كثيرًا ما تكون طريقة الإرضاع غير الصحيحة هي السبب الوحيد لعدم نجاح عملية الرضاعة, وقد تمر هذه المسألة, دون تنبه الأم أو الطبيب بل قد تظن الأم أن حليبها خفيف ولا يدر بكميات كافية فتوقف الرضاعة نهائيا.
ولكي تكون عملية الإرضاع صحيحة وناجحة, يجب على الأم إتباع التدابير التالية:
1- يجب أن يكون الطفل جائعا لكي يرضع, فرغبة الطفل هنا شيء أساسي.
2- يجب الابتعاد كليا عن اتباع أي برنامج صارم للرضاعة من قبيل تحديد الوقت كل ثلاث أو أربع ساعات, فالرضيع وحده هو من يعين مواقيت طعامه فهو يأكل متى يريد ويتوقف حين يشبع.
3- تضم الأم طفلها بذراعها بحيث يكون ملاصقا لجسدها من رأسه إلى قدميه في وضعية نصف جلوس, ووجهه باتجاه جسمها, فلا تكون هناك حاجة لأن يميل برأسه لكي يأخذ الثدي, وباليد الأخرى تمسك الثدي (أربعة أصابع تحت الثدي والإبهام فوقه وليس بطريقة مسك السيكارة كما يفعل البعض) حتى يستطيع الرضيع التقاط حلمة الثدي. هذه الطريقة تمنع انسداد مجرى التنفس واختناق الرضيع وتسهل إدرار الحليب.
4- يجب أن يلتقط الرضيع هالة الثدي إضافة إلى الحلمة, وإلا فقد تعاني الأم آلاما مبرحة أثناء الرضاعة إذا لم يفعل. كما أن مص حلمة بطريقة خاطئة (دون الهالة حولها) قد يؤدي إلى تشقق الحلمة والتهابها.
5- تتراوح مدة الإرضاع بين 5 دقائق و20 دقيقة, وتتفاوت من طفل لآخر ومن وقت لآخر. وعموما, يجب أن يترك الطفل ليرضع حتى يشبع ويترك الثدي وحده. أما إذا كانت الأم تعاني من تشقق أو إلتهاب الحلمة ما يؤدي إلى ألم مبرح أثناء الرضاعة, عندها يكفي أن تدخل الأم إصبعها في زاوية فم الرضيع حتى يفتح فمه تلقائيا ودون أي ألم, ولا يجب بأي حال من الأحوال أن تشد الطفل بالقوة كي ينفصل عن الثدي.
من المهم معرفة أن 90% من كمية الحليب يدر في الدقائق الخمس الأولى, ولكن الحليب الذي يرشح في نهاية عملية الإرضاع يمتاز بأنه يحتوي على الدهون الأساسية لنمو الطفل وهي التي تمنح الطفل الإحساس بالشبع.
الكثير من الأمهات تشكو من أن طفلهن يرضع ويرضع دونما فائدة أي بطريقة سطحية وسريعة (أي دون أخذ الحليب بكمية كافية), في حين أن الرضاعة تكون جيدة ومؤثرة عندما يمص الرضيع الثدي ببطء وعمق, وتدرك الأم ذلك بالفطرة.
6- في الأسابيع الأولى, يجب أن ترضع الأم طفلها من كلا الثديين في الوجبة الواحدة, فذلك يساعد على إدرار الحليب. وفي الوجبة التالية تبدأ بالثدي الذي لم تتم تخليته. فيما بعد, يكفي أن يرضع الطفل من ثدي واحد في كل وجبة على أن يكون الإرضاع تراتبيا, ولا يتم التركيز على جهة دون الأخرى, إذ إن ذلك يؤدي إلى عدم إدرار الحليب في الثدي المهمل بالشكل الكافي وقد يؤدي إلى انقطاعه كليا.
موانع الإرضاع
متى يكون الإرضاع ممنوعا على الأم؟ ومتى يكون حليب الأم ضارا للطفل بدل أن يكون نافعا؟
هناك مفاهيم خاطئة كثيرة شائعة ومتداولة بين الناس في هذا الخصوص.
فيما يلي نذكر موانع الإرضاع الرئيسية وهي قليلة جدا:
1- ابتلاء الأم بمرض الصفيرة من نوع ب(Hepatitis B), حمى التيفوئيد, الملاريا, السل الفعال أو السيدا (الأيدز), لأن العدوى تنتقل من الأم إلى الطفل عن طريق الحليب. أما إذا كان الطفل مصابا بالمرض عينه, فلا بأس حينها من الإرضاع إذ لا خوف من العدوى.
2- إدمان الأم على المواد المخدرة فهي تتمثل في الحليب ولا داعي لشرح ما لها من تأثيرات سلبية تتفاوت من إدمان الرضيع نفسه والعوارض التالية للإدمان والتي قد تؤدي إلى وفاة الرضيع حتى.
3- ابتلاء الأم بمرض نفسي شديد بحيث تشكل خطرا على الطفل الرضيع, وهذا يعينه الطبيب النفسي.
من المفاهيم الخاطئة حول موانع الإرضاع نذكر أكثرها شيوعا:
1- احتقان الثدي وهذا أمر كثير الوقوع في الأيام الأولى للرضاعة, وهو ليس مانعا للإرضاع بل على العكس فإن الرضاعة في هذه الحالة تعتبر علاجا ناجعا, إذ يجب تخلية الثدي باستمرار لكي يخف الاحتقان تدريجيا, وذلك مع التدليك والحمام الساخن وكمادات المادة الفاترة, وليس صحيحا أبدا أن الحليب المحتقن يؤذي الرضيع أو يتسبب له بالإسهال!! بل هو حليب عادي جدا شأنه شأن بقية الحليب.
2- تشقق أو التهاب حلمة الثدي ليست مانعا للإرضاع, وهي تتحسن في غضون أيام قليلة مع الرعاية الصحيحة.
3- إحساس الأم بالضيق أو البكاء الشديد فكثيرا ما يقال لها أن لا ترضع طفلها حينها, وأن ترمي الحليب جانبا لأنه يضر بالرضيع.. وهذا لا أساس له من الصحة إطلاقا!!
أظهرت دراسة علمية حديثة أجراها المعهد القومي لصحة الطفل والتنمية البشرية في أمريكا أن الأطفال الذين يولدون ناقصي الوزن ويرضعون من أمهاتهم لمدة لا تقل عن ستة أشهر يزداد نموهم العقلي والجسدي ويتفوقون على الأطفال الذين تناولوا الألبان الصناعية في نسبة الذكاء بإحدى عشرة نقطة وذلك عند بلوغهم سن الخامسة. كما أظهرت الدراسة التي نشرتها الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال أن الرضاعة الطبيعية تقي الأم من أمراض خطيرة مثل سرطاني الرحم والثدي وتقوي مناعة الطفل وتقلل من مخاطر إصابته بأمراض الجهاز الهضمي والإسهال والتهابات المسالك البولية وأمراض الحساسية والجهاز التنفسي والتهاب الشعب كما تقلل من فرص إصابة الطفل بمرض السكر أو بالسرطان بالإضافة إلى أنها لا تسبب السمنة للأطفال. وتقول مديرة مركز الرضاعة الطبيعية بولاية إلينوي الأمريكية: إذا استطاعت الأم أن تصمد وتجتاز الأسابيع الأولى دون أن تتوقف عن الرضاعة فإن الرضاعة ستصبح بالنسبة لها عادة طبيعية. وإذا شعرت الأم بآلام نتيجة قوة امتصاص طفلها للصدر فيمكنها تجنب ذلك بوضع إصبعها على شفته السفلي لتوسيع المساحة التي يرضع منها فيقل الألم بالإضافة إلى استخدام الكريمات التي يصفها طبيبها للمساعدة على التئام الجروح إذا تعرض الثديان إلى تشققات. وتنصح الدكتور جين هانينج الباحثة بجامعة كاليفورنيا الأمهات اللاتي يعانين تورم الصدر نتيجة لتدفق اللبن بعدم القلق لأن ذلك لن يستمر طويلاً حيث سيتعود جسم الأم على كمية اللبن اللازمة لتغذية الطفل ولكن إذا كان تورم الصدر مؤلما فتنصح الباحثة بأخذ حمام ساخن لحث الصدر على إفراز اللبن. أما عن طريقة الرضاعة فتنصح مديرة مركز الرضاعة الطبيعية بضرورة أن يرضع الطفل من الناحيتين. ومن المعروف أن لبن الأم في أول الرضاعة يكون غنياً بالبروتينات ثم تزداد دسامته مع نهاية الرضعة. وقد يعاني الطفل الغازات أثناء الرضاعة لابتلاعه الهواء مع لبن الأم أو لأن غذاء الأم يحتوي على أغذية لا تهضم بسهولة مثل البصل والثوم والكرنب. وحل هذه المشكلة يكون بوضع الطفل في وضع رأسي أثناء الرضاعة ليصل اللبن إلى حلقه مباشرة. وأخيراً ابتعدي عن المنبهات كالشاي والقهوة والكولا لأن الطفل لا يستطيع التخلص من تأثيرها بسرعة مثل البالغين ويكفيك كوباً واحداً يومياً.