وظيفة الإعلام في تنمية المجتمع المعاصر:
يقوم الإعلام في المجتمع المعاصر بدور كبير في تنشئة الأفراد، وبخاصة أن تأثيره يصل إلى قطاعات واسعة وعريضة من شرائح المجتمع، وقد ساعد على ذلك سرعة اختصاره للزمان والمكان، وسرعة تجاوبه مع المستجدات العلمية والتكنولوجية، مما يؤدي إلى زيادة الرصيد الثقافي للإنسان، وتيسير عملية تبادل الخبرات البشرية.
وتتوافر في وسائل الإعلام عدة مميزات لا يتمتع بها غيرها من الوسائط التربوية الأخرى، فهي تقدم خبرات ثقافية متنوعة ونماذج سلوكية وطرق معيشة قطاعات عريضة من أفراد المجتمع. كما أنها تنقل إلى الأفراد خبرات ليست في مجال تفاعلاتهم البيئية والاجتماعية المباشرة، وتتعرض وسائل الإعلام لكثير من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مما يجعلها ذات تأثير كبير على تكوين الرأي العام وتوجيهه، ووسيلة مهمة من وسائل التربية المستمرة .
وللإعلام دور بارز وفعال في عملية التنشئة الاجتماعية لما يملك من خصائص تعزز من دوره، منها: جاذبيته التي تثير اهتمامات النشء، وتملأ جانباً كبيراً من وقت فراغهم، خاصة وأنهاتعكس الثقافة العامة للمجتمع، والثقافات الفرعية للفئات الاجتماعية المختلفة، وتحيط الناس علماً بموضوعات وأفكار ووقائع وأخبار ومعلومات ومعارف في جميع جوانب الحياة»، بالإضافة إلى أنها تجذب الجمهور إلى أنماط سلوكية مرغوب فيها، وتحقق له المتعة بوسائل متنوعة على مدار الساعة بما يشبع حاجاته. لقد استطاع الإعلام أن يغزو البيت والشارع والمدرسة ويحدث تغيراً كبيراً في القيم، وإذا لم يواجه ذلك بعملية تربوية منظمة تواكب هذا التطور المذهل، فسوف سيؤدي إلى التخبط والعشوائية بل والضياع في العملية التربوية.
إن تمكن الدول المتقدمة من التحكم في وسائل الإعلام الدولي، ومنها إنشاء الوكالات الدولية للأنباء، بالإضافة إلى الإذاعات الدولية، والصحف والمجلات المنتشرة على نطاق عالمي، وقوة الشبكة العنكبوتية العالمية (الإنترنت) واستخدام الأقمار الصناعية، واختصار المسافات، واختزال الزمن، جعل وسائل الإعلام سلاحاً خطيراً في أيدي القوى الكبرى، وفرض تحدياً للدول النامية والدول الفقيرة للفرار من قيود التبعية الإعلامية
.
وتمتلك وسائل الإعلام عدة وسائل جماهيرية أهمها:
التليفزيون، والإذاعة والإنترنت،، والصحافة الورقية والإلكترونية، والمعارض، والمتاحف والمسرح والسينما والمكتبات وغيرها، وقد كان التطور في هذه الوسائل الإعلامية مذهلاً، جعل المعمورة تقترب وتتداخل عبر شبكة من الاتصالات والأطياف الضوئية، وتتخطى حواجز الزمان والمكان، وأصبح الإعلام أحد محددات السلوك، أو أحد العوامل المؤثرة فيه بقوة. إن القنوات الفضائية، وأضحت وسائل الإعلام الأخرى ذات تأثير لا يُقاوم على سلوك الأطفال .
والتنمية الإعلامية هي عملية توظيف وسائل الاتصال بطريقة مثلى من أجل تحقيق الأهداف التربوية المرسومة في السياسة التعليمية والسياسة الإعلامية للدولة. ولذا لا يقتصر تأثيرها على الطلبة في المدرسة، وإنما يتعدى ذلك إلى التأثير في الآباء والأمهات والأخوة والأخوات داخل الأسرة، وإلى التأثير في كافة أفراد المجتمع .
فالإعلام التربوي مطالب بمتابعة سلوكيات الطلاب في داخل المدرسة وفي المجتمع، وأن يؤكد لهم ضرورة الحفاظ على المدرسة بمبناها ومعناها، والمحافظة على سلوكيات طالب العلم بالتحلي بالأخلاق الكريمة، واحترام المعلم، وحب الوالدين، والرغبة الملحة في العلم، وحبه لزملائه، وولائه لوطنه، والحفاظ على النظام، والنظافة والبعد عن كل ما هو مشين، والتعاون في الخير، والإرتباط بالأسرة والمجتمع، والمحافظة على البيئة، والاتصاف بصفات المسلم الكريم والعربي الأصيل.
والإعلام التربوي مطالب بأن يكون معيناً للآباء والأمهات في تقريب المعلومة لذهن الطلبة، ومشجعاً لهم على تحصيل العلم والمعرفة، وغرس القيم الإسلامية النبيلة، ومعايشة ظروف المجتمع، وتأكيد المفاهيم الحقيقية للتعليم، والعمل، والانتماء للوطن.
وأمام هذا الدور الإعلامي المؤثر في التفكير والقيم والسلوك والعواطف أصبح من الضروري أن تتكاتف جهود التربويين والإعلاميين لتعزيز مسيرة الإعلام التربوي وتطوير دوره في المجتمع المعاصر.