في ظل النمو المتسارع للمجتمعات ،ازدادت أهمية دور المرأة في المساهمة التنموية في كافة المجالات وعلى مختلف الأصعدة والمستويات، وانطلاقاً من مبدأ المساواة بين المرأة والرجل فان المجتمع يجب ان يقوم بدوره بشكل يتناسب مع تطور خروج المرأة إلى العمل ودخولها في الدورة الاقتصادية ومساهمتها في زيادة التنمية وذلك من خلال مؤسسات تستطيع التخفيف من الأعباء الملقاة على عاتقها لأننا نحتاج إلى وقت طويل ليتمكن الرجل من تحمل جزء من المسئولية الملقاة على عاتق زوجته العاملة فإلى متى ستبقى المرأة تدفع ضريبة أزمات وعي الرجل تجاه المرأة العاملة والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمجتمع الذي تعيش فيه .
والاسلام كرم المرأة من خلال التشريعات التي سنها ، فالمرأة في الإسلام شريكة في صنع القرار وتسهم بفاعلية في تنمية وبناء المجتمع ،فهي تقع تحت ثقل مزدوج باعتبارها مسئولة عن رعاية الأطفال في المنزل، بالإضافة إلى اشتغالها خارج البيت للمساعدة في تربيتهم وتحمل هذا الثقل الرهيب لإيجاد توازن بين الحياة العملية والأسرية، فالمرأة بطبيعتها عاطفية وتميل إلى الاهتمام بالأسرة في حين يجب عليها في نفس الوقت التميز في أدائها الوظيفي فهذا بحد ذاته أكبر تحدٍ ويجب عدم تجاهله، لذلك فأن الدعم الأكبر يقع على عاتق الرجل الذي يجب أن يكون مساهماً في الأسرة، فهو شريك في تربية الأطفال، وفي دعمها للمساهمة في التنمية وبناء الوطن. والجزء الآخر من الدعم يقع على عاتق المؤسسات، ومثال على ذلك ، مشروع إلحاق دور حضانات الأطفال بالمؤسسات، فالعديد من النساء العاملات ممن لديهن الرغبة في العمل يواجهن تحديات بمجرد إنجابهن للأطفال الأمر الذي يحتم عليهن الابتعاد عن العمل.وهذا نموذج من الدعم الذي يساهم في استقرار المرأة العاملة، ومساعدتها في إيجاد توازن بين دورها المهني وواجبات العائلة.
لقد أظهرت دراسات حديثة بأن الحياة المزدوجة التي تعيشها المرأة العاملة بين عملها وبيتها جعلتها ذات طبيعة مختلفة فهي تعيش حالة ثقة تجعلها تتحمل جميع مسئوليات المنزل والزوج والأطفال ولا تتذمر وتحاول تأدية عملها على أفضل وجه، كما أنها ترتيب مطالبها حسب الأولوية لأنها بحكم عملها تعرف قيمة النقود جيدا. وهي أفضل بكثير من المرأة التي تجلس في منزلها وتعاني من الفراغ الذي ممكن ان يؤدي إلي كثرة الشجار بينها وبين زوجها . ومن الأعباء التي تعانيها المرأة العاملة في مجتمعنا هي:
1.قد يرفض الزوج القيام بأعمال داخل البيت، فالزوجة العاملة اليوم تجد نفسها "تعيش عبء خيارها العمل المزدوج لوحدها.
2.قد تفقد الراحة أو الاستقرار مع زوجها وأولادها عندما يسود جو مشحون بالتوتر واللوم نتيجة تقصيرها في واجباتها العائلية.
3.قد يفرض غياب الأم لساعات طويلة عن أطفالها وخصوصاً في بداية سنواتهم العشر الأولى ان يكون هناك بديل أخر يأخذ دور الأم في الرعاية و الاهتمام و التربية ، وذلك قد يؤثر على وظيفة المرأة الأزلية التي تتجسد في أمومتها و علاقتها بمنزلها و أطفالها.
مما تقدم وفي ظل الظروف الاقتصادية التي نحياها اليوم والضغوطات الاجتماعية التي تواجهها الأم العاملة يقل الطموح المهني لدى الكثيرات ليتمثل بعد الزواج و الإنجاب في الراتب الشهري فقط ، وتبرز المشكلة الاكبرحينما تحمل المرأة معها إلى عملها همومها و مشاكلها مع أطفالها و زوجها لتصبح شغلها الشاغل داخل العمل و خارجه ،خاصة عندما يقع على عاتقها وحدها مهمة التوفيق بين مسؤولية المنزل و العمل مما يؤثر بلا شك سلبا على تطورها الوظيفي و يقلل من فاعليتها المهنية .
ان العمل خارج المنزل لا يمكن أن يكون عبء على المرأة إذا وجد حولها من يساندها و يدعمها بل العكس انه فائدة مادية ومعنوية ومتعة ونافذة لتوسيع حياتها الاجتماعية بصورة بناءة.
ويبدو أننا وعلى الرغم من أننا تجاوزنا مسالة حق المرأة في العمل إلا انه من الواضح أننا ما زلنا بحاجة إلى المزيد من الوقت لاستيعاب تبعات عملها فمن المؤكد ان الهدف من عملها تعود فائدته إلى من حولها في المقام الأول.
فالمرأة نصف المجتمع، ودورها التربوي والاجتماعي أساسي في خلق جيل واعٍ يدرك أن العمل عصب الحياة، والعلم هو أساس وجوهر الحضارات الإنسانية.