علاج مشكلة الصمت عند الإطفال ...

الطفل الذي يرى ويسمع ويفكر على نحو طبيعي ولو في حدود التفكير الدنيا، ويعيش في بيئة بشرية ناطقة يتعلم الكلام والرد على الكلام والرد على التساؤل الموجّه إليه والتعقيب على الملاحظات والحديث عند لزوم الحديث، وما عدا ذلك، وفي عمر معين وتكرار معين فإن هناك مشكلة تتطلب حلا.

يتراءى للبعض أن تأخر النطق عند طفل ما قبل المدرسة يرجع إلى حالة من حالات فقدان السمع أو وجود عطب في جهاز الكلام لديه ولكن قد يختار الطفل الصمت كحل للهروب من بعض المشكلات النفسية أو الأسرية أو الاجتماعية التي تحيط به وهنا يأتي مصطلح الصمت الاختياري وهو ظاهرة مرضية سببها الأساسي رد فعل لسوء التوافق الاجتماعي ولا سيما حيال مواقف اجتماعية بعينها حيث يلزم الطفل الصمت والخجل الكلامي لدرجة الامتناع عن الحديث مع الآخرين .

فالصمت الاختياري المتكرر المطوّل في غير موضعه هو عبارة عن اضطراب يصيب الأطفال حيث ينتاب الطفل حالة من الصمت أو ما يقاربها في المواقف الاجتماعية وخاصة في المدرسة.

قد يبدأ الصمت بشكل متدرج أو مفاجئ عند تعرض الطفل لضغط نفسي أو حدث مزعج، وتتراوح السن التي يبدأ فيها الصمت الاختياري بين الرابعة والثامنة.

من الاضطرابات المصاحبة للصمت الاختياري حالة القلق الشديد عند ابتعاد ذوي الطفل عنه ورفض الذهاب للمدرسة وكذلك العصبية الزائدة والعناد أيضا.

معظم الأطفال المصابين يبقون صامتين تماما في حالة مواجهتهم ضغوطا نفسية معينة ولكن البعض قد يهمس بالكلام أو ينطق كلمات محدودة جدا، بينما يتكلمون وبطلاقة في أوضاع اجتماعية أخرى لا يواجهون فيها أي نوع من الضغط النفسي.

ويعتقد أن الصمت الاختياري هو نوع من الرهاب الاجتماعي للأطفال حيث لوحظ أنهم يتكلمون بشكل طبيعي مع الناس المألوفين لهم ويصابون بالصمت مع الغرباء.

وقد يستعمل الطفل الإشارة أو الإيماءة أو نظرات عينيه للتعبير عما يريد وليس الكلمات.
يعتقد أن الأسباب في رفض هؤلاء الأطفال للكلام أو الخجل الشديد عند الكلام نفسية صرفة.

وعادة ما يتسم هؤلاء الأطفال بالخجل الشديد حتى قبل أن تلاحظ عليهم هذه المشكلة عند دخول المدرسة مثلا كما أنهم يعانون من صعوبة في النطق أيضا وهذا ما يفاقم المشكلة.
معظم الأطفال الصامتين اختياريا يعانون من أعراض الرهاب الاجتماعي أيضا ولذلك لا يصنف بعض الباحثين الصمت الاختياري على أنه مرض مستقل بل كنوع من الرهاب الاجتماعي. وعندما تؤخذ ملاحظات الأبوين والمعلمين يُكتشف أنهم يعانون من القلق الشديد.

لوحظ أيضا زيادة نسبة إصابة أفراد أسرة هؤلاء الاطفال وبالذات الوالدين بأمراض القلق الأخرى ووجود الاعتمادية على الآخرين وانعدام الاستقلالية، كما لوحظ أن الأطفال الصامتين اختياريا تربوا في جو قلق وكانوا يحظون بنوع من الحماية الزائدة بالذات من قبل الأم. وقد تحرمهم الحماية الزائدة من فرصة التعرض لظروف الحياة الصعبة بعيدا عن هذه الحماية.

لوحظ أن الصمت الاختياري يزداد شدة عند التعرض لطارئ معين يخص الطفل وهذا ما جعل البعض يصنفه كصمت تفاعلي أكثر من كونه اختياريا.

وقد يكون التشخيص سهلا حتى لدى غير المختصين وتسهل ملاحظة التطور اللغوي المقبول لدى الطفل حين يلتزم الصمت الكامل في ظروف معينة ، أمام المعلم أو الطبيب مثلا، بينما يتكلم بشكل طبيعي تماما في ظروف أخرى كالبيت مثلا. في حالات نادرة جدا يكون الطفل صامتا اختياريا في المنزل ويتكلم بشكل طبيعي في وضع غير مألوف له كالمدرسة مثلا.
ومن العناصر الأساسية في تشخيص الصمت الاختياري عدم القدرة على النطق في أوضاع يتطلب فيها الكلام كالمدرسة بالرغم من أن الطفل يتكلم بشكل طبيعي في أوضاع أخرى كالبيت مثلا. علما بانه لا توجد فحوصات مخبرية او شعاعية لتشخيص هذا الصمت. ويراعى للتشخيص الدقيق لهذه الحالة ان لا يكون الصمت نتيجة عدم شعور الطفل بالراحة مع اللغة السائدة في المكان الذي يصمت فيه. واستبعاد أن يكون الصمت فقط بسبب اضطرابات النطق كالتأتأة أو الفصام أو اضطرابات النمو الدائمة كالتوحد.

أما عن مسار المرض فمعظم الحالات تستمر لأسابيع أو شهور إلا إن البعض منها قد يستمر لسنين. وبعض الأطفال يتغلبون على خجلهم بتقليل كمية الكلام باستعمال المفردات القصيرة ككلمة نعم أو لا أو الاكتفاء بالإيماء أو الإشارة فقط.

في الحالات الخفيفة يطرأ تحسن كبير على الطفل حتى دون علاج أي أن هذه الحالات مؤقتة. أما في الحالات الشديدة فيستمر الطفل يعاني من الخجل الشديد وقد يعاني من صعوبات في التعلم تصل للرسوب المتكرر أو الفشل كليا في الدراسة ومما يزيد من المشاكل الدراسية أن الأطفال الآخرين في المدرسة قد يعلقون أو يستهزئون بهم.

كما أن هؤلاء الأطفال معرضون للإصابة بالاكتئاب النفسي ويعانون من تأخر أو انعدام تطور العلاقات الاجتماعية الطبيعية حتى عند البلوغ. والأطفال الذين لا يتحسنون مع بلوغ العاشرة من العمر يكون مسار المرض لديهم مزمنا.

علاج هذه الحالة قد يكون نفسيا ويتمثل في جلسات تعليمية عن طريق اللعب والرسم وتحفيز الأطفال على التعبير وسرد القصص، وللتعزيز هنا دور هام في نجاح هذا النوع من العلاج.

وهناك العلاج الأسري والذي يكمن في تحسين علاقات الطفل بمن حوله وإشعاره بالاطمئنان من جهتهم.

أما العلاج السلوكي فيتم من خلال إزالة السلوك غير الطبيعي الذي يمر به وإعادة تكيفه مع سلوكيات جديدة بها شيء من التحفيز والرغبة والتعبير.

أما العلاج الطبي فغير مستحب خاصة وأننا بصدد علاج أطفال وإن كان لا محالة فيأخذ الطفل مضادات للاكتئاب، وهنا لا نهمش دور المدرسة في تخطي الطفل لمشكلته وذلك بتشجيعه وتعريضه لمواقف تدعم من شخصيته وثقته بنفسه وإشراكه في الأنشطة المدرسية مما يعزز إمكانياته وينمي مواهبه.

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 144/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
49 تصويتات / 2292 مشاهدة
نشرت فى 15 مايو 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,779,792

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters