إن للعمل التطوعي مكاسب وفوائد جمة، تعود على الفرد المتطوع نفسه، وعلى المجتمع وعلى قطاعاته التنموية المختلفة.
فما يتحقق للفرد المتطوع:
الأجر والمثوبة من الله عز وجل بشرط الإخلاص له سبحانه، وشعوره بالرضا عن النفس وأن هناك من يحتاج لجهده، إضافة لإحساسه بأنه عضو فعال في مجتمعه، كما أنه سيصبح أكثر قدرة على فهم الناس ودور القطاعات الخدمية في بيئته، إضافة إلى رصيد من الخبرة والدراية في مجال جهده التطوعي، وغرس روح العمل الجماعي في ذاته، مع تنميةٍ للقدرات والمهارات الشخصية وتطويرها، ولا يغيب عن الجميع أن كل جهد تطوعي يبذله المتطوع- مهما قل -صفحة مشرقة تحسب للمتطوع في سيرته الذاتية.
وإذا نظرنا للمؤسسات أو الجهات العاملة في القطاعات التنموية فإن مكاسبها من الجهود التطوعية تتمثل في:
تغطية النقص أو القصور الذي يمكن أن تعاني منه سواء من الناحية المالية أو القوة البشرية، وبالتالي تحقيق أهدافها دون تحمل أعباء مالية إضافية إذا قام بالعمل موظفون رسميون، وهو ما يعني زيادة لإنتاجية الأعمال لامتياز العمل التطوعي بالحماس في الأداء-وهذا ما يُفتقد في العمل الروتيني- إضافة لسد الثغرات الموجودة فيها في بعض التخصصات النادرة، مع ما يصاحب ذلك من توفير في الوقت للموظفين لنواحي العمل التي تتطلب مهارات فنية أكثر.
أما المجتمع الذي يحتضن تلك الجهود التطوعية، فإنه يحقق لأفراده المتطوعين فرصة المشاركة في تحديد الأولويات التي يحتاجها، والمشاركة في اتخاذ القرارات، وهو تعزيز لانتماء المتطوع له، كما يسهم التطوع في القضاء على البطالة؛ لأنه يعود الفرد على العمل والإيجابية، ومن خلال ذلك يتحقق بناء وتوجيه الطاقات، واكتشاف القيادات وتدريبها وزيادة مهاراتها وهو إسهام مهم في التحصين من الانحراف والضياع.
كما يمكن للمجتمع أن يستفيد من الجهود التطوعية في المعالجة النفسية والصحية والسلوكية.
أخيراً إن أولى ما تصرف فيه الجهود التطوعية القطاعات الخيرية بآفاقها الرحبة لما لها من نفع متعد على الغير وثمار ظاهرة للعين.
لئن حظي مصطلح التطوع بمكانة مرموقة في المجتمع الغربي فإن مكانته في الإسلام أكبر وأرحب للدرجة التي يكاد أن يتحول فيها إلى فرض كفاية، وهو ما يمكن أن يطلق على الأعمال التي يتعين القيام بها من لدن جماعة قليلة لمصلحة المجتمع والأمة بأسرها. إلا أن الملموس هو تدني فاعلية العمل التطوعي على الرغم من الحاجة الماسة لهذا العمل النبيل من قبل فئة قادرة نحو فئة محتاجة من داخل البيت الإسلامي الكبير بما يشهده من تحولات اقتصادية وسياسية خطيرة ألقت بظلالها على مستوى المعيشة!!
وفي الوقت الذي تُعرَّف ثقافة التطوع بأنها (منظومة القيم والمبادئ والأخلاقيات والمعايير والرموز والممارسات التي تحض على المبادرة بعمل الخير؛ إما بدرء مفسدة أو بجلب منفعة، تطوعاً من غير إلزام، ودون (إكراه) فإن ثقافة التطوع في المجتمع الإسلامي تتعدى ذلك إلى ارتكازها بالأصل على أسس كثيرة أهمها عقيدة الإيمان بالله والإحسان إلى الآخرين وانتظار الجزاء في الآخرة.
وهي التي تدفع المسلم لفعل الخير، والسعي طواعية لتقديم العون للآخرين ابتغاء وجه الله تعالى.
ورغم ذلك، فإن التطوع لا يأخذ الاهتمام المطلوب؛ إما بسبب الجهل بأهداف العمل التطوعي وفكرته الإنسانية أو جمود آلياته وإجراءاته، أو بسبب الخوف من إلصاق تهمة الإرهاب أو الملاحقة القانونية، وهو ما قلل من الانضمام للعمل التطوعي على الرغم من نبل الفكرة وسمو الهدف.
كما أن بعض المؤسسات التطوعية تتجاهل التحفيز والتنشيط للمتطوع فلا تشعره بأهمية انتسابه لها ولا تمنحه الشعور بالانتماء للمنظمة فضلا ًعن الإحباط الذي يعتريه بسبب سهولة التخلص منه، إما لوجود البديل أو لانتفاء توثيق العضوية عبر عقود ولو كانت أدبية! ولابد أن ندرك أن الاختيار الصحيح للمتطوعين لابد وأن يتفق وإمكانات المتطوع ورغباته ولا يتعارض مع مفاهيمه الثقافية والمجتمعية، والتركيز على هذه الجزئية يؤدي للمساهمة في توفير القدرة على استثمار طاقات المتطوع وخفض كلفة إعداده، والإسراع في بلوغ الأهداف ومنع التضارب والحيلولة دون شعوره بالإحباط، مع مراعاة عدم تحميل المتطوع فوق طاقته، وضرورة إشراكه في اتخاذ القرارات ومشاورته وإبراز جهوده.
وحين يحظى التطوع بالقبول، وينال المتطوعون الاهتمام المجتمعي، فإن ذلك من الدواعي التي تجمِّل العمل التطوعي وتحببه للناس وتجعل الانتساب له من الأمور المحمودة والدافعة للحصول على رضا الله أولاً، ومن ثم كسب احترام المجتمع واستحسانه وتقديره مما يسهل على الآباء والمربين ويساعدهم على غرس حب العمل التطوعي والمنافسة للانضمام إليه، وهو عمل -لو تعلمون- نبيل!!