دور رأس المال المعرفى فى زيادة الكفاءة الإنتاجية ..
أحمد السيد كردى ..
كانت أهمية إدارة الموارد البشرية تتجلى يوماً بعد يوم كحقيقة لابد منها أمام المنظمات المختلفة وحسب مامرت به من تجارب واقعية ، حيث ثبت لها إن أية عملية تطوير لنواحي ومكونات العمل في المنظمة بشكل لا يشمل المورد البشري فإن هذا التطوير محكوم عليها بالفشل منذ البداية ، فالتنمية الحقيقية والتطوير ليسا في تطوير المباني أو الآلآت أو التقنيات المتطورة ، وإنما هي بتطوير المورد البشري القادر على التعامل وإدارة الموارد الأخرى وأستثمارها بشكل منتج ، لذا فإن معظم التوجهات الإدارية الحديثة قد أكدت على توجيه الأهمية من قبل المنظمات للموارد البشرية وإعتبارها رأس المال النادر الحصول عليه وخاصة أصحاب الكفاءات والخبرة والمهارة .
إن إدارة الموارد البشرية أصبحت الآن تعني إدارة الخبرة والكفاءة ، حيث أن المنظمات الحديثة لم تعد تهتم بالموارد البشرية غير المؤهلة وغير الكفوءة ، وذلك لأن الكفاءات وأصحاب الخبرة والمهارة هم الذين يتحملون مسؤولية عوامل التغيير ويعملون على تحقيقها ، لذا فإن السبب الرئيسي في فشل الكثير من المنظمات في العقود السابقة يرجع بدرجة كبيرة إلى قلة أصحاب الخبرة و الكفاءات ، كما إن الإدارت لم تعمل على تطوير إعتباراتها للموارد البشرية وإيلائها الأهتمام اللازم لغرض تأهيلها لتكن كفوءة بالقدر الذي يمكنها من تطوير المهارات الموجودة الى جانب استقطاب المهارات الجديدة من الخارج ، فلقد أصبحت الكفاءات في عصرنا الحاضر تمثل أعلى مستوى من الميزة التنافسية بين المنظمات ، لأنها السبب الرئيسي لتحقيق التفوق .
إن الكفاءة في ممارسة المهن والوظائف هي عبارة عن عمل مركب من خليط من المهارة والخبرة والمعرفة وضبط السلوك ضمن حدود الضوابط المطلوبة في العمل ، ويتم رصد الكفاءة من خلال المتابعة في العمل مما ينتج عنها الحصول على رضا الإدارة وقبولها ، وتكون المرحلة الأخرى هي تصرف المنظمة مع هذه الكفاءة عن طريق تشجيعها ودعمها وتحفيزها وتطويرها للأستمرار والإبداع ، كما تعرف الكفاءة بأنها إمكانية الفرد على أداء عمله بمستوى جيد بسبب إمتلاكه المهارة والخبرة والمعرفة .
إن حصول المنظمات على الكفاءة والمهارة يعتمد في البداية على المستوى التعليمي والمهني في المجتمع بشكل عام ، فعندما تهتم الدولة بتوفير نظام التعليم بكافة أشكاله فإن المنظمات ستستفيد من المهارات المتكونة لأنها جزء من المجتمع ، أما مسؤولية تطوير هذه المهارات بعدئذ فستكون على هذه المنظمات حيث يجب عليها أن تصقل المهارات المتاحة وأن تعمل على تحديثها باستمرار ، ولقد ركزت المنظمات نتيجة لذلك على وضع برنامج عملي في هذا المجال يعتمد على أساسين مهمين هما:
1- تطوير مستوى المنظمة وزيادة إمكانياتها من خلال الاستثمار في الموارد البشرية .
2- إعتبار المعرفة والخبرة هي مفتاح المستقبل للمنظمة من خلال تأهيل الكفاءات .
أنواع الكفاءات:
وتنقسم الكفاءات الى نوعين هي الكفاءات الفردية والكفاءات الجماعية والتي تساهم في تطوير الكفاءة الكلية داخل المنطمة :
1- الكفاءات الفردية : إن الكفاءة هي عنصر مهم يجب توفره في الأفراد بمختلف مستوياتهم الوظيفية وذلك لغرض أداء أعمالهم بشكل يتحقق معه أهداف المنظمة بتفوق ، مع مراعاة عامل الزمن والذي يلعب دوراً مهماًُ في تحقيق هذه الأهداف ، لذا يمكن إيجاد وصف مختصر لأهم الكفاءات الواجب توفرها في الأفراد بالآتي :
أ- توفر القابلية والمرونة على التأقلم مع الظروف المتغيرة والصعبة.
ب- إستيعاب المعرفة العلمية لغرض اكتساب إمكانية استخدام التقنية العملية بكفاءة .
ج- إمتلاك القدرة على قيادة الآخرين وصنع القرار المناسب بالوقت المناسب.
ء- إمتلاك مهارة تشجيع الآخرين لصنع التفوق في العمل .
وتعمل المنظمات على تطوير كفاءات العاملين منطلقة من كون ذلك استثماراً للموارد البشرية من جهة وتنمية لها من جهة أخرى ، وأدخلت مفاهيم جديدة في تطوير العاملين مثل مفهوم الجودة البشرية والتقنية البشرية حيث تعبرعنها عناصر التخصص الدقيق ذو الجودة العالية إضافة الى المشاركة الفعالة للفرد لإدارة التنمية ، بحيث يكون المورد البشري هو العنصر الرئيسي الذي تدور حوله كل المفاهيم السالفة الذكر.
2-الكفاءات الجماعية : وهي ما تؤكد على تكوينه المنظمات داخل بيئة عملها حيث تنشأ هذه الكفاءات من تجمع الكفاءات الفردية ، حيث يمكن التعرف عليها من خلال عمليات المتابعة واكتشاف العناصر المشتركة للمهارة والكفاءة بين مجاميع العاملين والتي تكونت أصلاً نتيجة وجود مبدأ التعاون.
إن من العناصر المهمة التي تؤهل العاملين على إكتساب الخبرة والكفاءة هي :
1- عنصر العلم والمعرفة : وهو عبارة عن عملية فهم الشخص واستيعابه وإدراكه للأمور أو الأحداث ، إعتماداً على الخبرة والمعرفة والتجارب السابقة المتوفرة والمكتسبة لديه .
2- عنصر العاطفة : وهو عبارة عن الشعور الإيجابي أو السلبي للشخص نحو الموقف ، وإعتماداً على عنصر العلم والمعرفة السابق يظهر الفرد أحاسيسه ومشاعره ويعبر عنها على شكل حب أو كراهية .
3- عنصر السلوك : ويكون هذا العنصر عبارة عن محصلة للعنصرين السابقين وهو الأنعكاس العملي لهما ، أو التطبيق الفعلي .
إن من أهم العوامل المحفزة على أهتمام المنظمة بالكفاءات وأصحاب الخبرة :
هي بشكل رئيسي الحاجة للتغيير ، وهذه الحاجة أنطلقت وتكونت نتيجة حاجات ملحة فرضها الواقع في المنظمات والبيئة الخارجية التي تحيط بها وبأعمالها ، حيث إن التغيرات الأقتصادية والتسابق في امتلاك الميزات التنافسية فرضت طوقاً على المنظمات كان نتيجته الحاجة الملحة لإحداث التغيير ، ومحور هذا التغيير هو المورد البشري ، سيما أصحاب الخبرة والكفاءة ، ويمكن إيضاح أهم العوامل المحفزة لأهتمام المنظمات بهم بالآتي:
1- توفيرمتطلبات الجودة الشاملة.
2- التغير المستمر في رغبات المستهلكين .
3- زيادة حدة المنافسة الخارجية وخاصة بسبب العولمة والانفتاح الأقتصادي .
4- تزايد تعقد الأعمال نتيجة التزايد في حجم المنظمات.
5- تطور التقنية اللازمة للأنتاج .
ولقد أهتمت المنظمات بعملية إجراء التغيير من خلال إحداث التطوير في الموارد البشرية للحصول على الكفاءات اللازمة وذلك من خلال الأبواب التالية :
1- التغيير المادي للأفراد : وهي عملية الاستغناء عن بعض العاملين المتلكئين بالعمل والذين لا يملكون القدرة على تطوير مهاراتهم وكفاءتهم بالعمل ، وإحلال غيرهم محلهم من أصحاب الخبرة والمهارة بالعمل ، ويتم ذلك من خلال خطط معينة هي إحدى الآتي :
أ- عملية الإحلال : وتعني الاستغناء عن العاملين الحاليين واستبدالهم بآخرين أكثر كفاءة وإنتاجية منهم ، إلا أن هذا الإحلال يصعب تطبيقه بهذه السرعة .
ب- عملية التحديث التدريجي للعاملين: وتعني عملية وضع شروط ومعايير جديدة لاختيار العاملين الجدد ، يؤكد فيها على المهارة والخبرات المكتسبة والمستوى المعرفي .
2- التغيير النوعي للأفراد: وهي عملية رفع مستوى المهارات والكفاءات للعاملين وتنمية قدراتهم بواسطة عملية التدريب حيث تعني تدريب العاملين الموجودين حالياً في العمل لغرض تحسين أدائهم.
وتسعى المنظمات دوماً للمحافظة على الكفاءات المتوفرة لديها بالإضافة الى استمرارها بتطويرها للمحافظة على الصفة المهارية والمعرفية التي تكنسبها بمرور الزمن وبالتالي المحافظة على المستوى المتميز لأداء العاملين ، إن النواحي التي تستخدمها المنظمة لتطوير الكفاءات والمحافظة عليها :
1- تنمية محيط العمل إجتماعياً : وذلك من خلال إشاعة روح التعامل الإنساني في المنظمة ، حيث أن التنمية لا تتم بدون السلوك الإنساني والحضاري بين مختلف المستويات بالمنظمة ، ولغرض إحداث التنمية في سلوك ومهارات وكفاءة العاملين لابد من التخلص أولاً من الأساليب السلطوية ، ونشر ثقافة تحقيق أهداف المنظمة عن طريق التشجيع على التمهارة والكفاءة في العمل .
2- رعاية الكفاءات: وهي الطرقة المثلى التي تتخذها المنظمات في المحافظة على الكفاءات والمهارات الموجودة في العمل ، حيث تعمل على المحافظة على مستواها وتطوير قابلياتها نحو الأفضل ، وذلك من خلال برامج متعددة لرعاية وتطوير المهارات ، إضافة الى ذلك تعمل المنظمات على تحقيق رغبات أصحاب الكفاءة والخبرة لغرض تحفيزهم أكثر على الإبداع وزيادة أرتباطهم بالمنظمة ، ومقاومة الإغراءات التي يوفرها لهم المنظمات الأخرى بسبب إعتبارهم ثقل في كفة الميزات التنافسية للمنظمات .
3- تنمية الشعور بالمسؤولية : إن هذا العامل هو عنصر مهم في مجال تحقيق أهداف المنظمة بشكل أساسي ، وذلك من خلال شعور الإدارات بالمسؤولية بإتجاه ضرورة إيجاد وتبني كل الطرق والأساليب الكفيلة بتطوير الكفاءة والأنتاجية في المنظمة ومنها كفاءة العاملين ومهاراتهم ، إن بعض المديرين مثلاً لا يأبه بوجود الكفاءة عند بعض العاملين ويتعامل معها بكل برود ، وباستمرار هذا التعامل ستندثر هذه الكفاءة أو تفقد العامل التحفيزي على التطوير وهذا ما يؤدي الى فقدان المنظمة لهذه الموارد النادرة بسبب ضعف الشعوربالمسؤولية تجاههم.