أهمية الإبتكار فى تنمية العمل الخيري
عبر مجموعة من البرامج والدورات المتكاملة يمكن للناشط في مجال العمل الخيري أن يضاعف جهودة في مسح دمعة اليتامي وتخفيف ألالام المرضي والمحتاجين هذا ما يؤكده ياسر فاروق الخبير في مجال التنمية البشرية الذي يري أن إهتمام نشطاء العمل الخيري بهذا العلم قد بدأ في التزايد في الأونة الاخيرة إلا أنه ليس كافياً وعبر سطور الحوار التالي يقدم وصفة سريعة للعاملين في حقل العمل الخيري كي يطوروا قدراتهم علي العطاء في هذا المجال الواعد فإلي تفاصيل الحوار :
** هل العاملين في مجال العمل الخيري بحاجة الى دورات تأهيلية معينة ؟
· دورات التنمية البشرية بشكل عام تنقسم إلي ثلاث أنواع رئيسية أولها ما يعرف بدورات التنمية الذاتية وتحتوي علي مجموعة من البرامج التي تساعد الإنسان علي أن يتصالح مع نفسه وتنمي لديه القدرة علي التصرف الجيد في أية مشكلة يمكن أن تواجهه في أي موقف من مواقف حياته كما أن هذه الدورات تشمل أيضاً ما يسمي بالقواعد الثمانية للنجاح وهذه الدورات ت! سعي بالأساس إلي تنمية القدرات الذاتية للشخص والوصول بها إلي المستويات العليا من الإنجاز وهو الأمر الذي يعبر بوضوح عن أن الشخص قد وصل إلي درجة كبيرة من توظيف إمكانياته وقدراته اما النوع الثاني من دورات التنمية البشرية فإنها تحتوي علي مجموعة من البرامج التي تربط بين تنمية وتطوير القدرات الذاتية للشخص ومجال عمله وهو العمل الخيري وتشمل هذه الدورات غالباً مجموعة من البرامج التي تساعد الشخص علي إتخاذ القرار ومواجهة ما يمكن أن يتعرض له في ظل الإتصال الواسع بالناس بمختلف شرائحهم الإجتماعية وهو الأمر الذي يعد ضرورياً للغاية في مجال العمل الخيري أما النوع الثالث من الدورات فإنها تختص بالإدارة بالأساس وتشتمل علي مجموعة من البرامج التي تساعد الشخص علي أن يحدد أهداف مؤسسته وكيف يساعىلتنفيذها علي أرض الواقع وبالطبع فإن الذين يرتادون العمل الخيري في حاجة ماسة لان يحصلوا علي هذه الأنواع الثلاث من الدورات وذلك حتي يستطيعون أن يؤدوا دورهم بجاح في هذا المجال ا! لهام للغاية لبناء المجتمع ككل .
** لكن كيف يمكنهم مواجهة النظرة الضيقة للعمل الخيري ؟
· نعم إن هذه هي إحدي المشكلات الرئيسية التي يواجهها العمل الخيري في مصر فثقافة الناس فيما يتصل بالعمل الخيري مازالت محدودة للغاية فالنظرة له حتي الآن مازالت محصورة فى دائرة الإعانات والمساعدات المالية التي يقدمها بعض الأثرياء ! للفقراء وهذه نظرة محدودة وضيقة للغاية وبالتالي فإن هذا الأمر يستلزم من نشطاء العمل الخيري أن يقوموا بتطوير أساليبهم والأدوات التي يستخدمونها بشكل كبير وذلك حتي يتمكنوا من تغيير هذه النظرة السلبية التي ترسخت في وعي الناس منذ سنوات طويلة حتي أن الكثير منهم ينظرون اليوم إلي الناشطين في مجال العمل الخيري علي أنهم مجموعة من الأفراد كبار السن الذين لديهم وقت فراغ يقومون بشغله بمثل هذه الأعمال فالناس يجب أن تفهم علي المدي الطويل أن العمل الخيري هو أحد الأشياء الرئيسية التي تساهم في بناء وتطوير المجتمع ولذلك فإن تعريف العمل الخيري الذي يجب أن يكون مستقراً في الأذهان هو أنه كل عمل يمكن أن يساهم في خدمة المجتمع بأي شكل من ا لأشكال وهي المهمة التي يجب أن يضعها نشطاء العمل الخيري أمام أعينهم جيداً وهم يتحركون وذلك حتي لا يظل العمل الخيري مجموعة من الجهود الفردية المبعثرة هنا وهناك .
** وما المطلوب إذاً ؟
· يجب علي الناشطين في مجال العمل الخيري في الوقت الذي يركزون فيه إهتمامهم علي توسيع دائرة رقعة نشاطهم أن يسعوا إلي تنمية قدراتهم البشرية من خلال إجتياز عدد من البرامج والدورات التدريبية كما يجب في الوقت نفسه أن يصدروا نشرات إعلامية لتوعية الناس بما يقومون به وهو الأمر الذي يمكن أن يساعد ف! ي تصحيح نظرة الناس بشكل كبير للعمل الخيري .
- القدرة والإبتكار -
** وما دور التنمية البشرية في الإرتقاء بفكر العمل التطوعي والقفز به إلي ما وراء الشكل التقليدي المتعارف عليه ؟
· بلا شك فإن تنمية وتطوير وحسن إستغلال الموارد البشرية تعد من الأمور الأساسية التي يمكن أن تلعب دوراً أساسياً في دفع العمل الخيري والتطوعي قدماً نحو الأمام فتنمية القدرات البشرية للناشط في مجال العمل الخيري تساعده بشكل كبير علي التفاعل مع قطاعات واسعة من المجتمع وذلك بالإضافة إلي أنها تنمي لديه القدرة علي إبتكار أشكال وأساليب جديدة ! للعمل وهو الأمر الذي يمكن أن يؤدي في نهاية الأمر إلي تقدم العمل الخيري إلي الأمام .
** وهل حاولتم كخبراء تنمية بشرية لعب دور ما في هذا الصدد ؟
· نعم لدينا الآن عدد من مجالات التعاون مع عدد من الناشطين في مجال العمل الخيري حيث قمنا بعقد سلسلة من الندوات واللقاءات الخاصة بتنمية الجوانب الإبتكارية لديهم وبالفعل فنحن أنشأنا اليوم ما يعرف بإسم نادي المبتكرين والفكرة الأساسية في هذا الصدد هي كيف يمتلك الناشط في مجال العمل الخيري القدر! ة المستمرة علي إبتكار أساليب ومجالات جديدة للعمل بعيداً عن الأنشطة التقليدية التي إعتادها الناس منذ سنوات طوال .
** كيف يصبح الناشط في مجال الخيري مبتكراً ؟
· قبل أن يعرف الإنسان كيف يمكنه أن يصبح مبتكراً فإن عليه أن يفكر أولاً لماذا لم يكن مبتكراً من الأساس وهذا يعود إلي مجموعة من الاشياء أولها أنه إعتاد عندما يفكر ألا يفكر تفكيرا نقدياً يوصف فيه سلبيات الأوضاع القائمة ويحاول أن يتوصل إلي صورة مغايرة لها حتى تصبح أفضل مستقبلاً كما أن أحد الأ! سباب الرئيسية قد تكون خوف الشخص من أن يتعرض للإنتقاد أو السخرية إذا قام بطرح أحد الأفكار الجديدة أو غير المالوفة كما قد يعود الأمر بالأساس إلي إعتياده اللجوء للأشيا ء السهلة الناجحة دون أن يعطي نفسه الفرصة لأن يفكر في أسباب نجاحها أو كيف يمكنه الإستفادة منها من خلال التغلب علي هذه الأمور مجتمعة يمكن أن نجعل من الناشط في مجال الخير شخصية مبتكرة قادرة دائماً علي التوصل للعديد من الأفكار ومجالات العمل التي تراعي الحركة الدائمة التي تحدث في بنية المجتمع .
- القدرات الذاتية -
** هل معني هذا أن هناك قدرات معينة يجب أن تتوافر في من يمارس العمل الخيري ؟ ·
أهم شئ هو أن يكون لدي الشخص الذي يتصدي لهذه المهمة السامية إخلاص فى القصد والنية من خلال إبتغاء وجه الله عز وجل وحده بهذا العمل كما يجب عليه أن يكون نموذجاً للشخص المتفاني في خدمة مجتمعه وفي الوقت نفسه يجب أن تكون لديه رغبة وقدرة علي تنمية قدراتنا الذاتية وذلك لإحتياجه الدائم للتواصل مع الناس لإنجاح مهمته فيجب أن يكون لديه قدرته علي فهم الناس وحسن التصرف معهم في الظروف والم! واقف المختلفة وفي الوقت نفسه يجب أن تكون لديه القدرة علي إتخاذ القرارات بسرعة وحسم ومواجهة المشكلات المختلفة التي يمكن أن يتعرض لها في عمله كما يجب ان يكون لدي هذا الشخص القدرة على تحديد أهداف المؤسسة الخيرية التي يعمل بها وأفضل وأسرع السبل لتحقيقها وهذا يعني أنه لابد أن تكون لديه مقدرة علي صياغة وتنفيذ إستراتيجية متكاملة لهذه المنشأة ولذلك فإن الناشط في مجال العمل الخيري لابد له أن يحصل علي مجموعة من الدورات التدريبية بشكل متواصل في مجال التنمية البشرية ولكن لابد أن يتم هذا الأمر من خلال خطة زمنية منظمة ووفق عدد من البرامج ولكن هذا الأمر يجب أن يتم بالتدرج .
