هذه القصة سمعتها أكثر من مرة ... وأول مرة قرأتها كانت في مرحلة الثانوية العامة في التسعينات ... في كتيب صغير للداعية المتميز محمد عقيل موسى الشريف بعنوان ( الهمة طريق إلى القمة ) ..
وها أنا أنقلها لكم يا أحبابنا لتستمتعوا بها .. ولكي يحلم كل منا بأن يكون له دور في اصلاح بلده ولو من خلال ذرية المستقبل ..
الشاب الياباني تاكيو اوساهيرا وبدايه الثورة الصناعية في اليابان
قصة كفاح و نجاح , قصة شاب اسمه تاكيو اوساهيرا والذي خرج من اليابان مسافراً مع بعثةٍ متجهين إلى ألمانيا ( بعد الحرب العالمية الثانية ) , وحلمه الذي يتمنى تحقيقه هو أن ينجح في صناعة محرك يكون أول محرك كامل الصّنع يحمل شعار صُنع في اليابان , بدأ يدرس بجد و عزيمة أكثر مضت السنوات سراعاً كان أساتذته الألمان يوحون إليه بأن نجاحك الحقيقي هو من خلال حصولك على شهادة الدكتوراه في هندسة الميكانيكا , كان يقاوم تلك الفكرة و يعرف أن نجاحه الحقيقي هو أن يتمكن من صناعة محرك , بعد أن أنهى دراسته وجد نفسه عاجزاً عن معرفة ذلك اللغز ينظر إلى المحرك و لازال يراه أمراً مذهلاً في صنعه غامضاً في تركيبه لا يستطيع أن يفكِّك رموزه .
جاءت الفكرة مرة أخرى ليحلق من خلالها في خياله و ليمضي من خلال خياله نحو عزيمة تملكته و شعور أسره , تلك الفكرة : ( لابد الآن أن أتَّخذ خطوة جادة من خلالها أكتشف كيف يمكن أن أصنع المحرك ) .
حضر ذات يوم معرضاً لبيع المحركات الايطالية , اشترى أحد المحركات بما يعادل راتباً كاملاً من رواتبه , أخذ المحرك إلى غرفته , بدأ يفكك قطع المحرك قطعةً قطعة , بدأ يرسم كل قطعة يفكِّكها ويضع لها رقماً , و يحاول أن يفهم لماذا وُضعت في هذا المكان وليس في غيره , بعد ما انتهى من تفكيك المحرك قطعة قطعة , بدأ بتجميعه مرة أخرى , استغرقت العملية ثلاثة أيام , ثلاثة أيام من العمل المتواصل لم يكن ينام خلالها أكثر من ثلاث ساعات يومياً ويكتفي بوجبة طعام واحدة , في اليوم الثالث استطاع أن يعيد تركيب المحرك و أن يعيد تشغيله مرة أخرى , فرح كثيراً , أخذ المحرك , ذهب يقفز فرحاً نحو أستاذه , نحو مسئول البعثة و رئيسها : استطعت أن أعيد تشغيل المحرك , بعدما أعدت تجميع القطع قطعة قطعة , لقد نجحت , ولكن أستاذه أشار إليه بأن النجاح الحقيقي هو أن تأخذ هذا المحرك ,
و أعطاه محرك آخر : هذا المحرك لا يعمل , إذا استطعت أن تعيد إصلاح هذا المحرك فقد استطعت أن تفهم اللغز , تجربة جديدة , أخذ المحرك الجديد وبدأ في تفكيكه , و بنفس الطريقة , قطعة قطعة , بدأ يعمل على إعادة تجميع ذلك المحرك , اكتشف الخلل , ثلاث قطع من قطع المحرك تافة وتحتاج إلى إعادة صهر وتكوين من جديد , فكر أنه إذا أراد أن يتعلم صناعة المحركات فلا بد أن يدرس كعاملٍ بسيط , كيف يمكن لنا أن نقوم بعملية صهر و تكوين و تصنيع القطع الصغيرة حتى نستطيع من خلالها أن نصنع المحرك الكبير .
وتمكن وبشكل سريع تجميع بقية القطع بعد أن اكتشف الخلل , ركب المحرك من جديد , بعد عشرة أيام من العمل المتواصل طربت أذنه بسماع صوت المحرك و هو يعمل من جديد , حمل المحرك سريعاً و ذهب إلى رئيس البعثة: الآن نجحت , الآن سألبس بدلة العامل البسيط و أتّجه لكي أتعلم في مصانع صهر المعادن , كيف يمكن لنا أن نصنع القطع الصغيرة , هذا هو الحلم , وتلك هي العزيمة , بعدما نجح رجع ذلك الشاب إلى اليابان , تلقّى مباشرة رسالة من إمبراطور اليابان , وكانوا ينظرون إليه بتقديس و تقدير , رسالة من إمبراطور اليابان ! ماذا يريد فيها ؟ :
أريد لقاءك و مقابلتك شخصياً على جهدك الرائع و شكرك على ما قمت به .
رد على الرسالة : لا زلت حتى الآن لا أستحق أن أحظى بكل ذلك التقدير و أن أحظى بكل ذلك الشرف , حتى الآن أنا لم أنجح , بعد تلك الرسالة , بدأ يعمل من جديد , يعمل في اليابان , عمل تسع سنوات أخرى بالإضافة إلى تسع سنوات ماضية قضاها في ألمانيا , كم المجموع ؟ أمضى تسع سنوات جديدة من العمل المتواصل استطاع بعدها أن يحمل عشرة محركات صُنعت في اليابان , حملها إلى قصر الإمبراطور الياباني , وقال : الآن نجحت , عندما استمع إليها الإمبراطور الياباني و هي تعمل تَهلّل وجهه فرحاً , هذه أجمل معزوفة سمعتها في حياتي , صوت محركات يابانية الصّنع مئة بالمئة , الآن نجح تاكيو اوساهيرا , الآن استطاع أن يصنع ذاته عندما حَوّل الفكرة التي حلّقت في خياله من خلال عزيمته إلى هدف يراه بعينيه و يخطو إليه يوماً بعد يوم , عندما وصل إلى ذلك الهدف استطاع أن ينجح , في ذلك اليوم صنع ذاته , صناعة الذات انطلقت من ذلك الشاب ليتبنّاها كلّ عامل ياباني يرفع شعار : إذا كان الناس يعملون ثمان ساعات في اليوم سأعمل تسع ساعات : ثمان ساعات لنفسي ولأولادي و الساعة التاسعة من أجل اليابان , تلك المعنويات جعلتنا نقول العالم يلهو و اليابان يعمل , جعلتنا نفتخر بملبوساتنا و بمقتنياتنا لأنها صُنعت في اليابان .
متى يأتي اليوم ونعمل ساعة من أجل الوطن ؟؟
هذه القصة من أعظم الأمثلة لإخواننا وأبنائنا الطلاب
فبعقولهم وأيديهم فقط يمكن تحقيق المجد ( بعد التوكل على الله )
وتقبلوا تحياتي
<!-- Signature -->