هي نقاط العداء بين الأبناء.. وكيف نستطيع القضاء عليها واستعاضتها بالوئام والمحبة..
من المهم جدا بهذا الصدد أن نعرف كيف ومتى نوزع الحب بين الأبناء، فإذا ما أردت أن تقبلي أحد أبنائك، أو تضميه إلى صدرك، وتعطفي عليه بحب وحنان، لا تنسي أن أبناءك الآخرين يراقبون ، وبالتالي عليك أن تساوي بين أبنائك في توزيع القبلات، ويعني ذلك أنك إذا قبلت أحد أبنائك بحضور إخوانه الصغار لا بد وأن تلتفتي إليهم وتقبليهم أيضاً، وإن لم تفعلي خصوصا إذا كنت تكثرين من تقبيل أحد أبنائك دون إخوانه فإنك قد تزرعين بذرة حسد وعدوان، والمطلوب إقامة العدل بين الأبناء في الرعاية والاهتمام بشكل عام.
ولا بدّ من التساؤل حول الوضع العام للإخوة في الأسرة: هل تقدمين للأطفال الأصغر حماية زائدة؟ وهل الأطفال الأكبر يجدون قبولاً أكبر أو أقل عندما يأتي أطفال آخرون؟ وهل يكون المولود الأول مفضلاً دائماً؟ وما مركز الابن الأخير والابن الوحيد؟ كيف يكون موقع الابن الأجمل ؟ هل هناك تفاضل بين الأبناء وعلى أي أساس يقوم؟ على أساس الجمال، أم على أساس العمل ؟ وإذا كان هنالك من تفاضل.. كيف يجب أن يتم إشعار الأبناء به؟
يرى التربويون أنه عندما يولد الطفل الثاني، ويأخذ في النمو ويدرك ما حوله، لا يجد الوالدين من حوله فحسب، بل يجد كذلك أخاه الأكبر الذي سبقه في الميلاد، والذي يفوقه قوة، وكلما كبر أدرك أنه أصبح في مرتبة ثانوية في المعاملة تتضح له من الأمور الآتية: يُعطي له اللعب القديمة بعد أن يكون أخوه قد استلمها جديدة واستعملها أمامه، ويُعطي له كذلك ملابس أخيه القديمة بعد أن تصبح غير صالحة للاستعمال إلا قليلاً، ومما يزيد الأمور سوءا ميلاد طفل ثالث في الأسرة يصبح موضع رعاية جديدة من الوالدين، فيقل لذلك مقدار الرعاية التي كانت توجه إليه، وهنا يأخذ الطفل الثاني ترتيباً جديداً بين الإخوة، ويصبح طفلاً أوسط ويكون مهاجماً من الأخ الأكبر ومن الأخ الأصغر.
أما عن الطفل الأخير في الأسرة، فإن مركزه تحدده عوامل كثيرة ، نجد أولاً: أن هنالك اختلافاً في معاملة الوالدين له عن بقية الإخوة والأخوات، وميلاً لإطالة مدة الطفولة، وفي بعض الحالات نجد أن الطفل الصغير الأخير يكون موضع رعاية خاصة ، وهنا تدب الغيرة والحقد في نفوس إخوته.
أما عن التفاضل فنجد أن بعض الآباء يزدادون حباً وعطفاً على أحد أبنائهم دون إخوته لأنه الأكثر نشاطاً وعملاً وخدمة لوالديه، ولا بأس بهذا التفاضل إذا ما كان سراً، ولكن حذار من الطرق السلبية التي يتم إشعار الإخوان بها، بينما تقضي الطرق الايجابية بأن يقوم الأب بمدح الصفات التي يتحلى بها ابنه الصالح دون ذكر اسمه، وبهذا يحاول الأب إعطاء التفاضل لأحد أبنائه بصورة فنية دون أن يحرك مشاعر الحقد والحسد في صدور أبنائه الآخرين تجاه ابنه المتميز ، بل بالإضافة إلى ذلك فهو قد دفع أبناءه إلى تقليد أخيهم عبر إعطائهم الثقة في الوصول إلى مرتبته بحكمة، والتفاضل هنا لا يعني إعطاء أحد الأبناء حقوقاً أكثر، بل المطلوب مزيد من الانتباه إلى هذه الملاحظة الهامة والتعرف بحكمة على كيفية توزيع الحب بين الأبناء.
وإذا كنت ترغبين في أن يسود الحب والود بين أبنائك عليك أن تبيني أهمية الأخ لأخيه، وتشرحي له عن الفوائد الجمة التي يفعلها الإخوان لبعضهم بعضا.
والأب الناجح في التربية هو الذي يجسد المحبة بين أبنائه ويرويها كل وقت، فادفعي أبناءك ليقدم كل واحد منهم هدية لكل أخ من إخوانه، سواء عبر إبلاغ كل واحد منهم بطريقة مباشرة أو عن طريق توجيههم إلى القيام بهذا العمل بطريقة غير مباشرة.
وادفعي أبناءك للتزاور والتواصل بينهم فإنه ليس هناك شيء يقوي الحب بين الإخوة مثل الزيارة، ادفعيهم إلى المصالحة والمعانقة فيما بينهم ، وابحثي عن أسباب الشقاق وبواعث الحقد والخصام بين الأبناء ثم اقتلعيها وازرعي مكانها المودة والأخاء.
ومن أسباب الخصام السيئة: الاعتداء والظلم والحسد، فلو كان أبناؤك يعتدون على بعضهم بعضا، ويمارسون الظلم وفي صدورهم غل وحسد، حينئذ فلا غرابة إذا لم تجدي فيهم الحب والود والإخاء، ترى كيف يمكن أن يحب الصغير أخاه الكبير، وهو يقاسي من مرارة ظلمه وعدوانه.
إن وجدت الأبناء يمارسون الظلم بحق إخوانهم وأخواتهم فهم يمارسون الضرب القاسي، ويسلبون حقوق الإخوان في الأكل والمنام والملبس وكل شيء، وأحياناً كثيرة تجدين أن الأخ الأكبر في العائلة يصبح مستبداً إلى آخر حد، يقوم بأحكام سيطرته الحديدية على أخوته، وكأنه سلطان جائر، هنا لا بد أن يتدخل الأب ويرفع الظلم، وإلا فإن الأبناء كلهم سيصحبون على شاكلة أخيهم الكبير، لأن الأجواء الملتهبة تخلق من أفراد الأسرة وحوشاً ضارية، فالحسود بطبعه يبغض الآخرين، ويكنّ لهم الحقد والكراهية، ولربما تسول له نفسه القضاء على من يحسده، كما فعل قابيل بأخيه هابيل من قبل، من هنا، فإذا كنت تريدين أن يسود الحب والود بين أبنائك، فلا مناص من رفع أي بوادر مثل الظلم والحسد من بين أبنائك.. بل ولا بد أن تقتليها في المهد قبل أن تترعرع وتكبر.
بعض الأبناء لا يعرفون طريقاً لحل المشكلات غير طريق الاشتباك الحاد، وكأنهم أعداء، والتساؤل: لماذا لا ينتهجون سبيل الحوار الهادئ بينهم؟ بالطبع يرجع السبب إلى الوالدين، فهما المسؤولان عن خلق الأجواء والعادات والتقاليد في العائلة. لذلك.. من المفترض أن لا ينسى الآباء تعليم أبنائهم عادة الحوار والتفاهم الرزين بدل أسلوب المناقشات العصبية والمشاجرات الصاخبة.
والمسألة سهلة، إذ يكفي لأحد الوالدين أن يستوقف أبناءه، في حالة حدوث أول صراع كلامي ويبدأ يحل لهم المشكلة بالتفاهم والسؤال الهادئ.
ومن حق الأخ على أخيه أن يغفر زلته، وأن يخفف عنه حزنه ويهون عليه.

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 109/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
36 تصويتات / 3589 مشاهدة
نشرت فى 2 يوليو 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,892,242

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters