هل تعرف ما معنى مصطلح "القيمة الاقتصادية المضافة" أو ما يعرف بـ Economic Value Added (EVA)؟ إنها واحدة من أحدث أدوات التحليل المالية في العالم اليوم، فما هي؟ وما هي أهميتها؟ وكيف يتم حسابها؟

أولًا ـ تعريفها:

القيمة الاقتصادية المضافة هو مصطلح تم وضعه كعلامة تجارية بواسطة مؤسسة ستيرن ستوارت آند كو (Stern Stewart & co.)، وتعرف بأنها: (هي الربح أو الخسارة الذي يتبقى بعد طرح ثمن تكلفة جميع أنواع رأس المال المستعمل).

ثانيًا ـ أهميتها:

القيمة الاقتصادية المضافة هي أقرب معيار المالي في إظهار الربح الاقتصادي الحقيقي للمنظمة.

القيمة الاقتصادية المضافة تجعل المديرين يركزون على السؤال: كم ستولد الشركة عوائد فوق تكلفة رأس المال لأي استثمار مطروح؟

وهناك مجموعة من الأسباب التي توضح أهمية استخدام القيمة الاقتصادية المضافة ومنها:

-         أنها الطريقة الصحيحة لحساب أرباح حملة الأسهم:

إدخال تكلفة رأس المال في الحسبان هو أهم ما يميز "القيمة الاقتصادية المضافة"، فمن خلال الطرق المحاسبية التقليدية قد تبدو الشركات رابحة ولكن الكثير منها في الحقيقة لم يربح.

يقول بيتر دراكر: (إلى أن تكسب الشركة عائدات أكبر من تكلفة رأس مالها، تعتبر تعمل بخسارة، إنها بذلك لا تحقق ثروة بل هي تتدمر).

ومن ثم تصحح "القيمة الاقتصادية المضافة" هذا الخطأ المحاسبي بوضع تكلفة رأس المال في الحسبان، إنها تفرض على المديرين أن يعملوا على التعويض عن رأس المال الذي يستخدمونه في مشاريعهم.

-         معيار مالي يفهمه المديرون التنفيذيون:

لدى "القيمة الاقتصادية المضافة" الميزة أن مبادئها بسيطة ومن السهل شرحها للمديرين غير الماليين، في الغالب يجد المديرون غير الماليين صعوبة في فهم الأدوات المالية؛ "القيمة الاقتصادية المضافة" تستطيع تسهيل عملية الاتصال من خلال سهولة فهمها مما يعظم من التكاتف داخل المنظمة.

-         تحقق الاتساق بين القرارات الإدارية وثروة حملة الأسهم:

لقد ابتكر ستيرن ستيوارت "القيمة الاقتصادية المضافة"؛ ليساعد المديرين على استعمال قاعدتين ماليتين أساسيتين أثناء عملية اتخاذ القرار، وهما:

القاعدة الأولى: الهدف المالي الأولي لأي شركة يجب أن يكون زيادة ثروة حملة الأسهم.

القاعدة الثانية: قيمة الشركة تعتمد على درجة توقع المستثمرين لمدى تعدي الأرباح المستقبلية تكلفة رأس المال.

-         إنهاء تشويش تنوع الأهداف:

معظم الشركات تستخدم معايير مختلفة للتعبير عن الأهداف المالية، فمثلًا الخطط الاستراتيجية يتم التعبير عنها بواسطة النمو في الأرباح وحصة السوق، بينما المنتجات وخطوط الإنتاج داخل العمل يتم التعبير عن أدائها المالي بهوامش الأرباح أو تدفقاتها النقدية، في حين نجد أن وحدات الأعمال يتم تقييمها بواسطة العائد على رأس المال أو بالمقارنة بمستوى الربح المتوقع في الموازنة.

النتيجة لحتمية لعدم الاتساق في القياسات والأهداف والمفاهيم غالبًا ما تكون التفكك في التخطيط والاستراتيجية والقرارات، ولكن "القيمة الاقتصادية المضافة" تجنبنا مثل هذا التفكك والتشوش باستخدام معيار مالي واحد يربط بين جميع أنواع القرارات ويجعلها مركزة على شئ واحد: كيف يمكننا تحسين "القيمة الاقتصادية المضافة"؟

ثالثًا ـ كيفية حسابها:

ولكي تتعرف أكثر ـ عزيزي القارئ ـ على ما يعنيه مصطلح القيمة الاقتصادية المضافة، إليك مثالًا يتضح به المقال، فمثلًا لو كان صافي أرباح شركتك خلال العام بعد خصم الضرائب هو 10000 ريالًا، فهذا يعرف بالربح الصافي كما في الأنظمة المحاسبية التقليدية، وعلى أساسه يتم حساب أرباح الشركة وعائدها على الاستثمار.

ولحساب تلك القيمة الاقتصادية المضافة، تحتاج إلى حساب رأس المال المستثمر في الشركة لتحقيق هذا الربح بعد أن تستخرج الربح الصافي للشركة، فإن كان رأس مال الشركة قيمته 300000 ريالًا، عليك أولًا أن تضع نسبة تكلفة لرأس المال المستعمل، ثم تطرح هذه التكلفة من الربح الصافي.

المعادلة الأولى

نسبة تكلفة رأس المال المستعمل × رأس المال = تكلفة رأس المال

 

فمثلًا: إن كانت نسبة تكلفة رأس المال المستعمل هو 10%، فإنك ستقوم بضرب 10% (رأس المال المستعمل ) × 300000 (رأس المال)= 30000      فتكون تلك هي تكلفة رأس المال.

المعادلة الثانية

القيمة الاقتصادية المضافة = الربح الصافي – تكلفة رأس المال

 

ففي المثال السابق، قم بطرح تكلفة رأس المال (30000 ريالًا) من الربح الصافي؛ لتحصل على القيمة الاقتصادية المضافة.

القمية الاقتصادية المضافة = 100000- 30000 = 70000

نستنتج من ذاك أن القيمة الاقتصادية المضافة تذهب إلى أبعد من النظم المحاسبية التقليدية بتضمنها تكلفة رأس المال المستعمل في حساباتها.

    لماذا يتم خصم تكلفة رأس المال؟

قد يتساءل متسائل ويقول: لماذا يتم خصم تكلفة رأس المال من الربح الصافي؟ على الرغم من أنني حقيقة في الواقع لا أقوم بدفع هذا المال وإنما يكون ذلك في الحسابات فقط؟ والرد على ذلك بأنه: قد يوجد فرصة بديلة أفضل لرأس المال المستثمر في هذا المشروع، فمثلًا بدلًا من أن أضع هذه الثلاثمائة ألف ريال في هذا المشروع، كان من الممكن أن أضعها في مصرف إسلامي بمتوسط معدل ربح 10% مثلًا، وبالتالي علي طرح تكلفة الفرصة البديلة من الربح الصافي.

عندما تكون القيمة الاقتصادية المضافة بالموجب فهذا يعني أن الشركة تولد عوائد من استثمار رأس المال هي أعلى من عائد الاستثمار في فرصة بديلة.

عندما تكون القيمة الاقتصادية المضافة بالسالب، فهذا يعني أن الشركة لم تولد عائد كافي لتغطية رأس المال .

ومن ثم فإن الربح قبل خصم الضرائب، إذا طرح منه الضرائب يساوي الربح الصافي (الربح المحاسبي)، وإذا طرح من الربح المحاسبي تكلفة رأس المال نستطيع معرفة القيمة الاقتصادية المضافة.                                        

 

ومن هنا نعرف أن القيمة الاقتصادية المضافة تقيس الربح الاقتصادي وليس الربح المحاسبي، والفرق بين الربح الاقتصادي والربح المحاسبي هو تكلفة رأس المال، حيث أن المحاسب لا يخصم تكلفة رأس المال المستعمل في المشروع، بينما يخصم الاقتصادي تكلفة الفرصة البديلة لرأس المال المستعمل في المشروع.

وبالتالي المبدأ الأساسي هو أن القيمة الاقتصادية المضافة لا تقوم بحساب ما إذا كان المشروع أو الصفقة مربحة أم لا ؟ ولكن تقيس إذا ما كان الربح الناتج كافٍ لتعويض رأس المال المستعمل في المشروع أم كان يمكن استغلاله في فرصة بديلة أخرى؟

وهكذا نستطيع أن نجد مشروعًا ما رابحًا بالنسبة للتقارير المحاسبية، بينما هو خاسر بالنسبة للتقارير الاقتصادية، وهذا في حالة إذا كان هذا الربح المحاسبي لا يغطي العائد المطلوب على رأس المال المستعمل.

النتيجة النهائية أنه حتى الشركات الرابحة ليست دائمًا تصنع قيمة حقيقية ما لم تكسب بالدرجة الكافية التي تؤهلها لتغطية تكاليف الديون التي عليها، وتكاليف الفرصة البديلة لاستعمال رأس المال.

بمرور الوقت، الشركة التي تعطي قيمة اقتصادية مضافة بالسالب، سيتجنبها المستثمرون؛ لأنها لا تعطي معدلًا كافيًّا على رأس المال وسيقوم المستثمرون بتحويل استثماراتهم إلى مكان آخر.

   تدريب عملي:

قامت شركة "س" بتحقيق مبيعات خلال العام تساوي 500 ألف ريال، بينما كانت تكلفة المبيعات تساوي 200 ألف ريال، وتدفع الشركة تكاليف تشغيلية تساوي 50 ألف ريال وتقوم بدفع 40% ضرائب على صافي الربح المحاسبي قبل الضريبة، كل تمويل الشركة من رأس المال الملاك ويساوي مليون ريال، والمطلوب هو حساب القيمة الاقتصادية المضافة إذا كانت نسبة تكلفة رأس المال 10% .

  حساب الأرباح:

المبيعات

500,000ريال

 

تكلفة المبيعات

200,000 ريال

 

الربح الإجمالي

300,000ريال

 

التكاليف التشغيلية

50,000ريال

 

الربح التشغيلي قبل الضريبة

250,000ريال

 

الضرائب

100,000ريال

 

الضرائب

150,000ريال

 

تكلفة رأس المال

100,000 (10% من مليون ريال)

 

القيمة الاقتصادية المضافة

50,000 ريال .

 

إذا كانت "القيمة الاقتصادية المضافة" إيجابية فالعمل يولد قيمة.

وأخيرًا فإن "القيمة الاقتصادية المضافة" هي النظام الإداري المالي الوحيد الذي يوفر لغة موحدة بين جميع الموظفين في المنظمة ويعطي طريقة متسقة وموحدة في عملية اتخاذ القرارات الإدارية وتوصيلها والرقابة عليها.

بعض نقاط الضعف التي نسبت إلى القيمة الاقتصادية المضافة وكيف رد عليها مناصروها ومدعموها.

نقطة الضعف الأولى:

       من الصعب حساب القيمة الاقتصادية المضافة للمنافع المتحققة من وراء استخدام تكنولوجيا جديدة، يعني على سبيل المثال، إذا قمنا بتطوير نظام التخزين في الشركة وجعلناه يحدث آليًّا، بدلًا من الطرق التقليدية في تسجيل المخزون، يكون من الصعب علينا تحديد المنافع المالية المتحققة من وراء ذلك بدقة، وبالتالي يكون من الصعب حساب القيمة الاقتصادية المضافة للاستثمار في هذه التكنولوجيا.

       وقد رد "بينيت ستوارت" ـ والذي ابتكر القيمة الاقتصادية المضافة ـ على ذلك فقال: (القيمة الاقتصادية المضافة لا تجعل عملية تحويل منافع تكنولوجيا الاتصالات إلى صورة كمية سهلة، ولكنها تخلق وضوحًا؛ بحيث أن كل عمليات الجمع والطرح المرتبطة بقرارات تكنولوجيا الاتصالات، تكون في الحسبان بطرق تجعل الشركات ـ التي لا تستخدم القيمة الاقتصادية المضافة ـ تجد من الصعب فعل ذلك).

       ويعني بذلك: أن القيمة الاقتصادية المضافة تضع في حسبانها جميع الحقائق والأرقام؛ بحيث تقترب من الحقيقة قدر الإمكان، وهذا الحال أفضل بكثير من عدم وجود أرقام أو حسابات للعائد من وراء استخدام التكنولوجيا.

مثال تطبيقي:

       قام "روبرت إيجان" ـ نائب مدير الاتصالات في مؤسسة "بواز كاسكايد" ـ بالاشتراك مع زملائه في عملية تحليل للاستثمار في التخزين، وكان القرار إما أن يحافظوا على أصول التخزين الموجودة حاليًا، أو أن يستبدلوها بتكنولوجيا حديثة لها تكاليف صيانة أقل، وكانت أرقام حساباتهم كالتالي:

أصول التكنولوجيا الحديثة تكلفتها = مليون دولار.

 تكلفة صيانة أصول التكنولوجيا الحديثة =  100,000 دولار في العام.

تكلفة صيانة الأصول القديمة = 350,000 دولار في العام.

تكلفة رأس المال في الشركة هو 16% ، لذلك ثمن رأس المال من وراء الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة هو 16%×1,000,000 = 160,000دولار، وهذا المبلغ يجب إضافته إلى 100,000 تكاليف الصيانة السنوية للتكنولوجيا الحديثة لحساب القيمة الاقتصادية المضافة المتحققة من وراء الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة.

النتيجة النهائية: التكلفة الكاملة للتكنولوجيا الحديثة هي 260،000 في العام في مقابل 350,000 للخزين القديم.

       وهنا يتساءل "إيجان": (هل في هذه الحالة قد قللت تكلفة التشغيل بالقدر الكافي للتعويض عن تكلفة رأس المال؟ نعم بما يقدر بحوالي90,000 دولار)، وبالتالي فإن الاستثمار في هذه التكنولوجيا يعد مربحًا.

نقطة الضعف الثانية:

       المنتقدون للقيمة الاقتصادية المضافة دائمًا يؤكدون على أنه بسبب وجود تكلفة على رأس المال، سيبتعد رؤساء الشركات التنفيذين عن الاستثمار من أجل النمو.

       وقد رد "س. شايث كوندراجونتا" ـ مدير فرع الهند لشركة "ستيرن ستيوارت آند كو" ـ على ذلك فقال: (وهذا الكلام صحيح جزئيًّا، وليس صحيح كليًّا: فالقيمة الاقتصادية المضافة تضع حدًا للقرارات الاستثمارية، التي لن تضيف قيمة للشركة، وعلى المدافعين عن النمو أن يعلموا أن النمو المرغوب فيه هو فقط ذلك النمو الذي يضيف قيمة اقتصادية للشركة).

       ويعني بذلك أن القيمة الاقتصادية المضافة، إنما تشجع النمو الذي يضيف قيمة للشركة، وأما مجرد النمو لأجل النمو دون تحقيق عائد اقتصادي للشركة، فهذا هو الذي تمنعه القيمة الاقتصادية المضافة.

ولنضرب مثالًا على ذلك:

       وفي ذلك المثال نحاول المقارنة بين عملاقين من عمالقة المشروبات الغازية في العصر الحديث، وهما شركة كوكاكولا، وشركة بيبسي.

       حيث قامت الشركة الأولى "كوكاكولا" باستخدام نظام القيمة الاقتصادية المضافة كأحد الأدوات الإدارية المالية الحديثة، بينما أحجمت الأخرى "بيبسي" عن استخدام تلك الوسيلة.

       خلال العشر سنين الماضية أضافت كوكاكولا 4,3 بليون دولار لرأسمالها، أي 58% نمو في رأس المال، بينما زاد رأس مال بيبسي بحوالي 19,6بليون دولار، أي 520% نمو في رأسمالها.

       وربما يبدو معدل الزيادة في رأس المال في شركة بيبسي أعلى بكثير من كوكاكولا، ولكن خلال هذه العشر سنين، استطاعت كوكاكولا بهذه الزيادة الضئيلة في رأس المال أن ترفع من قيمتها السوقية بحوالي 80,3 بليون دولار في حين رفعت بيبسي قيمتها السوقية بحوالي 27,7 بليون دولار فقط.

       وذلك أن كوكاكولا استطاعت أن تجد طرقًا أكثر ذكاء للنمو المربح من بيبسي باستخدامها للقيمة الاقتصادية المضافة.

مثال آخر:

       ولنضر على ذلك مثالَا آخر؛ فالمكتب الأمريكي لصناعة الأثاث ـ مؤسسة "هيرمن ميلر" ـ استطاع أيضًا رفع القيمة الاقتصادية المضافة لديه من خلال طرق ذكية للنمو المربح مثل كوكاكولا.

       وخلال سنتين ارتفعت المبيعات بحوالي 38%، في حين قللت الشركة من مساحة بنيانها بنحو أكثر من 15%، وفي آخر عام 1997م كانت القيمة الاقتصادية المضافة لمؤسسة ميلر 40 مليون دولار، يعني زيادة حوالي 300% عن 10 ملايين دولار المكونة في عام 1996م، وتم رفع سعر السهم من 11 دولار في أواخر عام 1995م إلى 36 دولار في أواخر عام 1997م.

خاتمة:

       بالطبع من الصعب أن يكون "ستيرن ستيوارت" ومؤيدوه غير متحيزين في ردودهم، فالأبحاث الجديدة تتحدى وجود علاقة قريبة بين ارتفاع "القيمة الاقتصادية المضافة" وارتفاع قيمة الأسهم.

       وعمومًا لا يزال تنامي شهرة مفهوم "القيمة الاقتصادية المضافة"، يعكس أهمية القاعدة المؤسسة عليها، ألا وهي أنه لا يجب إهمال تكلفة رأس المال، بل يجب أن يكون في طليعة اهتمامات المستثمرين.

المصدر: أ/محمد أحمد العطار
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 126/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
42 تصويتات / 5905 مشاهدة
نشرت فى 20 سبتمبر 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,250,919

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters