1.   المرأة وركائز اقتصاد المعرفة:

الابتكار – البحث والتطوير

تستفيد المرأة من مناخ الابتكار والإبداع بنسبة أقل بكثير من الرجل، ويبدو هذا جليًا في المستوى المنخفض لاستخدام المرأة للبحث والتطوير، وإنتاج التكنولوجيا، وصياغة سياساتها. ويعود ذلك إلى عدة عوامل من أبرزها عدم المساواة البنيوية، والقيود المتعلقة بالموارد والخاصة بالنوع الاجتماعي، ومنها الدخل، والزمن، والتحيز في التعليم، وعناصر ثقافية مختلفة. كذلك لا تترك المسؤوليات العائلية والدخل المحدود للمرأة المجال والموارد الكافية للنفاذ والحصول على المعلومات خارج منزلها.  وبصفة عامة، تتلقى النسوة والفتيات التعليم والتدريب بدرجة أقل، وخاصة في الدول النامية، وبالتالي يمكن أن تنقصهن المهارات اللغوية وغيرها من المهارات التي تمكنهن من المشاركة.

وقد خصص الأردن على سبيل المثال في الأجندة الوطنية والبرنامج التنفيذي محورا خاصا بالتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي والإبداع، وقد أفرد المحور برامج تتعلق بتفعيل مشاركة المرأة وتحقيق العدالة بين الجنسين في سياسات ومناهج وبرامج قطاعات التعليم المختلفة، من خلال إدماج النوع الاجتماعي وإلغاء مظاهر التمييز على أساس الجنس من المناهج الدراسية والسياسات التربوية، وتحفيز البرامج التي تزيد من مشاركة المرأة في القرارات الإدارية التي لا تتعدى حاليا ما نسبة (15%).

 

كما قد تم تخصيص برامج لزيادة القدرة على استيعاب التكنولوجيا والاستثمار في تطوير الموارد البشرية بما ينسجم مع متطلبات الاقتصاد الوطني واحتياجات سوق العمل، إضافة إلى سعي الأردن إلى زيادة نسبة الإنفاق السنوي الإجمالي على البحث العلمي والتطوير من القيمة (0.36%) إلى (0.5%) مع نهاية عام 2009. إضافة إلى السعي إلى إنشاء صندوق لدعم البحث العلمي والباحث والجامعة المتميزة، وربط أنظمة المكتبات الجامعية مع بعضها عبر شبكة الكترونية.

التعليم: 

يعد التعليم من العوامل الأساسية لتمكين الأفراد في مجتمع المعرفة. وقد سجلت الدول العربية نسبة مرتفعة وسطية تبلغ (80%) من الالتحاق بالمدارس و (90%) من التعليم. وتشهد الهيئات الدولية التي تعمل في مجال مراقبة التعليم في الدول النامية بالمجهود الجبار الذي تبذله الدول العربية ومن ضمنها على وجه الخصوص الأردن لزيادة نسبة التحاق الأطفال بالمدارس ومراكز محو الأمية، لكن هذه الدول مازالت تواجه تحديات لا يستهان بها للوصول إلى التوازن الملائم بين التعليم وتنمية المهارات ومتطلبات التوظيف في سوق العمل.

حيث أشار تقرير التنمية البشرية العربية، أن جودة برامج التعليم في الدول العربية والتعليم العالي وتنمية المهارات لا تزال تمثل إحدى القضايا الهامة في العالم العربي والتي يتعين علينا مواجهتها لتنمية اقتصاد المعرفة. وعلى الرغم من أن المنطقة العربية تتمتع بنسبة عالية من الشباب (12-24 عاماً)، إلا أنها تعاني من أعلى نسب البطالة عند الشباب في العالم. مما دفع  حكومات الدول العربية إلى تنفيذ برامج إصلاحات شاملة سواء عبر تغيير المناهج التعليمية أو من خلال تطوير برامج متخصصة أو إدماج تقنيات المعلومات والاتصالات في عملية التعليم وتنمية المهارات، ولكن ما زال هناك الكثير الذي ينبغي عمله من أجل تحسين فرص العمل و قابلية التوظيف في القوى العاملة.

أما فيما يتعلق بردم الفجوة بين الجنسين، فتشير التقارير العالمية لفجوة النوع الاجتماعي أنّ الأردن قد أوشك على ردم فجوة النوع الاجتماعي في المؤشرات التنموية المتعلقة بالتعليم (0.986)والصحة (0. 971) وذلك مقارنة بدول شبيهة بخصائصه، إلا أن الأردن لا يزال يحتاج إلى المزيد من الجهود والسياسات والبرامج التي تعمل على تقليل فجوة النوع الاجتماعي في مجالات تنموية حيوية هامة خاصة فيما يتعلق في مشاركة المرأة في المجال العام.

البنية التحتية المبنية على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات:

إن صعوبة النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تعدّ المشكلة الثالثة التي تواجهها النساء على الصعيد العالمي، بعد الفقر والعنف ضدَ النساء. ولكنّ نفاذ المرأة إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتي تعتبر من أهم ركائز الاقتصاد المعرفي لا يمكن أن يتم في إطار فيه تكنولوجيات ومقاربات تفاوتية وغير مبالية للنوع الاجتماعي على صعيد هيئات صنع القرار وفيما يخصّ مستوى النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتطبيقها ومراقبتها.

 

لقد أصبح قطاع تقنية المعلومات والاتصالات قطاعا اقتصاديا مولداً لفرص العمل على صعيد عالمي. وقطاع تقنية المعلومات والاتصالات وسيلة ناجعة في يد المرأة تمكنها من توسيع دورها الاقتصادي ويزودها بآفاق واسعة تطور شخصيتها وقدراتها وتمكنها من المشاركة الفاعلة في التنمية واتخاذ القرار على مستوى العائلة والمؤسسة والمجتمع. ولقد ازداد الاهتمام بهذا القطاع في الأردن منذ عام 1999 كأحد القطاعات الواعدة لفرص اقتصادية أفضل للأردنيين.

 

إن توفر الإرادة السياسية الريادية على مستوى القيادة العليا للأردن وحشدها لجعل الأردن مركزا لتقنية المعلومات حفّز المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والأفراد ولفت النظر إلى أهمية قطاع التقنية فارتفعت وتيرة الاهتمام وطنيا فبرزت المبادرات الإبداعية الرائدة كمحصلة للتوعية ودفعت عدداً متزايداً من الشباب إلى حقول تقنية المعلومات والاتصالات. وارتفعت نسبة الملتحقين بالجامعات للحصول على الدرجة الجامعية الأولى في حقول علوم وهندسة الحاسوب، وتقنية المعلومات، والهندسة الإلكترونية وهندسة الاتصالات .

 

وفي السنوات الثلاث الأخيرة ارتفعت نسبة الإناث الملتحقات في الكليات العلمية للحصول على الدرجة الجامعية الأولى، فتقدر نسبتهن بحوالي (43.4%)، تتركز نسبتهن في العلوم والصيدلة، يليها الحاسبات بنسبة (44%) والهندسة (30.6%[1]).  إضافة إلى ذلك يوجد في أمانة عمان الكبرى وحدها (606) مركزاً تدريبياً معتمداً في تقنية المعلومات.

ويقدر عدد الذين يتم تدريبهم في المراكز المعتمدة بحوالي 20000 متدرب سنويا (35%) منهم إناثا. وتؤكد المسوح الميدانية إن (28%) من العاملين في تقنية المعلومات والاتصالات في الأردن إناثاً.

 

وفيما يتعلق بتوزيع المرأة ضمن قطاع تقنية المعلومات والاتصالات فان حــوالي (44%) منهن يعملن في مجالات تطوير البرمجيات والمواقع الإلكترونية و ما نسبته (27%) يعملن في الأعمال الروتينية لهذا القطاع و(11%) يعملن في هندسة الحاسوب وشبكاته[2].

 

إن أهمية قطاع تقنية المعلومات والاتصالات كونها أداة لتطوير دور المرأة التقليدي في المجتمع.ولهذا يجب الاستمرار في ترويج هذا القطاع. ويمكن القول بثقة أن نمو قطاع تقنية المعلومات والاتصالات في الأردن ترك أثره على عمل المرأة وعلى وضعها في المجتمع لاعتماده على القدرات الشخصية دون تميز بين الجنسين. ولقد أثبتت المرأة قدرتها المماثلة المنافسة للرجل على العمل في هذا المجال بكفاءة وفعالية.

 

الحاكمية الرشيدة

ونعني بالحاكمية الرشيدة توفير المساحة الحرة لمشاركة أفراد المجتمع الواحد (من أفراد ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص وغيرهم) في عملية اتخاذ القرار. فمفتاح تنمية المجتمع القائم على المعرفة يرتكز على النقاش الحر وتبادل الأفكار. حيث أكد تقرير التنمية البشرية العربية أن إطلاق الحرية وتشجيع المعرفة والإبداع ومناصرة القانون تعتبر من العوامل الأساسية التي تدعم قدرات المعرفة والإبداع.

وقد أشار تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2005 أن أوضاع النساء في المنطقة العربية شهدت «تقدماً جزئياً»، لكنها لا تزال تعاني تمييزاً في غالبية المجالات. إلى أن «العمليات السياسية في البلدان العربية ما زالت بعيدة عن تمثيل المرأة ومتطلباتها وشواغلها»، على رغم أن «الضغط الاجتماعي أدى إلى تحفيز تغييرات إيجابية معينة». غير أن «دور المرأة في الحكومة ومراكز القرار ما زال مشروطاً وتجميلياً... ومشاركتها اتسمت بالطابع الرمزي... من دون مد التمكين إلى القاعدة العريضة من النساء». لكنه لاحظ أن «السنوات الأخيرة شهدت نهوضاً أوسع للنساء»، منوهاً بحصولهن على حقي التصويت والترشح في غالبية البلدان العربية. ودعا إلى تخصيص حصص للنساء في المجالس المنتخبة، خصوصاً أن تمثيلهن في البرلمانات العربية أقل بنسبة (10) في المئة من المعدل العالمي.إذ لا يمكن الحديث عن أي برنامج نهضوي في المنطقة أو تصور إصلاح حقيقي من دون التطرق في شكل جدي إلى مشاكل المرأة».

هذا وقد أقرت الاستراتيجيات الوطنية للدول العربية أهمية الشفافية ودور الأطراف المعنية (ومنها المجتمع المدني) في تنمية اقتصاد المعرفة. وقد بدأ الأردن في تطبيق برنامج الحكومة الإلكترونية بهدف إصلاح وتحسين أداء توفير الخدمات للمواطنين. وتعد رابطة التقنية والمعلومات فى الأردن من الأطراف المعنية النشطة في مجال مراقبة وتنفيذ إستراتيجية (REACH) الوطنية، ويصدر عنها تقرير سنوي لتقييم مناخ تقنيات المعلومات والاتصالات في الأردن تحدد فيه المواقع التي تتطلب تدخلاً من قبل الحكومة أو الأطراف الأخرى المعنية. ورغم التقدم السريع الذي حققه الأردن في برامج الإصلاح الحكومي والشفافية.

 

هذا وقد بذل الأردن مجهوداً ضخماً لتشجيع استخدام تقنيات المعلومات والاتصالات في المجتمعات النائية وخاصة بين النساء والتي غالباً ما تواجه صعوبات في الحصول على المعلومات والخدمات الاجتماعية الأخرى في الظروف العادية.


[1] ، المرأة الأردنية في صورة إحصائية 2007، دائرة الإحصاءات العامة، الأردن.

[2] اليونيفيم ، 2004.

المصدر: الدكتور ماهر حسن المحروق
  • Currently 105/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
35 تصويتات / 1156 مشاهدة
نشرت فى 4 يوليو 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,718,409

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters