تشكل قطاعات المجتمع المختلفة, وهي القطاع الحكومي والعام والقطاع الخاص والقطاع التعاوني والقطاع الأهلي والأفراد بصفتهم الطبيعية, مصادر خصبة للتمويل وتنمية موارد مؤسسات العمل الخيري. وتضطلع أغلب تلك القطاعات بأدوار متفاوتة في دعم العمل الخيري وتمويل برامجه وأنشطته ومشاريعه الخدمية والتنموية. كما تعتبر الزكاة والأوقاف من المصادر الرئيسية لتمويل العمل الخيري وسنعرض فيما يلي مساهمات كل قطاع من تلك القطاعات في تمويل العمل الخيري.
1. القطاع الحكومي: يراعي في أنظمته دعم وتشجيع المنظمات الخيرية, ولكن الدعم الذي تقدمه للعمل الخيري لا يشكّل إلاّ نسبة ضئيلة من مصادر التمويل الأخرى, فضلاً عن أن بعض الجمعيات الخيرية لا تأخد أي دعم مالي من الحكومة, حيث أنها تكتفي بمصادرها الذاتية ومصادر التمويل الأخرى غير الحكومية.
2. القطاع الخاص: فالشركات الفردية لها نصيب كبير في المساهمات الخيرية ويعتبرون أهم الروافد المالية للعمل الخيري, أما الشركات المساهمة فيعتبر دورها ضعيف جداً في دعم العمل الخيري مع العلم بأن رأس مال تلك الشركات يعتبر كبيراً جداً بالمقارنة مع الشركات الفردية, وأن ما يميز الغرب هو الإعتماد على الشركات المساهمة الكبيرة في دعم النشاط الخيري, لذلك يجب تكثيف الجهود على تلك المؤسسات والشركات المساهمة لإقناعها وإقناع مجلس إدارتها والمساهمين فيها بضرورة القيام بدورهم المجتمعي بشكل أكبر ويتماشى مع دورهم الإقتصادي والمالي, فبذلك نكون قد ضمنا موارد مالية كبيرة تدعم العمل الخيري بشكل كبير ولأمد طويل.
إن هذه المسألة الحيوية حول أهمية النظر إلى القطاع الخاص كمصدر واعد لتمويل مشاريع الخير العربي يتطلب التفكير في وضع نظم تحفيزية لجذب هذا القطاع وتفعيل مشاركته المجتمعية لتمكين المنظمات الخيرية على الاستمرار كمكون أصيل في بنية المجتمع المدني .
إن المرحلة الراهنة تتطلب أن يرتقي القطاع الخيري بتنظيماته وآليات عمله لكسب ثقة القطاع الخاص ويمكنه في ذلك اتباع الخطوات التالية:
أ. اعتماد سياسة الشفافية والمسائلة من قبل المنظمات الخيرية, وإقناع المتبرعين في القطاع الخاص بحيوية المشاريع والبرامج التي تنفذها.
ب. إعداد مشاريع متكاملة مقرونة بدراسات جدوى اقتصادية واجتماعية وتقديمها لمؤسسات وشركات القطاع الخاص لتوفير التمويل ودعم تلك المشاريع ولو على مراحل وبشكل تدريجي.
ج. إشراك القطاع الخاص في إبداء الرأي والمشورة والأخذ بمقترحاته في اختيار المشاريع, الأمر الذي يجعله متبنياً ومنتسباً للأفكار المطروحة.
د. إطلاع الشركات والمساهمين في تمويل المشاريع الخيرية وبشكل موثق وشفاف بالنتائج المتحققة عن المشاريع المساهم في تمويلها.
هـ. دعم شركات ومؤسسات القطاع الخاص التي تتبرع وتقوم بتقديم خدماتها للمجتمع من خلال خفض ضرائبها أو إلغائها.
و. دعوة القائمين على مؤسسات القطاع الخاص لتحمل مسؤولياتهم نحو المجتمع من خلال المساهمة في مشاريع التنمية والبرامج الانسانية.
3. المصادر الدولية: تعتبرالمصادر الدولية من مصادر تمويل العمل الخيري الهامة , ولا شك أن هذا المصدر يقع تحت تأثير المتغيرات الدولية والسياسية, ولا يخفى على القائمين على العمل الخيري صعوبات التقديم وطول الإجراءات وتعقيدها للحصول على المنح من الصناديق الدولية المانحة .
4. الزكــاة: تعتبر الزكاة أهم مصدر من المصادر المالية الرافدة والداعمة للعمل الخيري , فالزكاة لما لها من دور كبير في إعادة توزيع الثروة في المجتمع العربي والمسلم بشكل عام بالإضافة إلى الدور الإجتماعي وتدوير الأموال , ولا يجب الإستهانة بنسبة 2.5 % فهي يجب أن تخرج من كل مالك للنصاب وحال عليه الحول,ً وهو مقصد العمل الخيري بشكل عام وهو رفع المعاناة عن الفقراء والمحتاجين في الدرجة الأولى ومن ثم يأتي دور الزكاة التنموي في بناء المستشفيات والمدارس والطرقات والمصالح العامة وعلى القائمين على العمل الخيري إيقاظ الحافز الديني لدى الجمهور لإخراج زكاة أموالهم وبالتالي مطلوب تحفيز الجمهور كما نحفز الشركات.
5. الصدقــات: تأتي بالمرتبة الثانية بعد الزكاة من حيث الأهمية في تمويل العمل الخيري العربي فهناك الكثير من الكفارات والندور التي يخرجها الناس بشكل اختياري وتقرب إلى الله سبحانه وتعالى ومشاركة للإنسانية في ما تمر به من محن وكوارث.
6.الأوقــاف: فهناك الكثير من إدارات الأوقاف ولكن دورها في الحفاظ على الوقف وتنميته وتطوير موارده يكاد يكون أقل من الحد الأدنى إن لم يكن سلبياً, وتعتبر بحق الرافد الأساسي والمنتظم في الدخل للمؤسسات الخيرية, وبالتالي علينا اعتماد سياسة وقفية واضحة المعالم من حيث تطوير الوقف المالي وتنميته بإضافة أوقاف جديدة لكل مؤسسة من المؤسسات الخيرية مما يعطيها الاستقرار.
وهناك شكلين من الأوقاف من حيث تمويل الوقف:
الأول, هو أن تقوم جهة أو شخص معين ببناء وقف خاص به يعود دخله إلى الفقراء من عائلته والباقي إلى المجتمع وهو الأكثر شيوعاً .
أما الثاني, فهو أن تقوم المؤسسات الخيرية بمشاريع إستثمارية وقفية وبيع أسهماً للجمهور فيكون وقفاً خيرياً مساهماً .
* ضعف الدعم المادي ومحدودية الموارد المالية[2]:-
أكدت الكثير من االدراسات المالية للمنظات الخيرية ما يلي:-
أ.محدودية وصعوبة الحصول على الدعم اللازم من الجهات الحكومية .
ب.ضعف التمويل من المؤسسات والشركات ورجال الأعمال والصناديق الداعمة لمشاريع المنظمات الخيرية.
ج.عدم التزام الأعضاء بدفع الاشتراكات.
د.عدم وجود منافذ لدعم المنظمات الخيرية الكبرى للمؤسسات الصغرى في البلد.
هـ. عدم وجود البنية التحتية والأوقاف والموارد المالية الثابتة لدعم واستمرار عمل المنظمات الخيرية.
وهذا يؤكد الضعف المادي الذي تعاني منه المنظمات الخيرية، واعتماد الموارد المالية للمنظمات الخيرية أساساً على التبرعات والهبات، وهذا يدفعها دائماً إلى الإعتماد على المتبرعين، وتلبية رغباتهم، وأحياناً ربما تكون هذه الرغبات مخالفة للسياسات، وربما للأهداف والاستراتيجيات التي تتبناها المنظمة، وهو واقع من يعتمد على غيره في تمويل نشاطاته.
ويختلف الأمر تماماً في حال اعتماد المنظمات الخيرية على تمويل نفسها من خلال وجود الأوقاف والاستثمارات الخاصة للتدعيم الذاتى للعمل الخيرى ، كما أنها ستجد مناخاً لرسم استراتيجياتها وأهدافها وسياستها، بصورة مستقلة ، وهذا يدفعها إلى تحديد أولوياتها وإنفاق مواردها في تنفيذ هذه الأولويات.
[1] محمد بكّار بن حيدر , تمـويل العمـل الخيـري العربي المعاصـر ومؤسساتـه , مصدر سبق ذكره .
[2] محمد ناجى بن عطيه , مرجع سبق ذكرة .