساعدة في مواسم رواج الأعمال، وهو أمر يحقق للمنظمة درجة أكبر من المرونة في عملية التوظيف.
|
- احتمالية التسبب في هبوط معنويات العاملين بالمنظمة نتيجة تقييد ترقياتهم لوظائف أعلى وتفضيل ترشيح أفراد من خارج المنظمة لشغلها. - عدم معايشة أفراد هذه المصادر الخارجية للاستقطاب لظروف وأوضاع المنظمة مما قد يقتضي وقتًا طويلًا نسبيًا لتحقيق توافقهم وتكيفهم مع المنظمة.
|
وعليه ينصح الدكتور جمال الدين محمد المرسي: (أن على المنظمة أن توازن دائمًا بين مزايا وعيوب استخدام المصادر الداخلية والخارجية بالنسبة لكل نوعية من نوعيات الوظائف التي تبحث في شغلها).
ثالثًا ـ تقييم عملية الاستقطاب:
يقول الدكتور جمال الدين محمد المرسي: (يتم الحكم على فاعلية برنامج الاستقطاب بصفة عامة؛ من خلال استخدام مجموعة متنوعة من المقاييس من بينها:
- عدد المتقدمين لشغل الوظائف الشاغرة.
- عدد الأفراد الذين يتم تعيينهم بالفعل.
- عدد حالات التعيين النهائي الناجحة والتي اجتازت فترة الاختبار.
وعلى الرغم من أن عدد الأفراد الذين يمكن جذبهم بالطرق المختلفة، وكذلك عدد الأفراد الذين يتم تعيينهم بالفعل يعتبران بمثابة مؤشرات هامة للحكم على فعالية برنامج الاستقطاب وقياس كفاءته، إلا أن الاختبار الحقيقي لكفاءة البرنامج يكمن في استمرار هؤلاء الأفراد واستقرارهم بالوظائف التي تم اختيارهم من أجل شغلها).
ويقول الدكتور زكي محمود هاشم: (تسعى عملية الاستقطاب إلى اجتذاب عدد كافٍ من المرشحين الملائمين؛ بما يكفل اختيار أكثرهم مناسبة لشغل الوظائف في الوقت المناسب، وإذا نجحت المنظمة في أن تجتذب عناصر بشرية ذات كفاءة وفعالية، ولديهم قدرة على الأداء بدرجة ملائمة، ولديهم صورة واقعية عن حقيقة المنظمة وظروفها، ويرغبون في البقاء كأعضاء في المنظمة لفترة طويلة، ولديهم شعور بالرضا عن المنظمة وعن الأعمال التي يؤدونها حيث هي تناسب وتوافق حاجاتهم وقدراتهم واهتماماتهم، فإن ذلك كله يدل على نجاح وفعالية عملية الاستقطاب).
لهذا عزيزي القارئ إذا ما أردت أن تستقطب بعض العاملين لديك عليك أن تعتني جيدًا بمصادرك؛ فإنها ستساعدك لاستقطاب أفراد ذوي كفاءة عالية تنهض بمؤسستك حتى تصل بها إلى النجاح، ولا يمنع ذلك أن تقيم عملية الاستقطاب حتى تستخلص أي المصادر التي تناسبك، وأخيرًا نتمنى لك حسن اختيار أفراد مؤسستك وذلك من خلال عملية الاختبار والتي سوف نتعرف عليها في المقال القادم بإذن الله.
أهم المراجع:
1- إدارة الموارد البشرية، د.أحمد ماهر.
2- إدارة الموارد البشرية، د.زكي محمود هاشم.
3- الأدارة الاستراتيجية للموارد البشرية، د.جمال الدين محمد المرسي.
4- إدارة الموارد البشرية رؤية استراتيجية، د.عادل محمد زايد.