إن منظمات الأعمال كنظام مفتوح  تنمو ، تتطور ، تتفاعل مع فرص و تحديات بيئتها التي تنشط بها ... فالتغيير ظاهرة  طبيعية تقتضي تحول تلك المنظمات من وضع قائم إلى وضع آخر مستهدف ، قد  يضمن لها البقاء    و الاستمرارية في بيئة مضطربة و معقدة .

 

       إن ما يلاحظ في كثير من منظمات الأعمال المعاصرة ، في بعض دول أمريكا وأوربا واسيا و الدول العربية كالمملكة  العربية  السعودية  و الإمارات  العربية   المتحدة  ، هو  تبنيها لمدخل  حديث في الإدارة يطلق عليه اسم  إدارة الجودة الشاملة و المعروف  دوليا  بالرمز الأنجلوسكسوني TQM. هذا المدخل لا  ينحصر  في تطبيق  بعض الأدوات الجديدة أو الشعارات كما يعتقد البعض ، و إنما يهدف لإحداث  تغيير عميق في المنظمة و يتطلب  سلوكيات وقيم و معتقدات جديدة لكل أفرادها .

 

 مـقدمـة:

          التغـيير شـئ يحدث في حياتنا اليومية ، سنة من سنن الحياة ، و يتجلى هذا التغيير من حولنا في صور عديدة : تغير الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية ، تغير أنماط الاستهلاك ، تقدم التكنولوجيا ،تغير أنماط الإدارة في المنظمات ، ....

 

         إن منظمات الأعمال كعناصر مهمة في الحـياة الاقتصادية و نظـم مفتوحة تعيـش التغيـير، فـهي  تنمـو و تتطور و تتفاعل مع فرص و تحديات بيئتها التي تنشط بها ... فالتغيير ظاهرة طبيعية تقتضي تحول تلك المنظمـات من وضع قائم إلى وضع آخر مستهدف ، قد  يضمن لها البقاء و الاستمرارية في بيئة مضطربة و معقدة .

 

       إن ما يلاحظ في كثير من منظمات الأعمال المعاصرة ، في بعض دول أمريكا وأوربا واسيا و الدول العربية كالمملكة  العربية  السعودية  و الإمارات  العربية   المتحدة  ، هو  تبنيها لمدخل  حديث في الإدارة يطلق عليه اسم  إدارة الجودة الشاملة و المعروف  دوليا  بالرمز الأنجلوسكسوني TQM. هذا المدخل لا  ينحصر  في تطبيق  بعض الأدوات الجديدة أو الشعارات كما يعتقد البعض ، و إنما يهدف لإحداث  تغيير عميق في المنظمة و يتطلب  سلوكيات وقيم و معتقدات جديدة لكل أفرادها .

 

على هذا الأساس، سنتعرض في هذه الورقة البحثية إلى إدارة الجودة الشاملة كمدخل حديث   للتغيير  و سنركز على المحاور التالية:          

      -   مفاهيم  حول إدارة الجودة الشاملة و التغيير.

-   أشكال التغيير التي يقتضيها تطبيق إدارة الجودة الشاملة.

-    كيفية إدارة التغيير لتحقيق المزايا المتوخاة من تطبيق إدارة الجودة الشاملة .

 

1 - التغييـر:

 

1-1 تعريــف التغيير :

 

  قبل التطرق لتعريف كلمة التغيير نطرح السؤال التالي: لماذا تتغير المؤسسات ؟ إنها تتغير لأنها تشكل جزءا  من عملية التطور الواسع والتي عليها التفاعل  مع التغيرات والمحددات والمتطلبات والفرص في البيئة التي تعمل بها، مما يؤدي إلى إجبار هذه المؤسسات على التأقلم مع البيئة التي تعمل بها . ليس هذا فقط ولكنها تحدث أيضا  تغيرات في البيئة بتطوير وتقديم منتجات وخدمات جديدة وبتطبيق واستخدام  تقنيـات جديـدة ...  و عليـه يعرف التغييـر علـى أنـه:

" التغيير عملية طبيعية تقوم على عمليات إداريـة معتمدة، ينتج عنها إدخال تطوير بدرجة مـا على عنصر أو أكثر، ويمكن رؤيته كسلـسلة من المراحل التي من خلالـها يتم الانتقـال من الوضع الحالـي إلى الوضـع الجـديد "(1).

 

1-2 أنـواع التغييـر :

 

هناك أنواع للتغيير تتمثل فيما يلي :

التغيير الغير المخططة : تتم بشكل مستقل عن رغبة المؤسسة ، و تحدث نتيجة التطور و النمو الطبيعي في المؤسسة كازدياد عمر العمال ،...

التغييرات المخططة : تحدث من أجل أن تعد المؤسسة نفسها لمجابهة التغيرات المتوقعة .

التغييرات المفروضة: تفرض جبرا على العاملين من قبل الإدارة ( السلطة ) وقد تقابل بالرفض والإحباط.

التغييرات بالمشاركة : تتم بمشاركة العاملين في التخطيط للتغيير .

 

1-3 مجالات التغييـر:

 

تستطيع المؤسسة أن تتبع عدة مناهج للتغيير وهي:(2)

التغيير التكنولوجي  : والذي يشمل الأدوات والمعدات والطرق و الأساليب .

التغيير التنـظيمـي : و الذي ينصب على العلاقات الوظيفية و البناء الهيكلي للمنظمة و إدارتها و أقسامها ووحداتها.

التغيير الإنسـانـي : و هو الذي يتعلق بأفكار الناس و اتجاهاتهم وعاداتهم و قيمهم و دوافعهم و طموحاتهم .

التغيير في العمـل : أو تغيير الواجبات الوظيفية ، إما من الناحية الكمية أو الناحية النوعية أو كليهما .

و لا بد من الإشارة إلى أن هذه المجالات متداخلة مترابطة ، و أن واحدا منها يؤثر في الأخرى و يتأثر بها .

 

2- إدارة الجودة الشاملة كمدخل حديـث للتغيير:

 

1-1 تعريف إدارة الجودة الشاملة :

   على الرّغم من وجود محاولات عديدة لتعريف مفهوم إدارة الجودة الشاملة ، ومع ذلك لا نجد تعريفا متفقا عليه وذو قبول عام لها حتى الآن، ويتناول كلّ من تلك التعاريف إبراز سمة أو خاصية معينة لها، فلعلّ مفهوم إدارة الجودة الشاملة كغيره من المفاهيم الإدارية، التي تتباين بشأنها الأفكار وفقا لزاوية النظر إليه من قبل هذا الكاتب أو ذاك.

ومن خلال دراستنا للعديد من التعاريف ، نورد التعريف التالي :

"إدارة الجودة الشاملة هي أسلوب إداري حديث، يعتمد على إرضاء الزبائن وتحقيق منافع لجميع الأفراد العاملين وللمجتمع، ومشاركة كلّ أفراد المؤسسة في التحسين المستمر للعمليات والمنتجات والخدمات باستخدام الأدوات العلمية بهدف النجاح في المدى الطويل" (3).

  

و تتمثل خصائص إدارة الجودة الشاملة ، كمدخـل للتغيير الشامل داخل المؤسسة، فيما يلي :

- كل وظائف المؤسسة معنية بتحقيق الجودة، فالجودة ليست حكرا فقط على الوظائف المتعلّقة مباشرة بالمنتوج (التطوير، الإنتاج، ضمان الجودة)، لكن أيضا وظائف الدّعم، الإدارة، التسويق، الموارد البشرية...

- داخل كلّ وظيفة في المؤسسة، فإنّ الأفراد يمثلون أعوان  الجودة، ومسئولين بصفة كاملة، وهذا مهما كان منصبهم ومستواهم التنظيمي، حيث أنّ كل فرد يصبح مسئولا عن جودة العمل الذي ينجزه و/أو المجموعة التي ينتمي إليها، فالجودة قضية الجميع.

-   الأخذ في الحسبان في إطار إدارة الجودة الشاملة جميع حاجات وتطلعات الزبائن (التكاليف، الأزمنة، الأداء، الجودة بالمفهوم الضيّق).

-        انتشار علاقة زبون – مورد داخل المؤسسة.

-  كل وظيفة توجّه وسائلها الخاصة المادية والبشرية نحو التحسين المستمر، وذلك بتوجيه مواردها نحو التحسين والتطوير، الوقاية من المشاكل بدلا من اللّجوء إلى التصحيح والعلاج.

- كل وظيفة معنية خلال كل دورة المنتوج، منذ مرحلة دراسة السّوق إلى خدمة ما بعد البيع، مرورا بالتطوير، الطرق، المشتريات، الإنتاج، البيع والتوزيع.

- أنّ الجودة في إطار أسلوب إدارة الجودة الشاملة، لا تقتصر على جودة المنتوج أو الخدمة، بل تتعداه لتشمل جودة الأنشطة والعمليات والمؤسسة ككلّ، بمعنى أنّ الجودة تندمج في ثقافة المؤسسة، حيث أنّ كلّ أفراد المؤسسة في كلّ المستويات يجب أن يدمجوا الجودة في عملهم.

- إدارة الجودة الشاملة هي إدارة تشاركية، حيث تعتمد على مواهب الإدارة، والعاملين أيضا للتحسين المستمر لأداء المؤسسة.

- إدارة الجودة الشاملة هي أسلوب إداري يهدف إلى إرضاء حاجات المؤسسة : البقاء، المرونة مردودية أكثر ثباتا واستقرارا، إرضاء حاجات أفرادها؛ وذلك من خلال التركيز على رضا الزبون ، و وضع هذا على رأس قائمة الأولويات.

 

 

1-2 دواعـي تطبيق إدارة الجودة الشاملة في المؤسسة :

 

أثبتت العديد من المؤسسات العالمية  تميّزا واضحا في نتائجها، من خلال تطبيقها لمفهوم إدارة الجودة الشاملة، وحققت نتائج مشجّعة في هذا المجال ، أمثال شركات    Ford، Pisellireckan، Hewlett Packard،IBM  ...  

 

 لقد ثبت إذن، من خلال الاستخدام الهادف لإدارة الجودة الشاملة، تحقيق العديد من المكاسب، وهذا حسب ما برهنت عليه التجارب الدولية، والتي نبينها في الشكل التالي:

 

1-3 مقاومـة التغييـر:

 

 أظهرت المشـاهدات و التجارب أن الأفراد في المؤسسة قد يقاومـون التغيير الذي تزمـع الإدارة إدخاله أو إحداثه، و قد تنصب مقـاومتهم على نوع التغيير أو حجمه أو كيفية تطبيقه أو توقيت ادخالــه .

 

 

  و تعتبر مقاومة التغيير من المشاكل أو المعوقات الرئيسية التي تواجه عملية تطبيق إدارة الجودة الشاملة، حتى و إن أدى التغيير إلى التحسين. وتتكون هذه المقاومة من صعوبات حقيقية وأخرى مدركة أو تخيلية، حيث يقاوم الأفراد التغيير للعديد من الأسباب أهمّها: (4)

-   الخوف، فأوّل شيء يفعله الأفراد عندما يسمعون بالتغيير، أنّهم يحوّلونه إلى إهتمام شخصي، ويتساءلون عن كيفية تأثير التغيير عليهم.

-   أنّ التغيير، يعني أداء الأشياء بشكل مختلف وإيجاد معرفة جديدة ومعلومات إضافية يجب تعلّمها وتطبيقها، مما يجعل الأفراد يدركون فقد السيطرة على ما يؤدونه من عمل.

-        القلق من عدم القدرة على أداء الأشياء الجديدة.

-        أنّ التغيير قد يعني مزيدا من أعباء العمل.

-        الإستياءات الماضية (Past Resentments) وعدم التفكير والتخطيط للمستقبل.

-        عدم الثقة في إدارة الجودة الشاملة.

   -   عدم الرّغبة في تحمّل المسؤولية والإلتزام.

 

1-4 عـلاج مقاومة التغـيير:

 

لا شكّ أنّ قدرة الإدارة على التغلّب مبكّرا على المقاومة يساعد على إزالة الكثير من الخوف والقلق المصاحب لعملية التغيير، إن ما تحتاج المؤسسة القيام به هو توقع المقاومة وتحديد العوامل التي تؤدي إلى هذه المقاومة  وتحديد أنسب الطرق للتغلب عليها.

في هذا الصدد، يصبح من الواضح ضرورة إستعانة المؤسسة بالاستشارات الخارجية لمساعدتها على تطبيق إدارة الجودة الشاملة. يعتبر المستشارون متخصصين، لأنّ الفوائد التي يمكن الحصول عليها من الاستعانة بخبراتهم على موقف محدّد سوف تزيد كثيرا على ما تتحمله من تكلفة، وإنّ مصداقية هؤلاء المستشارين وخبرتهم الواسعة تؤهلهم لمساعدة المؤسسة على التحوّل الأسرع والانسيابي تجاه إدارة الجودة الشاملة، فلقد واجه المستشارون العديد من العوائق أثناء تطبيق المؤسسات لإدارة الجودة الشاملة، وتغلّبوا عليها بفضل ما يمتلكونه من معرفة تفصيلية لكيفية تقليل مشاكل التطبيق إلى حدّها الأدنى.(5)

 

   و يبين الشكل التالي بعض الحالات المتوقعة لمقاومة التغيير و إرشادات للتغلب عليها:

 

جدول 1: بعض القضايا المحتملة لمقاومة التغيير وكيفية التغلب عليها

 

القضايا المحتملة / المتوقعة

المدخل أو الحلّ المقترح

 

أنّ الإدارة غير مهتمة

 

إننا ندرك الآن أهمية وقيمة العاملين لدينا، ومن خلال إدارة الجودة الشاملة فإنّنا نرغب في أن نشرك العاملين بالمنظمة  في عملية صنع القرار بالنسبة للقضايا التي تؤثر على وظائفهم وأعمالهم، إنّ الإدارة المشتركة تعتبر مبدأ أساسيا لإدارة الجودة الشاملة.

 

 

لا أعتقد بأنّ إدارة الجودة الشاملة يمكن أن تصلح في منظمتنا.

 

إنّ مبادئ وأدوات إدارة الجودة الشاملة قد طبقت بنجاح في المئات من المنظمات السلعية والخدمية.

إنّ هدفنا هو تعلّم أساسيات إدارة الجودة الشاملة، ولهذا فإنّنا نستطيع أن نضرب المثل وأن تكون لنا قصص للنجاح من داخل منظمتنا.

 

 

ليس لدينا موارد لدعم هذه المبادرة.

 

نعم، فتطبيق إدارة الجودة الشاملة سيجعل كل  منا يضحي بوقته الثمين، وسنؤدي عملا مضاعفا ولكن هذا الاستثمار سوف يؤدي إلى عوائد كبيرة. كما أنّ هذه المبادرة سوف تؤدي فعلا إلى توفير أموالنا إلى توفير أموالنا ووقتنا في الأجل الطويل وستجعلنا أكثر قدرة على المنافسة.

 

 

لا يوجد استمرارية للقيادة لدعم هذه المبادرة.

 

نعم فزيادة معدل الدوران في كلّ المستويات الإدارية يمثل دائما مشكلة، فإذا أظهرنا النجاح مبكرا ووضعنا أنفسنا على الطريق الصحيح، فلن يوجد في المستقبل من يستطيع أن يجادل في نجاحنا الواضح، وأننا نستطيع أن نستمر في عملية تحسين إدارة الجودة الشاملة.

 

المصدر : جوزيف جابلونسكي، إدارة الجودة الشاملة، تطبيق إدارة الجودة الشاملة، بميك مصر 1996 ص  119.

 

إن مثل هذه الإرشادات قد تساعد على تنفيذ عملية التغيير بنجاح ، هذه العملية التي يصورها " لوين " وتسير في مراحلها الثلات بسهولة و يسر ، وهذه المراحل هي :(6)

 

-  الحاجة للتغيير : تتمثل في إنشاء الرغبة والدافع للتغيير .

 

-  التحرك نحو التغيير : يبدأ الفرد في تعلم التغيير الجديد عن طريق الممارسة ، فيطبق المبادئ و الأساليب الجديدة لعلاج المشكلات الموجودة .

 

-  الاستقرار و التأصيل : يتم إحلال الأساليب الجديدة محل القديمة ، و تترسخ هذه الأساليب في أذهان الأفراد .

 

  حسـب  Lewin Kurtالأفـراد يتغيرون علـى مراحل: "عدم التجمد"، "التغير "، "إعادة التجمد

 في المرحلة الأولـى كافة الأمور غيـر المريحة وغيـر المرضية وذات الضغط تشكل الحاجة الماسة للتغير. أما في مرحلة "التغيـر" فتبدأ الإدارة والأفراد بتطبيق وإرساء علاقات وطرق وسلوكيات ومواقف جدية.  وفي المرحلة الأخيرة يتحقق الأفراد من التغيـر عبر خبراتهم ويترافق ذلك عادة مع تعزيز الثقة الذاتية كنتيجـة لتحقيـق الأهـداف المرجـوة.(7)

 

 

خـاتمـة:

 

تبين لنا من خلال العرض أن نظام إدارة الجودة الشاملة الذي أصبح يطبق في الكثير من منظمات الأعمال المعاصرة، هو مدخل للتغيير الشامل في المؤسسة يمس جميع أفرادها لغرض تعزيز قدرتها التنافسيـة  . هذا المدخل لا  ينحصر  في تطبيق  بعض الأدوات الجديدة أو الشعارات كما يعتـقد البعض ، و إنما يهدف لإحداث  تغيير عميق في المنظمة و يتطلب  سلوكيات وقيم و معتقدات جديدة لكل أفرادها ، مما يعني صعوبة تطبيق التغيير بسبب ظهور مقاومة التغيير ، والتي يجدر بإدارة المؤسسة أن تعالجها بصبر و ثبات ودعم .

وفي الأخير نشير إلى ضرورة التفات مؤسساتنا في الوطن العربي  لهذا النظام الحديث للإدارة ،     و تبنيه كمدخل للتغيير لمواجهة تحديات البيئة التي تنشط فيها هذه المؤسسات .  

 

 

المصدر: يحي برويقـات عبد الكريـم
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 214/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
75 تصويتات / 11060 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,755,393

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters