تنمية إحترام الذات لدى الأطفال ..
ان أساس تنمية احترام الذات مزيج من معرفتك لذاتك، وكيف تشعرين حيال نفسك، ورأيك في إمكانياتك المستقبلية. ويترسخ احترام الذات عند طفلك نتيجة لكيفية التعامل مع مشاعره الايجابية كالفرح، وتقبل مشاعره السلبية والاستجابة لها ( الحزن، والغضب، والخوف، والخجل، والاشمئزاز).
وكأم؛ أنت أهم شخص في عالم طفلك. فأنت تمنحيه أول تعريف لذاته. وتخبريه مع كل كلمة، أو لفتة، أو فعل، كم هو مهم، وكيف سيتقبله العالم الخارجي.
وعندما يكبر طفلك، تصبح مسألة احترام الذات عنده شبكة أكثر تعقيدا من الأفكار والمشاعر المتشابكة عن نفسه، أي كيف يرى الآخرين، وكيف ينظر إليه الآخرون. ومن الشائع بين الأطفال والكبار، التأرجح بين فترات ارتفاع وانخفاض احترام الذات على مدى الشهور والسنوات. ومع ذلك، تتشكل قاعدة صلبة من احترام الذات المبنية على التجاوب المناسب لمشاعر الطفل ورعايتها في مرحلة الطفولة، وهذا ما يساعد معظم الناس على المحافظة على النظرة التفاؤلية لحياتهم ومستقبلهم من خلال الارتفاع والتعثر في الحياة.
ويتركز هدفك كأم مع طفلك في مساعدته على تنمية شعور مستقر ومتماسك بذاته، يسمح للطفل بتصور مواهبه وقدراته بشكل دقيق، والاستجابة للحياة بمرونة، والنظر إلى أهدافه وقدراته بواقعية، خلال مراحل نموه المختلفة.
والمفتاح الحقيقي هو الحب والتقدير لجوهر طفلك (حب وتقدير الطفل لذاته) ولكن غالبا ما يكون الكلام أسهل من التنفيذ، خاصة إذا كان احد الوالدين أو كليهما لم يلاقيا الحب والتقدير في مرحلة الطفولة. ومع ذلك، فإن فهم الإشارات يمكن أن يكون مفيدا. وتنطوي الطفولة نفسها على براءة الطفل وعفويته، وفهمه. وان العناية بمشاعره السلبية يمكن أن تساعد في حمايته من الإحباط،أو الغضب، وهي عوامل مسببة لإفساد العلاقة بين الوالدين والطفل، وضعف عالم الطفل الداخلي .
بناء احترام الذات يمكنك بناء احترام وتقدير الذات منذ الأيام الأولى من حياة طفلك، من خلال الاستجابة بشكل مناسب لإشارات طفلك للمساعدة (الحزن، والغضب، الخوف…الخ)، والمتعة (الاهتمام، والاستمتاع…الخ).
ويعتقد كثير من الخبراء أن لبنة هامة أخرى في بناء احترام الذات يتعلق بتنمية تجربة الطفل بالاختصاص. والاختصاص يتحقق نتيجة قدرة الدماغ على خلق النظام من الفوضى من خلال الاستجابة لجميع المنبهات. فالقدرة الفطرية للرضيع لتطوير الكفاءة تؤسس للمستقبل وللتفاعل المتقن والمتطور مع العالم والناس، وهذا بدوره يؤدي لشعوره بالاعتزاز بنفسه. وكجزء من هذا التطور يتعلم الطفل أثناء نموه أن يتمكن من فرض السيطرة على الأحداث الخارجية. ولأنه يتفاعل مع بيئته، فهو يتعلم كيفية التكيف بطريقه سليمة مع متطلبات وتوقعات العالم الاجتماعية.
كيف تساعدين طفلك على بناء احترام الذات؟
* تركيز الاهتمام المناسب على الطفل. فالطفل ينمو عاطفيا وتزداد سعادته عندما يشعر بأنه موضع اهتمام حقيقي وبأنه مركز الكون بالنسبة لك. وهو يستخدم الاشارات للتعبير عن عواطفه. فعندما يصرخ، أو يهتاج أو يناغي، فانه يتوقع منك الرد بنفس الحماس أو الشدة التي يبديها تجاه ما يحدث له.
* ينسى الآباء والأمهات أحيانا أن ردود الأفعال بالنسبة للطفل تتناسب مع الوضع. فعدم القدرة على الحصول على الكرة التي دخلت في ركن حدث رهيب! ويريد طفلك منك الاهتمام به عندما يطالبك بذلك بدون تردد. وهو عندما يجد نفسه عاجزا عن تصحيح الأوضاع بنفسه، يطلب مساعدتك بالطريقة الوحيدة التي يعرفها؛ بثورة غضب. فإذا لم يثر ذلك تعاطفك واهتمامك، وإذا لم تستجيبي وتساعدي طفلك في الخروج من مشكلته، عندها يبدأ بالتفكير بأن مشاكله لا تهمك، وبأن ما يشعر به لا أهمية له. وبدلا من ذلك ، إذا كنت تستطيعين إيلاء الاهتمام الكافي لحاجاته، وتأييد وتصديق مشاعره وتصوراته ، فسوف تساعدين طفلك على الثقة بنفسه.
* تقديم المكافآت والمديح بالإضافة للاهتمام. يجب ألا ينسى الأب والأم أبدا أهمية تطلع الابن ، وللحصول على الحب الذي يتوقعه منهما.
فالطفل بحاجة للاستماع إلى كلمات الرضا عنه وانك تعتقدين أنه رائع، ويتطلع لرؤية ”البريق في عينيك” وهي إشارات المحبة والرضا عنه. لا يمكنك أن تفترضي انه يعرف كيف تشعرين، فهو لا يعرف. ويريدك أن تحدثيه عن مشاعرك تجاهه مرات ومرات. وعلى المدى البعيد ، سيصبح الثناء والمكافأة محفزات أفضل وصحية أكثر من الخوف والخجل. ومن المهم أيضا أن توضحي للطفل الحسنات والمساوئ، والأسباب والمبررات، مهما كانت القضية التي على المحك.
* إذا كان الطفل يرى العالم كمصدر تهديد أو خطر، فمن المستحيل أن يشعر بالقوة والشجاعة، أو أن يعرف أن بإمكانه أن يشق طريقه في الحياة بنجاح. ولكن عندما تستجيبين لمؤشرات طفلك السلبية كالغضب والاستياء بالسماح له بالتعبير عن مخاوفه ومشاعره ثم إزالة عوامل الخطر، فأنت تمنحينه الأدوات والوسائل الصحيحة للتعامل مع العالم. وعندما يتعلق الأمر بالشعور بالثقة فلا يمكن لشيء أن يساعد طفلا يائسا مثل إدراكه انه يستطيع الاعتماد عليك لحمايته من الخطر والحزن.
كيفية تدمير احترام الذات يقلل بعض الآباء من احترام ذوات أطفالهم دون قصد عن طريق تحقير أو تسخيف تعبيرهم عن الاهتمام والمتعة. وهذا يؤدي تلقائيا، إلى استجابة داخلية بالخجل، والخجل يقوض احترام الذات.
وعندما لا يفهم الكبار كيف تعمل المشاعر والعواطف، تصل الأسرة إلى وضع مزري، لأن هناك حالة عدم التوافق بين تعبير الطفل عن الاحتياجات العاطفية وقدرة الآباء على الاستجابة بشكل مناسب. في كثير من الأحيان، يفشل الأطفال في تنمية شعور ذاتي صلب؛ تجاه ما يحبون وما لا يحبون، والثقة بمشاعرهم وقدرتهم على الفهم، وهكذا دواليك. فالتوتر الذي ينشأ بين الأم والطفل ، يمكن أن يسهم في تآكل احترامه لذاته. وقد يصبح الطفل غاضبا، ودفاعيا، وغير متسامح، وغير مرن، أو منطو على نفسه، ومحطم ذاتيا ، وحسود ، وخائف. وهذه السمات الشخصية غير المرضية يمكن أن تعزى مباشرة إلى افتقار الشخص للإيمان بقيمته الأساسية. وقد يتحول إلى شخص متنمر أو خجول. مستنزف، فارغ، أو قد يصاب بالاكتئاب، وهذه الصفات المختلفة هي أعراض نقص احترام الذات. وهي النتائج الحتمية لأخطاء الوالدين.
ولكن نتائج الأبوة الإيجابية تبدو رائعة بكل المقاييس. ويمكنك أنت وطفلك الاستمتاع برفقة بعضكما بعضا، وحتى تسعدان بتعميق صداقتكما. عليك الوصول إلى الطريقة المبهجة التي يتطلع بها الطفل إلى العالم. تتعلمين كأم كما يتعلم طفلك. وتكتسبين الثقة بمهارات الأمومة المكتسبة، ويزيد احترامك لذاتك. وبمرور الوقت، تصبحين أكثر قدرة على دفع طفلك للنمو ليصبح شخصا ذا قيمة، واثق من نفسه. ولديه شعور قوي بذاته، ويتمتع بشخصية ونفسية سوية، ويتحمل المسؤولية، ويبادر للقيام بالمهام والتحديات الجديدة، وقادر على تكوين علاقات متميزة بالآخرين، والتعامل مع المشاعر الإيجابية والسلبية، والمحافظة على استقلاله الذاتي.