مقدمة :
تؤكد الإحصاءات أن القرن الواحد والعشرين سيكون قرن الصين التي تمكنت من تخليص ربع السكان العالم من دوامة الفقر والتخلف، على الرغم امتلاكها 7% فقط من الأراضي الزراعية، إلا أنها استطاعت توفير الغذاء لسكانها (الاقتصاد الخليجي، 2002م : 34).
فمنذ عام 1978م وهي تحقق معدلات نمو إيجابية بحد أدنى 6% سنوياً رغم ما تعرضه من عقبات، فمن عام 1980/1993م حققت القطاع الخاص الصناعي نمواً بلغ 11.5% سنوياً.
و حتى في لوقت الذي تعرضت فيه اقتصاديات دول شرق وجنوب شرق آسيا لهزة كبيرة منذ منتصف عام 1997م وحتى بدايات 1999م نتيجة الأزمة المالية والاقتصادية الآسيوية. ونجد أن الاقتصاد الصيني قد حقق نمواً كبيراً بلغ 8.8% و78 % و7.1 % في أعوام 1997م و 1998م، و1999م على الترتيب طبقاً لبيانات صندوق النقد الدولي في الوقت الذي حافظ فيه على معدلات التضخم عند حدود متدنية بلغت نحو 2.8 % و 0.8% و -1.4 % في نفس الأعوام على الترتيب (أبو دهب، 2002م: 63-64).
فتنامي القوة الصينية في معدل النمو الاقتصادي المرتفع و الذي يزيد عن 7% سنويا و بقيمة 45 تريليونات دولار عام 2000م , مع ثبات في قيمة العملة الوطنية و تحقيق فائض في الميزان التجاري بقيمة 186 مليار دولار خلال عام 2001م , وفائض في ميزان المدفوعات بقيمة 205 مليار دولار خلال نفس العام , و تحقيق احتياطي من النقد الأجنبي بلغ 1932 مليار دولار في أغسطس 2001م , و تحقيق معدل نمو في الإنتاج الصناعي بنسبة 95%في سبتمبر 2001م و لا شك في أن كل هذه الأرقام تعكس النهضة الصينية الحالية إذا ما قورنت بمثيلتها في الدول المتقدمة و تؤكد المقول أن الصين مرشح طبيعي بإمكانياته العلمية والاقتصادية و البشرية الضخمة لموازنة ثقل القطب الأمريكي في حال استمرار نهضتها تلك بهذه المعدلات المسارعة (عبد الغني , 2002م: 61)

وسوف نحاول التعرف على :
النظام الاقتصادي :
أ‌)النقاط الأساسية عند "رنج شياونيج"
ب‌) جوانب الإصلاح الاقتصادي .

الاستراتيجية التنمية الصينية:
أ‌)الخطوة الأولى: التنمية الاقتصادية ورفع مستوى الشعب.
ب‌) الخطوة الثانية: الاستمرار في التعليم والتثقيف للجميع.
ج‌)الخطوة الثالثة: دعم البحث العلمي والتطوير.

خطة الخمسية العاشرة:
•أسباب نجاح الخطط التنمية الاقتصادية في الصين.
•هل يمكن الاستفادة من تجربة الصين في التنمية الاقتصادية على مستوى الخليج؟


النظام الاقتصادي:

قبل تأسيس جمهور الصين الشعبية عام 1949م ، وكانت الصين دولة شعبية بعملاق فقير وضعيف للغاية ، تعداد سكانها نحو 500 مليون نسمة ومساحتها 9.6 مليون كم مربع ، وكانت أعلى المنتجات الصناعية الرئيسية السنوية في البلاد كلها هما: الغزل 445 ألف طن، الأقمشة 2.79 مليار متر، الفحم الخام 61.88 مليون طن، وأعلى إنتاج الحبوب السنوي 150 مليون طن، والقطن 849 ألف طن.
وبعد أكثر من خمسين سنة صارت الصين اليوم أحدى الدول الاقتصادية الكبرى ذات القدرة التنموية الكامنة في العالم وحتى نهاية السبعينيات القرن العشرين انتبه قادة الصين إلى الفجوة بين الصين والعالم من حيث الاقتصاد وسرعة التنمية ، واتخذوا قرار هام إصلاح النظام الاقتصادي الصيني (الصين، 2002م: 76-77).
وفي عام 1978م بعد تولي "دينج هسياو ينج" الأب الروحي للنهضة الحديثة والذي عمل على التحول التدريجي من الاقتصاد المخطط إلى اقتصاد السوق، والمزج بين الاثنين ومحاولة الاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة وفتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية، وقد حدد "دنج شياونيج" ثلاث نقاط أساسية تحرص عليها الصين وهي:

1-دعم العمل من أجل حكومة نظيفة وأمينة.
2-بذل الجهود لتضييق الفجوة في التنمية الاقتصادية بين شرق وغرب الصين .
3-ملاحظة الضغوط المتزايدة للتضخم المحتمل.

في البداية لم يكن الجميع مهتمين حول ماهية هذا الإصلاح، حيث كان هناك إجماع إجمالي على ضرورة الانسلاخ من الماضي وإصلاح النظام الاشتراكي (أبو دهب، 2002م: 65).

•فمن عام 1978م بدأ الإصلاح أولاً في الريف وتعميم مسؤولية الانتفاع من الأراضي على العائلات الفلاحة، وألغت الحكومة نظام توحيد الشراء وتحديد الحصص وألغت كثيراً من السياسات الحكومية نظام توحيد الشراء للفلاحين بتنشيط الاقتصاد المتنوع وإنشاء المؤسسات الريفية. الأمر الذي أثار حماس الفلاحين في الإنتاج إلى حد كبير.

•وفي عام 1984م انتقل نظام إصلاح النظام الاقتصادي من الريف إلى المدن.

•وفي عام 1992م أعلنت الحكومة عن نهاية برنامج التقشف و أبدت اهتمامها بالإسراف في جهود الإصلاح والانفتاح الاقتصادي الخارجي مع التأكيد على مبدأ (اشتراكية جديدة ذات ملامح صينية) كما تم التركيز على العناصر الاقتصادية الرأسمالية في برنامج الإصلاح الاقتصادي، وأكدت خطة "جيانج زيمين" الأمين العام للحزب الشيوعي في افتتاح المؤتمر الرابع عشر للحزب في 12/1/1992م على أن الإصلاح الذي تطرحه قيادة الحزب تحت شعار "اقتصاد السوق الاشتراكي هو الوسيلة الوحيدة لتحديث الصين. وترافق ذلك مع إعلان الزعيم الصيني "دنج شياو بنج" أن التقدم الاقتصادي أهمم من الأيدولوجيا.

وبعد تجربة الإصلاح والانفتاح لمدة عشرة سنوات، استطاعت الصين من بلورة مفهوم اقتصاد السوق الاشتراكي لتحديث تسوية عملية ونظرية بين الحفاظ على دور الدولة التدخلي في الاقتصاد من وجهة. وخلق فضاءات أو جزر اقتصادية ليبرالية و متعولمة . ومن جهة أخرى ربطتها بالاقتصاد العالمي تلك التجربة سمحت لها بالاندماج بدون أن تعاني من الزلازل التي تواكب عادة التحول من اقتصاد مغلق إلى اقتصاد متعولم (الصين، 2002م: 77 ، أبو دهب ، 2002: 66).د

فلقد أعلن في نوفمبر عام 2002 في مؤتمر الدوحة الاقتصادي عن انضمام الصين التجارة العالمية بعد جهود استمرت خمسة عشر عاماً لتعجيل وتفعيل سرعة نموها الاقتصاد، والوصول بمنتجاتها لمستوى منافس للواردات الخارجية. بعد قيامها بتحديث قاعدتها الصناعية المختلفة (الاقتصاد الخليجي ، 2002م، 36).

فانضمام الصين إلى المنظمة العالمية للتجارة يدل على التميز في المنهج الصيني في التنمية الاقتصادية وبالتغيير التدريجي المتوازن ويمكن عرض أهم جوانب الإصلاح الاقتصادي على النحو التالي :

جوانب الإصلاح الاقتصادي:

1-تطبيق نظام اللامركزية في إدارة المؤسسات الحكومية والتخطيط الإنمائي مع الأخذ بمناهج الإصلاح والتقدم الشامل بصورة تدريجية بما يحقق التغيير في ظل الاستقرار وقبول المجتمع.
2-السماح بظهور صور أخرى من الملكية مثل الملكية الخاصة إلى جانب الملكية العامة والملكية التعاونية وبعمل توازن محسوب في الهيكل الاقتصادي للصين (لملكية العامة 30% ، الملكية الجماعية 40% ، المشروعات الاستثمارية والخاصة 30 %) . (أبو دهب ، 2002م: 65؛ الاقتصاد الخليجي ، 2002م: 35).
3-تغيرت الصين من حالة الانعزالية التي سادت فترة قيادة "ماوتسي تونج" إلى الانفتاح الأجانب، وسمح بتدفق المعلومات والتنقل داخل وخارج الصين والاتصال بالغرب (أبو دهب ، 2002م: 65).
4-الإصلاح الجذري للشركات والمصانع المملوكة للدولة في تحديث معدات الإنتاج وأسلوب وقواعد العمل، والإدارة لحل مشكلات معظم المؤسسات الحكومية الخاسرة لمدة طويلة وحسب التحقيقات التي أجرتها مصلحة الدولة للإحصاءات إزاء 2473 مؤسسة حكومية تجريبية ابتداء من عام 1994م. تحولت 2016 مؤسسة حكومية إلى نظام الشركات "بأسلوب اقتصادي يتحمل الأرباح والخسائر ويتم الاستغناء عن المشروعات غير القادرة على الصمود" . ففي عام 2001م بلغت القيمة المضافة للمؤسسات الصناعية الحكومية 1519.8 مليار يوان، بزيادة 8.1% عن العام السابق وتم تحقيق 233.3 مليار يوان من الربح، وحققت معظم المهن تحويل الخسائر إلى أرباح أو ازدياداً متواصلاً في الربح (الاقتصاد الخليجي ، 2002م: 35، الصين، 2002م: 90).
5-إقامة أسواق المال، والتكنولوجيا والمعلومات على أسس حديثة، مع إعداد غطاء التشريعي واضح يحدد السياسات المالية والغربية وسياسات توزيع الأجور على الأسس مرنة وفقاً للكفاءات والقدرات اللازمة لكل وظيفة. (الاقتصاد الخليجي، 2002م: 35).

الاستراتيجية التنمية الصينية:

يعتبر دنج هسياو ينج مهندس هذه الفلسفة التي حققت في ظلها المعجزة من خلال استراتيجية مجردة لبناء الاقتصاد الصيني التي تقضي قطع ثلاث خطوات، وطرحت على الشكل التالي:

1-في عام 1987، الخطوة الأولى: هي مضاعفة مجمل الناتج الوطني مرتين عما في عام 1980م، من خلال تحقيق التنمية الاقتصادية ورفع مستوى الشعب سواء عن طريق رأس المال الوطني أو الأجنبي. بأسلوب اشتراكي الهدف رأسمالي الوسائل والإدارة وفقاً للمثل الصيني : "أنه لا يهم لون القطة أسود أم أبيض طالما تصطاد الفئران" وبذلك تحل مسألة الغذاء والكساء للشعب وقد تحقق هذا الهدف من حيث الأساس في نهاية الثمانينات القرن العشرين.
2-الخطوة الثانية: هي مضاعفة مجمل الناتج الوطني أربع مرات عن عام 1980م في نهاية القرن العشرين وذلك من خلال الاستمرار التعليم والتثقيف لجميع أفراد فريق الإدارة والإنتاج والتسويق ولا يتوقف عند مؤهل جامعي مهما علا طالما أن العلوم تتقدم، والمعارف تتطور، والفكر في حركة دائمة وذلك من خلال مدرسة الحزب وكوادر وفلسفته التي تدرس السياسة والاقتصاد والفلسفة والممارسات المتجددة، الأحوال المتغيرة والخبرة العلمية، وقد تحقق هذا الهدف أيضاً عام 1995م قبل موعده المقرر.
3-الخطوة الثالثة: هي تحقيق التحديث بصورة أساسية ووصول معدل نصيب الفرد من مجمل الناتج الوطني إلى مستوى البلدان المتطورة والمتوسطة وبلوغ مستوى معيشة الشعب مستوى رخاء نسبياً بحلول أوسط القرن الواحد والعشرين. و ذلك من خلال وضع فلسفة الإصلاح الاقتصادي على أساس أهمية دراسة الجدوى الحقيقة للمشروع وفقاً للمعطيات الصحيحة والكاملة قبل بدء العمل، ووضع الإطار القانوني والإداري له قبل التشغيل، وعلى أساس التجديد المستمر للإنتاج شكلاً وموضوعاً وفقاً لمنهج البحث والتطوير. Research Development (الصين، 2002م: 79؛ الاقتصاد الخليجي، 2002م: 35-36).


الخطة الخمسية العاشرة:

تعتبر أول خطة ضخمة في القرن الجديد. مدتها من 2001-2005م. الهدف الرئيسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال:
المحافظة على سرعة نمو الاقتصاد الوطني السريع نسبياً وتحقيق فعالية واضحة للتعديل الاستراتيجي للهياكل الاقتصادي ورفع نوعية النمو الاقتصادي وفوائده بشكل بارز في سبيل تكريس أساس متين لتحقيق هدف مضاعف مجمل الناتج الوطني عام 2010م عما في عام 2001م.
الهدف المرجو لمعدل النمو الاقتصادي السنوي 7 % تقريباً، في عام 2005م، يصل مجمل الناتج الوطني حوالي 12.500 مليار يوان حسب الأسعار عام 2000م.
تحسين هياكل الصناعات وترقيتها إلى مستوى أعلى وتعزيز القدرة التنافسية الدولية في عام 2005م.
في عام 2005م ترتفع نفقات البحوث والتنمية في البلاد كلها إلى أكثر من 1.5 % من مجمل الناتج الوطني، ويتم تعزيز قدرة إبداع العلوم والتكنولوجيا، وتسريع التقدم التكنولوجي.
السيطرة على سرعة زيادة عدد السكان الطبيعية داخل 9 في الألف ، لكي لا تزيد تعداد السكان عن 1.33 مليار نسمة في عام 2005م، ورفع نسبة تغطية الغابات إلى 18.2 % ونسبة التشجير بالمدن إلى 35 % . مع تحسين نوعي البيئة في المدن و الأرياف.
ازدياد معدل نصيب الفرد من الدخل لسكان المدن والبلديات ودخل الفلاحين الصافي في الأرياف نحو 5 % وازدياد معدل نصيب الفرد من المساحة السكنية إلى 22 متراً مربعاً. (الصين، 2002م: 79-80).


من أهم أسباب نجاح خططه لتنمية الاقتصاد في الصين:

تكيف خطط التنمية الصينية مع الأوضاع السياسية والاجتماعية المحلية والعالمية لذلك جاءت الخطة العاشرة متوافقة مع رغبة الدولة في تعزيز اقتصاديات السوق وتعميق الإصلاح الاقتصادي لدخول منظمة التجارة العالمية من منطقة قوة ويتمثل ذلك في الأهداف التالية:
1-تعزيز استراتيجية توسيع السوق وزيادة الطلب المحلي باعتبار أن السوق الداخلي هو أهم عناصر القوة في الاقتصاد الصيني.
2-إعطاء أولوية لقطاع الزراعة وزيادة دخل الفلاح ورعايته بصورة أكبر بد أن حققت الصين اكتفاء ذاتياً وزيادة في الإنتاج الزراعي في الخطة الخمسية التاسعة.
3-تعميق الإصلاح الاقتصادي بإدخال التكنولوجيا الحديثة، إعادة هيكلة الشركات التابعة للدولة وتقويمها وتطويرها أو إغلاق الشركات الخاسرة وفقاً لمبدأ البقاء للأصلح.
4-الاستعداد للانضمام لمنظمة التجارة العالمية وتطوير الإدارة ورفع كفاءتها وتطوير التكنولوجيا لزيادة المقدرة التنافسية وتعزيز الوصول للأسواق وجذب الاستثمار الأجنبية.
5-تطوير العمل الثقافي وتعزيز التقدم الأيدلوجي لتفهم الأهداف الاقتصادية التي تؤمن بالإدارة الجديدة والمنافسة.
6-مرونة الفكر الاقتصادي الصيني الذي يتحدث عن اقتصاد السوق الاشتراكي ويطبق الفكر الاقتصادي الرأسمالي. (الاقتصاد الخليجي، 2002م: 36).


هل يمكن الاستفادة من التجربة الصينية في التنمية الاقتصادية على مستوى دول الخليج العربي؟


سوف نتناول في الجزء على بعض السمات النموذج التنموي في منطقة الخليج وأوجه التشابه والاختلاف بين النموذجين الخليجي والصيني لمعرفة مدى إمكانية الاستفادة من النموذج الصيني خليجياً.


تجربة التنمية في الخليج:

تعد قضية التنمية في دول مجلس التعاون الخليجي من القضايا الشائكة التي تثير كثيراً من نقاط الخلاف بين العديد من المحللين والمراقبين وعادة ما يثار صراع أو اختلاف وجهات النظر حول :
هل يعني ارتفاع مستوى المعيشة داخل دول المجلس تحقيق التنمية؟ فهناك وجهتين نظر متباينة:

الأولى: ترى أن التنمية بمثابة عملية مستمرة تهدف على إحداث نمو اقتصادي وإحداث تحولات هيكلية في أوجه القصور على المستويات السياسية والإدارية والاقتصادية و الاجتماعية، وتحسين مضطرد لنوعية الحياة المعنوية والمادية لأفراد المجتمع وجماعاته. وطبقاً لذلك فدول الخليج فشلت في تحقيق التنمية لأنها لم تستطيع تحقيق تزايد متواصل لمتوسط الدخل الحقيقي للفرد لارتباط ذلك بشكل أساسي بالتغيرات التي تطرأ على أسعار النفط حيث تأرجح متوسط دخل الفرد الحقيقي والنقدي –بين ارتفاع قياسي وهبوط حادٍ طبقاً لتغير اتجاه الطلب العالمي على النفط.


الثانية: ترى أن دول الخليج قد نجحت في تحقيق تقدم تنموي مهم في ضوء إمكانياتها وظروفها الخاصة مستندة في ذلك على نجاح هذه الدول في الاستفادة من العائدات النفطية خلال السنوات الماضية في تحقيق مذهل في مستوى معيشة الفرد الخليجي على كافة المستويات. الأمر الذي يعد جوهر التنمية الحقيقي، كما نجحت في توظيف هذه العائدات في وضع بنية تحتية ضرروية لأية تنمية اقتصادية في كافة القطاعات. (أبو دهب، 2002م: 66).

رغم أن لكل من وجهتين النظر ما يبرزها إلا أنه بإمكاننا القول أن دول الخليج مازالت تعاني من تعثر عملية التنمية الحقيقية بها والتي من أبرز متطلباتها أن يرتكز اقتصاد هذه الدول على قاعدة اقتصادية متنوعة تحقيق الثبات والاستقرار للاقتصاد، وتمكنه من التخطيط السليم لمستقبلة، وهو لم يتحقق حتى الآن، خاصة استمرار العديد من العقبات التي تحول دون تحقيق التنمية التي من أبرزها ما يلي:

أن اقتصادياً دول الخليج أحادية الدخل والإنتاج، بمعنى أنها تعتمد على سلعة واحدة في تكوين الناتج المحلي وتغذية النشاط الإنتاجي، إلا وهي النفط فعلى سبيل المثال تمثل العائدات النفطية لدول مجلس (حوالي 151 مليار دولار) وهي النسبة الغالية من الناتج المحلي الإجمالي الذي تجاوز 280 مليار دولار خلال العام 2000م.
و تمكن الخطوة في كون أسعار النفط العالمية تشهد تذبذباً نتيجة للتفاعل المستمر بين عوامل العرض والطلب، ما يجعل اقتصاديات هذه الدول تعتمد على عوامل خارج نطاق سيطرتها إلى حد بعيد.
استمرار ضعف القطاعات الإنتاجية غير النفط بالرغم من الجهود المستمر لتطويرها، فعلى سبيل المثال لم تزد نسبة مساهمة القطاع الصناعي في أجمالي الناتج المحلي عن 10.5%، ومساهمة القطاع الزراعي 4.9 % من الإجمالي الناتج المحلي.
استمرار اعتماد اقتصاديات دول المجلس على العمالة الأجنبية في عملية النمو الاقتصادي والتنمية في الوقت الذي يرتفع فيه معدلات البطالة بين مواطني دول المجلس باستمرار نتيجة للارتفاع في معدلات النمو السكاني وزيادة الداخلين الجدد إلى سوق العمل.
استمرار هيمنة القطاع الحكومي على مجمل الأداء الاقتصادي لدول مجلس وتتراجع دور القطاع الخاص، بالرغم من الخطوات الجادة التي اتخذتها هذه الدول بشأن تشجيع القطاع الخاص. ( أبو دهب، 2002م: 66-67).
و يمكن من خلال المقارنة بين النموذج التنمية في الصين ونموذج التنمية في دول الخليج اكتشاف بعض مظاهر الاختلاف منها:
تتميز الصين موجود فائض ضخم من العمالة الوطنية في ضوء حجم السكان الضخم والبالغ 1.3 مليار نسبة إضافة إلى انخفاض تكلفتها النسبية. وهو الأمر الذي يمثل ميزة للصين يساعدها على تخفيض تكلفة منتجاتها وبالتالي رفع القدرة التنافسية في الأسواق العالمية ومن ثم زيادة الصادرات الصينية، في المقابل تعاني دول الخليج من انخفاض العمالة الوطنية ومن ثم الاعتماد على العمالة الوافدة والتي تمثل هاجساً أمنياً وسياسياً واقتصادياً مستمراً لدول المنطقة.
تتسم القاعدة الإنتاجية في الصين بالتنوع الكبير، حيث تلعب جميع القطاعات الاقتصادية (زراعة – الصناعة – تجارة – سياحة.... الخ) دوراً مهماًَ في الدخل القومي وبصفة خاصة قطاع الصناعة التحويلية والتكنولوجية، وفي الوقت التي تتسم فيه دول الخليج بأنها أحادية الإنتاج حيث تعتمد بصفة أساسية على إنتاج وتصدير النفط.
ومن أهم عوامل نجاح التنمية في الصين ارتفاع نسبة الاستثمار الأجنبي إضافة إلى ارتفاع معدل الاستثمار المحلي الصيني الذي بلغ 39 % من الناتج المحلي الصيني الإجمالي عام 1998م، نجد أن دول الخليج مازالت تضع العراقيل أمام رؤوس الأموال الأجنبية بالرغم من أهمية هذه الاستثمارات في رفع القدر الإنتاجية للدولة وترشيح قواعد اقتصادها إذا لم ما تم التعامل معها وفق شروط وقواعد محددة مثلما يحدث في الصين.
في الوقت الذي مازال يهيمن فيه القطاع الحكومي على مجمل النشاط الاقتصادي في الدول الخليج، نجد أن هناك توجهاً متزايداً في الصين لإحلال القطاع الخاص محل الدولة في إدارة الأنشطة الاقتصادية المعولمه لأجل تخفيف من الأعباء الملقاة على كاهل الدولة ويجعل من القطاع الخاص شريكاً أساسياً في عملية التنمية. (أبو دهب، 2002م:67-68).


آفاق التعاون الاقتصادي بين دول المجلس والصين:

لقد بلغت ما نسبته 2.27 % من إجمالي حجم التجارة الخارجية (الصادرات + الواردات) لدول مجلس مجتمعة . (الاقتصاد الخليج ، 2002م: :37) إذاً فنسبة التعاون الاقتصادي هو ضعيف نسبياً إذا ما قرن بباقي الدول.

ويرجع الباحثون أسباب تدني حجم التجارة الخارجية بين دول مجلس التعاون والصين إلى عدة أسباب:

عدم توافر المعلومات الكافية عن السوق الآخر وقلة المعلومات عن الفرص التجارية بالنسبة للطرفين.
عدم التزام الكثير من الشركات الصينية بمراعاة جودة منتجاتها بصورة خاصة عملية التغليف لبضائعها قبل شحنها .
عدم وجود وسائط شحن مباشرة خاصة خطوط ملاحية منتظمة.
تواجه منتجات دول المجلس جداراً جمركياً صينياً لحماية منتجاتها الوطنية.
الأمور المتعلقة بالتسهيلات البنكية.
ازدواج سعر اليوان الصيني وكذلك ارتفاع أسعار بعض المنتجات الصينية في الآونة الأخيرة (الاقتصاد الخليجي – 2002م: 37).
ويمكن زيادة التعاون من خلال الاتفاقيات التعاونية.

و مع ذلك هناك رؤيا جديدة اتجاه المنطقة الخليج و ذلك يرجع إلى :

1) خاصة بحاجات الصين المتزايد إلى النفط و فبعد أن كانت تصدر النفط حتى عام 1993م أصبحت منذ عام 1996م تستورد 600الف برميل من النفط يوميا و نتيجة للتوسع في الصناعات التي تعتمد على مشتقات النفط زاد استهلاكها من الطاقة بنسبة 22%عما كان عليه في عام 1985م و من المتوقع أن يرتفع هذا الحجم عام 2010م إلى 27 مليون برميل يوميا
2) في الرصيد التاريخي للعلاقات التي تربط الصين بالدول العربية و من بينها دول الخليج و لقد أعلنت ذلك في مؤتمر "باندونج" في إبريل عام 1955م, حيث شرحت سياستها الخارجية و تمسكها بالمبادئ الخمسة للتعايش السلمي و هي:

1. مبادئ الاحترام المتبادل للسيادة الإقليمية

2. عدم الاعتداء المتبادل

3. عدم التدخل المتبادل في الشؤون الداخلية

4. المساواة و المنفعة المتبادلة

5. التعايش السلمي ( عبد الغني , 2002م: 62)

و يتضح للمتابع للأخبار الاقتصادية انه في الفترة الأخيرة بدأت التعاون أكبر مع الصين و بدأت الزيارات الرسمية على أعلى المستويات و تعدد الاتفاقيات التعاون تدل على تغير في النظرة إلى العلاقات الصينية الخليجية


المراجع:

الكتب:
__________.(2002م).الصين جمهورية الصين : دار النجم الجديد
الدوريات:
أبو دهب , فتوح .(2002م).نموذج التنمية في الصين حدود و إمكانيات التطبيق خليجيا .مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية , ع(30),ص62-68
عبد الغني , محمد.(2002م).الخليج العربي في رؤية الصين الاستراتيجية .مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية , ع(30), ص56-62
المجلات:
____.(ستنبمر/ أكتوبر 2002م- رجب /شعبان 1423هـ).التجربة الصينية الفريدة في التنمية الاقتصادية , ع (103), ص 34-37

ahmedkordy

(رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ)

  • Currently 218/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
74 تصويتات / 15435 مشاهدة
نشرت فى 5 أغسطس 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,261,097

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters

هل تعرف أن بإمكانك التوفير بشكل كبير عند التسوق الالكتروني عند إستعمال اكواد الخصم؟ موقع كوبون يقدم لك الكثير من كوبونات الخصم لأهم مواقع التسوق المحلية والعالمية على سبيل المثال: كود خصم نمشي دوت كوم، كود سوق كوم وغيرها الكثير.

..
تابعونا على حساب

أحمد الكردى

 موسوعة الإسلام و التنميه

على الفيس بوك

ومدونة
أحمد السيد كردى
على بلوجر