اختيار اللعبة التربوية المناسبة للطفل

يتولى الأب توجيه ابنه لاختيار أفضل اللعب وأنفعها له، والتي يكون لها تأثير طيب على الولد، إذ أن للعبة أثراً إيجابياً وآخر سلبياً على نفس الولد. فالألعاب الميكانيكية التي تعمل بالزمبرك تثير الخوف عند الطفل الصغير الذي لم يبلغ الخامسة، وسرعان ما يحطمها. واختيار لعبة تجر على العجلات ـ مثلاً ـ لطفل في الخامسة: يعطيه إحساساً بالشعور بالقوة، إذ إنه هو الذي يُديرها، ويقودها، ويكون التأثير هنا أفضل لنفس الولد. كما أن القوالب الخشبية تعتبر أكثر الأدوات إثارة وتنبيهاً للأطفال الصغار، لتنوع إمكانية استخدامها، واللهو بها.

ولا بأس بشراء الألعاب المجسمة لصور الحيوانات، كالقطط، والغزلان، والخيول، والأبقار، والدواجن، وغيرها المصنعة خصيصاً للأطفال. وذلك لورود جواز اقتناء هذه الألعاب، وإقرار الرسول r للسيدة عائشة في صغرها على اللعب بفرس له جناحان. ويحذر الأب عند اختيار اللعبة من هذا النوع: أن يقع اختياره، أو اختيار ولده على صورة خنزير، أوكلب، أو نوع من هذه الحيوانات النجسة الخبيثة، وذلك لقطع صلة الولد بهذه الحيوانات المذمومة في الشرع، فلا يقع في نفسه أي ميل لها بالكلية، ولا شك في أن اختيار دمية كلب، أو خنزير، أو فأر، فيه إيحاء للطفل باستلطاف هذه الحيوانات والدواب المقززة للنفوس السوية.

ويراعي الأب عند اختيار اللعبة أن يكون لها هدف تربوي مفيد، فالأطفال في السادسة يميلون إلى الألعاب التركيبية القابلة للفك والتركيب، فيحاول الأب عند شرائه للعبة الولد أن يقع اختياره على هذا النوع من الألعاب، لأنها تثير تفكيرالولد واهتمامه إلى مدة أطول، وفائدتها للولد أكبرلاستخدامه عقله في فكها وتركيبها، وهي أكثر إثارة له في هذا السن من الألعاب التي تلف أو ترقص، لأن أثرها يزول سريعاً.

والأب يستوحي من ميول ولده وتصرفاته: نوع اللعبة التي تناسبه، وتكون أكثر نفعاً له. فالولد الذي يرغب في القفز، وتمرينات الرشاقة، يمكن أن يؤمن له السرير الخاص بالقفز. والولد الذي يميل إلى التسلق في أثواب سترة النافذة، يمكن أن تؤمن له ألعاب في هذا المجال، مثل الحبل ذي العقد المخصص للتسلق. فيمارس الولد رياضته ولعبته المفضلة دون إزعاج لغيره. والولد الذي يميل إلى فك الألعاب، واكتشاف بواطنها، تُؤمَّن له ألعاب قابلة للفك والتركيب؛ ليشبع نهمه. وهكذا يراعي الأب ميول الولد ورغباته مستوحياً ذلك من مشاهداته له وملاحظاته لسلوكه وتصرفاته.

ويُنصح الأب أيضاً باختيار الألعاب التي تنمي مهارات القراءة والكتابة والحساب عند الأولاد في سن المدرسة، أو ما قبلها بقليل، ليتهيأ للعلم، ويكون لعبه مفيداً هادفاً، مثل الألعاب التي تعتمد على تركيب الكلمات، أو الجمع والطرح، ونحو ذلك.

وبالنسبة للولد الكبير في سن الطفولة المتأخرة، فإنه يميل عادة إلى تعلم المهارات اللازمة لشؤون الحياة ومتطلباتها، فإشراكه في إصلاح الباب، أو النافذة، أو تغيير إطار السيارة، أو الكشف على الماء والزيت فيها، وتعليمُه بعض مهارات النجارة والميكانيكا، وتأمين أجهزتها ومستلزماتها الفنية له، كل هذه الإجراءات التربوية الموجهة: يمكن أن تنمي في الولد جوانب شخصيته، وتوجه طاقته الحركية والفكرية المتوقدة نحو ما يعود عليه بالخير والفائدة، ويكون اختيار الأب للنشاط أو اللعبة مبنياً على الوعي الصحيح بحاجات الطفولة، وترسم الأهداف والغايات المنشودة.

وهناك أنواع من الألعاب قد غزت أماكن بيع لعب الأطفال، وهي الألعاب الإلكترونية التي بدأت صناعتها في القرن التاسع عشر، فما أن حل عام 1981م حتى أصبح كمبيوتر المنزل والجيب متاحاً للجميع. وتعتمد هذه الألعاب على سرعة الإنتباه، والتفكير، والتركيز، والتوافق بين اليد والعين. ومن مميزاتها أنها تُلعب في أي وقت، ولا تحتاج في بعض الأحيان لأكثر من شخص واحد، إلى جانب أن بعضها سهل الحمل، رخيص السعر.

وقد اكتسبت هذه الألعاب الإلكترونية شهرة واسعة، وقدرة فائقة على جذب اللاعبين وإغرائهم مما أدى إلى إضاعة كثير من أوقاتهم، وأودت ببعضهم إلى حد الإدمان المفرط مما اضطر بعض الدول إلى تحديد سن الأشخاص الذين يُسمح لهم بممارسة هذه الألعاب في الأماكن العامة، وذلك حفاظاً على الأطفال الصغار من إغراء هذه الألعاب وجذبها.

والظاهر مما تقدم أن لهذه الألعاب جانبين أحدهما مسلٍ يمكن أن يشغل بعض فراغ الولد، والآخر سيئ مضر، لخشية الإدمان وإضاعة الوقت في اللعب، مما يترتب عليه إهمال كثير من الجوانب التربوية الأخرى من النشاطات الثقافية، والاجتماعية، والرياضية، التي يمارسها وينظمها الأب لأولاده.

ولعل الحل الأمثل لهذه المسألة هو تعليم الولد وتعويده التوسط في الأمور، وتخصيص وقت لكل نشاط، فيعطى لهذه الألعاب وقتاً ولغيرها وقتاً آخر. ويراعي الأب عند اختياراللعبة الإلكترونية، أن تكون من النوع الكبير الذي يصعب حمله لئلا يتعود الولد حملها أينما ذهب، ويراعي أيضاً أن تكون اللعبة ذات أهداف علمية، وثقافية، ويتجنب قدر المستطاع الأنواع التي لا تتضمن أهدافاً تربوية، مثل صراع الطائرات، والدبابات، والجنود، التي تعتمد على سرعة البديهة، والمهارة الحركية فقط. ويختار من بينها ما يمكن أن يلعبه أكثرمن شخص ليحصل للأولاد الاجتماع، ونبذ الفردية.

وبهذا يكون الأب قد استفاد من الجانب المفيد في هذه الألعاب، وحفظ الأولاد من إمكانية إضرارها بهم، وأسرها لهم.

المصدر: عدنان باحارث
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 151/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
51 تصويتات / 1722 مشاهدة
نشرت فى 8 أغسطس 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,779,449

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters