تطور نظريات الأداء مع الإدارة 

إن إدراك الدور الكبير الذي يقوم به الفرد في العملية الإنتاجية قد وجه انتباه الدارسين والباحثين إلى بلورة عدد من النظريات التي تفسر العلاقة بين الأداء والأفراد والجماعات والتنظيم. وفيما يلي نستعرض بعض نظريات الإدارة  التي تفسر الأداء الوظيفي من خلال تفسير عملية الإدارة وتحلل مكوناتها, وهي في النهاية تسعى لزيادة وتحسين مستوى الأداء عند العاملين وأن اختلفت الطرق والوسائل المستخدمة في ذلك.

نظرية الإدارة العلمية:

يعتبر فردريك تايلور ( F.Taylor ) من أبرز ممثلي نظرية الإدارة العلمية،وقد لاحظ أن العمال ينتجون إنتاجًا يقل عن طاقتهم الإنتاجية ، كما وجد أنه ليس هناك معيار واحد ومحدد للإنتاج والناتج اليومي المتوقع للعمال ، وأنه ليس هناك علاقة واضحة وثابتة بين الأجور والإنتاج (العديلي ، ١٩٩٥ : ٢٧).وقد ركزت هذه النظرية مجهوداها على وسائل وطرق رفع الإنتاجية ، وتم ذلك عن طريق تحديد معيار علمي لمعدل إنتاج العامل، وهذا المعيار العلمي مبنى على أساس دراسة الوقت والحركة ، كما أوصت النظرية بضرورة الاختيار العلمي للعاملين وضرورة تدريبهم على أنسب طريقة لأداء العمل ، وقد قدمت وسائل لتخطيط وجدولة الإنتاج ، حيث اعتبرت العنصر البشري مثله مثل أي موارد متاحة في المنظمة من آلات وأموال ومواد خام، وأكدت على ضرورة التحكم في هذا العنصر من أجل رفع الإنتاجية. (بدر ١٩٨٢: ١٨ - ١٩)

نظرية التقسيم الإداري:

من أبرز رواد هذه النظرية هنري فايول ( H.Fayol ) ، وتركز هذه النظرية على إبراز الهيكل التنظيمي الرسمي ككل مقسم إلى إدارات وأقسام تنهض بأنشطة متخصصة بما يحقق زيادة الكفاءة الإنتاجية وخفض التكاليف . وتبرز أيضًا هيكل التسلل الإداري حيث تتدفق السلطة من أعلى إلى أسفل نتيجة عملية التفويض(هاشم، ١٩٨٤: ٢٣ ). لقد وجد فايول أن النشاط في إدارة الأعمال يمكن أن يقسم إلى ست مجموعات رئيسية هي : نشاطات فنية – نشاطات تجارية – نشاطات مالية – نشاطات أمنية – نشاطات محاسبية – نشاطات إدارية. وقد ركز فايول في دراسته على الأنشطة الإدارية باعتباره أهم هذه الأنشطة ، وقسمها إلى خمسة عناصر هي : التخطيط – التنظيم - التوجيه - التنسيق - الرقابة . كما وضع أربعة عشر مبدأ من مبادئ الإدارة التي توصل إليها نتيجة مشاهداته وخبراته مؤكدًا أنها تضمن حسن أداء المدير لدوره إذا ما التزم بها وسار عليها وهذه المبادئ هي:

          تقسيم العمل – السلطة والمسؤولية – الانضباط في العمل – وحدة الأمر

          وحدة الاتجاه – تغليب مصلحة المنظمة على مصلحة الفرد – المكافآت

المركزية – التسلسل الهرمي – النظام – المساواة – الاستقرار الوظيفي

الابتكار والمبادأة – العمل بروح الفريق ) النمر، ١٩٩٠ : ٨- ٩(.

النظرية البيروقراطية:

تنسب هذه النظرية إلى عالم الاجتماع الألماني ماكس ويبر (Max (Weberحيث تعد نظريته الخاصة بهياكل السلطة من أهم الدراسات التي أسهم بها، فقد قام بتحليل كثير من التنظيمات وأساليب انسياب خطوط السلطة داخل تلك التنظيمات، وكانت دراسته تدور في نطاق اهتماماته الأساسية التي توضح لماذا يطيع الأفراد الأوامر التي تصدر إليهم؟ ولماذا يقوم الأفراد العاملين بأداء الأعمال وفقًا للتعليمات التي تنساب إليهم . وقام فيبر بإيضاح الفرق بين القوة والمواصفات التي تمكن القائد من أن يدفع الأفراد العاملين الذين يعملون معه إلى طاعته فيما يصدره من تعليمات بغض النظر عن رغبتهم في مقاومتها، واهتم كذلك بتوضيح مفهوم السلطة التي تنساب من خلال المراكز التي توجد داخل تلك التنظيمات بحيث يقبل الأفراد العاملين طواعية واختيار على تنفيذها ، وأوضح كذلك أسلوب إكساب الشرعية لممارسة السلطة داخل تلك التنظيمات وقسمها على ثلاثة أقسام هي : (السلطة البطولية – السلطة التقليدية – السلطة القانونية الرشيدة) (محمود، ١٩٨٥: ١٥٦ - ١٥٧ ).

هذا ونجد أن النموذج البيروقراطي لا يهتم بزيادة الإنتاجية بقدر اهتمامه بالنواحي الشكلية التي تحكم علاقات الأفراد دون اعتبار للنواحي السلوكية مع إهمال الجانب الإنساني الذي أثبتت النظريات الحديثة أهميته بالنسبة لمفهوم الإنتاجية وتحسين الأداء(عامر وآخرون، ١٤٠٣: ٣٠ ).

نظرية العلاقات الإنسانية:

تركز نظرية العلاقات الإنسانية على الاهتمام بالجوانب الإنسانية والاجتماعية في المنظمة على حدا سواء، وهي بذلك تستهدف الوصول بالعاملين إلى أفضل إنتاج في ظل أفضل ما يمكن أن يؤثر على الفرد من عوامل نفسية ومعنوية باعتباره إنساناً وجدانياً وانفعالياً أكثر منه رشيداً ومنطقياً.

(النمر وآخرون، ١٩٩٧: ٥٦(.

وقد أثبتت نتائج التجارب التي قام بها إلتون مايو وزملاؤه (Mayo, et. all) التي أجريت في جامعة هوثورن ( Howthorne ) بشركة جنرال إليكتريك، أن نقص الإنتاج يعزى إلى عدم الاهتمام بحل هذه المشكلات والتحرير من وطأة الضغوط الرئاسية, وعند تخفيف قيود العمل زالت مشكلة نقص الإنتاج وارتفعت معدلات الكفاءة الإنتاجية,كما كشفت نتائج التجارب أيضًا أن الحافز الاقتصادي لا يمثل القوة الدافع الوحيدة التي يستجيب إليها المرؤوس، وإنما تتأثر إنتاجيته بعلاقاته بزملائه في العمل وبمشاكله الشخصية, ومن الأفكار الأخرى التي قدمها أنصار نظرية العلاقات الإنسانية تلك الدراسات التي قام بها كيرت ليون ( Kurt Lewin )  والتي توصل من خلالها إلى أن أسلوب القيادة الديمقراطي هو الأسلوب الأفضل . كما كشفت دراسته عن أهمية المشاركة في الإدارة وأثرها في حفز المرؤوسين على الأداء الجيد(كنعان، ١٩٨٢ : ٧٥ - ٧٦(.

نظرية العدالة:

تشير نظرية العدالة التي وضعها آدمز ( Adams ) على الافتراض بأن هناك حاجة مشتركة بين العاملين للتوزيع العادل للحوافز في المنظمة( الشهري ، ١٩٩8 : ١٨ ). ويقيس الفرد من خلال هذه النظرية درجة العدالة من خلال مقارنته لنسبة الجهود التي يبذلها في عمله إلى المكافآت والحوافز التي يحصل عليها مع تلك النسبة لأمثاله من العاملين في نفس المستوى ونفس الظروف ) العواملة، ١٩٩٠: ٣٢ (. وتتضح هذه النظرية في النمط القيادي والأداء الوظيفي حين يشعر العاملون بأن مكافآت المنظمة كالراتب والاحترام والتقدير والمشاركة، موزعة بالتساوي بينهم وفقًا لجدارتهم ودرجة استحقاق كل واحد منهم بشكل عادل فيما بينهم (الشهري، ١٩٩٨: ٣٥ ).

نظرية التوقع:

ترى هذه النظرية التي وضع أسسها فيكتور فروم ( Vector Vroom ) أن

دافعية الفرد لأداء عمل معين هي محصلة للعوائد التي سيتحصل عليها الفرد، وشعوره واعتقاده بإمكانية الوصول إلى هذه العوائد نتيجة للأداء الذي يمارسه (ماهر، ١٩٩٣: ١٥٣). وتعتبر قوة الجذب عند فروم ممثلة للمنفعة التي يحصل عليها الفرد من العوائد التي يتيحها له مستوى الأداء ، أما التوقع فهو عبارة عن تقدير احتمالي لمقدار تحقق المنفعة الناتجة عن القيام بعمل معين، وتتمثل هذه العلاقة في المعادلة التالية:

الدافع للأداء = منفعة العوائد × احتمال تحقق العوائد

وتعتبر مساهمة فروم بنظريته في الدوافع ذات أثر ملموس في تحسين الدوافع والأداء، وذلك بتشجيع الدوافع التي تهدف إلى تحسين الأداء من خلال عقد الدورات التدريبية و الأشراف والمشاركة في اتخاذ القرارات فيما يخص العمل ، وهو ما يعود بالنفع على الفرد والتنظيم .كما ساهم فروم في وضع نظم المكافآت للأداء المتميز ، بحيث يكون ا لفرد على بينه من المكافآت التي سيحققها مقابل ما يؤديه من عمل )النمر، ١٩٩٠ : ١٩٢ - ١٩٣).

النظرية اليابانية في الإدارة:

قام وليم أوشي ( W.Ouchi ) بإجراء عدة دراسات وأبحاث ميدانية في الولايات المتحدة الأمريكية من أجل التوصل إلى سر نجاح الإدارة اليابانية ، وتوصل في نهاية الأمر إلى ما أسماه بنظرية ( Z) والتي تقوم فرضيتها على الاهتمام بالجانب الإنساني للعاملين من أجل رفع مستوى أدائهم الوظيفي (الشهري، ١٩٩٨: ٣١).

ويؤكد أوشي على أن أفضل عملية استثمار هي تلك الموجهة نحو الإنسان،

لأنه بالإنسان تستطيع المنظمات أن تتغلب على معظم مشكلاتها، وأن العمل الجماعي وتوحيد الجهود وخلق روح الجماعة بين صفوفهم ستساعد على تحقيق قدر أكبر من الفعالية في الأداء (النمر ، ١٩٩٠: ١٩٧)

وتقوم نظرية ( Z) على ثلاثة مبادئ أساسية تتلخص في الآتي:

أ- الثقة بين العاملين بعضهم ببعض وبين العاملين والإدارة.

ب- الحذق والمهارة في التعامل والعمل، وينتج ذلك من الخبرة والتجربة وطول ممارسة العمل.

ج- الألفة والمودة بما تعنيه من علاقات اجتماعية متينة وصداقات حميمة وتعاون واهتمام ودعم للآخرين.

وفي حال توفر الثقة والمهارة والمودة في العمل فإن ذلك يؤدي إلى ا لالتزام الوظيفي والانتماء للمنظمة وهو ما يؤدي بالتالي إلى رفع مستوى أداء الفرد وإنتاجية المنظمة.

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 145/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
48 تصويتات / 6247 مشاهدة
نشرت فى 9 مايو 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,756,016

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters