إن النصوص القرآنية المتعلقة بالحجاب واللباس الشرعي للمرأة تنحصر في سورتي (النور والأحزاب)، وتبين هذه النصوص الحكمة الشرعية من فرض هذا اللباس هو الحشمة ومنع التبرج والسفور والعري وغض البصر وصيانة الأعراض. من هذه النصوص قول الله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور31].
وقوله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور60]. المقصود بالقواعد: الكبيرات في السن اللائي انقطع عنهن دم الحيض. وعلى الرغم من أن الشارع سمح لهن بوضع ثيابهن بدون تبرج وزينة إلا أنه اختار لهن الاستعفاف فهو أكثر زينة وحفظا لهن {وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ}.
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [الأحزاب59].
كذلك نصت السنة النبوية على العديد من الأحاديث الخاصة بالحجاب واللباس الشرعي للمرأة، من هذه الأحاديث: أن عائشة رضي الله عنها كانت تقول: "لما نزلت هذه الآية: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن}، أخذن أزرهن فشققنها من قبل الحواشي، فاختمرن بها". [البخاري]
وعن عائشة أيضا أنها قالت: "كان عمر بن الخطاب يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم: احجب نساءك، قالت: فلم يفعل، وكان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يخرجن ليلاً إلى ليل قبل المناصع [أماكن في ناحية البقيع]، فخرجت سودة بنت زمعة، وكانت امرأة طويلة، فرآها عمر بن الخطاب وهو في المجلس، فقال: عرفناك يا سودة، حرصاً على أن ينزل الحجاب، قالت: فأنزل الله عز وجل آية الحجاب" [البخاري].
وعن عائشة أيضا أنها قالت: "لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن [الإزار] ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد" [البخاري].
صفات الحجاب الشرعي:
1.أن يكون ساترا للجسد ـ عدا الوجه والكفين ـ (اختلافات الفقهاء في هذه المسألة ليس هذا محلها لمناقشتها).
2.ألا يكون فيه زينة: قال تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}.
3.أن يكون واسعا فضفاضا لا يفصّل أعضاء وأجزاء الجسد.
4.أن يكون كثيفا لا يشف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العنوهن فإنهن ملعونات"، وفي حديث آخر زاد: "لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا".
5.ألا يكون مبخرا ولا مطيبا: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية"، وقال أيضا: "أيتكن خرجت إلى المسجد فلا تقربن طيبا".
6.ألا يشبه لباس الرجال: لقوله صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من تشبه بالرجال من النساء ولا من تشبه بالنساء من الرجال". وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل".
7.ألا يكون لباس شهرة: لقوله صلى الله عليه وسلم: "من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه نارا".
8.ألا يشبه لباس الكافرات: لقوله صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم فهو منهم".
أين لباس المرأة اليوم من تلك الصفات؟:
إن الناظر إلى لباس المرأة المسلمة والعربية هذه الأيام يكاد يجزم أنه يفتقد إلى الكثير من صفات اللباس الشرعي المشار لها آنفا، فأصبحنا نسمع عن الكثير من الموديلات للعبايات والجلبابات التي بدأت تغزو بلاد المسلمين على أنها لباس شرعي ساتر للبدن ومحارب للتبرج والسفور ورمز للحشمة، إلا أن الواقع يقول غير ذلك تماما.
من هذه الموديلات نذكر على سبيل المثال ـ لا الحصرـ: (الجلباب الفرنسي/ يفصل أجزاء الجسد لاسيما المنطقة العلوية من الجسد حتى الخاصرة، ويتسع من الأسفل!! ـ انظر إلى أن الجلباب يحمل اسم دولة في طليعة الدول المحاربة للباس الشرعي للمرأة، فهل نتوقع من موديل آت من تلك الدولة يعمل على صيانة وحفظ عفة المرأة وسترها!!. عباية الفراشة/ تأخذ هذا الاسم لأنها تشبه شكل الفراشة، ولها جناحان على جنبي العباية تشبهان جناحا الفراشة، وهذه الأخرى مفصلة لأجزاء الجسد. عباية النص كم/ هذه آخر صيحات الموضة واسعة الفتحة في منطقة الصدر وقصيرة الأكمام حتى ما فوق المرفقين، ويرتدى تحتها أي بلوزة ملونة ملفتة للنظر). وهناك أنواع أخرى مثل: (العباية الخليجي، العباية المفتوحة، العباية النفخ).
هذه الموديلات والمسميات جميعها تتفق في أنها مفصلة لأجزاء الجسد لاسيما المنطقة العليا من الجسد ومنطقة الخاصرة، وأنها مليئة بالزخارف والنقوش والخرز والبرق لاسيما في الأجزاء المثيرة للشهوة والفتنة، ناهيك عن أنها شفافة وفي أحيان كثيرة تكشف ما تحتها، وهناك من العبايات ما تكون واسعة الأكمام فما أن تمد المرأة يدها لترفع شيئا عن الأرض أو تدفع أجرة لسائق السيارة ـ مثلا ـ إلا وتجد الأكمام وصلت إلى المرفقين وقد كشفت أجزاء من جسد المرأة!!
ونقطة ثانية يجب الإشارة إليها، أنه بدأت تنتشر بين النساء ـ سواء كن كبيرات أو صغيرات في سن ـ ارتداء (الخمار) ومن يتأمل صفات هذا الخمار يجده هو الآخر انتفت عنه كافة الصفات الشرعية، فهو شفاف رقيق يكشف ما تحته، ناهيك عن ألوانه الملفتة للنظر، وفي بعضها مليئة بالزخارف والبرق والنقوش. الكثير ممن يرتدينه لم يرتدينه من باب تطبيق السنة، إنما من باب الموضة والتقليد. وهناك صنف من النساء وتحت مسمى اللباس الشرعي والخمار بدأت ترتكب الكثير من الأفعال الإجرامية من سرقة وارتكاب السلوكيات المخلة بالآداب والمخالفة للقواعد والمعايير الاجتماعية، مما أعطى صورة سلبية عن اللباس الشرعي للمرأة .
إن الأمر يحتاج إلى شيء من اليقظة والانتباه، فإن بلاد الغرب لم تدع شيئا إلا وأتته لتغزو بلاد المسلمين وتبعدهم عن دينهم وتهتك سترهم وتنتهك عفتهم، فهم يحاولون التحايل على اللباس الشرعي للمرأة فتجد أنه جلباب وعباية ساترة للبدن من حيث الاسم والشكل، إلا أنه في حقيقة الأمر فاضح للستر ومفصل لأجزاء الجسد وملفت للنظر، وبالتالي انتفت عنه الحكمة من ارتداء اللباس الشرعي، وهذه الحكمة تمثلت في قول الله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور31].