- صورة مخجلة -
** وماذا تقول للشباب المتحمس للعمل الخيري ؟
· أشجعهم على أن يمضوا في هذا الطريق فهذا المجال سيشكل إضافة جيدة في حياتهم ولذلك فإنه لا يجب عليهم ألا يضيعوها من يدهم كما أنه يجب عليهم أن يخلطوا الحماس بالتحديد الجيد للأهداف التي يسعون لتحقيقها .!
** ولماذا الشباب في الغرب منذ نعومة أظافرهم نجدهم يمارسون العمل الخيري العابر للحدود والثقافات وهو ما لما لا يحدث لدينا ؟
· هذا راجع لثقافة هذه المجتمعات حيث يعد هذا أمراً طبيعياً جدا لديهم حتي أن الكثيرون يتنافسون فيما بينهم علي القيام به وهذا راجع إلي ما تقوم المؤسسات التعليمية المختلفة كالمدارس والجامعات بغرسه في الطالب منذ سنوات عمره الأولي وهو الأمر الذي تقوم وسائل الإعلام الغربية المختلفة بعد ذلك بتعز! يزه حيث يظهر العمل الخيري علي أنه عمل يشرف أي شخص في المجتمع أن يقوم به حتي لو كان ذلك في أفريقيا أو غيرها من المناطق النائية ولذلك علينا إذا أردنا أن نصل إلي ما وصلوا إليه من تقديس للعمل الخيري أن نعطيه المكانة التي يستحقها في المجتمع ولذلك يجب أن نشجع أبناءنا منذ سنوات عمرهم الأولي علي أن يشاركوا بفاعلية في حل المشكلات التي تواجه مجتمعهم ويمكن أن يتم هذا من خلال مؤتمر ما يتناول أحدي المشكلات الموجودة في منطقتهم والتي يمكن لكل منهم أن يقوم باقتراح ما يراه من حلول لها فالنظرة الحالية للعمل الخيري علي أنه عمل يقوم به أفراد تقدم بهم العمر إلي حد كبير وأنهم يسعون للقيام ببعض أعمال الخير قبل أن يموتوا فهذه الصورة المخجلة أن لها الآن أن تتغير .
** الصورة الآن كيف تراها ؟
· هناك تقدم ما حدث الآن لا يمكن أنكاره فيما يتصل بالفكر المسيطر علي ناشطي العمل الخيري في مصر فالكثير منهم أدركوا الأهمية القصوي للتنمية البشرية في المجتمع ولذلك فإن هناك العديد من المؤسسات الخيرية التي تقوم بتمويل دورات مجانية أو بأجور رمزية في التنمية البشرية واللغات والكمبيوتر في العديد من المساجد .
** هذا مؤشر جيد لإدراك أهمية التنمية البشرية ؟
· نعم وهذا أمر هام للغاية للناشط في مجال الخيري فالإتجاه الذي تسعي الغالبية العظمي من برامج التنمية البشرية لتدعيمها لدي الأفراد هو أنك بدلاً من أن تعطي للشخص سمكة فإن عليك أن تصنع له سنارة وأن تعلمه كيفية الصيد وهذا هو نفس الأمر الذي يهدف إليه العمل الخيري فبدلاً من أن تقوم بإعطاء المحتاج أو الذي لا يجد عملاً مساعدات مالية ما فإن عليك أن تبحث له عن بدائل ممكنة وهذا يمكن أن ي! تم من خلال إقامة مصانع أو ورش صغيرة أو مشاريع متناهية الصغر إذا لزم ألامر وهذا كله يؤكد علي أن إجتياز الناشط في مجال العمل الخيري عدداً من الدورات في مجال التنمية البشرية بإستمرار يعد أمراً هاماً للغاية كي يستطيع إنجاز مهمته علي أفضل وجه .
** ختاماً بإيجاز كيف يمكن للناشط في مجال العمل الخيري أن ينمي قدراته بأٍسرع وقت ممكن ؟
في البداية يجب أن يسعي جاهداً لأن ينمي لديه القدرة علي معرفة وفهم نفسه جيداً فيجب أن يسعي لتنمية قدراته الأساسية كالقدرة علي التفكير وإتخاذ القرار كما يمكن أن يتم إكسابه القدرة علي التحدث علي الجماهير والقدرة علي الإقناع كما يمكن له أن يحصل علي دورة في إدارة المش! روعات الصغيرة وعلاوة علي هذا فإنه لابد أن يكون لديه إلمام وتحديد للأهداف التي يسعي لتنفيذها.