بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
حث الإسـلام على كفالة اليتيم وتربيته والإحسان إليه والقيام بأمـره ومصالحـه حتى جعـل النبي صلى الله عليه وآله وسلم كافل اليتيم معه في الجنة فقال : « أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ » وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى . رواه البخاري ، وفي رواية مسلم : « أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ » ، وأوجب الجنة لمن شارك اليتيم في طعامه وشرابه فقال صلى الله عليه وآله وسلم : « مَنْ ضَمَّ يَتِيمًا بَيْنَ أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ إِلَى طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ، الْبَتَّةَ » رواه أحمد ، وقـال صلى الله عليه وسلم: « إن أحب البيوت إلى الله بيت فيه يتيم مكرم » رواه الطبراني من حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم : « السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ - وَأَحْسِبُهُ قَالَ - وكَالْقَائِمِ لاَ يَفْتُرُ ، وَكَالصَّائِمِ لاَ يُفْطِرُ » متفق عليه .


قال النبى
...كل معروف صدقة والدال على الخير كفاعله
 

فاليتيم هو الذي فقد أباه أو العائل، وأن من يرعي اليتيم أجره عظيم عند الله سبحانه وتعالي.

و أن نبينا محمد خاطبه القرآن خطابا خاصا باعتباره أشهر يتيم في الإنسانية، وقال الله سبحانه وتعالى "الم يجدك يتيما فأوى" وقد عمل النبي عليه السلام بهذه الوصاية.

أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد بلغ من عنايته باليتيم أن بشر كافليه بأنهم رفقاؤه في جنة عرضها السموات والأرض حين قال : " أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا " وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا.وقد قال ابن بطال: حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ، ولا منزلة أفضل من ذلك.

كما بشر النبي من أحسن إلى اليتيم ولو بمسح رأسه ابتغاء وجه الله بحسنات كثيرة حين قال: " من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات ، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين".

وجوب رعاية اليتيم

وقد تناول القرآن الكريم اليتيم في 23 أية مختلفة، وكلها اتفقت على وجوب رعاية اليتيم وجعل هذا الأمر من أهم الأمور الواجبة على المسلمين، فضلا عن كثرة  التوصية باليتيم.
 
لقد أمر الله تعالى بالإحسان إلى اليتيم في أكثر من آية من كتابه الكريم فقال الله عز وجل: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى).

وقال عز وجل: ( وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ).

وقد جعل الله تعالى الإحسان إلى اليتامى قربة من أعظم القربات ونوعا عظيما من البر، فقال(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).

و أنه واجب على كل إنسان أن يحظى لنفسه علامات على الطريق لأنه لن يدرك متى أجله فالله سبحانه وتعالى وضع لنا الضوابط لكي نمشى عليها فلن ينفع الإنسان غير العمل الصالح وليس المال الحرام الذي ستضر به نفسك وأولادك.

و أنه في الإحسان إلى اليتامى نجاة، و"نعم فأهوال القيامة العظيمة وكرباتها الشديدة قد جعل الله لكافل اليتيم منها نجاة ومخرجا : (فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ . فَكُّ رَقَبَةٍ .أَوْإِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ . يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ).

والحنو على اليتامى يذهب قسوة القلب، فقد شكا رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فأوصاه أن يمسح رأس اليتيم.

مال اليتيم

ومدح النبي نساء قريش لرعايتهن اليتامى: " خير نساء ركبن الإبل نساء قريش ،أحناه على يتيم في صغره ، وأرعاه على زوج في ذات يده".

ولما مات جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه تعهد الرسول أولاده وأخذهم معه إلى بيته ، فلما ذكرت أمهم من يتمهم وحاجتهم ، قال: " العيلة ( يعني الفقر والحاجة) تخافين عليهم وأنا وليهم في الدنيا والآخرة".

أوصى الله تعالى بالإحسان إلى اليتيم الذي ترك له والده مالا برعاية هذا المال وتنميته وتثميره وعدم الاعتداء عليه بأي صورة من الصور ، فقال : (وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ).

وقال : ( وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً).

ولا يمنع هذا ولي اليتيم إن كان فقيرا أن يأكل من مال اليتيم بالمعروف لقوله تعالى: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ

 كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً).

فوائد كفالة اليتيم
لاشك أن من نعمة الله على المسلم أن يوفقه إلى كفالة يتيم أو من كان في حكمه ’ وقد رتب الشرع جملة من الفوائد التي تتحقق لك وللمجتمع عند قيامك أو قيام أحد أفراد المسلمين بكفالتهم ورعايتهم ومن فوائد كفالة يتيم :
* امتثال لأمر الله عز وجل ولأمر الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ في الحث على كفالة اليتيم والإحسان إليه .
* تؤدي إلى مصاحبة الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ في الجنة وكفى بذلك شرفا وفخرا .
* تدل على طبع سليم وفطرة نقية وقلب رحيم .
* تؤدي إلى ترقيق القلب وتزيل القسوة عنه .
* تعود على صاحبها بالخير الجزيل والفضل العظيم في الحياة الدنيا فضلا عن الآخرة ’ قال تعالى : { هل جزاء الأحسان إلا الأحسان }

أي هل جزاء من أحسن في عبادة الخالق ’ ونفع عبيده ’ إلا أن يحسن خالقه إليه بالثواب الجزيل , والفوز الكبير ’ والعيش السليم في الدنيا والآ خرة .
* تسهم في بناء مجتمع سليم خال من الحقد والكراهية وتسود فيه روح المحبة والمودة قال _ صلى الله عليه وسلم _ : (( ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )) .
* إكرام لمن شارك الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ في صفة اليتيم ’ وفي هذا دليل على محبته _ صلى الله عليه وسلم _
* من الأخلاق الحميدة التي أقرها الإسلام وامتدح أهلها .
* بركة عظيمة تحل على الكافل ’ وتزيد من رزقه .
* تجعل البيت الذي فيه اليتيم من خير البيوت كما قال : (( خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه ... )).
* حفظ لذرية الكافل من بعده وقيام الآخرين بالإحسان الى أيتامك قال تعالى : { وليخش الذين تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا }

فكافل اليتيم اليوم إنما يعمل لنفسه لو ترك ذرية ضعافا ’ فكما تحسن إلى اليتيم اليوم يحسن إلى أيتامك في الغد ’ وكما تدين تدان .
ولايمكن للمسلم أن يستشعر كل هذه الفوائد الدنيوية المترتبة على كفالة اليتيم.
وجعله يعيش في كنف أسرته إلا بعد التطبيق العلمي لهذا المشروع الخيًر وقيامه بكفالة أحد الأيتام ’ وسيجد الخيًر كل الخير في الدنيا والآخرة بإذن الله .

 

المصدر: 1- عبلة الكحلاوي
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 95/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
31 تصويتات / 1328 مشاهدة
نشرت فى 5 أغسطس 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,831,589

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters